شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
​مصر تمتلك أدوات لمعاقبة السعودية إذا أرادت التصعيد

​مصر تمتلك أدوات لمعاقبة السعودية إذا أرادت التصعيد

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 27 أكتوبر 201605:22 م
تمتلك المملكة العربية السعودية الكثير من الأدوات "العقابية" أو ما يمكن تسميته بـ"أوراق الضغط" على القاهرة، وتحاول استخدامها للدفع بالقاهرة إلى السير في ركاب سياساتها تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية. ولكن في المقابل، هل تملك القاهرة أوراق ضغط أو أدوات للرد بالمثل على السعودية؟

الخلاف وملابساته

منذ أيام قررت شركة البترول السعودية "أرامكو" وقف الإمدادات التي تم الاتفاق عليها مع الجانب المصري والبالغة نحو 700 ألف طن من المواد البترولية المكررة، وذلك رداً على تصويت مصر لصالح مشروع قرار روسي ترفضه المملكة حول سوريا في مجلس الأمن. وأدى الخيار المصري إلى وصف مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة، عبد الله المعلمي قرار مصر بـ"المؤلم". وقال الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، هاني الأعصر لرصيف22 إن الأزمة بين القاهرة والسعودية تعود إلى ما قبل تصويت مصر في مجلس الأمن، موضحاً أن قرار السعودية بوقف البترول عن القاهرة جاء قبل أيام من التصويت المذكور، لكن الموقف المصري والرد السعودي عليه، جعلا قضية البترول تطفو على السطح وكأنها إجراء عقابي ضد مصر، لافتاً إلى أن سبب الأزمة الحقيقي هو هجوم بعض الإعلاميين المصريين على السعودية. وفي كل الحالات، يمكن للجانب السعودي أيضاً ممارسة المزيد من الضغوط على القاهرة من خلال وقف المساعدات المالية التي تقدمها لها، أو سحب الاستثمارات السعودية وربما وقف تدفقها إلى هنالك، ناهيك بورقة الضغط الأشد صعوبة والمتمثلة في التضييق على المصريين العاملين في السعودية وترحيلهم. في ظل ما سبق، هل تمتلك القاهرة أوراق ضغط تؤهلها للرد؟

أوراق القاهرة القوية

يلفت المحلل والباحث السياسي، محمد حامد إلى أن المملكة العربية السعودية لطالما اتبعت سياسة خارجية متحفظة ومحافظة، ولكن بعد عام 2015 وصعود الملك سلمان إلى الحكم، بدأت في انتهاج سياسة خارجية أكثر تحرراً وهذا ما خلق نوعاً من التمايز بينها وبين القاهرة. وأضاف لرصيف22 أن السياسة الخارجية للقاهرة تبدّلت طوال السنوات الست الماضية، وحالياً الأولوية هي مكافحة الإرهاب وبقاء الدول الوطنية في المنطقة. واعتبر أن السياسة الخارجية المصرية تتماهى مع الرياض تارة وتتمايز عنها تارة أخرى، والتوافق في السياسة الخارجية الذي كان موجوداً بين القاهرة والسعودية قبل الربيع العربي لن يعود أبداً، لأن الدولتين تواجهان أزمات وجودية في بقائهما كدولتين وهذا يفرض على كل منهما انتهاج سياسة خارجية مستقلة. وأوضح حامد أن القاهرة يمكنها اختيار ممارسة سياسة “عقابية" للسعودية من خلال التقارب مع خصوم المملكة ابتداءً من الجانب الإيراني مروراً بسوريا والعراق، وصولاً إلى حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن. ولفت حامد إلى أن القاهرة يمكنها أيضاً أن تمارس ضغوطاً شديدة على الرياض من خلال قطع العلاقات العسكرية والأمنية مع المملكة، وهي ورقة مؤثرة جداً في العلاقة بين البلدين.

أدوات مواجهة إسلامية

وأشار حامد إلى أن مصر يمكنها التدخل في الشؤون الداخلية السعودية عبر التحرك إسلامياً من خلال قضايا كقضية تنظيم الحج والمطالبة بجعل الإشراف عليه بالتناوب بين الدول الإسلامية، ونقل مقر منظمة المؤتمر الإسلامي من الرياض، ناهيك باحتمال استخدام أداة الأزهر الشريف في شن هجوم شرس على السعودية، وهو الأمر الذي يزعج المملكة بشكل كبير. بدوره، لفت هاني الأعصر إلى أن القاهرة تقود حرباً بالوكالة عن السعودية ودول الخليج في محاربة قوى الإسلام السياسي في المنطقة والتي ترغب في تغيير النظم الحاكمة، ولا يمكن لدول الخليج الاستغناء عن القوة المصرية الرادعة في هذا الملف.

ملفا سوريا واليمن

وأشار هاني الأعصر إلى أن لدى مصر حضوراً قوياً من الناحية الاستخباراتية والديبلوماسية في كل من سوريا واليمن، وإذا أرادت يمكنها استعمال هذا الحضور في الإضرار بالمصالح والمواقف السعودية في هذين الملفين الشائكين، لافتاً إلى أن القاهرة استقبلت أكثر من مرة وفوداً حوثية في لقاءات تم الإعلان عنها وأخرى لم يتم الإعلان عنها، وهذا أحد الأسباب التي أدت إلى التوتر في العلاقات بين البلدين. ولفت إلى وجود خلافات خفية بين الإمارات والسعودية حول الإستراتيجية المتبعة في اليمن، مشيراً إلى أن القاهرة تميل أكثر صوب كفة الإمارات بسبب تطابق الرؤى في العديد من القضايا والزخم الإماراتي الواضح في دعم مصر.

الملف الليبي

وأوضح الأعصر أن مصر يمكنها الإضرار بالمصالح السعودية في ليبيا، مشيراً إلى أن السعودية تدعم حكومة الغرب الليبية، بينما مصر تدعم برلمان الشرق والمشير خليفة حفتر، من خلال وجودها القوي من الناحية الديبلوماسية والاستخباراتية داخل الأراضي الليبية. واستشهد على ذلك بقدرة حفتر وقواته في السيطرة على مناطق حقول النفط في ليبيا بدون مقاومة تذكر، مرجعاً ذلك إلى الجهود الاستخباراتية المصرية التي بذلتها لدى شيوخ القبائل هنالك من أجل سحب أبنائهم من حرس المنشآت النفطية بقيادة إبراهيم الجضران حتى يتمكن حفتر من السيطرة على منطقة الهلال النفطي.

هل تقع القطيعة؟

وفي ما يتعلق بمستقبل العلاقات بين البلدين، ومدى قدرة القاهرة على الدخول في مواجهة ديبلوماسية مع المملكة في الوقت الحالي، قال الباحث والمحلل السياسي محمد حامد إن العلاقات الدولية لا تدار عبر التوك شو وتويتر أو التسريبات الإعلامية، وأبدى اعتقاده بأن العلاقات المصرية السعودية جيدة ولكن سيبقى التمايز مسيطراً على تلك العلاقة خلال المرحلة القادمة واعتبر المحلل السياسي فادي عيد أن التجارب السياسية والتاريخية تؤكد أنه في السياسة لا يوجد شيء اسمه حلفاء أو أصدقاء، فالسياسة تضعنا أمام طرفين، إما عدو قائم أو عدو محتمل، والمصالح وحدها هي ما يوجّه السياسات، وحينما تنتهي تلك المصالح تتبدل وتتغير تلك السياسيات، وما بين القاهرة والرياض من مصالح مشتركة اليوم الكثير والكثير، وهو ما يرجح كفة عدم التصعيد والعودة إلى التناغم والهدوء في العلاقة بين البلدين. من جهته أكد الباحث هاني الأعصر أن القاهرة لديها العديد من المصالح المشتركة مع الرياض، فهي تحتاج إلى الرياض في تمويل شراء صفقات الأسلحة، وهي درع الحماية الأول بالنسبة للسعودية، كما أن السعودية في حاجة كبيرة للقاهرة، إذ تلعب الأخيرة دوراً هاماً بالنسبة إلى السياسة الخارجية السعودية، فالقاهرة على سبيل المثال أعفت المملكة العربية السعودية من حرج كبير على المستوى الداخلي والإقليمي في ما يتعلق بقضية التنسيق الأمني مع إسرائيل، وتكوين محور التحالف المنوط به مناهضة التمدد والنفوذ الإيراني في المنطقة. ولذلك، أكّد الأعصر أن البلدين في حاجة أحدهما إلى الآخر، ولا يمكن لأي منهما أن يتخلى عن الآخر.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard