شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
لماذا تحتاج الفتاة إلى

لماذا تحتاج الفتاة إلى "مُحرم" في المركز الأمني؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الاثنين 5 مارس 201805:32 م
لم أجرِ دراسة علمية بالطبع، لكنني أكاد أجزم أن تسعين بالمائة من الإناث في مجتمعنا لا يذهبن إلى مخافر الشرطة وحدهن من دون مرافق ذكر، كما أن قليلين يلفتهم هذا الموضوع، وكأنه أضحى عُرفاً لا حاجة لتغييره. يكفي أن تأتي فتاة على ذكر ذهابها وحدها إلى مخفر لأي سببٍ كان، وقد يكون سبباً بسيطاً، كالتبليغ عن أوراق ثبوتية مفقودة، لترى الاستغراب على وجوه المستمعين، وهو الاستغراب نفسه الذي تراه في المخفر ذاته، عندما يحدّق بها الجميع محاولين فك لغز وجودها في مكان كهذا بدون "مُحرم". يقتضي العرف أن يصطحب الفتاة والدها، أو شقيقها، وإن لم يكن هذان متوفرين، فيحل مكانهما قريب من الدرجة الأولى أو الثانية أو أي صديق ذكر يمكنه مرافقتها إلى المركز الأمني. ولكن أحداً لا يتساءل: ما الخطر الذي تتوقعون أن تعرّض الفتاة له في مركز أمني مهمته أن يحميها؟ فلنفترض أن هذه الفتاة تعرّضت لحادثة سرقة أو اعتداء من أي نوع، ألا يفترض أن تكون قادرة على الحصول على المساعدة من دون انتظار وصول شخص آخر؟ لا أتحدّث هنا عمّن تفضّل الاتصال بشخص ما لتقديم الدعم المعنوي، ولكن عن تلك التي لا تستطيع الحصول على حماية بسبب عدم وجود مرافق لهذا المشوار. فقد شاءت الظروف أن أفقد هوية الأحوال الشخصية، وأن يكون نظام المركز الأمني معطلاً أكثر من مرة، ممّا استدعى زيارته تكراراً للحصول على بيان "بدل الفاقد". في هذه الزيارات المتتالية، كنت أحدّق في الحضور، فلم أرَ شرطية واحدة في المركز الأمني تستقبل المراجِعات، إذ كل من حولك رجال، ومن الطبيعي ألا تشعر أي فتاة بالراحة في مثل هذا المكان.
كيف تروي المرأة تفاصيل اعتداء جنسي في مركز للشرطة ليس فيه سوى رجال؟
أزعجتني الفكرة بالطبع، ولكن لم أكُن لأكتب عن الموضوع لولا زيارة أخرى للمركز الأمني للتبليغ عن إزعاج متكرّر. استقبلني الشرطي، وبدأ يكتب الشكوى بعد إصراري على تقديمها وإن لم تكُن مجديةً في وقف الإزعاج بحسب نصيحته، كونها تستغرق وقتاً طويلاً لاتخاذ إجراء حقيقي، ومن ثم سألني: ماذا قال لك هذا الشخص؟ أجبته بأنني لا أستطيع الإجابة، وأنني أتمنى لو أن شرطيةً في المركز تكتب هي الشكوى بدلاً منه حتى أخبرها بالتفصيل. أثناء حديثي إلى زميلات وصديقات عديدات، روين هن لي كذلك أحداثاً مشابهة، إذ عشن مثلي حرجاً مكتوماً لدى رواية اعتداءات، سواء أكانت سرقة أو غير ذلك، تتضمن تفاصيل حسّاسة يصعب ذكرها أمام شرطي يتوسط زملاءه في المركز. أليس لمثل هذه الحالات يدرج "خبراء النوع الاجتماعي" الذين يتكاثرون في مؤسسات المجتمع المدني، مصطلحات "الاستجابة للنوع الاجتماعي" وكل ما يتبعها من إجراءات وتدابير في خططهم وتقاريرهم؟ لماذا لا يتحدّث أحد عن التوازن بين الجنسين في المراكز الأمنية؟ ألا يدخل في تعريف "تمكين المرأة" وجود بيئة صديقة لها في أهم مؤسسات الدولة؟ هناك على الأقل محاولة لتطوير خطة وطنية أردنية لتنفيذ قرار مجلس الأمن - الذي ترأسته أخيراً امرأة أردنية - رقم 1325 المتعلق بالمرأة والأمن والسلام، وينص على أهمية تعزيز دور المرأة في جهود بناء السلام والأمن، ويُفترض أن تتطرق الخطة إلى التوازن بين الجنسين في كل الجهات الأمنية، بما في ذلك قوات حفظ السلام. جميع هذه الأهداف مشروعة، ولكن الأولى اليوم هو الجهة المعنية بالأمن المباشر للناس: فلتكُن متاحة للجميع بلا مُحرم يُنقص مرة أخرى من المواطنة التي بالكاد تشعر المرأة بها!

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard