شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
أحيدوس: الرقصة الأمازيغية التي وصلت إلى العالمية

أحيدوس: الرقصة الأمازيغية التي وصلت إلى العالمية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 12 سبتمبر 201607:15 ص
أحيدوس هي رقصة جمعت المرأة الأمازيغية بالرجل منذ القدم، اصطف الرجال والنسوة ليرقصوا فرحاً ويعبّروا بأجسادهم عما يخالج أعماقهم، يعانقون سماء القمم الأطلسية بحركات رشيقة ميّزت فنهم عن بقية فنون المغرب المتنوّعة. استوطن الأمازيغ في شمال إفريقيا منذ القدم، ويتمركزون حالياً في الأطلس المغربي المتوسط والكبير. وتُعد رقصة أحيدوس من بين أحد فنون الغناء الجماعي الخاصة بهم، وظهرت الرقصة في أول الأمر على شكل دائري متكامل، لتتغيّر مع مرور الزمن، وتستقر في شكل نصف دائرة، بحسب ما يؤكد الباحثون. تعبّر الرقصة عن الفرح، وبوجود الفرق التي تحترفها، يحيي الأمازيغ حفلاتهم وأفراحهم، إن كانت أعراساً أو حفلات عقيقة، وهو الاحتفال الديني الذي يقام للمولود الجديد، أو أي مناسبة عائلية تجتمع فيها الأسر والأهالي. تجعل الرقصة من كل الحاضرين في الحفل مساهمين ضمن الفرقة، فدقات الدفوف المسترسلة والمتناسقة، التي تحدث الموسيقى الخاصة بأحيدوس، تدفع بهم للدخول في غمار الرقصة ليؤدوا على الأقل جزءاً منها. ومن غرائب الرقصة أنه يتم الاستعانة بها في الأفراح، كما في المناسبات الحزينة. خصوصاً وفاة الشاب أو الشابة غير المتزوجين، إذ تنشد الفرقة القصائد الحزينة من دون استعمال الدفوف.

هل تُصهر رقصة أحيدوس المرأة داخل الجماعة؟

بما أن حب فن أحيدوس يورث من جيل إلى جيل، فإن امتهانه ليس بالشيء الصعب على شابات أمازيغيات، وجدن في احتراف رقصة أحيدوس وسيلة من أجل الحفاظ على إرث أجدادهن. يُقدمن على ذلك غير آبهات بلقب "الشيخة"، الذي يعتبر قدحاً في بعض الأوساط المغربية، التي تربط مهنة الرقص بصور نمطية سلبية. ليست أعدادهن قليلة مقارنةً بالفرق الكثيرة التي تضمُّ بين أعضائها نساء. اخترن الانصهار داخلها طواعيةً ليرافقن أعضاء الفرقة الذكور إلى مختلف المناطق والمدن المغربية، فيساهمن في السهرات والمهرجانات. تنقّل وتعب وسفر دائم من أجل أداء رقصات فريدة وإطلاق الزغاريد الأطلسية، هذا هو الدور المنوط بالشيخة المشاركة برقصة أحيدوس، ليظل الإيقاع والشعر من اختصاص الرجال. ويتكامل الدوران. مع مرور الأعوام، أصبح لرقصة أحيدوس مكانة خاصة ضمن الخريطة الثقافية والفنية المغربية، لأن الدولة أصبحت توليها أهمية عبر إحياء مهرجانات خاصة بهذا الفن، مثل المهرجان الوطني لأحيدوس، الذي ينظم منذ 16 سنة بقرية عين اللوح الأمازيغية. يتم خلالها تكريم رواده وجمع فرق من كل المدن المغربية، التي يعتبر أحيدوس فناً أيقونياً لثقافتها المحلية، أو جزءاً من الفنون السائدة فيها. كل هذا لا يُحجب عن المتتبعين للفنون التراثية الشعبية، كون نقص التوثيق في هذا المجال أو غيره من المجالات التراثية الأمازيغية، يظل المشكلة التي تؤرق الباحثين والمثقّفين. وذلك لكون الثقافة الأمازيغية بشكل عام، بقيت معتمدة على التداول الشفهي، من دون اللجوء إلى التدوين، وهذا ما جعل الكثير من القصائد تنسى وتطوى مع الوقت. وهو ما يدعو مهنيي هذا الفن للتصدي له، عبر التدوين للحفاظ على التاريخ الشفهي.

لأحيدوس مضمون خاص

بالإضافة إلى الإيقاع الذي تحدثه الدفوف، أو البندير باللهجة المغربية المستعملة في موسيقى الرقصة، تبقى لأحيدوس أشعاره الخاصة وهو الإيزلان بالأمازيغية. عبرها، يتغنى منشدو الفرقة بمختلف المواضيع المأخوذة غالباً من الحياة اليومية والمرتبطة بالوطنية ومقاومة المستعمر، كما بالحب والشغف.
أحيدوس، رقصة أماريغية من غرائبها أنه يتم الاستعانة بها في الأفراح، كما في المناسبات الحزينة...
يبقى العمود الفقري للفرقة هو الرايس، أو المايسترو، الذي يتحكم باللّوحة الفنية التي تقدمها فرقة أحيدوس. ويعمد الرايس الذي يتوسط دائماً اللوحة إلى استعمال مجموعة من الإشارات، التي أصبح معناها راسخاً في أذهان أفراد الفرقة. shutterstock_379536289shutterstock_379536289

أشيبان أشهر من نار على علم

عندما يُقال اسمه، لا يتبادر إلى ذهن المغربي غير رقصة أحيدوس، فهو المايسترو الذي أوصل صيتها للعالمية، ونال لقب المايسترو من قبل الرئيس الأمريكي رونالد ويلسون ريغان. هو الرايس موحى والحسين أشيبان. كان وهو على قيد الحياة أحد أشهر مؤدي رقصة أحيدوس في المغرب، وكان أول من أُطلق عليه لقب المايسترو، ليظل مرادفاً للرايس في كل الفرق الأخرى. وقبل هذا وذاك، كان أشيبان راعي غنم في قرية من قرى الأطلس القريبة من مدينة آزرو الأمازيغية، ليصبح بعدها عسكرياً في صفوف الجيش المغربي ثم في الجيش الفرنسي. ولاحقاً احترف فن أحيدوس، وبات يمثل المغرب في 150 محفلاً دولياً، وكُرّم بجوائز وأوسمة، من بينها وسام "الفنان العالمي"، الذي سلمته إليه ملكة بريطانيا سنة 1981.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard