شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
الألقاب الشعبية في مصر، دولة

الألقاب الشعبية في مصر، دولة "يا برنس"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 2 سبتمبر 201602:10 م
في الميكروباص بالقاهرة، يطالبني الراكب الجالس إلى جانبي بالأجرة، أناوله إياها، فيدفعها للسائق قائلاً "اتفضل يا باشمهندس". يرد الباشمهندس: "الباقي يا برنس الليالي". السؤال ينفجر في رأسي: لماذا تبدل الألقاب الشعبية في مصر مرتبط بالطبقية والشرائح الاجتماعية؟ وأين ذهب "الأستاذ" و"الهانم"؟

حسب المزاج

رغم صغر سنه، تشي ملامحه بشيخوخة مبكرة، وائل صبري، سائق ميكروباص، نقترب منه وهو ينظف زجاج عربته، أثناء دخول الزبائن إليها، ونسأله: ألا تزال كلمة يا أسطى تسعدك؟ يرد بضحكة ساخرة: "شغلتنا ما فيش فيها حاجة تفرح، ممكن شوية تقدير في عين الركاب سواء قال يا أسطى أو يا برنس أو يا شقيق". يضيف وائل: "للأمانة معظم اللي شغال الشغلة دي، أخلاقهم واطية قوي، واللي بيفرق إذا كان مبسوط من الزباين ولا لأ، هي الاصطباحة، كل ما كان الترامادول شغال طول الوردية، اللي توصل لـ12 ساعة في اليوم، يبقى ما فيش فرق بين لقب والتاني غير مزاج السواق". تدخل صديقه عماد حسن، مشيراً إلى أن مهنته كـ"قهوجي"، تجعله يسمع العديد من الألقاب المحببة، والتي لا يشعر تجاهها بالدونية، مثل "يا ريس" و"يا رفيق" وغيرهما. لكنه يتذمر لمجرد أن اسم صنعته "قهوجي"، فهو ليس لقباً يشرف أمام الناس، على حد تعبيره. ويضيف أنه لن يتردد في تغيير مهنته، رغم أنها مدرة للربح، خصوصاً مع ما يحصل عليه طوال اليوم من بقشيش.

لاقيني ولا تغديني

من اللافت في حديث حسن ما يطلبه من مهنته في جانبها المعنوي، كاحترام الذات والفخر، حتى وإن ضحى بالعائد المادي قليلاً. يقول الكاتب غريغوري بي سميث في مقالة بعنوان "المسميات الوظيفية يمكنها بناء الكبرياء وتحسين الذاكرة"، إن الهدف الرئيسي للقب في العمل هو تحفيز الأشخاص، ومنحهم شعوراً طيباً تجاه وظائفهم، وهذا ما يسميه "الرضا الوظيفي". وأهمية الألقاب أيضاً أنها وسيلة في يد صاحب العمل، للحفاظ على الموظفين الأكفاء، عبر منحهم ألقاباً تعد وسيلة للاعتراف بهم، ومكافأتهم مكافأة معنوية، حين لا تتوفر العلاوات المادية. فيحصلون من خلال اللقب على التقدير والفخر بوظيفتهم، وإن كانت مملة أو ذات عائد مادي بسيط". يهتم المصريون بالألقاب بشكل مبالغ فيه، فهي التي تحدد مستوى الحوار بين أطرافه، وتزداد أهميتها في تحديد العلاقة بين صاحب الحرفة والزبون. فاختيار اللقب يحدد نظرة الزبون إلى صاحب الحرفة، ويشير بشكل ضمني إلى مكانته في المجتمع. بينما يكره السباك أو النجار لقب "الأسطى" ويفضل مناداته بـ"الباشمهندس"، ليترقى درجة أعلى في السلم الاجتماعي. يستقبل السائق لقب "الأسطى" من دون اعتراض، لكنه يفضل عليه لقب "الريس" على سبيل المثال.

الجديد مرغوب

يحب الناس الألقاب غير المستهلكة، أو التي تم ابتذال مدلولها مع كثرة الاستخدام، فبينما يحب أمين الشرطة أو الدرجات الدنيا في رجال الداخلية لقب "الباشا"، نجد أن الضابط يفضل لقب "البيه"، لقلة استخدامه شعبياً. وهو تقريباً اللقب "الرسمي" بين وكلاء النيابة في مصر، رغم أن الجميع يعرف أن الباشا في الأصل أعلى مكانة من البيه.
يهتم المصريون بالألقاب بشكل مبالغ فيه... جولة على أبرزها، من بشمهندس إلى "يا برنس"
الإبداع المصري في عالم الألقاب!
كذلك تستخدم ألقاب مثل باشا وبيه وهانم بين الأوساط الأكثر شعبية على سبيل السخرية والتهكم، لما فقدته هذه الألقاب من معانٍ ذات دلالات راقية اجتماعياً، وأصبح استخدامها معاكساً لما أنتجت له. أيضاً تؤدي النبرة دوراً مهماً في استقبال اللقب، فالفني، أياً يكن مجاله، أو حتى المهندس، يتقبل بصدر رحب لقب "الأسطى"، إذا قيل بنبرة استحسان. كذلك لقب "الأستاذ"، في ما يخص الطبيب أو غيره من أصحاب المهن العلمية، إذا قيل هذا اللقب بنبرة توحي باتساع علمه، وربما يفضله على لقب دكتور.

الألقاب شهادات

تشير الدكتورة نجلاء الورداني، أستاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس إلى معاناة المجتمع المصري من العديد من المشكلات، التي أدت إلى انتشار ظاهرة استخدام الألقاب، وإلى تبدل مستويات هذا الاستخدام، بتبدل الطبقة الاجتماعية والثقافية كالبطالة والفقر وتدني المستويات التعليمية. وذلك نتيجة انخفاض المستويات الاقتصادية والاجتماعية، وعدم الشعور بجدوى التعليم أو أهميته لدى معظم الأسر المصرية، خصوصاً في المناطق الفقيرة والمهمشة، إلى جانب الانهيار الواضح في منظومة القيم والمعايير الاجتماعية والثقافية داخل المجتمع، وانعدام معيار "المكانة الاجتماعية"، خصوصاً المكتسبة من المهنة، أو من المستوى التعليمي. هذه كلها عوامل أدت إلى صياغة قاموس لغوي خاص بكل فئة من فئات المجتمع، خصوصاً الشباب، بما يساعدهم على التعويض، وتناسي ظلم المجتمع لهم، وفرضه منظومة غير قادرة على استيعابهم. أضف إلى ذلك، فشل الأنظمة السياسية والسياسات الاقتصادية والأنماط الاجتماعية التي دفعت بالأفراد إلى تعويض مكانتهم الاجتماعية المنسحقة، في صورة ألفاظ وألقاب شعبية، صيغت بطرق أقرب للواقع، ليصبح:

سواق الميكروباص

برنس - رايق

السباك

مهندس

الصنايعي

باشمهندس - ريس

رفيق العمل

زمالة - مدير - وزير

القهوجي

برنس - باشا - مريسة - عمهم

الحرامي

مهندس - سيد الناس

النصّاب

بروفيسور - معلم

البلطجي

أسطورة

تاجر المخدرات

دكتور

الصديق

مولانا - رفيق - بوب - قائد - بطل

الأم

نجمة - معلمة - كبيرة

الأب

رياسة - كبير - باشا - بطل

الفتاة لصديقتها

موزّة - توتة - بسبسة

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard