شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
البابا فرنسيس: رجل الكنيسة المثير للجدل

البابا فرنسيس: رجل الكنيسة المثير للجدل

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 2 يوليو 201602:05 م
منذ أن تسلم البابا فرنسيس بابوية الكنيسة الكاثوليكية، في مارس 2013، أصبح للفاتيكان مكانة أكبر في وسائل الإعلام العالمية. وبعد أن كان سلفه البابا بينيديكتوس السادس عشر، منزوياً في شؤون الكنيسة الداخلية، عازلاً الكنيسة الكاثوليكية عن الكثير من القضايا المهمة التي تجري في العالم، جاء البابا فرانسيس برؤى جديدة، ومواقف أقل ما يقال عنها إنها مثيرة للجدل. فتبنى البابا خطاً مختلفاً لمواقف الكنيسة، متحرراً كما يصفه البعض، ومعتدلاً في تحديث الكنيسة وانفتاحها على ما يجري من حولها كما يرى البعض الآخر. ولعل أكثر المواقف شهرة وإثارة للجدل للبابا فرانسيس، كان موقفه من المثليين، إذ اعتقد الكثير من الناس خطأ أنه يدعم زواج المثليين بشكل خاص، إلا أنه كان واضحاً ودقيقاً في عبارته الشهيرة قبل ثلاثة أعوام، وبعد أشهر قليلة على استلامه البابوية: "من أنا لأحكم عليهم؟"، هذا كل ما في الأمر. لكن البابا فرنسيس يعود اليوم إلى الواجهة في ما يتعلق بهذا الموضوع، ليصرح تصريحاً أكثر شدة ومباشرة فيقول: "على الكنيسة أن تعتذر لمثليي الجنس عن ممارساتها التاريخية معهم"، ما أشعل مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام مجدداً.
تصريحات البابا فرنسيس المثيرة للجدل: مدخل للتحديث في الكنيسة الكاثوليكية، أم مجرد ردود عفوية؟
يخوض البابا "المعاصر" في سلسلة من المواقف الجريئة في عدد وافر من قضايا العالم، لكن الكثير من الناس، ينقلون كلامه بشكل سريع، أو من دون قراءة، بما يجعل تصريحاته تبدو أكثر جرأة، بل ابتعاداً عن المنطق المسيحي أحياناً. إليكم قصة اعتذار الكنيسة للمثليين، ومواقف أخرى أثارت جدلاً للبابا فرنسيس.

من أنا لأحكم؟!

"إذا كان أحدهم مثلي الجنس، ويبحث عن الرب بنية حسنة، فمن أنا لأحكم؟!"، بهذه الكلمات، صعق البابا فرنسيس العالم للمرة الأولى في يوليو 2013، في خطاب رحلة العودة من ريو دي جانيرو، والتي قام بها للاحتفال بيوم الشباب العالمي. الأمر أثار ضجة عالمية كبيرة، إذ سجل نقطة جديدة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية. بعض وسائل الإعلام حرفت كلام البابا معتبرة أنه يوافق على زواج المثليين، لكن الكنيسة لم تغير موقفها من زواج المثليين، إنما قامت خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة باستقبال مجموعات وناشطين لحقوق المثليين. والتقى البابا شخصياً في العديد من المناسبات، بجماعات مثلية، واستمع إليهم، وناقش معهم المظلومية الواقعة عليهم في القوانين والحقوق. ولكن في رحلة العودة من أرمينيا منذ أيام قليلة، فقد فجر البابا قنبلة جديدة في هذا المجال، قائلاً للصحافيين على متن الطائرة: "على الكنيسة الكاثوليكية أن تعتذر للمثليين، بسبب الأسلوب الذي تعاملت معهم به". وأكد أن على الكنيسة أن تظهر لهم الاحترام أيضاً، وأن تعتذر ليس فقط لهم، بل للنساء المستضعفات والفقراء والناس الذين تعرضوا للاستغلال، فهم شرائح لا بد من مداراتها والعناية بها: "سأكرر ما تقوله تعاليم الكنيسة، أنه يجب ألا يكون المثليون عرضةً للتمييز، وينبغي احترامهم ومرافقتهم أبوياً".

الكنيسة مهووسة بالإجهاض ومنع الحمل

بعد أشهر قليلة على البابوية، أطلق فرنسيس موجات من القلق لدى المحافظين من العائلات الكاثوليكية، إذ تطرق إلى الإجهاض. كان من الصعب جداً على الكاثوليك المحافظين، أن يسمعوا البابا يقول: "لقد زاد هوس الكنيسة بقضايا مهمة، كزواج المثليين والإجهاض ومنع الحمل". وحسب تقرير لجريدة New York Times، فإن هذا التعليق الغامض للبابا وضح مرة أخرى من خلال مقابلة له يقول فيها: "أصبحت الكنيسة تضع العقيدة قبل الحب". الأمر الذي لم يُفهم بالطريقة نفسها في ما بعد. ومع أن كثيراً من العائلات الكاثوليكية المنفتحة في العالم، رحبت بمحاولة البابا لاحتوائهم في الكنيسة، بعد تهميشهم من قبل اثنين من الباباوات الذين سبقوه، لكن القسم الأكبر من الكاثوليك، اعتبروا أن البابا موافق على الإجهاض. وفي زيارته للولايات المتحدة، في سبتمبر 2015، تجدد الكلام عن موضوع الإجهاض ومنع الحمل في مقابلات لصحفيين أميركيين مع البابا. لكن تقريراً لصحيفة الغارديان البريطانية، يشرح بالتفصيل، موقف البابا، الذي لا يريد تغيير مفاهيم الكنيسة أو شريعتها حول الإجهاض. كل ما في الأمر، أنه صاحب رسالة عن الحب، وليس عن مواضيع محددة. ورغم أنه يرى أن الإجهاض هو قتل نفس، إلا أنه يشدد على ضرورة استيعاب الكنيسة للناس مهما كانوا، ويعتبر أن الكنيسة الكاثوليكية اليوم لا تعيش في معزل عن العالم، بل تعيش في العالم الحديث، الذي لا بد لها من الانفتاح عليه، وإلا خسرت من روح يسوع المسيح معلمها.

إذا لعنت أمي سألكمك

في يناير 2015، تجمع ملايين الناس في باريس تضامناً مع ضحايا صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية، بعد هجوم نفذته مجموعة إسلامية متطرفة على مبنى الصحيفة، راح ضحيته 12 من الفريق العامل في الصحيفة. كان هذا الهجوم نتيجة لرسومات مسيئة للنبي محمد، نشرها رسامون كاريكاتيريون في الصحيفة. في رحلته إلى الفيليبين، بعد أيام قليلة من الاعتداء، صرح البابا أنه من الضروري أن يكون لحرية التعبير حدود، فلا يجوز التمادي في إهانة معتقدات الناس والسخرية منها. وكان قد احتج في الفيليبين نحو 1500 مسلم، اعتراضاً على رسوم الصحيفة الفرنسية المهينة للرسول، بحسب تقرير لصحيفة الإندبيندنت البريطانية. وتوجه البابا إلى الفريق المرافق له في الطائرة المتجهة إلى الفيليبين، وعلق: "إذا قام صديقي العزيز، الدكتور غارسباسي، بتوجيه كلمة نابية لأمي، فليتوقع لكمة"، مشيراً بيده بحركة طريفة كأنها لكمة. وأشار البابا إلى أن الإسلام اليوم يتعرض للكثير من اللعنات، فمن الطبيعي أن يتوقع العالم لكمات كردود فعل. اعتبر الكثيرون أن كلمات البابا هذه تخالف التعليم المسيحي الأكثر شهرة: "من ضربك على خدك الأيمن أدر له الأيسر"، لكنه كان واضحاً في طرح الفكرة، غير موافق على ما حدث في شارلي إيبدو، وحزيناً على ضحاياها بدوره.

ماركسي؟ لا أشعر بالإهانة!

على مستوى الفكر والتوجه السياسي، اتهم البابا فرنسيس بالكثير من التوجهات، خصوصاً في الولايات المتحدة التي تحاول أن: "تقيس بابوية الفاتيكان على قياس السياسة الأميركية"، بحسب كاتب مختص في شؤون الفاتيكان، في صحيفة التايم. ويقول الكاتب نفسه، إن الولايات المتحدة ليست جديدة في محاولة إقحام الفاتيكان بالشأن الأمريكي بهذه الطريقة، فقد كان لسياسيين أمريكيين علاقات شائكة وقديمة مع بينيدكتوس السادس عشر مثلاً. وبعد العديد من التصريحات التي أدلى بها البابا فرنسيس، أصبح الجدل كبيراً حول انتماءاته السياسية، إذا ما كان جمهورياً أو ديموقراطياً، وإذا ما كان ماركسياً أو اشتراكياً. أما عن كارل ماركس تحديداً، فقد وجه الاتهام للبابا المرة الأولى، في نوفمبر 2013، بعد زيارته الأولى للولايات المتحدة، إذ قيل إن البابا "يعلم تعليماً ماركسياً صافياً". لكن البابا رد على ذلك بعد عدة أسابيع قائلاً: "الماركسية إيديولوجيا مخطئة، لكنني قابلت كثيراً من الماركسيين في حياتي، وكانوا أناساً طيبين، لا أشعر بالإهانة".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard