شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
هل تمشي كلمة

هل تمشي كلمة "يهودي" مع كلمة "عربي"؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الاثنين 7 أغسطس 201712:05 م

كثيرة هي الأوصاف في إسرائيل، التي يوصف بها اليهود الآتون من أصل عربي. كثير منها أوصاف تحقيرية، ولكن بعضها أيضاً اعتبر محايداً، ويضمن له الاستمرار مقابل الأوصاف الأخرى. أول هذه المصطلحات هو "اليهود السفارديون"، وثانيها وأكثرها شيوعاً هو "اليهود الشرقيون"، أو بمنطوقه العبري "المزراحيون". ولكن هناك وصفاً آخر، أكثر إشكالية وإثارة للجدل، وقادر على تفجير كل الخلافات السياسية مرة واحدة، وهو "اليهود العرب". هذا الوصف الذي أصبح عنوان كثير من النقاشات الجارية حول الصراع العربي الفلسطيني في السنوات الأخيرة.

في قصيدة له بعنوان "من هو اليهودي"، وصف الشاعر سامي شالوم شطريت الجدل الذي يثيره هذا الوصف. قام شطريت بتأدية هذه القصيدة مع حنا أزولاي على هيئة حوار بينه وبين يهودية أمريكية تسأله عن هويته. تسأله في الجزء الأول من القصيدة عن تفاصيل خاصة بمكان سكنه وهل عائلته متدينة أم لا، وفي النصف الثاني تسأله إن كان يهودياً أو عربياً:

"سامحني على السؤال الفضولي، علي أن أسأله ببساطة، هل أنت يهودي أم عربي؟/ أنا يهودي- عربي/ أنت مضحك/ لا، أنا جاد جداً/ يهودي عربي؟ لم أسمع عن هذا ولا مرة/ هذا بساطة كما تقولين يهودي أمريكي، ها هو، حاولي أن تقولي يهودي أوروبي/ يهودي أوروبي/ والآن قولي يهودي عربي/ لا مجال للمقارنة أبداً. يهود أوروبا شيء آخر/ لماذا؟/ لأن يهودي لا تمشي مع عربي، هذا ببساطة لا يمشي، حتى رنّته غير جيدة في الأذنين/ هذا يتعلق بجودة الأذنين/ انظر، ليس لديّ أي شيء ضد العرب، لدي حتى أصدقاء عرب، ولكن كيف يمكن قول يهودي عربي، بينما كل ما يريده العربي هو تصفية اليهودي؟/ وكيف يمكن قول يهودي أوروبي بينما الأوروبي بالفعل صفّى اليهودي".

كان المفكر اليهودي الجزائري ألبير ميمي واحداً من أوائل الذين استعملوا وصف "يهودي عربي"، في مقال كتبه في منتصف السبعينيات بعنوان "من هو اليهودي العربي. ولكن ميمي، على خلاف لاحقيه، استخدم المصطلح بشكل سلبي، للزعم بأنه ليس هناك هوية يهودية عربية حقيقية. يقول ميمي: "كنا نريد أن نكون (يهوداً عرباً). لو كنا أهملنا هذه الفكرة، فهذا لأنه على طول الأجيال منع العرب المسلمون بشكل منهجي تحققها بواسطة احتقارهم وعنفهم. من المتأخر جداً الآن بالنسبة لنا أن نصبح "يهوداً عرباً". ليس فقط أن بيوت اليهود في ألمانيا وبولندا دمرت وتشتتت في جميع أصقاع الأرض، وإنما أيضا بيوتنا نحن".

في مقاله، يرد ميمي على عرض معمر القذافي لليهود العرب بالعودة إلى بلدانهم. يقول: "في هذه النقطة، كان رئيس الدولة صريحاً جداً. وبدا أيضاً أن إحدى ملاحظاته أثارت انطباعاً طيباً لدى الحضور: "ألستم عرباً مثلنا، عرباً يهوداً؟" ما أجمل هذه الكلمات! لقد رسمنا نوستالجيا سرية منها: نعم، فعلاً، كنا عرباً يهوداً في عاداتنا، ثقافتنا، موسيقانا، طعامنا. لقد كتبتُ بما فيه الكفاية عن هذا. ولكن هل على الواحد أن يبقى عربياً يهودياً لو، في المقابل، كان يرتعش خوفاً على حياته ومستقبل أطفاله ودائماً ما يُنكر حقه في الوجود الطبيعي؟".

ومع التقدم في المقال، يبدأ خطابه يصبح أكثر صرامة، من ناحية نفي التعايش العربي اليهودي في البلدان العربية: "بشكل موضوعي، لم تعد هناك أي مجتمعات يهودية في أي بلد عربي، ولن تعثر على عربي يهودي واحد يوافق على العودة لبلده الأصلي. يجب أن أكون واضحاً: الحياة الفاخرة المثالية لليهود في البلدان العربية هي أسطورة! الحقيقة، بما أني مضطر للرجوع إليها، نحن منذ البداية أقلية في بيئة معادية... لقد عايشت أجراس إنذار الجيتو: الأبواب والشبابيك التي تغلق بسرعة، وأبي يركض للمنزل بعد إغلاقه المحل باستعجال، بسبب الشائعات عن مذبحة وشيكة لليهود. والداي يخزنان الطعام استعداداً للحصار، الذي لم يكن دائماً يتحقق، ولكن هذا يعطي لمحة عن آلامنا، وعن إحساسنا الثابت بعدم الأمان".

في عام 2008، نُشر في مجلة "عيتون 77" حوار أجراه الشاعر ألموج بيهار مع أستاذ الأدب العربي، ساسون سوميخ، المولود في بغداد والمعتاد هو أيضاً استخدام مصطلح "اليهودي العربي". وفق كلام سوميخ في الحوار، على الشخص أن يحقق أربعة شروط ليكون يهودياً عربياً: أن تكون لغته الأم العربية، أن يولد ويكبر في طائفة يهودية تكون لغتها العربية، أن يولد ويكبر في أرض تتحدث العربية، وأن يكون تعليمه الأساسي باللغة العربية.

يضيف سوميخ: "حتى يصبح الشخص يهودياً عربياً، يجب أن يكون الشاعر الأول الذي قرأه في حياته المتنبي، كبير الشعراء العرب في العصور الوسطى، وبهذا المفهوم فليس لشخص ناضج، قرأ الشعر، أن يقرر بأثر رجعي أن يصبح يهودياً عربياً".

هكذا يعرّف سوميخ، اليهودي العربي عبر معايير ثقافية فحسب، ويعارض الاستخدام الاجتماعي- السياسي الحالي الرائج. لأن عدداً كبيراً من الأدباء، والناشطين والأكاديميين اليهود الشرقيين في إسرائيل، تبنوا مصطلح اليهودي العربي، ولكنهم، على عكس ألبير ميمي، تطرقوا إليه بالإيجاب. ومن هؤلاء: سمير نقاش، حبيبة بديا، إيلا شوحاط، يهودا سنهاف، شمعون بلاص وآخرون. كان المصطلح بديلاً عن التقسيم لإشكنازيين وشرقيين، وهي القسمة التي رعتها المؤسسة الصهيونية كما يقول البعض.

أحد هؤلاء كان المؤرخ هيليل كوهين، المولود لعائلة مختلطة، إشكنازية وشرقية. في مقال بعنوان "حياة وموت اليهودي العربي في أرض إسرائيل وخارجها، يعارض كوهين تعريف سوميخ لليهودي العربي بوصفه تعريفاً ضيقاً جداً: "في فهمه، فقط القليل جداً من اليهود، هؤلاء الذين ولدوا في أحد البلدان العربية، ونشأوا على ركبتي الثقافة العربية الكلاسيكية، هم "اليهود العرب". وفق هذا، اليهود المولودون في إسرائيل في الأجيال الأخيرة لآباء من أصول شرقية أو مغربية (وأقلية هامشية منهم بدأت في تعريف نفسها بوصف المنتسبين إليها يهوداً عرباً)، ليسوا جزءاً من هذه الهوية، ومثلهم كذلك غالبية اليهود الذين ولدوا وعاشوا في البلدان العربية، وتعليمهم الأساسي لم يكن غالباً بالعربية. لو تقبلنا اختبار المتنبي الذي يقترحه، فسنظل مع حفنة قليلة من المثقفين العلمانيين، وهم فقط من يمكن اعتبارهم يهوداً عرباً".

بدلاً من هذا يقدم كوهين تعريفاً جديداً لليهودي العربي: "اليهودي العربي هو ابن الدين اليهودي، الذي ولد وعاش في محيط عربي، وارتبط بالثقافة العربية أو تأثر بها. هذا التعريف يتضمن عناصر موضوعية: الانتماء لدين ومكان محددين، ولكن يتضمن أيضاً عنصراً ذاتياً: درجة تأثير المجتمع المحيط (وهنا يكون الحديث عن طيف واسع من الاحتمالات). هذا التعريف أيضاً يظهر في كتابات الأديب والمفكر ألبير ميمي، وعلاقته بالهوية اليهودية معقدة جداً.

يكتب: "كنا عرباً يهوداً، أو بشكل أكثر دقة يهوداً عرباً. كنا عرباً مثلما كان المسلمون". ولكن في بقية كلامه يتحفظ على هذا، عبر ادعائه المثير للاهتمام أن المسلمين في تونس كانوا عرباً بإرادتهم، أي أنه على خلاف اليهود، هم اختاروا الأسطورة العربية، كما يكتب أيضاً مطولاً وبألم عن عدم تقبل اليهود في مجتمعات الغالبية المسلمة. ولكنه يكتب "بالتأكيد كنا يهوداً عرباً في سلوكنا، ثقافتنا، موسيقانا، طعامنا"، أي أن اليهودي العربي لدى ميمي هو نتاج التأقلم مع الثقافة الشعبية العربية، ليس فقط الثقافة العالية، ولا يفصل نفسه عن الثقافة اليهودية أو يفضل الثقافة العربية. من هنا، إذا قارنا بين مقاربة سوميخ ومقاربة ميمي، يتضح أن الهوية اليهودية العربية مثل الهويات المركبة الأخرى، تضم عظاماً دائمة التحول من العناصر اليهودية والعناصر العربية، وتختلف مستويات تقبلها على يد الطائفة المحيطة".

في مقال بجريدة هاآرتس، بعنوان "يهودي عربي، قبل وبعد صهيوني"، عن كتاب لرؤوبين شنير بعنوان "عروبة، يهودية وصهيونية"، يطرح الشاعر ألموج بيهار عدة أسئلة عن العروبة واليهودية. يشير في البداية للتعريف الأصلي للقومية العربية الذي قام به المنظر ساطع الحصري، ومفاده أن كل من يتحدث العربية هو عربي، لكن التعريف قد يؤدي بنا إلى حدود العبث: هل يصبح طالب ياباني يتعلم الأدب العربي عربياً بفضل سيطرته على اللغة حتى لو لم يزر الشرق الأوسط ولا لمرة واحدة؟ يسأل بيهار.

في المقال المكتوب سنة 2005، يوثق الكاتب للكتابات عن اليهود الشرقيين بوصفهم "يهوداً عرباً". يقول: "ثمة في السنوات الأخيرة صحوة ملموسة للنقاش حول هذه الأسئلة، سواء من ناحية من يوافقون على نظرية اليهودي العربي أو من يرفضونها بعنف. بين من يتمسكون بنظرية اليهودي العربي يبرز مكان اليهود المولودين في العراق وأبنائهم. يكفي لو تذكرنا ساسون سوميخ، الذي قال في حوارات بعد صدور كتابه "بغداد، بالأمس" (2004)، أنه "اليهودي العربي الأخير"، والتعبيرات الكثيرة للأديب شمعون بلاص عن الموضوع (ومقالات حانان حافير عنه)، التعامل مع موت الأديبين اليهوديين الأخيرين اللذين كتبا بالعربية، إسحاق بر موشيه وسمير نقاش، ظهور مجلة "الاتجاه شرقاً"، كتاب إيلا شوحاط "ذكريات ممنوعة" (2001)، كتاب يهودا سنهاف "اليهود العرب" (2003)، كتاب سامي شالوم شطريت "النضال الشرقي في إسرائيل" (2004)، ودواوينه الشعرية، ومن بينها "قصائد بالأشدودية" (2003)، ومجموعة مقالاته "النبوءة الشرقية" (2005)، ومجموعة "شرقيون في إسرائيل" (2002) التي سبقتها، كتاب "إزاحة السحر عن الشرق" (2005)، وديوان "كاسرة الثلج" (2005) لفيكي شيران الذي صدر بعد موتها، ومقالات حبيبة بديا".

ولكن تاريخياً، كان هناك أكثر من مفارقة في هذه "الصحوة"، يشير إليها كاتب المقال: "هذه الصحوة المتأخرة للهوية اليهودية العربية التي حدثت بعد جيل أو اثنين من الهجرة، تخضع لتفسيرات سوسيولوجية كثيرة: لوقت طويل تم إلغاء الهوية العربية بوصفها متدنية وبدائية في إسرائيل، وطلب من اليهودي الشرقي إبعاد العلامات العربية في هويته. فقط عندما حاز ما يكفي من الشرقيين مكانة كبيرة في عالم الفكر الإسرائيلي تمكنوا من التعبير عن آرائهم بلا خوف. في الجيل الأول بعد أزمة الهجرة انشغل غالبية الشرقيين بالبقاء من الناحية الاقتصادية هم وأطفالهم، ولم يتمكنوا من التفرغ للنقاش الأيديولوجي حول هويتهم. فقط عندما أصبحوا "إسرائيليين" بما يكفي، تمكن اليهود الشرقيون من صياغة مواقفهم".

ليس معروفاً على وجه الدقة من كان أول من استعمل مصطلح "اليهودي العربي"، يقال أحياناً إنه ألبير ميمي. وقال كوخافي شيمش، وهو واحد من قادة حركة الاحتجاج اليهودية الشرقية في القدس في السبعينيات، أنه سمع المصطلح لأول مرة من يهود مغاربة ثوريين يعيشون في فرنسا. كما يقال أحياناً إن الأديب الإسرائيلي من أصل عراقي، شمعون بلاص، هو أول من صكه.

هاجر بلاص من بغداد إلى إسرائيل عام 1950. بدأ مسيرته الأدبية بالكتابة بالعربية، وواصل الكتابة بها حتى داخل إسرائيل، ولكن بالتدريج بدأ يتحول إلى العبرية. بمناسبة صدور ثلاثيته الروائية "تل أبيب شرقاً"، أجرت معه الصحافية داليا كربل في جريدة هاآرتس حواراً بعنوان "أنا عربي. يهودي عربي". تكتب كربل في الحوار: "في نص فاتن مصاحب لـ(تل أبيب شرقاً)، يؤكد الدكتور حنان حيفر، أن الثلاثية تبدأ بجملة مكتوبة بالعربية، وأن بلاص يحدد هكذا هويته من البدء، هوية اليهودي- العربي، وهما هويتيان تصعب توأمتهما. في سن الـ73 يشعر بلاص، أن هذه الهوية كانت حجر عثرة في طريقه إلى الجمهور الإسرائيلي. صحيح أن من خلفه تقف مسيرة أكاديمية ناجحة، أنهاها كأستاذ للأدب بل أصبح رئيس قسم، لكنه يتألم من حقيقة أن نشاطه الأدبي، ويشمل أكثر من 15 كتاباً، أزيح للهامش ولم يحظ بالاعتراف الذي يستحقه".

واصل بلاص الكتابة بالعربية حتى بعد وصوله إلى إسرائيل. لكنه توقف في ما بعد وبدأ يكتب بالعبرية. يقول: "لم أرغب في أن أكون معزولاً وهذا ما دفعني للكتابة بالعبرية. الكتابة بالعربية كانت لجمهور ضئيل، في غالبيته فلسطيني، لا يشاركنا خبرتنا وبالتأكيد لا يهتم بحياتي في المعبرة (معسكرات خيام اليهود الشرقيين). أردت أن أكون قريباً من جمهور القراء اليهود، بينما من البدء رأيت أن دوري أن أكون حلقة وصل بين الجمهور اليهودي والعالم العربي".

هذا العالم العربي الذي ما زال يعد عدواً؟

هذا هو الصراع. أنا أيضاً كنت حينذاك وعلى الدوام غارقاً في الصراع. مثلاً، وضعي كمهاجر جديد كان مختلفاً عن وضع المهاجر الروماني الذي يسكن بجواري. لو كان لديّ شعور بالدونية لقلت إن الرومانيين الإشكنازيين يحتضنون أما نحن فيرموننا، لأننا شرقيون. أنا رأيت هذا الجانب، ولكن ليس فقط هو. الصهيونية منذ بدايتها كانت قائمة على النظرة الاستعمارية الأوروبية تجاه الشرق العربي، والعلاقة باليهود القادمين من البلدان العربية، اليهود العرب، لم تكن مختلفة عن العلاقة بالعرب، وإن كان هناك القليل من التعاطف لأنهم ينتمون للشعب المختار. لديّ مشكلة مع النظرة الصهيونية الأصلية، أن تكون جداراً لثقافة الغرب ضد الشرق وبربريته. عرفت هذا من الأيام الأولى في إسرائيل ولهذا أحسست أن لدي دوراً، أن أقرّب إسرائيل وأفتحها تجاه الشرق. لهذا أصبحت إسرائيلياً.

يكرر شمعون بلاص أكثر من مرة في الحوار، وبأشكال مختلفة، أنه ليس صهيونياً: "أذكر أنه عندما ألقى جروميكو، وزير الخارجية السوفياتي، خطابه في الأمم المتحدة في 14 مايو 1946 عن دعم الاتحاد السوفياتي لتقسيم فلسطين وإقامة دولة يهودية ذات سيادة، فكرت أنه قد جن. مشيت كالمسرنم وفكرت كيف يمكن إعطاء دولة للعصابات الصهيونية. في ما بعد تقبلت الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية هذا الموقف، واعترفت بدولة إسرائيل بوصفها الدولة شرق الأوسطية الأولى التي طردت الإمبريالية البريطانية. ولكن ظللت منقسماً حتى عندما كان هناك أمل كبير في أن تفتح قوى اليسار في إسرائيل باباً كبيراً باتجاه المستقبل".

صحيح أن بلاص يصف نفسه باليهودي العربي، ولكنه يتيح لنفسه هامشاً أيضاً لنقد الثقافة العربية، باعتباره واحداً من أبنائها كما يقول، وهو ما يمكن أن يعطينا لمحة عن كيف بدا، ويبدو، اليهودي العربي. تسأله المحاورة: "أبطالك يسمعون أم كلثوم وفريد الأطرش، وأنت؟"، فيرد: "لديّ عدة تسجيلات بالعربية، لكنني لا أسمع موسيقى تقريباً لأن هذا يضايقني. ولديّ مشكلة أيضاً مع الغناء العربي، ثمة مغنون لا أحتملهم، عبد الحليم حافظ مثلاً، متباك، والعرب يموتون عليه. حتى في بغداد كان لي موقف من هذه الموسيقى، وكتبت أن الغناء العربي ينيم الناس بدلاً من أن يوقظهم. حتى أم كلثوم لم أحبها. أنا أكتب عن هذه الموسيقى في كتبي كجزء من الوجود العراقي: يجلسون لليال كاملة وتغني المغنية آهة تليها آهة. أنا أحب موزارت، أنا أنتمى للإنتلجنسيا العربية المنفتحة تجاه الغرب وتريد تغيير كل شيء، ولا تستند إلى النوستالجيا للعربي الذي يجلس مع جدته ويسمع القصص".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard