شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
في مصر ممنوع، تحت طائلة السجن، أن تتحدث عن…

في مصر ممنوع، تحت طائلة السجن، أن تتحدث عن…

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأحد 26 يونيو 201608:54 م

يوماً بعد آخر، تتسع دائرة الممنوع الحديث عنه في مصر. عشرات القرارات القضائية الصادرة نصت على حظر النشر في قضايا رأي عام أثارت جدلاً كبيراً في المجتمع.

هذه القرارات لا تقتصر على قضايا لا تزال تنظر فيها جهات التحقيق، من بينها تعذيب مواطنين حتى الموت في أقسام الشرطة، وتورط أعضاء في الهيئات القضائية وفي الحكومة في قضايا فساد، بل أصبحت تشمل مشروعات قومية مثل مشروع المفاعل النووي في الضبعة.

حظر النشر

شهد عاما 2014 و2015 صدور عشرات القرارات القضائية بحظر النشر. وبدأت السلسلة في 21 فبراير 2014 بقرار من النائب العام قضى بحظر النشر في قضية تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابي، ثم في 13 يونيو صدر قرار آخر قضى بحظر النشر في قضية ضبط جنرال يشغل منصب رئيس هيئة موانئ بورسعيد أثناء تلقيه رشوة ضخمة، وفي أغسطس، حُظر النشر في حادث إرهابي في منطقة الضبعة غرب مصر، راح ضحيته ضابط وأربعة مجندين. وفي 5 ديسمبر، صدر قرار حظر النشر في قضية تسريب مكالمات هاتفية، قيل إنها لمسؤولين في السلطة تآمروا على نظام الرئيس المعزول محمد مرسي.

وبدأ عام 2015 بقرار قضائي في 12 فبراير، حظر النشر في قضية اتهام ضباط شرطة بقتل الناشطة السياسية شيماء الصباغ، أثناء تظاهرة وسط العاصمة القاهرة، وتلاه في 26 من الشهر نفسه قراراً حظر النشر في قضية مقتل محامٍ في قسم شرطة المطرية، شرق العاصمة. وفي 3 مارس حظر النشر في قضية اتهام مرسي بالتخابر مع دولة أجنبية، ومدها بوثائق تخصّ الأمن القومي. وفي 4 مايو، حظر النشر في ما عرف بقضية الآثار الكبرى التي اتهم فيها أعضاء في هيئات قضائية والشرطة بالاتجار بالآثار.

وامتد الأمر إلى حظر النشر في اتهام قاضٍ بالحصول على رشوة جنسية في 2 يوليو، وبعدها مباشرة تم حظر النشر في قضية فساد اتهم فيها وزير الزراعة بتلقي رشوة لتسهيل الاستيلاء على أراضي الدولة لصالح أحد رجال الأعمال. وفي 14 أكتوبر صدر قرار بحظر النشر في قضية تزوير انتخابات 2012 الرئاسية، وقبل ذلك كان قرار قد صدر بحظر النشر في قضية اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات في 2 يوليو 2015. وفي 1 يوليو أصدر المتحدث باسم الجيش المصري بياناً منع فيه نشر أيّة معلومات أمنية غير مستقاة من القوات المسلحة رسمياً، عقب أحداث إرهابية في شمال سيناء، راح ضحيتها عدد من الجنود والضباط.

وقد اختُتم العام الماضي بقرار مماثل، ولكن من جهة غير معلومة، إذ بثت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية بياناً جاء فيه: "تقرر حظر النشر في ما يتعلق بمشروع المحطة النووية بالضبعة، إلا بعد الرجوع إلى الجهات الأمنية المعنية ومكتب السيد وزير الكهرباء".

جهة غامضة

يقول خالد البلشي، رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحفيين المصريين إن "النائب العام له السلطة المطلقة في مسألة حظر النشر، فقد منحه القانون هذا الحق، لكنه لم يضع أيّة ضوابط لذلك، وهناك محاولات تشريعية للطعن في مثل هذه القرارات".

وأضاف لرصيف22 أن "الملاحظ أن قرارات النائب العام تصدر في قضايا بعينها، مثل القضايا التي تتعلق بضباط الشرطة، وقضايا فساد المسؤولين، وهي تمثل حماية لهم، لذلك يجب أن تكون سلطة حظر النشر مقيدة وعليها رقابة، وأن يكون القرار واضحاً".

علماً أن هناك جهة غير معلومة أضيفت إلى النيابة العامة تصدر قرارات حظر النشر. ويقول البلشي: "في الأيام القليلة الماضية فوجئنا بخبر في الوكالة الرسمية ورد فيه حظر النشر في مشروع المفاعل النووي، وهو صادر عن جهة غير معلومة، وبدا أننا أمام جهة أمنية غامضة قررت حظر النشر".

وأضاف: "اتصلنا بجهات مختلفة، منها النائب العام الذي نفى صدور هذا القرار عنه، لذلك أبلغنا زملاءنا في الصحف، وفي المنظمات الحقوقية التي أزعجها القرار، أن حظر النشر غير حقيقي".

قوانين ودستور

نظم دستور 2014 المصري مسألة حرية تداول المعلومات، في المادة 68 التي تنص على أن "المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات وإعطاء معلومات مغلوطة عمداً. وتلتزم مؤسسات الدولة بإيداع الوثائق الرسمية بعد الانتهاء من فترة العمل بها في دار الوثائق القومية، وحمايتها وتأمينها من الضياع أو التلف، وترميمها ورقمنتها، بجميع الوسائل والأدوات الحديثة، وفقاً للقانون".

إلا أنه حتى الآن لم يوضع القانون الذي أشار إليه نص المادة الدستورية، ويتم الاستناد في قرارات حظر النشر إلى المادة الرقم 187 من قانون العقوبات التي تنص على أنه "يعاقب كل من نشر أموراً من شأنها التأثير في القضاة المنوط بهم الفصل في الدعاوى المطروحة أمام أي جهة من جهات القضاء، أو التأثير في الشهود الذين غالباً ما يطلبون الإدلاء بشهادتهم، والإفضاء بالمعلومات السرية، بخلاف ما يتعلق من التأثير في الرأي العام لمصلحة طرف في الدعوى أو التحقيق أو ضده".

وتلتزم الصحف الأوامر استناداً إلى المادة 23 من القانون رقم 96 لسنة 1996، الخاص بتنظيم الصحافة، ونصها: "يحظر على الصحيفة تناول ما تتولاه سلطات التحقيق أو المحاكمة، بما يؤثر على صالح التحقيق أو المحاكمة، أو بما يؤثر على مراكز من يتناولهم التحقيق أو المحاكمة. وتلتزم الصحيفة بنشر قرارات النيابة العامة ومنطوق الأحكام التي تصدر في القضايا التي تناولتها الصحيفة، كالنشر أثناء التحقيق أو المحاكمة، وموجز كاف للأسباب التي تقام عليها، وذلك كله إذا صدر القرار كالحفظ أو كان لا داع لإقامة الدعوى أو صدر الحكم بالبراءة".

مصالح الدولة العليا

"المسألة كلها تتلخص في أن الجانب الأمني طغى على كل شيء في مصر، وحوّلها إلى دولة بوليسية بامتياز. وتحت ستار مصالح الدولة العليا تصدر مثل هذه القرارات"، يقول محمد زارع مدير برنامج مصر في مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.

ويضيف أن "مصالح الدولة العليا التي يُمنع على أساسها النشر، تتمثل في حق المواطنين في المعرفة. مثلاً في مشروع المفاعل النووي، هنالك جدل كبير حول قدرات الدولة في مواجهة الأخطار التي قد تنجم عنه، وعشرات المقالات التي نشرت في الصحف تناولت مشروعات بديلة للطاقة النووية، وقدمت منظمات بيئية الكثير من الأفكار والأطروحات حوله من خلال الصحف، إلا أن كل ذلك تم حجبه لأن السلطة حظرت النشر فيه".

وأشار زارع إلى أن "عبارة الأمن القومي التي يتم التذرع بها فضفاضة، فالتعليم أمن قومي، والصناعة أمن قومي، فهل يعني ذلك أن يحظر نشر أيّة معلومة عنهما ويتحول الأمر في النهاية إلى مجرد منشورات حكومية؟ يجب أن تكون هنالك معايير واضحة يتم على أساسها إصدار قرار حظر النشر".

وختم زارع: "قرارات حظر النشر المثيرة توحي كأنها نص جاء في الدستور، ولا أحد يعلم عنه شيء، بل إن القوانين التي يستند إليها حظر النشر فضفاضة، ومن خلالها يمكن المنع، والحظر في الوقت نفسه".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard