شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
هل يأتي التغيير في العراق على يد النساء؟

هل يأتي التغيير في العراق على يد النساء؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 8 سبتمبر 201609:41 م

لم تشهد أيّة تظاهرة عراقية مشاركة فعالة للنساء مثل التي تشهدها الاحتجاجات التي انطلقت في الحادي والثلاثين من يوليو الماضي. تسير النساء مسافات طويلة بغية الوصول إلى ساحة التحرير، ساحة الاحتجاج في بغداد. يرتدين الأبيض ويعلّقن على صدورهنّ العلم العراقي ويهتفن "باسم الدين باكونا الحرامية". ربما لم يكن أحد يتوقّع هذا الظهور القوي واللافت للنساء في احتجاجات العراقيين، لكنهن فاجأن الجميع بوجودهنّ النوعي والكمّي الذي لفت الجميع إليهن. وتحولن إلى أيقونة بارزة ومحفزة على التظاهر.

لا بديل من مشاركة الرجال

في ساحة التحرير، وهي مكان الاحتجاج الثابت، تقف النساء بعضهنّ إلى جانب بعض. يعتلين منصة الهتافات ويرددن الشعارات. يتميّزن بارتداء القمصان البيضاء. مُحجبات وسافرات، طالبات وأكاديميات وموظفات، جميعهن لا يتوقفن عن الحركة. يرون أن لا بديل من الاحتجاج ضد "حيتان الفساد"، ولا بديل من مشاركة الرجل في هموم الوطن ومأساته.

في بداية التظاهرات، حاولت بعض الأحزاب السياسية تثبيط عزم المتظاهرين، ومنهن النساء. اعتدوا على واحدة منهنّ بشكل غير مباشر، وحاولوا إخافة الأخريات. هذه الأحزاب تُصدَم مرة أخرى. النساء لا يزلن مصرّات على الخروج في التظاهرات. هكذا هي قناعتهن. لا سبيل غير توحيد الجهود في ظل خراب متفاقم يعيشه العراق.

ريا عاصي هي ناشطة مدنية حرصت على المشاركة في التظاهرات منذ الأسبوع الأول. قالت لرصيف22 إن "المرأة العراقية تُشكل حسب الإحصاءات نسبة 60% من الشعب العراقي. ولأن مصائبها كثيرة ولغياب الرجل في حياتها بسبب الحروب التي توالت على البلد، أضحت ذات خبرة لا يستهان بها في الحياة".

وأضافت أن "المرأة خرجت إلى ساحة التحرير بدافع نفسي جماهيري برغم غياب التنظيمات التي تؤمن بأحقية المرأة. لذلك نجد حضورها في ساحة التحرير قوياً ظاهراً، إلا أنها غُيّبت عن قيادة التظاهرات والحوارات التي أجراها القادة الذكور. من هنا يتضح أن خط الليبرالية واليسار العراقي هو الآخر يستخدم المرأة لغايات محددة ولا يسلّم إليها سلطة أو قيادة. وهكذا هو حال الكتل السياسية في مجلس النواب الذي لا يعتمد الأحقية والمهنية في عمل النساء بل الكوتا".

يزداد عدد النساء في التظاهرات بشكل لافت، مما يؤشر إلى وجود تفاعل كبير من المجتمع الذي وجد فيها بصيص أمل نحو مستقبل بلا حرب وفقر ونقص في الخدمات. ويبدو أن النساء قادرات على إحداث تغيير في الوضع العراقي، لكنهن يحتجن إلى فرصة أكبر بعيداً عن أحزاب السلطة والمحاصصة.

أدوار متكاملة

وقالت لرصيف22 الناشطة المدنية أمل هاني التي تقيم في مدينة أربيل وحضرت أكثر من مرة إلى بغداد للمشاركة في التظاهرات إن "وجود المرأة في التظاهرات حالة حضارية باعتبارها جزءاً من هذا المجتمع الذي يعاني منذ سنوات، كما أن دورها في بناء المجتمع لا يقل أهمية عن دور الرجل، وأدوارهما تتكامل في سبيل خلق بيئة حضارية بعيدة عن العنف والخراب".

وأضافت أن "الموظفات اللواتي كنّ يتجنّبن الخروج في التظاهرات والتصوير فيها خشيةً من احتمال محاسبتهن أو معاقبتن من قبل المسؤولين عنهنّ في العمل، أصبحن الآن أكثر قوة وشجاعة، وهن يخرجن في التظاهرات بعدما رأين ازدياد أعداد المتظاهرين والاستمرارية الكبيرة والقوية في أهمية تحقيق المطالب". وأكدت أن "هنالك نساء لم يخرجن في التظاهرات. ولدفعهنّ إلى الخروج يحتاج الأمر إلى تثقيف وتوعية بأهمية التظاهر وكيفية أخذ الحقوق التي تُسلب من المجتمعات. وهذا دور كل متظاهر وليس النساء وحدهن".

صار للمرأة العراقية موقف حازم مما تشهده البلاد أكثر من ذي قبل، فهي الآن تُعد رُكناً أساسياً من أركان الحراك الشعبي في العراق، وهي جزء من التغيير الذي يبحث عنه سكان بلاد النهرين خلال الفترات المقبلة للخلاص من سوداوية الأوضاع التي يعيشونها.

وأكّدت الإعلامية العراقية نازا جوران أن "الزخم الذي أعطته المرأة العراقية للتظاهرات سببه ليس نسبة مشاركتها فيها بل النوعية أيضاً، إذ لاحظنا وجود ناشطات وفنانات وقانونيات وكاتبات وربّات منازل، وهذا يؤشر إلى تنامي الوعي النسوي لقضية جماهيرية أكبر من موضوع حقوقهن. لقد ذهبن باتجاه القضية الأسمى التي تتلخص بمصلحة وطن".

يُمكن القول أن المرأة في العراق التي عانت وتُعاني من اضطهاد مجتمعي وتشريعي لن تقف ساكنة أمام أي اضطهاد مستقبلي. وقد يعطي التغيير الذي ينوي العراقيون إحداثه المرأة دوراً أكبر مما هو عليه الآن.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard