شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
بعد مرور عامٍ على هروبها..منظمات حقوقية تُطالب بمعرفة مصير ابنة حاكم دبي

بعد مرور عامٍ على هروبها..منظمات حقوقية تُطالب بمعرفة مصير ابنة حاكم دبي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 6 مارس 201910:26 م
"إن حياتي ملأى بالإمتيازات المقيّدة والآمال المكبوحة"، هكذا وصفت الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي ونائب رئيس دولة الإمارات، الظروف المعيشية الصعبة التي تعيشها في كنف عائلةٍ لم تسمح لها بالذهاب يوماً إلى أي مكانٍ من دون سائقٍ يراقبها إلى جانب عدم تمكنها من مغادرة الإمارة التي يحكمها والدها منذ 18 سنة. وأعربت لطيفة من خلال فيديو صوّرته العام الماضي عن أملها في الحصول على لجوء سياسي إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتتمكّن من فعل ما تريد. وبالرغم من هدوئها، بدا واضحاً خوفها على حياتها، خاصة في حال لم تنجح في الهروب قائلةً:"لن يعيدوني حيةً.... ما من عدالة هنا، لا سيما إذا كنت امرأة، فيمكن التخلص من حياتك". ولم تنجح بالفعل خطتها في الفرار بمُساعدة صديقتها الفنلندية تينا جاوياين، إذ اعتُقلت وأُعيدت إلى الإمارات وحُجزت في مكانٍ مجهول حتى هذه اللحظة. والآن بعد مرور عامٍ على هذه الحادثة التي ضجت بها وسائل الإعلام كافةً، تحاول صديقتها الفنلندية شنّ حملةٍ جماهيريةٍ واسعة من أجل المطالبة بحرية لطيفة، ذلك إلى جانب تحرك المنظمات الحقوقية ومطالبتها بالوصول الفوري إلى الأميرة بعد مرور عامٍ على "اختطافها المزعوم".

مصير غامض

في مارس الماضي، أعلنت الشيخة لطيفة من خلال رسالةٍ على واتساب أنها "غادرت دبي للأبد"، غير أن رحلة هروبها، التي خططت لها على مدى 7 سنوات، لم تستمر أكثر من أسبوع. فبحسب التفاصيل التي ذكرتها صحيفة نيويورك تايمز، في غضون بضعة أيام من الإبحار على المحيط الهندي بهدف التوجه إلى الهند ثم إلى الولايات المتحدة الأمريكية، غيّب الغموض مصيرها، ولم يتمكن أحد من رؤيتها، إلا في عددٍ قليلٍ من الصور التي حرصت عائلتها على نشرها في ديسمبر الماضي، والتي تزعم أن لطيفة تعيش في منزلٍ آمن بعد أن نجت مما وصفته "الاختطاف". أما من جهة حاكم دبي، فلم يتطرق إلى مكان وجودها حتى ديسمبر، عندما كانت بي بي سي على وشك أن تعرض وثائقياً عن الموضوع، وأصدر مكتبه بياناً اتهم فيه هيرفي جوبير الذي وصفه بـ"المجرم المدان"، باختطاف الشيخة لطيفة مقابل الحصول على فديةٍ بقيمة 100 مليون دولار أميركي. وأفاد البيان بأن الشيخة بأمانٍ في دبي، وهي تحتفل بعيد ميلادها الـ33 مع عائلتها "في جوّ من الخصوصية والسلام"، مع العلم أن تينا جاوياين أكدت أن الشيخة لم تختر تمضية عيد ميلادها مع عائلتها منذ سنوات. واللافت أن الأمور أصبحت أكثر غرابةً منذ ذلك الحين، على حدّ تعبير الصحيفة الأمريكية التي أشارت إلى أنه في ليلة عيد الميلاد، نشرت العائلة صوراً هي الأولى من نوعها للشيخة لطيفة منذ اختفائها، تظهر فيها وهي تجلس مع ماري روبنسون، الرئيسة السابقة لإيرلندا ومفوض الأمم المتحدة السامي السابق لحقوق الإنسان، والتي أكدت أن الأميرة لطيفة بأمانٍ مع عائلتها، لكنها تتلقى رعاية نفسية، واصفةً إياها بـ"الشابة المضطربة" التي تعاني من "حالةٍ صحيةٍ خطيرةٍ". هذا التصريح اعترضت عليه جماعات حقوق الإنسان، على اعتبار أن روبنسون صديقة مقربة من الأميرة هيا بنت الحسين، زوجة حاكم دبي. وبعد مرور عامٍ على اعتقال الشيخة لطيفة، أعربت منظمات حقوق الإنسان عن قلقها العميق بشأن رفاهية الأميرة، مؤكدةً لصحيفة الإندبندنت البريطانية أنها لا تزال تجهل ما حصل للأميرة منذ لحظة احتجازها في مارس 2018 حتى ظهورها في الصور في ديسمبر الماضي. وفي هذا الصدد، لا تزال منظمة هيومن رايتس ووتش تطالب بضرورة السماح للشيخة لطيفة بالسفر إلى بلد ثالثٍ "بحيث يمكننا التأكد أنها قادرة على التحدث بحريةٍ من دون خوف من الانتقام"، وبدورها أصدرت منظمة العفو الدولية دعوة مماثلة، لافتةً إلى أنه لم تظهر أي معلوماتٍ جديدةٍ بشأن الشيخة منذ مأدبة غذاء العائلة مع ماري روبنسون، و"هي المرة الأولى والأخيرة التي تتم فيها رؤية لطيفة أو سماعها منذ اختطافها في عمق البحار".
"لم تظهر أي معلوماتٍ جديدةٍ بشأن الشيخة لطيفة منذ مأدبة غذاء العائلة مع ماري روبنسون، وهي المرة الأولى والأخيرة التي تتم فيها رؤية لطيفة أو سماعها منذ اختطافها في عمق البحار"..منظمات حقوقية تُطالب بمعرفة مصير ابنة حاكم دبي

ذكريات مؤلمة

"كنت أتمنى أن أقول لها شيئاً في اللحظة التي أخذوها بعيداً..."، هذا ما قالته تينا جاوياين لصحيفة الغارديان البريطانية، بمناسبة مرور الذكرى السنوية الأولى لعملية الهروب. وبالرغم من وجودها في مقهى وسط لندن، فإن ذهن تينا على بعد 5000 ميل في بحر العرب، وهي تحاول استعادة تفاصيل ليلة الرابع من مارس 2018، حين حاولت مساعدة صديقتها على الفرار:"كان هناك أسلحة في كل مكان، وكانت لطيفة تصرخ، غير أنني كنت مشلولة من الخوف، فلم أتمكن من قول أيّ شيء". وتوضح تينا أن الشيخة لطيفة لطالما أرادت الهروب والاستقرار في الولايات المتحدة الأميركية نتيجة سياسة القمع التي تمارس عليها:" يفكر الناس إنها أميرة، فكيف يمكن أن تكون حياتها تعيسة؟ لقد كان لديها المال، لكن ذلك كان مجرد إلهاء عن واقعها. لم يكن مسموحاً لها بالدراسة، أو العمل، أو السفر، أو حتى الذهاب إلى منزل أصدقائها. كان لديها حظر تجوّل وكانت تُعامل كطفل". في العام 2010، تعرفت تينا إلى الشيخة لطيفة بهدف تدريبها على الكابويرا، التي "أصبحت هدف استيقاظها في الصباح"، وفق ما ذكرته تينا مشيرةً إلى أنه في العام 2013 بدآ بالقفز معاً بالمظلات:" لقد كان ذلك يعطيها إحساساً كبيراً بالحرية". وبعد أن توطدت الصداقة بينهما، بدأت الأميرة تكشف المزيد من التفاصيل عن حياتها الخاصة لصديقتها. ففي العام 2016، أخبرتها الشيخة لطيفة أن شقيقتها شمسة حاولت الهروب من العائلة في العام 2000، إلا أنه تم اختطافها في أحد شوارع كامبريدج، وزعمت الأميرة أن أختها قضت 8 سنوات في السجن وتم تخديرها من قبل عائلتها، وكانت تلك المرة الأخيرة التي سمح فيها للأخوات من الخروج. هذا الوضع أرعب لطيفة، فحاولت الهروب في العام 2002 إلى سلطنة عمان، إلا أنه أُلقي القبض عليها على الفور وتم احتجازها في الحبس الانفرادي 3 سنوات ونصف السنة، إذ ادعت أنها تعرضت للتعذيب بناء على أوامر والدها. وبعد مرور السنوات، والتخطيط للهروب من جديد، تؤكد تينا أنها لم تتردد يوماً في مساعدة صديقتها على الفرار: "كنت أرغب في مساعدتها على أن تكون حرة وتعيش حياتها كامرأةٍ عاديةٍ".

رحلة الهروب

صباح 14 فبراير 2018، قصدت الأميرة لطيفة أحد المطاعم لتناول وجبة الفطور مع تينا، وهناك تركت هاتفها حتى لا يتمكن أحد من تتبع حركاتها، وخلعت عباءتها وتوجهت مع صديقتها إلى سلطنة عمان، وركبتا في طوافةٍ قابلة للنفخ ثم دراجة مائية وصولاً إلى يخت ضابط البحرية السابق الفرنسي هيرفي جوبير. بعد مرور 8 أيام، وأثناء الإبحار نحو الهند، سمعت الفتاتان صراخاً وطلقات نارية، فحبستا أنفاسهما في المرحاض، إلا أن المكان امتلأ بالدخان، الأمر الذي أجبرهما على الخروج. وعلى السطح العلوي لليخت، قام المسلحون باعتقال وتقييد جوبير وتينا والشيخة لطيفة التي كانت تُعيد وتكرر أنها تريد الحصول على اللجوء السياسي، أما كلماتها الأخيرة فكانت:"أطلق عليّ النار هنا. لا تعيدني هناك".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard