شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
وزير العمل اللبناني يندد باحتجاز جوازات سفر المعينات المنزليات..هل يشرق يوم جديد في حياتهن

وزير العمل اللبناني يندد باحتجاز جوازات سفر المعينات المنزليات..هل يشرق يوم جديد في حياتهن

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 17 فبراير 201903:27 م

"احتجاز جواز سفر للعاملات في الخدمة المنزلية في لبنان مرفوض وغير منطقي وعيب علينا التعامل بهذا الأسلوب غير الإنساني"، هكذا غرد وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان، السبت 16 فبراير، عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر. تغريدة تعكس وعي الوزير الجديد بأن هناك قضية كبيرة تحتاج تحرك الحكومة اللبنانية الجديدة وهي قضية الانتهاكات التي تتعرض لها العاملات الأجنبيات في لبنان.

تغريدة أبو سليمان وجدت دعماً قوياً من مستخدمين ونشطاء لبنانيين، نادوا مراراً بأن يهتم بلدهم بالمعينات المنزليات لا سيما بعد التقارير الحقوقية الدولية التي لامت لبنان على المعاملة غير الإنسانية التي تعيشها العديد من المعينات في لبنان.

وبحسب دراسة لبنانيج أجرتها الجامعة الأميركية في بيروت، قبل نحو ثلاثة أعوام، فإن 40% من أصحاب العمل اللبنانيين لا يدفعون راتب العاملة المنزلية بشكل منتظم، بينما  لا يتردد 94% منهم في احتجاز جواز سفرها، كما أن 22% منهم يوصدون الأبواب عليها عند مغادرتهم المنزل.

وتظهر إحصاءات وزارة العمل اللبنانية أن عدد العاملات المنزليات المسجلات رسمياً في العام 2017 في لبنان بلغ نحو 180 ألف عاملة، أغلبهن قادمات من أثيوبيا والفلبين وبنغلادش، لكن بعض الجمعيات الأهلية ترى أن العدد أكبر،مرجحةً أن يصل إلى 250 ألف معينة منزلية إذا أضيفت العاملات اللاتي يعملن بطريقة غير نظامية.

وفي سبتمبر الماضي، تناول تقرير نشره موقع هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، قصة العاملة الأجنبية ليزا، 20 عاماً، التي جاءت من غانا لتعمل في خدمة تنظيف البيوت في لبنان لإعالة أسرتها وتأمين تدريس أخوتها الصغار.

تحدثت ليزا عن الإهانات التي كانت تتعرض لها أثناء عملها اليومي في بيت سيدة لبنانية على مدار شهرين، مؤكدة أن كسر كوب زجاج دون قصد، كان سبباً كافياً لشتمها وخصم راتبها، كما تقول.

تتذكر ليزا، وهذا اسمها المستعار، أنها كانت توصف بالكاذبة، وتتعرض للضرب على الرأس والمعدة، ولا يسمح لها بتناول الطعام مع العائلة.

ورغم ما مرت به ليزا في بيت أصحاب العمل السابقين، كان يصعب عليها التقدم بشكوى ضدهم للحصول على حقها فجوهر مشكلة العاملات المنزليات الأجنبيات في لبنان أنهن لا يخضعن لقانون العمل، بل لنظام الكفالة.

وتقول منظمات حقوقية إن نظام الكفالة يعامل العمال المهاجرين وفق قوانين مقيِدة لا تمكنهم من ترك عملهم أو تغييره دون موافقة الكفيل، ما يعطي صاحب العمل سلطة كبيرة على حياة العمال المعرضين للاستغلال والإساءة.

الوصول إلى العدالة..طريق وعرة

ونقلت بي بي سي عن غادة جبور، مسؤولة قسم مكافحة استغلال النساء والاتجار بهن في منظمة كفى، قولها إن أبرز مشكلة تواجه العاملات الأجنبيات، أنهن غير قادرات على الوصول إلى العدالة، وقضيتهن ليست ضمن اهتمامات أحد.

تضيف جبور أن أول عائق يواجه العاملة هو "عدم قدرتها على الحديث بالعربية، ثم عقلية الشرطة التي لا تكترث غالباً لشكوى العاملة بل تطلب منها العودة إلى البيت، كما أنها في حال تركها البيت تصبح في وضع غير قانوني لأنها غالباً ستكون بلا جواز سفر أو وثائق شخصية تخول لها التقدم بشكوى لأن صاحب العمل يصادر أحياناً هذه المستندات".

من جانبها تقول وزارة العمل إنها تعلم جيداً حجم الانتهاكات التي تتعرض لها العاملات الأجنبيات، ومن أجل ذلك تؤكد الوزارة أنها صاغت مسودة قانون جديد في حال أقره البرلمان سيكون الأول من نوعه في لبنان لوضع حد لنظام الكفالة الذي يربط العاملة بكفيلها.

وترى جبور أن حل الأزمة يتمثل في أن يتضمن القانون الجديد إمكانية فسخ العاملة لعقد العمل، وأن يكون العقد بلغة تفهمها، وتحديد الحد الأدنى من الأجر، والحق بأن تستأجر بيتاً إن لم تشأ العيش في البيت مع العائلة، وأن يكون هناك إطار واضح في حال عاشت مع العائلة، وعدم حجز جواز السفر، وعدم التأخر بدفع الراتب.

وقصة ليزا التي نشرتها بي بي سي، هي قصة مألوفة في لبنان، فالكثير من المنظمات الحقوقية، وجمعيات المجتمع المدني ووسائل الإعلام توثق منذ سنوات عديدة قصصاً عن انتهاكات مماثلة، كما تتظاهر العاملات سنوياً في عيد العمال للمطالبة بحقوقهن.

وفي سبتمبر الماضي نظمت حركة مناهضة العنصرية في لبنان وقفة لإحياء ذكرى عاملة منزلية تدعى لمبيبو قيل إنها "قتلت هي وجنينها في ظروف غامضة".

الانتحار..بعد المعاناة

وقبل نحو عام، طالب بيان لمنظمة هيومن رايتس ووتش الدولية من النيابة العامة في لبنان ضمان التحقيق الملائم في الادعاءات بأن عاملة منازل مهاجرة تعرضت للانتهاكات طوال أشهر قبل أن تحاول الانتحار وتقفز من شرفة المنزل وتتعرض لإصابات.

واعتبرت هيومن رايتس ووتش أن القضاء اللبناني لا يحاسب أصحاب العمل على انتهاكاتهم وأن القوى الأمنية لا تجري في الغالب تحقيقات ملائمة في ادعاءات العنف أو الإساءة.

وفي عام 2008 ذكر تقرير لنفس المنظمة الدولية أن عاملات المنازل الأجنبيات في لبنان يلقين حتفهن بمعدل أكثر من عاملة أسبوعياً، وأن الأسباب الرئيسية للوفاة هي الانتحار والسقوط من المباني أثناء محاولات الفرار.

وفي العام 2015 أطلقت وزارة العمل اللبنانية خطاً ساخناً مخصصاً لعاملات المنازل المهاجرات يسمح لهن بالإبلاغ على مدار الساعة عن حالات سوء المعاملة أو الأذى الجسدي وتلقي المساعدة.

تغريدة وزير العمل اللبناني الجديد تعكس وعيه بأن قضية الانتهاكات التي تتعرض لها العاملات الأجنبيات في لبنان تحتاج تحركاً عاجلاً من الحكومة.
في عام 2008 ذكر تقرير لنفس المنظمة الدولية أن عاملات المنازل الأجنبيات في لبنان يلقين حتفهن بمعدل أكثر من عاملة أسبوعياً، وأن الأسباب الرئيسية للوفاة هي الانتحار والسقوط من المباني العالية أثناء محاولات الفرار.

شكراً صوما.. الصورة ليست بكل هذه القتامة

وإن كانت الصورة شديدة السواد على أرض الواقع وفي التقارير الحقوقية، فهي ليست كذلك في عالم الأفلام الوثائقية، حيث نجح الفيلم الوثائقي "شكراً صوما" للمخرجة اللبنانية كارول منصور والذي عرض لأول مرة في ديسمبر الماضي في بيروت بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين في نقل قصة إيجابية عن العاملات المنزليات الأجنبيات في لبنان.

ويحكي الفيلم، في 55 دقيقة، علاقة إيجابية بين فتاة  لبنانية في العشرين من عمرها تدعى نور وعاملة منزلية سريلانكية عمرها 57 سنة تدعى صوما قضت أكثر من 30 سنة في خدمة عائلة نور المؤلفة من أربعة أشخاص.

تتطور أحداث الفيلم، حيث نعيش مع قرار نور الذهاب إلى بيت صوما في إحدى قرى سريلانكا، لتكتشف هناك حياة ويوميات هذه السيدة التي لعبت دوراً كبيراً في تربيتها وتعتبرها أماً ثانية لها.

ويهدف الفيلم الذي جاء بمبادرة من منظمة العمل الدولية وبتمويل من وكالة التنمية البريطانية والوكالة السويسرية للتنمية والتعاون إلى إثبات إمكانية نشأة علاقة حب واحترام بين ربة العمل وهي نور والعاملة صوماً.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard