شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
سعوديون: عداوة المملكة مع إيران لا تعني مصادقتها لإسرائيل

سعوديون: عداوة المملكة مع إيران لا تعني مصادقتها لإسرائيل

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

السبت 16 فبراير 201903:45 م
هل تسعى السعودية إلى التحالف مع إسرائيل ضد إيران؟ سؤال يتردد خلال الفترة الأخيرة، وتجدد بعد ما شهده مؤتمر الشرق الأوسط المنعقد في العاصمة البولندية وارسو، من جلوس وزراء خارجية عرب بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أو مصافحتهم له، ومن حديث بعضهم عن أولوية التصدي لـ"ممارسات إيران" في المنطقة العربية. يبدو مبدأ "عدو عدوي صديقي" مثالياً في هذه الحالة، ويغذّيه كتّاب سعوديون يرون أن إيران هي العدو الأول للمملكة لا إسرائيل. وخلال الفترة الماضية، ظهرت أصوات سعودية تحاول أن تخلق انطباعاً بأن تركيز السعودية يجب أن يكون على صراعها مع إيران، ولو كان الثمن التحالف مع إسرائيل، كونها تعادي إيران أيضاً. أصوات سعودية كثيرة تقول إن "إسرائيل لم تقتل سعودياً واحداً، بعكس إيران التي فجّرت المساجد والمنازل". غير أن محللين كثر يعتبرون أن هذه الأصوات ليس بينها صوت مقرّب من الحكومة بشكل كبير، لكي تُفهَم كـ"جس نبض لشيء أكبر"، وأنها أقلام وأصوات ثانوية. مبدأ "العداء مع إيران أولاً"، والذي تحاول وسائل إعلام إسرائيلية التسويق له، لم يجد دعماً رسمياً سعودياً علنياً. ما زال الموقف السعودي الرسمي يتحدث عن أن العداء مع إيران لا يعني قبول مطالب إسرائيل في ما خص القضية الفلسطينية، وهو ما أكده بشكل واضح رئيس مجلس إدارة "مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية" ورئيس الاستخبارات السعودية الأسبق الأمير تركي الفيصل، في لقاء مع "العربية نت" في 15 فبراير، شدد فيه على موقف السعودية الرافض لأي تعاون مع إسرائيل. وقال الفيصل: "لم يتغيّر موقف السعودية، أما بالنسبة للإعلام وغيره من الراغبين بتعاون إسرائيلي سعودي يسببه التهديد الذي تشكله إيران، فستبقى تلك مجرد أمنية"، مضيفاً أن السعودية ملتزمة بمبادرة السلام العربية وبإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.

السعودية والمبادرة العربية

رسمياً، لا ترفض السعودية، ومعها دول الخليج والدول العربية، تطبيع العلاقات مع إسرائيل بيد أن ذلك مشروط بتوقيع اتفاقية سلام عادلة وشاملة مع الفلسطينيين. فقبل نحو 17 عاماً، وافق القادة العرب، خلال قمة بيروت (مارس 2002)، على "المبادرة العربية للسلام مع إسرائيل" التي تبناها الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، كأرضية لحل الصراع العربي-الإسرائيلي، وباتت مرجعية ثابته لأية علاقة مستقبلية مع تل أبيب. حينذاك، ولأول مرة منذ قيام إسرائيل، أعلنت السعودية أنها مستعدة لتطبيع علاقاتها مع الدولة العبرية، بحال استجابت للشروط الواردة في المبادرة. تقوم المبادرة العربية على مبدأ الأرض مقابل السلام، وعلى التطبيع مع إسرائيل مقابل انسحابها الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، تنفيذاً لقراري مجلس الأمن 242 و338، وقبولها بقيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية.

موقف ثابت

يرى محللون سياسيون أنه خلال الـ17 عاماً التالية، لم يتغيّر الموقف السعودي من القضية الفلسطينية، على الرغم من تسريبات كثيرة تأتي من تل أبيب وتوحي بعكس ذلك، وهي تسريبات لا تستند على أي تصريح رسمي سعودي يوحي بأن هناك تغييراً في الموقف السعودي من القضية الفلسطينية. وأكد الملك سلمان بن عبد العزيز علناً على دعم الفلسطينيين، خلال استقباله الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل أيام، مشدداً على وقوف بلاده الدائم مع فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وقال: "نحن معكم وكنّا وما زلنا وسنستمر نقف إلى جانب الشعب الفلسطيني ونقبل ما تقبلون ونرفض ما ترفضون، وموقفنا من القضية الفلسطينية ثابت، لم ولن يتغير منذ عهد الملك المؤسس وحتى يومنا هذا". يؤكد المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية ماجد التريكي لرصيف22 أن تصريحات الأمير تركي الفيصل، كانت واضحة، واتهم بعض الإعلاميين السعوديين الذين وصفهم بأنهم "من إعلاميي الصف الثاني"، بمحاولة ترويج فكرة أن إيران هي العدو الأول، وأن إسرائيل لم تعد كذلك. ويقول: "للأسف لدينا مَن يغرّد خارج السرب، بعيداً عن الموقف الرسمي، ويخلقون موقعاً وهمياً"، ويضيف: "باتفاق غالبية النخب السياسية السعودية، يُعاني الإعلام السعودي بالمجمل من الضعف منذ عقود لأسباب عديدة ولم يكن مؤهلاً للتعاطي مع التنافس والتهديدات الإقليمية والدولية". ويتابع: "باستثناء إياد مدني، غالباً ما كان وزراء الإعلام قادمين من خلفيات مختلفة وغير مسيّسين بالحد الأدنى، وكانوا بيروقراطيين أكثر من كونهم مشغولين بتشكيل عقيدة إعلامية سعودية مُقنعة ومؤثرة، وهذا الأمر يشمل قطاع الإعلام الخارجي السعودي وخاصة منذ ثماني سنوات".

خلق واقع جديد

في 14 فبراير، سرّب مكتب نتانياهو فيديو ظهر فيه وزراء خارجية ثلاث دول عربية خليجية وهم يدافعون عن إسرائيل ويهاجمون إيران. وفي الفيديو الذي نشره مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي على قناته على يوتيوب قبل أن يحذفه بعد نصف ساعة من نشرة، اتهم زير الدولة للشؤون الخارجية السعودية عادل الجبير إيران بالإضرار بالقضية الفلسطينية عبر دعم جماعات مسلحة تتنازع مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وشدد على أن "أنشطة إيران العدوانية تقوّض الاستقرار في المنطقة على نحو يستحيل معه تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين". جاهدت وسائل إعلام إسرائيلية لاعتبار هذا الفيديو تأكيداً على أن هناك موقفاً سعودياً جديداً، غير أن التريكي يؤكد أن حديث الجبير لا يصب في هذا الاتجاه، ويضيف: "الجبير اتهم إيران بأنها تقوّض مساعي السلام بين إسرائيل وفلسطين، ولم يشر إلى أن السعودية ستتحالف مع إسرائيل بدون توقيع اتفاقية سلام. اليهود يحاولون بث الأكاذيب لخلق جو عام غير موجود على أرض الواقع، والمؤكد أن السعودية لن توافق على صفقة القرن المزعومة، ما لم تكن متفقة مع المبادرة العربية". وكان الأمير تركي الفيصل قد قال في مقابلة حديثة مع الصحافي الإسرائيلي باراك رافيد للقناة 13 الإسرائيلية، إن نتنياهو "يخادع" الإسرائيليين عندما يقول إنه قادر على تقوية العلاقات مع العالم العربي بدون حلّ القضية الفلسطينية.
هل تسعى السعودية إلى التحالف مع إسرائيل ضد إيران على قاعدة "عدو عدوي صديقي"؟... سؤال يتردد خلال الفترة الأخيرة، وتجدد بعد ما شهده مؤتمر الشرق الأوسط المنعقد في العاصمة البولندية وارسو
يشدد محللون على أن الموقف السعودي من القضية الفلسطينية واضح وشفاف ويتأسس على "المبادرة العربية" ولم يتغيّر، ويصفون ما يتم تداوله حالياً عن تحالف سعودي مع إسرائيل بأنه "فشل إعلامي سعودي"
وأضاف: "على الرأي العام الإسرائيلي عدم الانخداع والظن بأن القضية الفلسطينية ماتت... السيد نتانياهو يريد أن يقيم علاقات معنا وبعدها إصلاح القضية. من وجهة النظر السعودية، الأمر معاكس".

فشل إعلامي

يشدد المحلل السياسي فهد الجمعية على أن الموقف السعودي من القضية الفلسطينية واضح وشفاف ويتأسس على "المبادرة العربية" ولم يتغيّر، ويصف ما يتم تداوله حالياً عن تحالف مع سعودي مع إسرائيل في وجه إيران بأنه "فشل إعلامي سعودي". ويقول لرصيف22: "هناك قراءة غير موضوعية لسياسات الأمير محمد بن سلمان والذي استجدّ بعد توليه ولاية العهد أمران جرى تفسيرهما بطريقة خاطئة لغير صالح الموقف السعودي من القضية الفلسطينية: الأول، ظهور عقيدة سياسية سعودية ذات نهج مستقل يختلف عن نهج مَن سبقوه وقوامها تشكّل هوية دولة جديدة تبرز فيها الهوية الوطنية السعودية أكثر من الإيديولوجيا الدينية وهذا للأسف أدى إلى ظهور أطروحات إعلامية سعودية متطرفة من كتاب محددين تدعو إلى ابتعاد المملكة عن القضايا العربية والإسلامية وانكفائها على ذاتها، وبالغ بعضهم في مناهضة البعد الإسلامي الذي يميّز سياسات المملكة ويمنحها مكانة إسلامية وعالمية، وظهرت أقلام سعودية متخصصة في العداء للآخر ومنه الفلسطيني وهذه مواقف سلبية وغبية استغلها الإعلام المعادي". ويضيف: "الأمر الثاني يتعلق بوضوح تعريف العدو في عقيدة محمد بن سلمان السياسية واعتبار جماعة الإخوان الخطر الأعظم، ليس في منطقة الشرق الأوسط بل في العالم، وكذلك التأكيد على العداء للنظام العقائدي الإيراني وتشبيهه خامنئي بهتلر. وهذا الوضوح في استهداف إيران جعل البعض يتحدث، عن خطأ أو عن غباء، عن التقاء سعودي-إسرائيلي ضد إيران التي تهدد أمن البلدين وهو الأمر الذي استغله الإعلام الإيراني والقطري والإخواني لترسيخ انطباعات خاطئة مع الاستناد على مواقف إعلامية سعودية شخصية وتصويرها وكأنها هي الصوت الرسمي الذي غاب تقريباً بسبب ضعف أداء الإعلام السياسي السعودي". يشدد الجمعية على أنه منذ إطلاق اسم قمة القدس على القمة العربية في الدمام في أبريل 2018 وحتى بيان مجلس الوزراء في الأول من يناير 2019، لم يتغيّر شيء، وما زالت السعودية تستنكر ما يتعرض له المواطنون الفلسطينيون من حملات تصعيد تشنّها ضدهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي وتستنكر التوغل الاستيطاني والسيطرة على الأراضي، وتؤكد على ضرورة اضطلاع مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته والتدخل الفوري لوقف المشاريع الاستيطانية. ويتابع: "لا تجد هذه التأكيدات طريقها للإعلام السعودي ومقالات الرأي وهذا يتطلب من القيادة السعودية ضرورة مراجعة مخرجات الإعلام السعودي السياسية واعتبار ذلك ملفاً أمنياً وطنياً ووقف الخسائر التي تتعرض لها المملكة وتمس بسمعتها بشكل دائم".

خيار أول

يؤكد الإعلامي السياسي أحمد الديحاني أن الموقف الرسمي السعودي يقف في صف القضية الفلسطينية منذ منتصف القرن الماضي ولم يتغيّر، ويقول لرصيف22 إن مَن يرصد هذا الموقف سيلاحظ "انحياز السعودية بشكل أكثر لفكرة التفاهم ولمبدأ السلام غير الهاضم لحقوق الفلسطينيين، وذلك لإيمانها بأن ذلك الخط هو الضامن لاستقرار المنطقة بشكل عام وديمومة التنمية لشعوبها". ويشير الديحاني، وهو مراسل أذاعه مونتي كارلو في الخليج، إلى أن "الثورة الإيرانية خلقت حالة إرباك في المنطقة وجلبت نظاماً يعادي الجميع لكنه يؤذي أكثر جيرانه من العرب" ويضيف: "بقي الخيار السعودي دعم الحقوق العربية والفلسطينية وفق مبدأ التفاهم المبني على خيار السلام". ويلفت إلى أن "القضية الفلسطينية أقلقها الانقسام العربي وشتت جهود داعميها، لكن الدعم السعودي الحالي لا يزال يوازن بين دعم الموقف الفلسطيني الواحد وتقديم المساعدات الواجبة للشعب الشقيق في فلسطين كما حصل في القمة العربية الأخيرة وفي الدعم المقدم لصندوق الأونروا". ويتابع: "السعودية مواقفها ثابتة حتى لو بدا التغيّر شكلياً، فالمضمون واحد وأسباب التغيّر في أشكال الدعم هو أحداث إقليمية فارقة كانت تفرض تحدياتها في المنطقة كل مرة ويتم التعامل معها وفق المتاح". ويُشار إلى أنه، قبل نحو أسبوع، تم الكشف عن وثيقة سرية لوزارة الخارجية الإسرائيلية تذكر أن السعودية لن توافق على تطبيع العلاقات مع الدولة العبرية ولن توافق على صفقة القرن بدون أن تقدّم إسرائيل تنازلات للفلسطينيين.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard