شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
الاحتفال بالفالنتاين للجميع! وليس للعشّاق فقط

الاحتفال بالفالنتاين للجميع! وليس للعشّاق فقط

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الجمعة 15 فبراير 201910:28 ص

يبدو العنوان تقليدياً جداً في ظل عالم يضغطنا سنوياً ويدفعنا بتأثير القطيع للاحتفال بعدّة مناسبات شئنا أم أبينا، هذا غير المناسبات ذات الطابع المحلي، والمناسبات الدينية، والمناسبات الشخصية، وبالطبع الناشطون منا لديهم أيام الأمم المتحدّة.

بغض النظر عن الانتقادات الدائمة التي تظهر في عيد الحب، حول تحويل هذه العاطفة الإنسانية المهمة إلى ذريعة رأسمالية أخرى لدفع عجلة الاستهلاك بشراء الهدايا الغالية وارتداء الملابس الحمراء، ففكرة الاحتفاء بالغرام والاستمتاع بصحبة الشريك ليوم كامل دون مقاطعات العمل والمسؤوليات اليومية، لها وجاهتها. هذه الوجاهة هي التي تؤثر علينا إذا كنا بلا رفيق في ليلة عيد الحبّ، ففي النهاية من العاقل الذي يرفض علبة شيكولاته وربما نبيذاً أحمر وأوقاتاً غرامية مَلتهبة؟

لقد مرّت عليّ أعوام بلا رفقاء في الفالنتاين، أو رفقاء لا يهتمون بأي ميزة إضافية لليوم، وكنت دائماً أفكر فيما أشعر به، هل أرغب في الاحتفال مثل الآخرين بالذهاب إلى عشاء في مطعم رومانسي وتبادل الهدايا؟ هل أشعر بالوحدة؟ ما الذي أريده فعلاً؟

وبسؤال الأصدقاء على فيسبوك بشكل سريع، كان الصحفيون والكتّاب منهم بالطبع يكتبون عن الفالنتاين – كما نرى - وتراوحت إجابات الآخرين كعزّاب بين قضاء اليوم بشكل عادي، بين دوام العمل والنوم، أو سهرة عادية إذا صادف اليوم نهاية الأسبوع، وجلسة أمام الأفلام على Netflix أو بدونه، وربما الترتيب لسهرة مع الأصدقاء – سواء صحبة طيبة أو أصدقاء السوء – كما أعجبتني بشكل خاص فكرة الخروج في موعد ليوم واحد مخصص فقط للاحتفال بالفالنتاين.

أما صديقي الفنان مخلوف – كشاب عازب- اختار الاحتفال بالعزّاب في هذا اليوم، عن طريق ترتيب أمسية مخصصة لرسمهم في عيد الحب مباشرة، لا يُمنع المرتبطون عاطفياً من الحضور بالطبع مع شركائهم، ولكن العنوان الرئيسي هو الاحتفال بالعزاب، لا تقضِ اليوم وحيداً وفقط، تعالَ وكن بصحبة الموسيقى والرسم والآخرين وعُد إلى المنزل بذكرى لطيفة: رسم حيّ لك.

 

عندما سألت مخلوف عن فكرة الحفل أجاب: "كنا نريد أن نبتعد عن التيار العام لهذا اليوم، أن نحتفل بمن تقصيهم طبيعة اليوم الرومانسية التي تفترض وجود شريك ونخبرهم أنه يمكنهم أن يكونوا وحيدين في هذا اليوم وأن يستمتعوا أيضاً".

كنت مهتمة، في ظل اهتزاز ميزان القوى بين الرجال والنساء، وتصاعد معدلات تأخر الارتباط والزواج ومشكلات إيجاد شريك مناسب، بسؤال: هل يسعى الرجال إلى حضور أمسية كهذه؟، لكن مخلوف أوضح سريعاً: "النساء يتصالحن مع فكرة عدم وجود شريك بشكل كبير، ويتصالحن مع فكرة الاحتياج له والتصريح بذلك أكثر بكثير من الرجال، ربما لا يصارح الرجال أنفسهم أصلاً بحاجتهم إلى شريك، ناهيكِ بالذهاب إلى حفل واظهار حاجتهم الخفيّة هذهِ أمام الجميع".

كانت هذه من الاجابات التي فتحت بداخلي باباً للأسئلة، بجانب الإجابات التي أظهرت ميلاً لقضاء اليوم وحيداً، أبكي على اللبن المسكوب، أو أتطلع لوجود شريك وآسف لعدم وجوده حتى أذهب في النوم.

بالنسبة لي، لا مشكلة في الشعور بالغضب من يوم الحب! ولا مشكلة في الشعور بالحاجة إلى السخرية منه وممن يحتفلون به، يجب أن لا نتصنع تسامحاً مع يوم عالمي للاحتفال بأي شيء، إذا أردتم رأيي، ففي النهاية لكل شخص مطلق الحرية في قضاء ساعات وأيام عمره كما يريد، لكن بعض الاجراءات بمناسبة هذه الأيام قد تساعدنا على معرفة أنفسنا أكثر، والتصالح بشكل عام مع المراحل المختلفة التي نمر بها في حياتنا، ستدفع هذه الإجراءات إلى المزيد من الثقة في أنفسنا واختياراتنا.

بالنسبة لي، لا مشكلة في الشعور بالغضب من يوم الحب! ولا مشكلة في الشعور بالحاجة إلى السخرية منه وممن يحتفلون به، يجب أن لا نتصنع تسامحاً مع يوم عالمي للاحتفال بأي شيء.
هل كانت العلاقة المسيئة التي خرجنا منها هي الحب؟ ما الذي نعنيه حين نقول إننا نحب شخصاً؟ هل نريد أن نقضي ما تبقى من حياتنا معه؟ ما الذي يمكن أن نقبله في إطار "الحب" وما الذي يجب أن نرفضه؟

كيف إذن نحتفي بأنفسنا؟

لنفكّر في الماضي مرّة أخرى، هذه من أهم النقاط التي يمكن أن نقضي ساعات من ليلة عيد الحب في فحصها والتدبّر فيها، ما الذي حدث؟ ربما تريد أن تكون شخصاً يبحث في الأعماق، وتعود إلى أيام الطفولة، هل كان ينقصك تعبير الوالدين عن الحب تجاهك؟ هل كان الوالدان شديدي التحفظ فيما يتعلق بعلاقتهما الخاصة مما أثر سلبياً على رؤيتك للعلاقة مع الشريك السابق؟ هل انفصل الوالدان في سن مبكّرة نسبياً وشعرت بالذنب؟ أو أورثك هذا خوفاً دائماً من الفقد؟

وربما يمكننا أن نبدأ من المنتصف، ما الذي حدث في العلاقة الأخيرة؟ لماذا لم ننجح؟ لماذا خانني هذا الشخص؟ هل أسأتُ إلى شريكي دون أن أعرف؟ هل كانت تصرفاتي تجاه نفسي في هذه العلاقة متسقة مع اختياراتي في الحياة ومبادئي؟

في كل عام، كان عيد الحب يمر عليّ وبجانبي كومة من الأوراق، أكتب عن نفسي وعن الآخرين، اتساءل عمّا حدث وكيف حدث، أسأل نفسي ما الذي أريده في العلاقة القادمة، وما الذي لا أريده، وأشكر الرب على اختفاء أناس بعينهم، وأعِدُ نفسي بالعلاقة التي تستحقها في المستقبل، وأضع حدوداً للأشياء التي سأقبلها أو اتسامح بشأنها، وأتعهد بذل المزيد من المجهود في الاتجاه الصحيح ولمن يستحقه.

لنسأل أنفسنا ما هو "الحب الحقيقي"؟ كيف تطورت فكرتنا عنه على مدار الأعوام الماضية، وإلى أين وصلنا الآن؟

هل كانت العلاقة المسيئة التي خرجنا منها هي الحب؟ ما الذي نعنيه حين نقول إننا نحب شخصاً؟ هل نريد أن نقضي ما تبقى من حياتنا معه؟ ما الذي يمكن أن نقبله في إطار "الحب" وما الذي يجب أن نرفضه؟

ربما يجب أن نحتفي أيضاً بأننا الآن لسنا مع شركاء يسيئون إلينا، أو يعتبرون وجودهم معنا تفضلاً منهم، أو يسيئون فهم المشاعر أو لا يعترفون بوجودها من الأصل، كل تجربة كان يتوّجهها اسم الحب، علّمتنا شيئاً، فما هي الدروس المستفادة؟

لنتخيّل الشريك المستقبلي، وهنا تكمن أهمية قانون الجذب law of attraction، إذا كانت كل العلاقات الماضية غير مناسبة مع شركاء لم يكملوا القطع الناقص منا، فما الذي نريده من شركاء المستقبل؟ وكيف نتخيّل وجودنا معهم؟ هذه الروح الإيجابية ستساعدنا في جذب الشخصيات التي نريدها، ورويداً رويداً سنبتعد عن جذب الأنماط المتكررة التي لا تناسبنا.

تظل المتع المادية مهمّة. رحلة لطيفة في ختام الأسبوع، أو فستان جديد، أو قضاء يوم كامل في مركز تجميل وسبا، هي طريقة لتدليل النفس، فبجانب الاهتمام بالروح، والمواقف والأفكار والزمن، يظل تدليل الجسد مطلوباً، وسيخلق توازناً داخلياً لطيفاً في يوم احتفائنا بأنفسنا وبما وصلنا إليه حتى الآن.

يمكنكم إذن أن تسخروا من اليوم، أو أن تنتظروا العام القادم للاحتفال به مع شريك يقدّر الحب أكثر ممّا يقدّر أيام الأمم المتحدة، في النهاية لا تفقدوا حسّكم المرح، ولا تتوقفوا عن التجربة والتعلّم، وإذا كانت لديكم قائمة مشتريات مؤجلة، استفيدوا الآن من تخفيضات يوم الفالنتاين!


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard