شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
وسط الحلوى والملابس...كيف وصلت الأسلحة الأمريكية إلى القاعدة والحوثيين وإيران؟

وسط الحلوى والملابس...كيف وصلت الأسلحة الأمريكية إلى القاعدة والحوثيين وإيران؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 5 فبراير 201902:03 م

أكدت شبكة سي إن إن الأمريكية أن المملكة العربية السعودية وشركاءها في التحالف العربي في اليمن ساهموا في وصول الأسلحة التي اشتروها من الولايات المتحدة إلى مقاتلي التنظيمات المتطرفة المختلفة في اليمن مثل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وميليشيات الحوثي المدعومة من إيران وبقية الفصائل المتورطة في حرب اليمن، ما يمثل انتهاكاً لاتفاقهم مع الإدارة الأمريكية.

ولفتت الشبكة، عقب تحقيق استقصائي أجرته، إلى أن "بعض التكنولوجيا العسكرية الأمريكية الحساسة تم كشفها لطهران، ما قد يعرض حياة القوات الأمريكية المحاربة في مناطق صراع أخرى (أفغانستان مثلاً) للخطر".

ووفق ما أكده قادة محليون للشبكة، فقد استخدمت السعودية والإمارات شريكتا الحرب في اليمن، الأسلحةَ المصنعة في الولايات المتحدة "كأحد أشكال العُملة، لشراء ولاء الميليشيات والقبائل اليمنية وتعزيز العناصر المسلحة المنضمة إلى صفوفها، والسيطرة على المشهد السياسي الدموي".

تدفق الأسلحة الأمريكية على اليمن

في عام 2015، أطلقت الرياض تحالفها لطرد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران من العاصمة صنعاء، بغرض إعادة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دولياً حسب ما قالته الرياض آنذاك عند إطلاق ما سمته “عاصفة الحزم”.

لكن هذه الحرب قسمت اليمن إلى قسمين، وأدت إلى نشر البنادق الحديثة والصواريخ المضادة للدبابات والمدرّعات والعبوات الناسفة والمدفعيات وغيرها من الأسلحة المتطورة إلى البلد “المتقاتل والمعقد"، بحسب وصف سي إن إن.

كما نقلت بعض "المعدات العسكرية الأمريكية الجميلة"، والتي لا مثيل لها مثلما وصفها الرئيس ترامب ذات مرة، إلى اليمن حيث "التحالفات الضبابية والسياسات المتناحرة" التي تَحُول دون وجود أي نظام مساءلة أو متابعة لما يجري على الميدان على الأقل.

استفادت بعض الجماعات الإرهابية من تدفق الأسلحة الأمريكية على اليمن، عبر شرائها أو سرقتها أو حتى الحصول على ما يُترك منها مهملاً في ساحات المعارك، وأتيحت الفرصة لزعماء الميليشيات للحصول على العتاد العسكري مقابل منح التحالف السعودي "العنصر البشري لمحاربة ميليشيات الحوثي".

الأسلحة الأمريكية في يد إيران

ازدهرت تجارة الأسلحة الأمريكية، وفق التحقيق الأمريكي، حيث عرض التجارُ شراءَ مختلف أنواع السلاح من بنادق وحتى دبابات أمريكية الصنع، وصولاً إلى أعلى مزايد عليها.

واستولى وكلاء لإيران في اليمن على الأسلحة الأمريكية التي يمكنهم استغلالها لفحصها ومعرفة نقاط ضعفها أو إعادة تطوير بدائل لها محلياً.

في الشوارع الضيقة في منطقة تعز التاريخية، توجد أسواق الأسلحة غير القانونية جنباً إلى جنب مع معروضات الملابس النسائية. وخلف العباءات والفساتين الملونة المعلقة المعروضة للبيع، تظهر المسدسات والقنابل اليدوية والبنادق الهجومية الأمريكية متراصةً بغرض البيع أيضاً.

في محلات أخرى، عُرضت الحلوى وسط الذخيرة، وعندما سأل مراسلو سي إن إن أحدَ التجار عن بنادق أمريكية أجابهم: "الأسلحة الأمريكية باهظة الثمن ومطلوبة".

في تعز يقف صبي صغير يبيع الأسلحة "كخبير". بينما تعرض المحلات صفقات بيع على الميليشيات ولا تكتفي بالبيع بالقطعة. ورغم أن هذه السوق "سوداء" أي غير قانونية، إلا أنها علنية وظاهرة إلى حد ما.

ومع اتساع وتيرة الحرب في اليمن، شق تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية طريقه إلى الخطوط الأمامية وصولاً إلى تعز عام 2015، وشكل تحالفات "ناجعة" مع الميليشيات الموالية للسعودية فقاتلت إلى جانبها.

ويبرز التحقيق قيام لواء أبي العباس الموالي للسعودية بالتعاون مع القاعدة، معتمداً على عتاده من الأسلحة الأمريكية مثل العربات المدرعة من طراز أوشكوش. وكانت الولايات المتحدة صنفت مؤسس هذا اللواء "إرهابياً" عام 2017، ورغم ذلك لا يزال اللواء يحظى بدعم التحالف السعودي بل وتم استيعابه في اللواء 35 من الجيش اليمني الذي تدعمه قوات التحالف.

وأكدت شركة أوشكوش لسي إن إن أنها تلتزم "بشكل صارم بجميع القوانين واللوائح الأمريكية المتعلقة بمراقبة تصدير الأسلحة".

أخطر الأسلحة الأمريكية بيد إيران             

توجد أيضاً أصناف أكثر تطوراً من الأسلحة الأمريكية في تعز، في أكتوبر/تشرين الأول 2015 مثلاً تباهت الميلشيات العسكرية الموالية للحكومة اليمنية الشرعية عبر وسائل الحشد الإعلامي السعودية والإماراتية باستخدام السعوديين صواريخ TOW أمريكية الصنع المضادة للدبابات والدروع على نفس الخط الأمامي الذي كان تنظيم القاعدة يقاتل فيه إلى جانبها.

ورغم أن مسؤولين محليين أكدوا استخدام الصواريخ بالفعل، إلا أن محاولات فريق سي إن إن التأكد أكثر بشأن الأمر قوبلت بالمنع و"ترهيب" الفريق من قبل الحكومة المحلية، فيما قال أحد الناشطين المحليين مازحاً إنه "ربما تم بيع هذه الأسلحة".

ويكشف التحقيق كذلك وجودَ "مقبرة للأسلحة الأمريكية المهملة أو المتهالكة قرب ميناء الحديدة"، يمثل مخزناً لـ "ألوية العمالقة" وهو ميليشيا سنية متطرفة.

ويبين التحقيق أيضاً أن ما يقرب من نصف العربات المدرعة المضادة للكمائن والألغام (MRAP) التي بيعت لقوات التحالف تُعرض بالمخزن أو المقبرة المشار إليها ويحمل  معظمها ملصقات عليها شارة لواء العمالقة.

بعض هذه المركبات المدرعة لا زال يحمل ملصق التصدير الذي يكشف إرساله من بومونت في تكساس إلى أبو ظبي بالإمارات، قبل أن ينتهي به المطاف بأيدي قوات الميليشيا. كما يظهر الرقم التسلسلي لـ(MRAP) أخرى أنها صنعت من قبل شركة نافيستار، أكبر مزود للمركبات المدرعة للجيش الأمريكي، التي رفضت التعليق للشبكة.

وأشار التحقيق إلى أمر هام فبينما تحدث غالبية الوفيات بصفوف القوات الأمريكية في أفغانستان والعراق بسبب عبوات ناسفة، تبرز خطورة وقوع مدرعات MRAP في أيدي عدو أمريكا الأخطر "إيران" حتى لا يتمكن من معرفة "نقاط ضعفها”، معتبراً أن هذا التنبيه "متأخر جداً".

وتوصل التحقيق إلى "الأرقام التسلسلية بمدرعات MRAP الأمريكية بيد الحوثيين حتى نهاية العام الماضي “، موضحاً أنها كانت جزءًا من صفقة بقيمة 2.5 مليار دولار عقدت مع الإمارات عام 2014.

وتنص وثيقة البيع، التي اطلعت عليها سي إن إن، على أنه "تم التأكد من أن الدولة المستوردة تستطيع توفير القدر نفسه من الحماية للتكنولوجيا الحساسة" مثل الولايات المتحدة.

وتبين لمعدي التحقيق أن مدرعات MRAP التي وقعت بأيدي الحوثيين، تم فحصها جيداً من قبل المخابرات الإيرانية. وأكد أحد أعضاء وحدة الحوثي السرية المدعومة من إيران والمعروفة باسم "قوة الأمن الوقائي” المكلفة بنقل التكنولوجيا العسكرية من طهران وإليها، أن المستشارين الإيرانيين وحزب الله "وضعوا أيديهم بالفعل على العربات المدرعة وغيرها من المعدات العسكرية الأمريكية".

وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن هويته في مقابلة صوتية من صنعاء، أن "المخابرات الإيرانية تفحص التكنولوجيا العسكرية الأمريكية عن كثب” قائلاً: "ليس هناك سلاح أمريكي واحد لم يفحصوه لمعرفة تفاصيله، مِمَ يتكون؟ وكيف يعمل؟".

دون علم الولايات المتحدة

وتشدد وزارة الدفاع الأمريكية للشبكة على أن تسليم هذه المعدات العسكرية إلى "أطراف ثالثة" يعد خرقاً لشروط مبيعات الأسلحة الموقعة بين قوات التحالف الإسلامي بقيادة السعودية والولايات المتحدة. وأشار مصدر بالوزارة إلى أن "تحقيقاً يجرى بهذا الشأن".

ويلتزم مستوردو الأسلحة الأمريكية وفق القانون بالالتزام بمتطلبات "الاستخدام النهائي" الذي يحظر نقل أي معدات لأطراف ثالثة دون إذن مسبق من الحكومة الأمريكية، ولم تحصل قوات التحالف على تفويض مماثل.

وفيما لم يستجب التحالف السعودي لطلبات سي إن إن المتعددة للتعليق على ما جاء في التحقيق، نفى مسؤول كبير في الإمارات "بعبارات لا لبس فيها انتهاك اتفاقيات المستخدم النهائي بأي شكل من الأشكال".

ووصف المسؤول الإماراتي "لواء العمالقة" بأنه جزء من القوات اليمنية، معتبراً أن المجموعة كانت تحت الإشراف المباشر لدولة الإمارات ما يعني أن المعدات الأمريكية كانت تخضع "للاستخدام الجماعي" للتحالف.

لكن وزارة الدفاع الأمريكية ردت بأنها لم تفوض التحالف بنقل الأسلحة تحديداً لـ "كتائب العمالقة" على الميدان.

وأضاف المتحدث باسم البنتاغون جوني مايكل لسي إن إن: "الولايات المتحدة لم تأذن للمملكة أو الإمارات بنقل أى معدات إلى الأحزاب والفصائل الأخرى باليمن".

وتابع: "لا تستطيع الحكومة الأمريكية التعليق على أي مزاعم معلقة بانتهاكات الاستخدام النهائي للمواد والخدمات الدفاعية المنقولة إلى حلفائنا وشركائنا".

استولى وكلاء لإيران في اليمن على الأسلحة الأمريكية التي يمكنهم استغلالها لفحصها ومعرفة نقاط ضعفها أو إعادة تطوير بدائل لها محلياً. تحقيق مثير لسي إن إن يكشف كيف ذهبت السلاح الأمريكي إلى أعداء أمريكا.
في تعز يقف صبي صغير يبيع الأسلحة "كخبير". بينما تعرض المحلات صفقات بيع على الميليشيات ولا تكتفي بالبيع بالقطعة. ورغم أن هذه السوق "سوداء" أي غير قانونية، إلا أنها علنية وظاهرة إلى حد ما.
مع اتساع وتيرة الحرب في اليمن، شق تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية طريقه إلى الخطوط الأمامية وصولاً إلى تعز عام 2015، وشكل تحالفات "ناجعة" مع الميليشيات الموالية للسعودية فقاتلت إلى جانبها.
تبين لمعدي التحقيق أن مدرعات MRAP التي وقعت بأيدي الحوثيين، تم فحصها جيداً من قبل المخابرات الإيرانية وأن المستشارين الإيرانيين وحزب الله "وضعوا أيديهم بالفعل على المدرعات.

هل فقدت أمريكا السيطرة على السعودية؟

في المقابل، تشير سي إن إن إلى أن نتائج تحقيقها "تثير من جديد التساؤلات حول ما إذا كانت الولايات المتحدة فقدت السيطرة على حليف رئيسي يقود واحدةً من أكثر الحروب المروعة (السعودية)، وما إذا كانت السعودية مسؤولة بما يكفي للسماح لها بمواصلة شراء الأسلحة المتطورة والقتال العسكري".

الشبكة أثبتت وفق تحقيقات سابقة لها، أن "أسلحةً أمريكية الصنع استخدمت في سلسلة هجمات التحالف السعودي المميتة التي قتلت عشرات المدنيين، العديد منهم من الأطفال".

وتلفت إلى أن هذه التطورات تتزامن مع نظر الكونغرس، الغاضب من الرياض بسبب مقتل الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في إمكانية إنهاء دعم إدارة الرئيس ترامب للتحالف السعودي المعتمد على الأسلحة الأمريكية في حربه باليمن.

وفي ختام تقريرها، أكدت الشبكة الأمريكية أن “فوضى الأسلحة الأمريكية غذى صراعاً أودى بحياة عشرات الآلاف، بينهم أطفال في حافلات مدرسية وعائلات فرت من العنف، ودفع ملايين آخرين إلى حافة المجاعة في اليمن".

وأوضحت القناة أنه بينما استفادت الولايات المتحدة (أكبر مورد للأسلحة لكل من السعودية والإمارات)، واستفاد زعماء محليون من رواج تجارة الأسلحة المربحة تبقى فرص تحقيق السلام "ضئيلةً للغاية".

فبالرغم من مساعي المشرعين الأمريكيين إلى تمرير قرار ينهي دعم إدارة ترامب للتحالف العربي في اليمن، رفض البيت الأبيض الإصغاء إلى هذه الأصوات، مع وجود العديد من الأدلة على أن تصرفات حليف أمريكا الرئيسي (السعودية) قد تجعل الأمريكيين أقل أمناً.

أدلة سابقة

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أكد محققون أن الكثير من الأسلحة البريطانية والأميركية وصلت إلى أيدي المجموعات الموالية للسعودية والإمارات في اليمن، وإلى مجموعات منشقة لدى بعضها علاقات مع تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية.

كما أشارت صحيفة الغارديان البريطانية إلى إن السعودية والإمارات تسببتا في وصول بعض الأسلحة المتطورة التي تم شراؤها من شركات أوروبية وأميركية، مثل العربات المدرعة ومنصات الصواريخ والعبوات الناسفة والبنادق المتطورة، إلى ميليشيات محلية تقاتل في اليمن.

وفي تحقيق استقصائي لوكالة أسوشيتد برس الأميركية، نشر أغسطس/آب الماضي، ورد أن التحالف بقيادة السعودية عقد اتفاقات سرية مع تنظيم القاعدة في اليمن، وخلص التحقيق إلى أن التحالف دفع أموالاً للتنظيم لسحب مقاتليه من بعض المناطق في اليمن.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard