شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
تايمز أوف إسرائيل: دبلوماسي إيراني أنقذ آلاف اليهود من

تايمز أوف إسرائيل: دبلوماسي إيراني أنقذ آلاف اليهود من "المحرقة"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 31 يناير 201902:30 م

كشفت صحيفة تايمز أوف إسرائيل العبرية قيام عبد الحسين سارداري، وهو دبلوماسي إيراني، بإنقاذ آلاف اليهود من المحرقة حين نجح في إقناع الألمان بأن اليهود الفارسيين ليسوا ساميين، فقال إنهم آريون تماماً مثل الألمان، متمكناً بتلك الحجة من إبعادهم عن مصير مأساوي كان ينتظرهم، على حد زعم الصحيفة.

ولفتت الصحيفة العبرية إلى أن مخاطرة مسؤول إيراني آنذاك بحياته لإنقاذ اليهود سيناريو غير محتمل في الوقت الراهن، إلا أنه حدث بالفعل خلال المحرقة، في إشارة إلى العداء الحالي الكبير بين إيران والكيان الصهيوني واتهامات إسرائيل لإيران بالتدخل في شؤون المنطقة من خلال تمويل حزب الله اللبناني وحماس الفلسطينية، وكلاهما ينتهج سياسة مقاومة للاحتلال الإسرائيلي.

من هو عبد الحسين سارداري؟

كان عبد الحسين سارداري، أحد أعضاء البعثة الإيرانية في باريس في أربعينيات القرن الماضي، وعُرف بلقب "الشيندلر الإيراني"، لأنه ساعد آلاف اليهود على الإفلات من الموت بتحويل أيديولوجية العرق الآري رأساً على عقب.

وُلد سارداري في عائلة إيرانية وجيهة وثرية، وعاش حياةً رغيدةً رغم أنه كان دبلوماسياً مبتدئاً في سفارة بلاده في باريس.

وبعد غزو الألمان فرنسا ومغادرة السفير الإيراني باريس وانتقاله إلى فيشي لإعادة تشكيل السفارة هناك، عيّن سارداري مسؤولاً عن الشؤون القنصلية في باريس.

وحين بدأ النازيون بتنفيذ عمليات تصفية اليهود في فرنسا المحتلة، عكف سارداري على حماية إخوانه من الإيرانيين في المنطقة، بغض النظر عن دينهم.

خطة ذكية وإنسانية

جادل سارداري الألمان بحجج مقاربة لحججهم وأقنعهم بأن اليهود الإيرانيين لم يكونوا مرتبطين جينياً بالأوروبيين الذين ينتمون لنفس الدين، وبالتالي لا ينبغي أن يخضعوا للقوانين العرقية لـ الرايخ (الاسم الرسمي لألمانيا بين عامي 1871 و1945).

خاطب سادرادي السلطات الألمانية باسم القنصلية الإمبريالية لإيران عام 1940، ساعياً لإقناعها بأنه وفقاً "لدراسة إثنوغرافية وتاريخية" لم يكن أعضاء الجاليات اليهودية في بلاد فارس وآسيا الوسطى ساميين بل آريين، مثل الألمان أنفسهم.

وكتب في عدة خطابات وتقارير أنه وفقاً للدراسة  فإن "جيوغوتيس" (اليهود الفارسيين) انتموا إلى الجالية اليهودية "فقط من خلال احترامهم الطقوس الدينية اليهودية.. وبفضل دمائهم ولغتهم وعاداتهم، يتم استيعابهم لكنهم من المخزون البيولوجي ذاته مثل جيرانهم، الفرس والأوزبك".

وفي مخاطباته الألمان، زعم سارداري كذلك أن "الإمبراطور الفارسي كورش حرر منفيين يهود في بابل عام 538 قبل الميلاد وأنهم عادوا إلى أوطانهم" لافتاً إلى أن "عدداً قليلاً من الإيرانيين وجد تعاليم النبي موسى جذابة، لكنهم لم يكونوا يوماً جزءًا من العرق اليهودي".

وبفضل مخاطبات سارداري، بات النازيون يصنفون الإيرانيين اليهود "من أتباع النبي موسى" حسبما أوضح فاريبرز مختاري مؤلف كتاب "في ظل الأسد: الشيندلر الإيراني ووطنه في الحرب العالمية الثانية" الذي يعد بمثابة سيرة ذاتية لسارداري.

ويلفت مختاري الذي تواصلت معه الصحيفة العبرية هاتفياً، إلى أن سارداري "وظف معرفته بالقانون الذي درسه وخبرته الدبلوماسية وذكاءه الكبير، حتى وصل صيت ما فعله قادةَ ألمان كبار مثل أدولف أيخمان".

وأضاف مختاري وهو عالم سياسي إيراني المولد مستقر في واشنطن، أنه يشك بأن سارداري "كان مهتماً بصحة ما كان يقوله للألمان من عدمه" لافتاً إلى أنه "كان مهتماً بإنقاذ الإيرانيين اليهود وحسب، واستناداً إلى دراسته القانون، وجد طريقة يقدم بها حجة لم يستطع الألمان بسهولة إنكارها".

في الواقع، استطاعت حجة سارداري أن تقنع الألمان بدرجة كافية ولهذا طلبوا رأي معهد الأبحاث لتاريخ ألمانيا الجديدة في برلين ومعهد أبحاث المسألة اليهودية في فرانكفورت، وغيرها من الهيئات الرسمية.

وخدمت هذه الخطوة ساردرى كثيراً، حسبما يقول مختاري، فنظرياته "عممت أكثر واستفاد منها ومن الوقت الذي استغرقته”و "في غضون ذلك، كان يتابع سياسته في إنقاذ أكبر عدد ممكن من اليهود".

نجحت خطة سارداري، وفيما أجبر اليهود من بلدان أخرى على وضع نجمة داوود الصفراء على ملابسهم لتمييزهم عن بقية الناس، صدر توجيه ينص على إعفاء اليهود الإيرانيين من وضع تلك النجمة.

وبدايةً من عام 1941، قام النازيون بإجبار اليهود أو الأشخاص، الذين اعتبروهم كذلك، طبقاً لـ"قوانين العنصرية" على حمل نجمة داوود كوسم لهم، على خلفية صفراء، لتمييز اليهود عن المسيحيين. وأصبحت نجمة داوود رمزاً للقتل الجماعي لملايين اليهود في أوروبا وفي أنحاء أخرى من العالم خلال الحرب العالمية الثانية.

وفضلاً عن ذلك، منح سارداري ما بين 500 إلى1000 جواز سفر إيراني لليهود الإيرانيين "دون موافقة رؤسائه”، ما ساعد على إنقاذ  2000 إلى 3000 يهودي من المحرقة بإصدار جوازات سفر تشمل أسرهم.

وأكد مختاري أن سرداري "بدأ في إصدار جوازات السفر هذه إلى اليهود الإيرانيين لأنه كان قلقاً على مصيرهم". مشيراً إلى أن " الإيرانيين اليهود كان لديهم شركاء فرنسيين أو غير إيرانيين، ومنح سارداري هؤلاء وثائق إيرانية كذلك".

وكانت إيران تتخذ موقفاً رسمياً محايداً في بداية الحرب العالمية الثانية، رغم تودد نظامها للنازيين حرصاً على العلاقات التجارية الكبيرة بينهما، لكن عقب غزو السوفيين والبريطانين للبلاد عام 1941، دخلت الحكومة الإيرانية الجديدة الحرب ضد ألمانيا.

منح سارداري ما بين 500 إلى1000 جواز سفر إيراني لليهود الإيرانيين "دون موافقة رؤسائه”، ما ساعد على إنقاذ  2000 إلى 3000 يهودي من المحرقة بإصدار جوازات سفر تشمل أسرهم.
رغم إنقاذه آلاف اليهود من المحرقة، إلا أن اسم الدبلوماسي الإيراني سرداري لم يأت في قائمة أكثر من 23 ألفاً من “الصالحين" بين الأمم أنقذوا اليهود، لأن المسؤولين في إسراذيل يعتقدون أن سارداري لم يخاطر بحياته.
قصة دبلوماسي إيراني زنقذ آلاف اليهود الفارسيين في ألمانيا من المحرقة، يكشفها كتاب حديث.

معاناة وحجود

وأصبح سارداري آنذاك في خطر داهم، بوصفه ممثلاً عن دولة معادية، وأمرته حكومته بمغادرة فرنسا على الفور لكنه رفض، وعلّق راتبه. واستمر في إنقاذ اليهود "في البرد القارس دون مال وأحياناً بلا طعام" حسبما ذكر عشرات اليهود الإيرانيين الناجين على يد سارداري وتحدث معهم مختاري وضمّن شهاداتهم في كتابه.

ورغم المهمة الإنسانية التي أنجزها، مات سارداي في المنفى بلندن فقيراً ولم يحصل على أي "تقدير" لما فعله خلال حياته تقول الصحيفة.

وقبيل وفاته بثلاثة أعوام، سأله ياد فاشيم (من مركز أبحاث الهولوكوست) عام 1978، عن أنشطته في زمن الحرب، فرد قائلاً: "كما تعلمون، كان من دواعي سروري أن أكون القنصل الإيراني في باريس إبان الاحتلال الألماني لفرنسا وكان من واجبي إنقاذ جميع الإيرانيين، بمن فيهم اليهود الإيرانيين".

وقام مركز سيمون فيزنتال في لوس أنجلوس الخاص بتتبع النازيين وغيرهم من المؤسسات اليهودية بتكريم سارداري بعد وفاته، لكن ياد فاشيم لم يدرجه أبداً في قائمته التي ضمت أكثر من 23 ألفاً من “الصالحين" بين الأمم الذين أنقذوا اليهود، لأن المسؤولين يعتقدون أن سارداري لم يخاطر بحياته.

لكن مختاري، الذي سلم نسخة من مؤلفه "في ظل الأسد" إلى متحف إسرائيل عندما زارها قبل أيام، يأمل أنتعيد ياد فاشيم النظر بشأن تكريم سارداري بعد قراءة المزيد عما فعله لاسيما بشأن تحديه الأوامر الحكومية والبقاء في أراضي "العدو" لرغبته إنقاذ أعداد أكبر من اليهود.

وقال مختاري في ختام حواره مع الصحيفة العبرية: "إن القول بأنه لم يخاطر بحياته هو لي شخصياً أمر قاسي وغير لطيف، وأقل من سخي".

وأشارت تايمز أوف إسرائيل أيضاً، إلى أن فيلماً وثائقياً تركياً جديداً يزعم أن الدبلوماسيين الأتراك في إيران أنقذوا آلاف اليهود بمنحهم جوازات سفر تسمح لهم بالهروب إلى تركيا، ملمحةً إلى وجود جدل كبير حول الفيلم، الذي وصفته الملحقة الإسرائيلية في تركيا، باتيا كينان، بأنه عمل "دعائي".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard