شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
التبشير بالمسيحية: استغلال لإحباط المسلم أم تبشير عن حسن نيّة؟

التبشير بالمسيحية: استغلال لإحباط المسلم أم تبشير عن حسن نيّة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الجمعة 7 ديسمبر 201801:50 م

منذ أشهر بدأت الاحظ إعلانات كثيرة في صفحات رصيف 22، لم يكن لدي الفضول لأنقر على الإعلانات التي تظهر في كل المقاسات والأشكال وظاهرياً هي من عدّة مصادر تستهدف القرّاء. مثل شريحة واسعة من جيلي وجيل والديّ من قبلي، ترعرعت في مدارس أسسها المبشرون المسيحيون و"تعرّضت" للمبادىء التربوية المسيحية التي لم أجدها يوماً تتناقض مع نمط حياتنا المسلم المحافظ، وكان الخط الأحمر الوحيد آنذاك هو "الجامبون" أو لحم الخنزير، الحيوان الذي لعنته اليهودية قبل الإسلام واستثنته التعاليم المسيحية من الممنوعات في فارق مثير للفضول يستحقّ نظرة معمّقة لما قد تنتجه الأبحاث المبنية على صحّة المنقول لنا من آلاف السنين، ونحن نختلف على ما نُقل لنا العامّ المنصرم في شتّى الميادين.

هل نحن بحاجة للمزيد من الروايات للعبث في حياتنا اليومية؟

كانت أوّل موجة تبشيرية واجهتها في مطلع الثمانينيات، وكانت فعلاً "مواجهة"، لأن الشباب يتأثّر بكلّ حملة إعلامية فعّالة وأينما حطّت عيني كانت كلمة "وجدتها" المطبوعة على إعلانات منشورة في كل مكان. آنذاك، لم يكن من الممكن "النقر" على الإعلانات الورقية... وحين سألت، قيل لي إنه "إعلان" من المسيح ليساعد الضائعين، من دون نقاش مع أحد، أدركت ان الضائعين هم "الضالّون"، أكثر الكلمات التي حفرت في ذاكرتي من دروس الدين الخاصة التي أصرّت عليها والدتي لتنكيد الويكاند؛ دروس ركّزت على قوة الله وجمال الحياة في الجنة من جهة وأبي لهب وأشكاله والعذاب الأليم لمن يخالف التعاليم الإسلامية. للأمانة كان الشيخ المدرّس يركّز على القيّم التي تبني مجتمعاً متماسكاً ومنظومة متناغمة يسهل فيها التعامل مع الآخرين، كان الاختلاف بين الديانتين، كما بدا لي، هو أن المسلمين يأخدون مالاً في العيد أمّا المسيحيون فكانت لهم هدايا جميلة مغلفة تنتظرهم تحت شجرة تزين المنزل.

اليوم قررت ان أنقرّ على الإعلان لأرى السيرة المعروضة من خلال موقع اسمه "لكل طالب عربي"، في منتصف الصفحة، ندخل في نقاش حول الاحتمالات بشأن قصة المسيح ابن الله أحيانًا وهو الله أحيانًا أخرى، وللقصّة فرضيات 4 كما يقول الموقع:

أما أنه كاذب أو مجنون أو أسطورة أو ما يقوله هو الحقيقة.

ويدخل بنقاش بسيط يستنتج فيه أن الفرضية الوحيدة المقبولة هي أن المسيح حقيقة، كما أن استعمال اسم الله والمسيح ويسوع بالتزامن ساهم في تضييع الحبكة والاستسلام، اكتفيت بقراءة التالي: "هأنذا واقف على الباب وأقرع، إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه." (رؤيا 3: 20)

هل نحن بحاجة للمزيد من الروايات للعبث في حياتنا اليومية؟ ففي مقال آخر تتحول "قيامة" المسيح من القبر إلى دليل قاطع أن ابن الله يسوع قام من الموت وبذلك أصبح الإله المنقذ الذي جاء لتكون لنا حياة حسب يوحنا 10:10، بعدما مات على الصليب ليحمل عنا كل آثامنا ويدعو الموقع القارىء أن يردد العبارات التالية ليدخل في المسيحية:

"يسوع، شكراً لك لأنك مت على الصليب بدلاً عني لتمحو خطاياي، أطلب منك أن تسامحني وأن تدخل حياتي الآن. شكراً لأنك منحتني هذه العلاقة معك".

ترعرعت في مدارس أسسها المبشرون المسيحيون و"تعرّضت" للمبادىء التربوية المسيحية التي لم أجدها يومًا تتناقض مع نمط حياتنا المحافظ، وكان الخط الأحمر الوحيد هو "الجامبون" أو لحم الخنزير الحيوان الذي لعنته اليهودية قبل الإسلام واستثنته التعاليم المسيحية من الممنوعات.
أدركت ان الضائعين هم "الضالّون"، أكثر الكلمات التي حفرت في ذاكرتي من دروس الدين الخاصة التي أصرّت عليها والدتي لتنكيد الويكاند؛ دروس ركّزت على قوة الله وجمال الحياة في الجنة من جهة وأبي لهب وأشكاله والعذاب الأليم لمن يخالف التعاليم الإسلامية.
يواجه الشباب أزمة هوية وأزمة دين، منذ أن أعلن بوش الأب الحرب علينا وزرع فينا شكّ أن الإسلام طريقة حياة تغنيك عن أي تشريع وأنه وسيلة حكم بديل عن الديمقراطية، لكن مع ذلك لسنا بحاجة للمزيد من الدين ولا روايات عن معجزات عمرها آلاف السنين.
الصفحة مجهزة بتطبيق للتواصل المباشر مع الفريق، فقد كان ينتظرني شخص يكتب بالمصرية يجيب عن أسئلتي، لا سيما عن الخطوات التي يجب أن اتخذها لأدخل في الدين أو في "مغامرة روحية" لاستعمال توصيف الموقع، وبعد ذلك تدخل موقع الذين غيروا دينهم ويدعى طالب عربي جديد هنا يستقبلك الموقع بعبارة: تهانينا لقبولك المسيح مخلصاً لحياتك.

يواجه الشباب أزمة هوية وأزمة دين، منذ أن أعلن بوش الأب الحرب علينا وزرع فينا شكّ أن الإسلام طريقة حياة تغنيك عن أي تشريع وأنه وسيلة حكم بديل عن الديمقراطية، لكن مع ذلك لسنا بحاجة للمزيد من الدين ولا روايات عن معجزات عمرها آلاف السنين، ونحن غير قادرين على تصديق ما نقل لنا الشهر الماضي عما جرى في إسطنبول مثلًا. هذه المواقع تستهدف الضعفاء الضالّين لجلبهم إليها في أشدّ الأوقات محنةّ. لا أرى في التبشير أي ضرر لأن القيّم مفيدة للجميع، والأهم من ذلك أن العالم العربي بأشدّ الحاجة للراحة النفسية مهما كانت مصادرها، لذلك لن أمنع هـذه الإعلانات من الصفحة، لكنني أطلب من المواقع المبشرة القليل من الاحترام للعقل العربي، فقيامة المسيح لا تُثبت بأي شكل كان، والإيمان لا يحتاج لإثباتات والتبشير يتطلّب الإيمان، والرواية الشعبية لم تعد تشفي ظمأ جيل الانترنت الذي يريد ديناً جديداً اسمه: "الإنسانية".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard