شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
المبعوث الجديد إلى سوريا... ما المطلوب منه ليُعيد الزخم إلى التدخّل الأممي؟ وما العقبات التي تنتظره؟

المبعوث الجديد إلى سوريا... ما المطلوب منه ليُعيد الزخم إلى التدخّل الأممي؟ وما العقبات التي تنتظره؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 14 نوفمبر 201807:00 م
على المبعوث الأممي الجديد في سوريا أن يقتل العملية السياسية لإنقاذها. الاقتراح هذا قدّمه مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية جوليان بارنز- داسي، قاصداً بكلامه الدبلوماسي النروجي غير بيديرسن (Geir O. Pedersen) الذي تمّ تعيينه كمبعوث جديد، آخر الشهر الماضي، بعد استقالة ستافان دي ميستورا لـ"أسباب شخصيّة". في الحقيقة، مسيرة بيديرسن المهنيّة تنمّ عن خبرة سياسية ودبلوماسية طويلة. استحضر كثر محطتين مفصليّتين للمبعوث الجديد إلى سوريا كدلالة على خبرته في التواصل بحيادية مع كافة الأفرقاء وفي العمل على النزاعات الدوليّة: حين تولى منصب المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان بين عامي 2007 و 2008، بعد حرب إسرائيل عام 2006 والتي كان خلالها ممثلاً خاصاً للأمين العام لجنوب لبنان، وحين انضم للفريق النروجي في مفاوضات أوسلو السريّة عام 1993. استبشر "الأمميون" خيراً بالمبعوث الجديد، الذي بدا مقبولاً من جميع الأطراف على عكس أسماء أخرى تمّ ترشيحها، ودلّلوا على قدرته في فهم السياقات المعقدة والعمل في بيئات تُنهكها الانقسامات. هكذا، بدا في الظاهر وكأن بيديرسن أتى ليمدّ مقاربة الأمم المتحدة للصراع في سوريا بزخم جديد، كان فقده سلفه الذي اتُهم بالعمل لأربع سنوات دون خطة أو استراتيجية واضحة المعالم، ولم يفلح في أن يكون محايداً بينما لم يكسب قبول أي من أطراف النزاع. [caption id="attachment_171528" align="alignnone" width="1024"]MAIN_Syria-UN دي ميستورا[/caption] ما المطلوب من بيديرسن ليعيد الزخم إلى التدخّل الأممي سورياً؟ وما العقبات التي تنتظره حسب المتابعين؟ وكيف تحاول الأطراف المعنيّة بالصراع التعامل معه ومع تركة سلفه؟ أسئلة شغلت المتابعين مع اقتراب استلام بيديرسن لمهامه كاملة بشكل رسمي.

المطلوب من بيديرسن

في معرض اقتراحه قتل العملية السياسية لإنقاذها، قال بارنز- داسي إن ما يجري العمل عليه حالياً غير قادر على تقديم إصلاح حقيقي وبالتالي فسّر مقصده بـ"القتل" في أن يعمد بيديرسن إلى تجميد الرعاية الأممية للمحادثات السورية ليعبّر عن رفضه إدارة عملية "زائفة تماماً"، مشترطاً لعودته إظهار اللاعبين المعنيين التزاماً جدياً بالمضي قدماً. من جهة ثانية، جاء الاعتراف في "فورين بوليسي" بفوز الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب للتأكيد على عدم استعداده لتقديم تنازلات سياسية هادفة من جهة، في مقابل التركيز على دور روسيا التي تواصل العملية السياسية الأممية، بينما تصرّ في الوقت نفسه على قيادة الأسد البلاد من جهة ثانية. [caption id="attachment_171530" align="alignnone" width="1000"]Syria-UN1 الممثل الدائم لسوريا في الأمم المتحدة بشار الجعفري[/caption] وهكذا يُرجّح أن يؤدي الاستمرار في المقاربة الحاليّة إلى "أسوأ نتيجة ممكنة"، وهي أن يوافق المجتمع الدولي على إصلاحات ليست ذات معنى، وربما توصل إلى إجراء انتخابات لن تكون ذات معنى بدورها. المطلوب من بيديرسن أن يتصدى لمحاولات اللاعبين الدوليين وأبرزهم روسيا وإيران وتركيا، وفق المجلة، الذين يستغلون الغطاء السياسي للبعثة الأممية حتى يمرروا طموحاتهم المعاكسة (لأهداف البعثة) على أرض الواقع. ولكن ما أظهرته تحركات ومواقف الأيام الماضية تجاه دي ميستورا - الذي يُفترض أن يغادر منصبه نهاية العام الحالي، وتجاه المبعوث الجديد الذي - لم يتسلم المنصب رسمياً بعد، تشي بأن الأمور ليست بتلك السهولة. وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى ما ساقته تحليلات عن أهميّة التركيز على روسيا بالنسبة لبيديرسن من أجل إعادة الأهمية إلى دور الأمم المتحدة، فروسيا "تسعى إلى الحصول على موافقة دولية لمشروعها السوري"، بمعنى أن يركز المبعوث الأممي على التفاوض معها حول ذلك مقابل الحصول على تنازلات لافتة من الأسد. كما جرت الإشارة إلى ضرورة أن يعطي بيديرسن الأولوية للتطورات الميدانية التي تحدد مسار حياة المدنيين السوريين، ومنها الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار- الهشّ أساساً - في إدلب (علماً أن هناك من دعا الأمم المتحدة لاستغلال الاتفاق التركي بشأن إدلب للضغط على الأسد من أجل تنازلات). كما دُعي بيديرسن للتنبّه إلى ضمان وصول مساعدات إنسانية إلى كل أنحاء سوريا واحترام حقوق الملكية للاجئين والنازحين الراغبين في العودة.

معضلة "اللجنة الدستوريّة"

بموازاة ملف إعادة الإعمار واللاجئين، كان "تشكيل اللجنة الدستوريّة" قد برز في صدارة المشهد السياسي السوري بعد قرار التشكيل في مؤتمر "الحوار الوطني" الذي استضافته سوتشي مطلع العام الحالي. وتمّ الترويج لها، من روسيا بشكل أساسي، باعتبارها محطة هامة في رسم مستقبل سوريا. بعدما اتُفق على لجنة بـ50 عضواً من النظام، 50 من المعارضة و50 من المجتمع المدني، بقي الغموض يلف مصيرها باعتبارها تستبعد أطراف آخرين (الأكراد تحديداً)، وباعتبارها تصب في مصلحة النظام لجهة جعله الآمر الناهي فيها، وسط مخاوف من طبيعة المعارضين المشاركين فيها وأولئك المحسوبين على المجتمع المدني.
على المبعوث الأممي الجديد في سوريا أن يقتل العملية السياسية لإنقاذها... نصيحة لبيديرسن الذي يستعد لاستلام مهامه بالكامل كمبعوث أممي إلى سوريا، آخر العام الحالي
من مشهد التحضير لتسليم الدبلوماسي النروجي مهامه كاملة رسمياً أواخر العام الحالي: دعوة من روسيا ونصيحة على شكل تهديد من سوريا... وتركة ثقيلة
في أواخر أيام مهمته، يبدو دي ميستورا نشيطاً بخصوص اللجنة، وهو نشاط اعتبره البعض كمحاولة لـ"الإنجاز" قبل الرحيل - خاصة وأنه كان قد وعد بالانتهاء من تشكيل اللجنة آخر شهر أكتوبر الماضي. لكن عقبات عديدة تحول دون الاتفاق بخصوص من يشكل الدستور وكيف يشكّله، وهي مسألة قد يواجه بيديرسن لاحقاً ضرورة التعامل معها. [caption id="attachment_171529" align="alignnone" width="1000"]Syria-UN دي ميستورا مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم[/caption] وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد أرسل أربعة شروط، الأسبوع الماضي، إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن للموافقة على اللجنة الدستورية. وطلب "عدم وضع جدول زمني"، "أن تتم عملية تعديل الدستور تحت قيادة النظام"، "الالتزام بسيادة سوريا واستقلالها ووحدة أرضها في أي تعديلات تطرأ على الدستور السوري"، والشرط الرابع كان "عدم فرض أي شروط مسبقة أو التدخل في سير عمل اللجنة والنتائج الصادرة عنها". وسط هذه التطورات، تضيق بالتدريج الفرصة أمام إحراز تقدم على مسار "اللجنة الدستورية"، بينما يُفترض أن يقدم دي ميستورا إحاطة أخيرة أمام مجلس الأمن الدولي بعد خمسة أيام، من دون أن يرشح أي تطور في شأن الخلافات على تشكيلة اللجنة (وتحديداً الثلث الثالث الذي يُفترض أن تختاره الأمم المتحدة لكن الحكومة السورية ترفض ذلك باعتباره مساً بـ"السيادة الوطنيّة")، والتي كان يسعى دي ميستورا إلى حلّها خلال الأسابيع الماضية.

دعوة لزيارة روسيا ومواقف أخرى

مع تغيّر المبعوث الأممي، قيل إن روسيا تسعى لضمان المبادرات التي طرحتها سابقاً بشأن سوريا، بينما تبدو منفتحة على إشراك الجانب الأوروبي في التسوية السورية وقد ظهر ذلك في المحادثات الرباعية، على سبيل المثال، والتي ضمت فرنسا وألمانيا وتركيا. وسط ذلك، وجهت موسكو دعوة لبيديرسن من أجل زيارتها، حتى قبل تسلّم مهامه رسمياً. وكان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف قال: "نحن دعينا بيدرسن لزيارة موسكو، وبرأينا كلما أسرع بهذه الزيارة فإنها ستسهل عليه استلام مهامه، وسيكون الأمر جيداً بالنسبة لنا لأنه يوجد الكثير من الأمور العاجلة التي لا تحتمل التأجيل بخصوص سوريا، وأهمها عمل اللجنة الدستورية والمسار السياسي، ولقاءات بصيغة أستانا". وأضاف "كما تعلمون الأمم المتّحدة هي أحد الأطراف المراقبة لهذه الاجتماعات، لذلك من سيكون يمثل الأمم المتّحدة في أواخر نوفمبر، بيدرسن أو دي ميستورا يقرران ونحن نرحب بالاثنين، لكن يهمنا أن تبقى هذه الصيغة فاعلة". بدوره، نصح نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد المبعوث الأممي الجديد بـ"الابتعاد عن أساليب من سبقه". جاء ذلك في تصريح للمقداد، نقلته "جريدة الوطن"، وفيه أن "سوريا، وكما تعاونت مع المبعوثين الخاصين السابقين، ستتعاون مع بيدرسون، شرط أن يبتعد عن أساليب من سبقه، وأن يعلن ولاءه لوحدة أرض وشعب سوريا، وألا يقف إلى جانب الإرهابيين كما وقف سلفه، وأن يدافع عن المثل والقيم العليا التي يتبناها ميثاق الأمم المتحدة من أجل حرية الشعوب في إطار مكافحة الإرهاب". رأى متابعون في الموقفين الروسي والسوري توجهاً طبيعياً ومنطقياً في الظاهر، لكنهما يوحيان بأن الجهود للتقليل من شأن بيدرسن أو احتوائه، حتى قبل بدء عمله رسمياً، قد انطلقت. من ناحية أخرى، برزت مسألة تفوّق الاتفاقات التي ترسمها الدول الفاعلة بشأن الصراع السوري على الدور الأممي في تحديد مسارات التسوية. من هنا، كانت النصيحة لبيدرسن بأخذ هذه الديناميات (مواقف الدول الفاعلة) بالاعتبار والعمل على أساسها، تفاوضاً وضغطاً. وفي المحصلة، بعد سنوات طويلة من الخطوات المنقوصة في الحرب السورية، لا يملك المجتمع الدولي سوى أوراق قليلة للعب بها، وعليه لا بدّ للمبعوث الأممي ألا يفرّط بما يملكه قبل أن تحلّ الساعة للدخول في الدوامة السورية.   
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard