شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
إلى مراهقة قليلة الأدب: ما من كائن يخيف المجتمع أكثر من فتاة علمانية

إلى مراهقة قليلة الأدب: ما من كائن يخيف المجتمع أكثر من فتاة علمانية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الاثنين 5 نوفمبر 201811:55 ص
استغرقها الأمر سنوات طويلة قبل أن تسمع الكلمة، المراهقة التي تجلس الآن في غرفتها وتضع طلاء أظافرها الأحمر وتفكر في كمية الخطوط الحمراء التي تحيط بحياتها الصغيرة.لم تسمع الكلمة خلال 12 عامًا من الإذاعة المدرسية، ولم تقرأها في المناهج أو في الكتب التي استعارتها من المكتبة، ولم تصادفها في المسلسلات التي تشاهدها أمها وفي نشرات الأخبار التي يشاهدها أبوها ولا في اجتماعات العائلة الرزينة.
يا من يصفها كل من حولها بقلة الأدب والوقاحة، عزيزتي الصغيرة: هذا المقال كُتب لكِ.
استغرقها الأمر سنوات قبل أن تدرك أن ما ترغب به وتشعر باندفاع غريزي نحوه ليس انحلالًا، وليس قلة أدب، وليس فضيحة للعائلة.المراهقة التي تجلس في غرفتها الآن، بعد قليل وبمجرد أن يجف طلاء الأظافر ستمسك موبايلها لتتصفح الفيسبوك، وإذا كان حظها جميلًا فستعثر على رابط لهذا المقال على إحدى الصفحات، وإذا كان حظها أجمل فستفتحه وتقرؤه. يا من يصفها كل من حولها بقلة الأدب والوقاحة، عزيزتي الصغيرة: هذا المقال كُتب لكِ. أريد أن أوشوش كلمة في أذنك لعلها تغيّر حياتك كما غيرت حياتي، ولعلها تشعرك بقيمة وجودك كما اشعرتني قبل أكثر من عشرين عامًا، الكلمة هي: العلمانية. دعكِ من هراء أنها تحارب الدين، العلمانية ليست مجرد فصل الدين عن السياسة، هناك ما يهمك كثيرًا في الفكرة التي لن أشرحها لك، ابحثي بنفسك واعرفي لماذا أنت المستفيدة الكبرى منها. شيء ما لا يتوقف عن الرفض في داخلك؛ رفض ارتداء الحجاب، رفض كي قميص أخيك، رفض الصمت حين تلقي الأوامر بالصمت، رفض وضع عينيك في الأرض لدى تعرضك لتحرّش بصري، ورفض التجاهل حين تعرضك لتحرش لفظي. شيء ما لا يتوقف عن الغضب، عن الشعور أنك على حق، وأن هذه القوة التي في داخلك ليست قلة أدب، وأن رغبتك في الحياة ليست فضيحة للعائلة، وأن رغبتك في التحقق والنجاح غير منفصلة عن الحرية، وبينما يقول لك كل من حولك إنك مخطئة، أقول لك إنك على حق. ما من كائن يخيف المجتمع أكثر من فتاة علمانية، تدرك أن حريتها حق طبيعي وأنها صاحبة الصلاحية برسم حدودها داخل هذه الحرية.لا أحد يريد الفتاة العلمانية العربية، لأنها بحكم معاركها ستكبر وتنضج أجمل وأقوى من العلمانية الغربية ومن الرجل العربي.لن تتوقعي بأي حال كم من المليارات تنفق في الإعلام والتعليم والمؤسسات غير الرسمية لتحوّلك إلى واحدة من صورتين، إما أمينة زوجة سي السيد التي تجيد الطبخ والإنجاب والصمت على ألمها، أو فتاة روتانية تجيد وضع المناكير والرقص واللاتفكير، أما الحالة المثلى فهي أن تكوني روتانية في المنزل وأمينة خارجه.
استغرقها الأمر سنوات قبل أن تدرك أن ما ترغب به وتشعر باندفاع غريزي نحوه ليس انحلالًا، وليس قلة أدب، وليس فضيحة للعائلة.
ما من كائن يخيف المجتمع أكثر من فتاة علمانية، تدرك أن حريتها حق طبيعي وأنها صاحبة الصلاحية برسم حدودها داخل هذه الحرية.
دعكِ من هراء أنها تحارب الدين، العلمانية ليست مجرد فصل الدين عن السياسة.
شيء ما لا يتوقف عن الغضب، عن الشعور أنك على حق، وأن هذه القوة التي في داخلك ليست قلة أدب.
الفرق بين المتحررة والحرة، هو ما يصنع الفرق، ما تفعلينه بشكل فطري يختلف عما تقصدين فعله لإثبات حقك بالحرية.
عزيزتي الصغيرة: اقرئي كثيرًا عن الكلمة عن معناه، وعن خطورتها، وعن كيفية تحققها اجتماعيًا وسياسيًا، وعن رغبة كل المؤسسات الدينية بمحوها من الوجود، ولماذا تخيف النساء الذكيات الشيوخ في بلادنا. اقرئي أكثر عن حقوق المرأة وحقوق الإنسان، عن حقك في الدراسة والعمل والتعبير والحياة، لن يمنعك أحد، فعلبة المناكير تثير فزع الأمهات أكثر من الكتاب. واعلمي أنه كما تفضلك العائلة أن تكوني محافظة متدينة، يفضلك رجال الدين جسدًا بلا عقل، وإن كان لا بد من امرأة حرة فلتكن عاهرة، لا علمانية، ومهمتك الأصيلة إن اخترت هذا الطريق الجميل أن تثابري وتصنعي الفرق بين الكلمتين.
ولماذا تخيف النساء الذكيات الشيوخ في بلادنا.
الفرق بين المتحررة والحرة، هو ما يصنع الفرق، ما تفعلينه بشكل فطري يختلف عما تقصدين فعله لإثبات حقك بالحرية، استرخي الآن وانصتي جيدًا للصوت التالي.القراءة هي الطريق لتكوني حرة وقوية، لكنها طريق صعبة بدون المال، إذا كان لا بد من معركة في البداية فهي ليست الملابس ولا الخروج ليلًا ولا الحق في الاختلاط. بل النجاح والمال والثقافة، اقرئي كثيرًا وابحثي عن عمل بمجرد تمكنك من ذلك، لاحقًا ابحثي عن الحب وأنت قوية، وتمتعي بحريتك وأنت قادرة على الدفاع عنها.لا تسمحي لرغبتك بالحرية أن تُدفن فتصبحي أمينة، ولا تسمحي لها أن تضل الطريق فتصبحي روتانية تافهة، واكبري لتصبحي علمانية عربية وستجدين مئات المكافآت المذهلة بانتظارك،  فعين العلمانية وعين العربية هما أجمل عينين في الوجود، إنهما عيناك الجميلتان. لستِ قليلة أدب لكن في داخل كل فتاة صغيرة ميل فطري للعلمانية، غريزتها تحدثها أنها مقيدة بالعادات والدين والتقاليد، غريزتها تحارب الذكورية والأبوية، غريزتها تقودها نحو الهواء الطلق الحر، كوني ذكية بما يكفي لتخرجي بهدوء دون إيذاء نفسكِ أو الآخرين. حين تُسجن الغريزة لن تفنى بل ستبحث عن طرق سرية مختصرة للخروج، وتخرج مضطربة ومشوهة وشرهة.اختاري الطريق الطويلة يا ليلى، الغابة أجمل بدون ذئاب.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard