شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
شهوة وألم وروحانية... لحظة استسلام تعابير الوجه للنشوة الجنسية

شهوة وألم وروحانية... لحظة استسلام تعابير الوجه للنشوة الجنسية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 6 نوفمبر 201802:58 م

تغمضون عيونكم، تفتحون ثغوركم، تبتسمون، تعبسون، تعضون شفاهكم، ترفعون حواجبكم... وغيرها من تعابير الوجه الخارجة عن إرادتكم والتي تصدر عن غير قصد أثناء الوصول إلى النشوة الجنسية.

كيف يفسّر العلم العلاقة بين تعابير الوجه والنشوة الجنسية؟ وهل حقن البوتوكس التي تخفي معالم الوجه الحقيقية قادرة بدورها على التأثير على اللذة الجنسية؟

تعابير الوجه أثناء الجنس

تخيّلوا أنفسكم في ذروة اللذة الجنسية وفجأة يحوم حولكم بعض العلماء الذين يحدقون مباشرةً في عيونكم ويراقبون عن كثب تعابير وجوهكم ومعدّل ضربات القلب حين اختباركم النشوة الجنسية... لا شك أن مجرد التفكير بهذا السيناريو يقضي على مزاجكم ويجعلكم تصابون بالعجز الجنسي.

إن المرء أثناء العلاقة الحميمة يتجرّد من نفسه ويطلق العنان لمشاعره، فتتأرجح تعابير وجهه بين السعادة العارمة والتعاسة غير المبررة، وعليه تقف الأبحاث العلمية حائرة أمام هذه الظاهرة التي تختلف وفق الأشخاص والثقافات، أما سبب غياب المعطيات الكافية فيعود إلى الصعوبة في مراقبة الناس وتصرفاتهم أثناء اللحظات الحميمية.

وبالرغم من دقة الموضوع، إلا أن بعض الباحثين تمكنوا بالفعل من إيجاد وسيلة لمراقبة تعابير وجه الناس. ففي العام 2011، قام العلماء بتحليل 100 مقطع فيديو تتضمن تعابير الناس خلال النشوة الجنسية، واللافت أن هذه المقاطع كان قد حمّلها الأفراد طوعاً على أحد المواقع الإلكترونية. فكيف جاءت تعابير وجوه هؤلاء الأشخاص عند الذروة الجنسية؟

بعض تعابير الوجه تبدو أكثر ميلاً للألم من المتعة، والسبب أن العديد من مناطق الدماغ التي تكون نشيطة عند الشعور بالألم يتم تحفيزها أيضاً عند الإثارة الجنسية.
في حال كنتم تمارسون الجنس ولم تعكس تعابير وجهكم اللذة فإن دماغكم سيستنتج أنكم لا تستمتعون بوقتكم، وهذا من شانه التأثير على النشوة الجنسية.
92% أغمضوا عيونهم. 67% أرخوا عضلات الفك. 48% قطبوا وجوههم أو أنزلوا حواجبهم. 44% قاموا بعضّ شفاههم. أما أكثر تعبير شائع للوجه فكان إرخاء عضلات الفم وإغلاق العينين وهو أمر حصل مع 36% من الأشخاص.

يشبّه الباحثون تعابير الوجه بردود الأفعال التي تكون عفوية وغير مدروسة، شارحين أنه كلما اقترب المرء من النشوة الجنسية، حصل التحرر العضلي، ولعلّ هذا ما يجعل المسألة غريبة إذ لا يتمكن الناس من السيطرة على عضلات وجوههم في تلك اللحظات.

أما النقطة المثيرة للجدل التي كشفتها الدراسة هي أن بعض تعابير الوجه بدت أكثر ميلاً للألم من المتعة، والسبب أن العديد من مناطق الدماغ التي تكون نشيطة عند الشعور بالألم يتم تحفيزها أيضاً عند الإثارة الجنسية.

تعابير الوجه: مؤشر لنشوةٍ حقيقيةٍ؟

إذا سألنا الرجال: أي جزء من جسد الأنثى تنظرون إليه أكثر أثناء ممارسة الجنس؟ فقد يكون الجواب غير اعتيادي. إذ أظهرت الدراسات أن الرجل أثناء الجنس يركز في المقام الأول على وجه النساء، وذلك لإعتقاده بأن تعابير الوجه هي أفضل مؤشر لمعرفة ما إذا كانت شريكته تشعر فعلاً بالمتعة أم تصطنع هزة الجماع.

ولكن في حال دققنا أكثر في الأفلام الإباحية لوجدنا أنها غالباً ما تقدم صورة مشوهة عن تعابير الوجه أثناء النشوة الجنسية. فبخلاف ما نراه وراء الشاشة حيث تكون هزات الجماع "أنيقة"، في الحياة العادية يختبر معظم الناس النشوة على الشكل التالي: وجوه حمراء، تتصبب عرقاً، أفواه مفتوحة في معظم الأحيان تخرج منها أصوات غريبة، وبالرغم من أن تعابير الوجه قد لا تكون دائماً جميلة إلا أن الجنس ليس عبارة عن مظهر جميل، بل الأمر يتعلق بالشهوة والشغف.

وجوه النساء عند النشوة

من أجل كسر "التابو" حول المسائل الجنسية المتعلّقة بالنساء، والاحتفاء ب"النشوة الجنسية"، انخرط المصوّر "ماركوس ألبرتي" في مشروع جريءٍ أطلق عليه إسم The O Project الذي يقوم على فكرة التقاط مجموعةٍ من الصور تعود لنساء من جميع الأعمار والجنسيات (سنغافورة، جنوب أفريقيا، الصين، تايلاند، الولايات المتحدة الأميركية وروسيا) في 4 مراحل مختلفة من المتعة: قبل النشوة الجنسية، أثناء الاستمناء، خلال الذروة وبعد النشوة الجنسية.

ومن أجل التقاط لحظة الذروة الجنسية لـ20 إمرأة، تعاون المصور "البرتي" مع شركة ألعابٍ جنسيةٍ تُدعى Smile Makers التي تعتقد أن الإشباع الجنسي هو مفتاح الجمال.

وبحسب التفاصيل التي نشرتها صحيفة "الصن" البريطانية، فقد طلب "ماركوس" من كل إمرأة مشاركة الجلوس على كرسي أمامه وإمتاع نفسها بأحد منتجات العلامة التجارية، ثم قام بالتقاط صور تترجم الوصول إلى النشوة الجنسية واللحظات التي تلي.

واللافت أن هذه الصور عكست اختلاف تعابير وجوه كل إمرأة واختبارها النشوة على طريقتها الخاصة، فنرى مثلاً شابة لم تتمالك نفسها من الضحك، وأخرى عضت شفتيها وإمرأة أزاحت خصلات شعرها أثناء النشوة... وهكذا يمكن ملاحظة أن تعابير النساء تفاوتت قبل وأثناء وبعد النشوة الجنسية، والأهم أنها كانت كلها طبيعية على نقيض ما يتم تصويره في المواد الإباحية.

ومن خلال هذه الدراسة، أعرب "البرتي" عن أمله في أن تجعل هذه الصور استمناء النساء مسألة طبيعية وإظهار ما تبدو عليه المرأة بالفعل أثناء الذروة الجنسية: "أنا سعيد دوماً باختيار موضوع محظور وتحويله إلى لقطةٍ فوتوغرافيةٍ خفيفةٍ وممتعةٍ، ولكنني أرغب أيضاً في بدء محادثة حول الجنس الأنثوي وأريد من النساء أن يعرفن أن ما يظهر على شاشات التلفزيون والإنترنت ليس بالضرورة أن يكون الواقع".

هل البوتوكس يقضي على اللذة الجنسية؟

"من دون السيطرة الكاملة على عضلات الوجه، تصارع النساء من أجل الوصول إلى النشوة الجنسية". وهنالك أشخاص يحرصون على إطفاء الأنوار قبل ممارسة الجنس، وذلك لإطلاق العنان لأحاسيسهم دون أن يشعروا بالإحراج والارتباك خاصة لناحية الكشف عن تعابير وجوههم التي قد تكون مضحكة وغريبة بالنسبة إلى الشريك، هذا الأمر تختبره النساء بشكلٍ خاص لا سيّما في إطار سعيهنّ الدائم إلى الظهور بمظهرٍ شبابي وجذاب، إلا أنه مع زيادة الإقبال على عمليات التجميل وحقن البوتوكس برزت مشكلة أساسية وهي انخفاض اللذة الجنسية.

فقد كشف بحث أجرته جامعة "كارديف" أن النساء بعد البوتوكس، وبرغم زيادة جاذبيتهنّ، يختبرن هزات جماع أقل ويجدن صعوبة في الوصول إلى النشوة الجنسية. وبحسب ما ذكره موقع women’s health أن حقن البوتوكس تشلّ أعصاب الوجه، وتلطف البشرة لتبدو أكثر شباباً مما يجعل من الصعب القيام ببعض تعابير الوجه، وعليه يعتقد الباحثون أن هناك صلة مباشرة بين تعابير الوجه والقدرة على الإستمتاع بالنشوة الجنسية:"عندما تصلون إلى الذروة، فإن تعابير الوجه ستعكس ذلك، إلا أن النساء مع البوتوكس يصبحن غير قادرات على التعبير عن لذتهنّ بحرية".

لماذا يؤثر البوتوكس على اللذة الجنسية؟ 

يعتبر الدكتور "مايكل لويس" أن "تعابير الوجه لا تحدث ببساطة لإيصال المتعة، بل هي جزء لا يتجزأ من الشعور بالمتعة، وعليه فإن دورها مهم في تحقيق النشوة الجنسية"، وبالإضافة إلى ذلك فقد تبيّن علمياً أن العقل يحدد المزاج استناداً إلى تعابير الوجه، على غرار النظرية الشائعة التي تقول إنه في حال كان يومكم سيئاً وأجبرتم أنفسكم على الابتسامة، فإن مزاجكم سيتحسن.

ومن هذا المنطلق في حال كنتم تمارسون الجنس ولم تعكس تعابير وجهكم اللذة فإن دماغكم سيستنتج أنكم لا تستمتعون بوقتكم، وهذا من شانه التأثير على النشوة الجنسية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard