شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
ملكة جمال إيران؛ من النشأة حتّى العالمية حتّى الرّحيل

ملكة جمال إيران؛ من النشأة حتّى العالمية حتّى الرّحيل

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الخميس 1 نوفمبر 201812:44 م

نعم! في فترة من التّاريخ ليست ببعيدةٍ جدًّا، كانت لإيران التي تسمعون عن قضايا معقّدةٍ فيها كالحجابِ وحضورِ النساءِ في ملاعب كرةِ القدم وشؤون أخرى تخصّ النساء، مسابقةُ "ملكة الجمال"، وقد طويت الثورةُ الإسلامية في إيران صفحتَها. اختيار "ملكة جمال إيران" أو ما كانت تسمّى في الفارسية "الفتاة الإيرانية المميّزة" كانت مبادرةً قامت بها مجلة "زَنِ روز" (امرأة اليوم) عام 1965 لأول مرةٍ في إيران وتحت عنوان "دُخترِ بَهار" (فتاة الرّبیع).

کانت مجلةُ زن روز من أکثرِ المجلّات النسائیةِ شعبیةً في إیران إبان حكم الشاه محمّد رضا بَهلَوي، وقد مهّدت هذه الصحیفةُ الشّهیرة في فترةِ ما بعد الإصلاحات التي اشتهرت بـاسمِ "الثورة البیضاء" أو "ثورة الشّاه والشعب" لخَلقِ موطئِ قدمٍ للحداثة والأفکارِ النّسویة في إیران. قبل إصدار مجلة زن روز، کانت ثمة مجلّات وصحفٌ أخرى تعمل من خلال الدّعايات على ترويجِ نمط الحیاةِ الغربیة ونشرِ الأزیاء الأوروبيّةِ بين الشّعب الإیرانيّ، ولكنّ هذه المجلّة اقتحمت الساحةَ وبعد انطلاقها وعرضِها مغریاتٍ کبیرةً ورؤیةً متخصّصةً في مجال المرأة ونمط الحياة، تغلّبتْ المجلةُ الأسبوعیةُ على منافساتِها، وسرعان ما تحوّلت إلی أکبرِ مجلّة إیرانیةٍ من حیثُ عددِ القرّاء. وقد فتَنتْ مجلةُ "زن روز" قارئاتِها، نساءً وفتیاتٍ ومراهقات، منذ عددِها الأوّل ومن خلال نشرِها عناوینَ مغريةً، منها: قصص إيرانیة وأجنبیة متسلسلة؛ تقارير حول المرأةِ في مختلف الثّقافات؛ وملفّات اجتماعیة-بوليسية؛ وتغطية أخبار نجوم السينما من إیرانيّين وأجانب، و غیرها من العناوین الجذّابة. "فتاة في الـ16 حتّی الـ25 من العمر؛ ذکیّة، لطيفة، جذّابة، صاحبة ذوق، أنيقة، تمارس الرياضة، رشيقة، حسناء الوجه، رومنسیة وعصریّة، فاتنة، وإلخ، وتحظى أيضًا بإعجاب أسرتِها وأصدقائها، وتنحدر من عائلةٍ محترمة"؛ هذا ما کانت تشترطه مجلةُ زن روز مسجّلةً إيّاه على غلاف عددِها الأوّل للمشارکة في مسابقة "فتاة الرّبیع"، والتي سُمّیت في ما بعد بمسابقة "الفتاة المميّزة". 

وکان یجب علی المشارکاتِ إرسالُ صورةٍ ملتقطةٍ في الأتيليه مرفقةً بنبذةٍ من السیرة الذّاتیة التي تضمّ شرحَ المستوى التعلیميّ، والطّول، والوزن وغيرها من المواصفات الشّخصیةِ إلی مجلة زَن روز. ولاقى هذا المشروعُ منذ انطلاقه معارضةً من قبلِ المراکز الدینیّة والتقلیدیّة.

انطلقت المسابقةُ بشکلٍ رسميّ عام 1966 تحت عنوان "الفتاة المميّزة"، وقد أخذ یتمّ إرسال كلِّ فتاة إیرانیة كانت تحصل على هذا اللّقبِ إلى مسابقة ملکة جمال العالم.
فتاة في الـ16 حتّی الـ25 من العمر؛ ذکیّة، لطيفة، أنيقة، تمارس الرياضة، رشيقة، حسناء الوجه، رومنسیة وعصریّة، وتحظى أيضًا بإعجاب أسرتِها وأصدقائها، وتنحدر من عائلةٍ محترمة؛ هذا ما کانت تشترطه مجلةُ زن روز مسجّلةً إيّاه على غلاف عددِها الأوّل للمشارکة فيي مسابقة "فتاة الرّبیع".
في بادئ الأمر کانت تسمیةُ "فتاة الرّبیع" تدلّ فکرَ القارئ إلی مسابقةٍ مماثلةٍ باسمِ مسابقة "ملکة الجمال"، ونظرًا للمناخ الثّقافيّ والدّينيّ کان من المتوقّع أن الصورة المعروضة من قبل مسابقة "فتاة الربیع" تمنع الناس عن السّماح لبَناتِهم خوضَ المسابقة؛ کما أنّه کان من المُحتملِ أن یظنّ الکثیرُ أنّه لا تشارك في المسابقة إلا أجمل وأغنى الفتیات، وبالتّالي لن ترغب الفتياتُ الأخرياتُ في المشارکة بمسابقةٍ لا حظوظ لهنّ في الفوز فيها. وبعد الإقبال الضّعیف على المسابقة، عملت مجلةُ زن روز علی تقدیم أجوبةٍ علی جمیع التساؤلات المحتملة حول مسابقة "فتاة الرّبیع". وأوضحت المجلةُ أنّ مسابقة فتاة الرّبیع تختلف عن مسابقة ملکة الجمال التي کانت تقام آنذاك على مستوى العالم، وقالت إن "فتاةَ الرّبیع" لیست بالضرورة أجملَ فتاةٍ في إیران، إنّما هي أکثر الفتیاتِ جدارةً وعصريةً، ولا علاقة لذلك بالجمال البحتِ والإغراء لدى الفتيات. 

ورغم ذلك، لم يتكوّن لدى الناس شعورٌ إیجابيّ تجاه ما تطلبه مجلة زن روز من المرشّحات (من بیانات کالطّول والوزن والمحيّا) فاحتجّوا على ذلك؛ الأمر الذي جعل مجلة زن روز تخصّص عددًا لتقديمِ توضيحاتٍ جديدةً حول أسبابِ طلبِها تلك البیانات. وأوضحت المجلةُ أنّ المطلوب من معرفةِ طولِ الفتيات ووزِنهنّ هو معرفة ما إذا کانت الفتاةُ ریاضیّةً أم لا، لأنّ أحد شروطِ المشارکة في المسابقة هو أن تکون المرشّحة تمارس الرّياضة. وأوضحت أن ما تقصده بالأناقة هو أن تکون الفتاةُ صاحبةَ ذوقٍ رفيع؛ كما صرّحت أنّ ما تقصده باشتراطِها أن تکون الفتاة من عائلةٍ محترمةٍ لا یتمثّل في المكانة الاجتماعية والاقتصادية للأب أو الأمّ، وإنما المقصود هو أن یکون ربّ الأسرة صاحبَ عملٍ محترم. 

وکان يبدو أن الهدفَ من کلِّ ذلك الإيضاحات والتبريرات هو إقناع أکبرِ عددٍ ممکن من الشّرائحِ الاجتماعیةِ والفتيات بأنّ المشارکةَ في هذه المسابقة هو عملٌ جیّد وحسَن، وسهلٌ أيضًا وعمليٌّ في الوقت نفسِه. وفي الحقیقةِ إن هذه المعاییرَ کانت ترتبط بفئاتٍ اجتماعیةٍ خاصةٍ تتمیّز في مستواها الثقافيّ والاقتصاديّ، وبالأخصّ من حیث الالتزام الدّينيِّ، وکان المطلوبُ من الشّعب، رغم کلّ معاناتِه وحرمانِه، أن یتّصفَ بصفاتِها أو یمثّل ما تشاء. وکانت مسابقةُ "فتاة الرّبیع" ساحةً لاستعراضِ هذه الفئاتِ الاجتماعیة المتمیّزة ومغریاتِها، وذلك بسبب نمطِ حیاتِها الغربیة. و"فتاة الرّبیع" طبعًا کانت تعرض في هذا الإطار. 

وقد بادر عددٌ قلیلٌ من الذین کانوا یعدّون عصریّین ومثقّفین آنذاك بالسّماحِ لبناتِهم بالمشارکةِ في المسابقة حيث بدأت المجلّة بنشرِ نبذةٍ من سیرةِ المشارکاتِ في أعدادِها اللاحقة. وانطلقت المسابقةُ بشکلٍ رسميّ عام 1966 تحت عنوان "الفتاة المميّزة"، وقد أخذ یتمّ إرسال كلِّ فتاة إیرانیة كانت تحصل على هذا اللّقبِ إلى مسابقة ملکة جمال العالم، حيث حازت من بینهنّ کلٌّ من "إلهة عَضُدي" و"شُهرهِ نیکْبُور" علی هذا اللقب. وبدأتْ تشارك الفتیاتُ الإیرانیاتُ في الفترة 1966 لغایةِ 1974 في مسابقة Teen Princess، ثمّ في الفترة 1975 لغایةِ 1978 بدأنَ یشارکنَ في مسابقة Miss Teenage Intercontinental. 

أقيمت آخر مسابقة لملكة الجمال في إيران قُبيل انتصار الثورة الإسلامية أي عام 1978، ولم تُقَم مسابقةُ ملکة الجمال في إیران منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979 حتّى اليوم.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard