حين تصدّت البرلمانات العربية والإسلامية لمحاولة إضاعة "وقتها الثمين" في جنيف
الخميس 18 أكتوبر 201807:08 م
شهدت جلسة الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي التي عُقدت في جنيف محاولات لتضييع "الوقت الثمين" للوفود البرلمانية المشاركة. كانت هذه شكوى أحد البرلمانيين العرب المشاركين. تبدو الشكوى منطقية تستدعي التعاطف مع البرلماني، فالأخير كان يسعى للإنجاز وآخرون في الاتحاد الدولي حاولوا هدر وقته. فما الذي فعله هؤلاء مع البرلمانيين "الحريصين على وقتهم"؟ كان هناك جلسة مخصصة، حسب ما أعلن الاتحاد، لمناقشة "دور البرلمانات في إنهاء التمييز على التوجه السياسي، واحترام حقوق المثليين". لكن معظم الوفود التي حضرتها، وتحديداً الآتية من البرلمانات الإسلاميّة والعربيّة، رأت النقاش بخصوص "مشروع القرار المتعلق بحقوق المثليين" بمثابة "مضيعة للوقت الثمين". وكان هناك من رأى أيضاً أنها "قضيّة غير ملحة عدا كونها جدليّة"، وهناك من اعتبرها "محاولة تمويه لتمرير قرارات أخرى خطيرة".
ولأن "الحتميّة" الاجتماعية والقانونية التي تواكب وفود تلك البرلمانات الذاهبة إلى جنيف تجعلها تنظر إلى حقوق الإنسان بتعالٍ على اعتبار أن الأخيرة هي ترف الضعفاء والعاطفيين إزاء انشغالها هي بقضايا "مصيرية"، كان من "الطبيعي" أن تأتي نتيجة التصويت كالتالي: 636 صوتاً ضد مناقشة القرار، 499 مع مناقشة القرار و130 امتناع. وعليه، احتفى المعارضون، وهم إلى جانب البرلمانات الإسلامية والعربية الكثير من دول أفريقيا ودول أخرى من بينها الصين وروسيا، بـ"فوزهم" على أولئك الذين كانوا يصرون على أهميّة طرح القرار على طاولة النقاش. وكانت المجموعتان البرلمانيتان، الإسلامية والعربية، قد عقدتا اجتماعين على هامش المؤتمر، في إطار التأكيد على رفض مشروع القرار المتعلق بحقوق المثليين.
وللعلم، يضم الاتحاد البرلماني الدولي، الذي تأسس عام 1889 على يد كل من فريدريك باس (فرنسا) وويليام راندال كريمر(بريطانيا)، 178 بلداً وتجمعاً إقليمياً كما يضم ستة تجمعات برلمانية اقليمية هي مجموعة أميركا اللاتينية والمجموعة الإفريقية والمجموعة العربية ومجموعة آسيا والمحيط الهادئ والمجموعة الأورو ـ آسيوية ومجموعة أوروبا الوسطى وكندا.


"هذا الأمر يتعارض مع معتقداتنا وثقافتنا"
من لبنان، شارك رئيس مجلس النواب نبيه بري والوفد البرلماني المرافق في الجلسة، بعدما لعب دوراً ناشطاً لمواجهة صدور قرار عن الاتحاد بهذا الخصوص. وقدم بري أكثر من مداخلة ركز فيها على أولوية التصويت على البند الطارئ كما ينص نظام الاتحاد، وهو البند المتعلق بموضوع "الأونروا" وحقوق الشعب الفلسطيني، وهو ما أكده كذلك رؤساء وأعضاء المجالس العربية قائلين إن الأولوية هي لموضوع "الأونروا"، وإن إدراج موضوع المثليين أمر مرفوض عدا عن أنه غير ملح. وقال بري: "أعتقد أن وفقاً لنظام الاتحاد البرلماني الدولي، يجب التصويت على البند الطارئ قبل أي شيء آخر"، مشيراً إلى "محاولة استهداف الاقتراح المتعلق بالأونروا وحقوق الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية من خلال السعي إلى تمرير موضوع حقوق المثليين". وأضاف: "إن ما يحدث هو ضد الديمقراطية"، محذراً من "استمرار مثل هذه المحاولة".البرلمانات الإسلاميّة والعربيّة رأت النقاش بخصوص "مشروع القرار المتعلق بحقوق المثليين" بمثابة "مضيعة للوقت الثمين". وكان هناك من رأى أيضاً أنها "قضيّة غير ملحة عدا كونها جدليّة"، وهناك من اعتبرها "محاولة تمويه لتمرير قرارات أخرى خطيرة"
لأن "الحتميّة" الاجتماعية والقانونية التي تواكب وفود تلك البرلمانات الذاهبة إلى جنيف تجعلها تنظر إلى حقوق الإنسان بتعالٍ على اعتبار أن الأخيرة هي ترف الضعفاء والعاطفيين إزاء انشغالها هي بقضايا "مصيرية"... كان من "الطبيعي" أن تأتي نتيجة التصويت كالتالي: 636 صوتاً ضد مناقشة القرارالرأي نفسه شاطره مع بري رئيس مجلس النواب المصري علي عبد العال، الذي يرأس للمناسبة اجتماع البرلمانات العربية في أعمال الجمعية العامة الـ139، وقال إن هناك موضوعات أخرى أولى بالاهتمام ويجب أن يعطيها الاتحاد البرلماني الدولي الأولوية مثل الحق في التعليم والتنمية في البلدان الفقيرة، بدلاً من "إقحام موضوعات جدلية لا يصح ولا يجب أن تمثل أولوية على أجندة عمل منظمة مهمة مثل الاتحاد البرلماني الدولي وأن تستهلك وقتها الثمين". كما تحدث رئيس الوفد الأوغندي عن المعارضين، وقال إن "شرعة حقوق الإنسان لا تأتي على ذكر هذا الموضوع (المثلية الجنسيّة)"، موضحاً ايضاً بالقول "هذا الأمر يتعارض مع معتقداتنا وثقافتنا". ولمسألة حقوق المثليين في قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان قضيّة إشكالية أخرى. فمنذ تأسيسها عام 1945، لم تناقش الأمم المتحدة حقوق المثليين (في ما يتعلق بالمساواة بغض النظر عن التوجه الجنسي أو الهوية الجنسية) وذلك حتى ديسمبر 2008، حين قُدمت مبادرة هولندية/فرنسية - مدعومة ببيان من الاتحاد الأوروبي - تدعم فيه حقوق المثليين إلى الجمعية العامة. ووجهت المبادرة بمعارضة من قبل جامعة الدول العربية، ولا تزال الأمور مفتوحة للتصويت من دون اعتماد صيغة رسميّة من قبل الجمعية العامة.
