شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
إهمالٌ طبيٌّ

إهمالٌ طبيٌّ "مروّع" في سجون البحرين حسب تقريرٍ للعفو الدولية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 30 سبتمبر 201805:55 م
"نمطٌ مروعٌ من الإهمال الطبي يجري في نظام السجون في البحرين" هذا ما خلصَ إليه تقريرٌ حديثٌ نشرته منظمةُ العفو الدولية يوم 28 سبتمبر. وعرض تقرير المنظمة التي مقرها لندن، شهاداتٍ لعائلاتِ 11 سجيناً، في مختلف مرافقِ الاحتجاز في جميع أنحاء البحرين، تُظهر أن الذين يعانون من أمراضٍ خطيرة مثل السرطان، والتصلب المتعدد، وفقر الدم المنجلي، لا يتلقون الرعايةَ اللازمة أو الأدويةَ المخفّفة للألم. يضيف التقرير الذي اطلع عليه رصيف22 أن النماذج التي وثَّقتها المنظمة تشير إلى أن "حالاتٍ منتظمةٍ من الإهمال والتأخير والممارسة التعسفية للسلطة تشوبُ نظام السجون في البحرين، إلى حدٍ يصل في حالات بعينها إلى مستوى إساءةِ المعاملة المتعمدة، ويؤدي إلى الغيابِ التامّ للرعاية الكافية للمحتجزين والسجناء". وبررت المنظمةُ في تقريرها عدمَ ذكرها أسماءَ عائلاتِ السجناء الذين أدلوا بشهاداتهم بسبب "الاحتمالِ القوي بأن تتعرضَ عائلاتُ الأفراد الذين يفشون بمعلوماتٍ بشأن هذه الانتهاكات إلى المنظمات الدولية لأعمالٍ انتقامية". وبحسب التقرير، في شهر نوفمبر عام 2015، كان سجنُ البحرين الرئيسي، المعروفُ باسم (سجن جو)، يضم حوالي 2,500 سجينٍ مسجلين رسمياً. مع ذلك لا تضم هيئةُ العاملين فيه سوى طبيبين فقط، واحدٌ لكل وردية. يكمل أن مرافقَ السجنِ تفتقرُ إلى معداتِ تشخيصٍ من قبيل جهاز التصوير بالأشعة السينية. وغالباً ما تصرف العيادةُ "البنادول" و"الرستامول"، الدارجة كأدوية مسكنة لكل ما يشتكي منه السجناء، بما في ذلك الأمراض التي لا علاقة لها بهذه المسكنات. ويقول التقرير إن البحرين تملكُ المواردَ المهنيةَ والمالية لتوفير الرعاية الصحية الكافية لجميع السجناء، مع ذلك، امتنعت في حالاتٍ متعددةٍ عن القيام بذلك، ليس بسبب نقصِ الإمكانات، إنما بغرض الحرمانِ المتعمد من العلاج، بحسب آمنستي.

منع العلاج خارج السجن.. وداخله

يقول التقرير إن سلطات "سجن جو" أجبرت السجين أحمد ميرزا إسماعيل، الأخ غير الشقيق لعلي سلمان، زعيمِ "جمعية الوفاق الوطني الإسلامية" التي تمَّ حلُّها، على التخلي عن حقه في الانتقال إلى المستشفى بناءً على موعد مسبق للعلاج من مضاعفاتٍ ألمت به بسبب إصابته بفقر الدم المنجلي. هدد حراسُ السجن إسماعيلَ صيفَ 2017، بضربه وإيداعه الحبسَ الانفرادي ما لم يوقّع على أوراقٍ لإلغاء الموعد. رداً على زيارة قامت بها "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" للسجن، تحدث خلالها موظفو الصليب الأحمر مع إسماعيل. بحسب التقرير، مضيفاً أن سلطاتِ السجن قبل أن تلجأ إلى عملية الإكراه، ألغت عدة مراتٍ مواعيدَ كانت مقررةً له لمراجعة المستشفى بذرائعَ مختلفة. ويحتاج إسماعيل بحسب عائلته إلى عملية لإزالة مرارته منذ يوليو بسبب تراكم الحصى المزمن، نتيجةَ مضاعفاتِ الإصابة بفقر الدم المنجلي. أما السجين إلياس فيصل الملا، البالغ 27 سنة. فقد تعرضَ للضرب من قبل العاملين الطبيين في عيادة سجن جو، بحسب شهادته، أثناء أعمال شغبٍ وقعت في السجن في مارس 2015. ثم جرى تشخيصه بأنه مصاب بالسرطان. وعقب دخوله المستشفى بسبب تقيئه دماً 1 أغسطس 2015، ظلت إدارة السجن ترفض، حوالي شهرين، الإفراج عن تقاريره الطبية وتقديمها لعائلته، وأخبرتهم إحدى المرات أنه تزحلق في حمام السجن وكسر ساقه. يكمل التقرير "عندما حصلت عائلتُه على تقريرٍ طبي، بعد أكثر من ثمانية أسابيع من دخوله المستشفى، تبين أن الملا يعاني من سرطان القولون من الدرجة الثالثة، وقد انتشر جزئياً في جهازه الليمفاوي. ورغم حقيقة أنه كان يعاني من المرض الشديد على نحوٍ بادٍ للعيان، أعيد نقلُه إلى سجن جو في شهر أغسطس نفسه، عقب أقل من أسبوع على خضوعه لجراحة لأخذِ خزعةٍ من قولونه. وظل محتجزاً في سجن جو طيلة فترة العلاج الكيميائي التي خضع لها في 2015 و2016، بينما ظلت مواعيدُ المستشفى تؤجَل أو تلغَى على نحوٍ تعسفي". كما لم يتلقَ السجين محمد علي جعفر، المصاب بالتصلب المتعدد علاجَه المقرر منذ أوائل سبتمبر. كما لم يخضع لفحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي السنوية المقررة لمرضى التصلب المتعدد منذ يوم دخوله السجن في 2014. أيضاً تعرض السجين أحمد عبد الله العرب، الذي حوكم وهو ما زال قاصراً، للضرب، حسب ادعائه، في وقت احتجازه في 2015 ويعاني الآن من نوبات ألمٍ في الظهر تمنعه من الوقوف أو الجلوس براحته. وقد نصح طبيبٌ في عيادة السجن بنقله لتصويره بالأشعة السينية، لكن هذا لم يحدث.

انتهاكاتٌ في سجن النساء

لا يختلف الأمر كثيراً في سجن النساء في مدينة عيسى البحرينية، حيث يتحدث تقرير العفو الدولية عن أشكالٍ من التقصير في توفير التشخيص أو المتابعة الطبية المناسبين، فلم يسمح لهاجر منصور حسن، التي تقول المنظمة إنها مسجونةٌ بصورة انتقاميةٍ بسبب نشاط زوج ابنتها سيد أحمد الوداعي في مجال حقوق الإنسان، بالحصول على سجلاتها الطبية، ولم يقدم لها تشخيصٌ بشأن أكياسٍ في صدرها مثيرة للقلق رغم طلباتها المتكررة. أيضاً تعاني فوزية ماشالله حجي، البالغة 56 عاماً والمحتجزة في انتظار المحاكمة منذ ديسمبر 2017، من مشكلات في القلب وخضعت لعملية في ركبتيها قبل أن تودع الحجز بتهمٍ تتعلق بإيواء فارّين من وجه العدالة. ولم توفر لها بعض العلاجات التي كانت تتناولها بعد احتجازها. وفي 11 مارس 2018، غابت عن الوعي في الحجز ونقلت إلى عيادة في مرفق تابع "لوزارة الداخلية" يعرف باسم القلعة. وعولجت ساعاتٍ قليلةً فقط قبل أن تعاد إلى السجن. كما لم يُستجَب لطلبات السجينة مدينة عليّ بإجراء فحوصٍ طبية شرعية لها لما تدعي أنه آثار تعذيبٍ منذ اعتقالها في مايو 2017.
"حالاتٌ منتظمةٌ من الإهمال والتأخير والممارسة التعسفية للسلطة تشوبُ نظام السجون في البحرين، إلى حدٍ يصل إلى إساءةِ المعاملة المتعمدة، والغيابِ التامّ للرعاية الكافية للمحتجزين والسجناء"
تتصاعدُ المضايقات والانتهاكات ضد النزلاء الشيعة، الذين يشكلون أغلبيةَ السجناء، عند اقتراب مواعيدِ المناسباتِ الدينية الشيعية

تمييز طائفي في سجون البحرين

يشير التقرير كذلك إلى بعض أشكال  التمييز الطائفي في السجون، حيث قالت عائلات عدة سجناء إن التمييز على أساس الطائفة متفشٍ في (سجن جو)، وتتصاعد المضايقات والانتهاكات ضد النزلاء الشيعة، الذين يشكلون أغلبيةَ السجناء، عند اقتراب مواعيدِ المناسباتِ الدينية الشيعية، لا سيما في شهر محرم، الذي تقع فيه عدةُ مناسباتٍ دينية مهمة يحتفل بها شيعة البحرين، أهمها يومُ عاشوراء، المصادف العاشر من محرم. كما لم يُسمح لهاجر منصور حسن ونجاح أحمد يوسف ومدينة علي، نزيلاتُ زنزانةٍ واحدة، بالانضمام إلى تجمع السجينات الأخريات اللاتي كن يحتفلن بعاشوراء، بينما لم يستجب لطلبهن الحصول على نسخٍ من النصوص الدينية التي تقرأ عادة في المناسبة. وطالبت العفو الدولية سلطاتِ سجن جو وسجن النساء في مدينة عيسى، وجميع أماكن الاحتجاز في البحرين إلى التقيد بأحكام القانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان في معاملتها للمعتقلين والسجناء. البحرين طرفٌ في "العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، الذي يطالبُ باحترام وحمايةِ وإعمال "حقّ كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه" ولم تصدر البحرين تعقيباً على تقرير المنظمة الدولية حتى الآن.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard