شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
إن كانت

إن كانت "حبة ذكاء" تدفعكم إلى تأليف كتابين في الوقت نفسه، فهل تتناولونها؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 29 سبتمبر 201810:30 ص
أشاد بعض أهل الفكر بالقهوة وآمنوا بالقوة الكامنة وراء هذه الحبوب البنية، على غرار الأديب الفرنسي "أونوريه دو بلزاك"، الذي اعتاد استهلاك 50 فنجاناً من القهوة في اليوم الواحد. فقد اعتبر "بلزاك" أن هناك رابطاً معيّناً بين مشروبه المفضل والإبداع في الكتابة، متخذاً من القهوة حليفاً له:"حالما تكون القهوة في معدتك، تبدأ الأفكار في التدفق"، ومع الوقت وصل به الأمر إلى تناول ملعقةٍ كاملةٍ من البن المطحون على معدةٍ خاويةٍ، لأن "تتدفق الأفكار بسرعة إلى ذهني مثل تدفق كتائب الفرق العسكرية من الجيش الجرار إلى ميدان القتال، ثم تحتدم المعركة". هذه العادة باتت قديمة بعض الشيء لأن الجيل الجديد يتجه اليوم نحو مجموعةٍ من المواد الجديدة، تُعرف بـ"عقاقير الذكاء"، بهدف تحسين القدرات العقلية والمضي قدماً في الحياة المهنية. via GIPHY

انتشار أقراص الذكاء

يبدو أن الإقبال على "أدوية الذكاء" ازداد بشكلٍ ملحوظ. فقد وجد إستطلاع شمل عشرات الآلاف من الأشخاص أن 30% من الأميركيين استهلكوا هذه العقاقير في العام 2017. ومن المرجح أن تتسع رقعة الاستخدام وتشملنا جميعاً في وقتٍ قريب، فهل يصبح أسبوع العمل أقصر بحيث أن العاملين سيصبحون أكثر كفاءةً؟ للإجابة، نحتاج أولاً إلى فهم طبيعة هذه "العقاقير الذكية" وتأثيرها.
كان عالم الرياضيات العبقري "بول إيردوس" يستهلك الأمفيتامين بكثرةٍ ليبقى ذهنه مستيقظاً على مدار 19 ساعةٍ متصلةٍ لصياغة النظريات الرياضية.
كيف سيكون شعورك في اليوم اللاحق؟ ربما ستكون شديد التركيز لمدة 4 ساعات أو 12 ساعة على الأكثر، ولكنه بعد ذلك سيهبط تركيزك إلى أدنى مستوى على مدار 24 أو 48 ساعة.
لعلّ أول نموذج لأدوية الذكاء هو عقار "بيراسيتام"، الذي اكتشفه العالم الروماني "كونيليو غويرجيا" في أوائل الستينيات، عندما كان يبحث عن مادةٍ كيميائيةٍ يمكن أن تتسلل إلى الدماغ لتجعل الناس يشعرون بالنعاس. وبعد أشهرٍ من الاختبارات، توصل العالم إلى "مركب 6215"، الذي بالرغم من أنه كان آمنا لم ينجح في جعل المرضى يغطون في سباتٍ عميق لا بل اتّضح أن مفعوله كان عكسياً: بعد أن تستهلكه المرضى نحو شهرٍ واحد، لاحظوا تحسناً كبيراً في ذاكرتهم. shutterstock_504340573 وهكذا أدرك "غويرجيا" على الفور أهمية هذه النتائج التي توصل إليها، وصاغ مصطلح "منشطات الذهن"nootropic نظراً لتأثير الدواء على وظائف الدماغ، واليوم أصبح "بيراسيتام" أحد الأدوية التي يعتمد عليها الطلاب والموظفون الشباب الذين يبحثون عن وسيلةٍ فعالةٍ لتحسين أدائهم. كما أجرت شركة "إيبسوس" دراسة استقصائية كشفت أن 22 % من البالغين المشاركين أخذوا مكملاتٍ غذائية رياضية في العام الماضي. فإذا أخذنا على سبيل المثال "الكرياتين مونوهيدرات" لوجدنا أن هذا العنصر الغذائي يتكوّن من مسحوقٍ أبيض، غالباً ما يُخلط مع المشروبات السكرية أو الحليب المخفوق أو يؤخذ على شكل حبوب. وبالرغم من أنه جديد نسبياً بين أوساط الشباب العاملين، فإن الكرياتين لطالما استخدمه لاعبو كمال الأجسام لبناء العضلات، ففي الولايات المتحدة تحقق صناعة المكملات الغذائية الرياضية، التي تحتوي بمعظمها على الكرياتين، مليارات من الدولارات. واللافت أنه تم العثور على هذه المادة الكيميائية بشكلٍ طبيعي في الدماغ، وتشير بعض الأدلة إلى أن تناول المزيد من الكرياتين يمكن أن يحسن الذاكرة ويزيد نسبة الذكاء.

ولكن هل تعدّ مثل هذه العقاقير مكسباً حقيقياً للدماغ؟

لا شك أن بعض الأدوية التي تباع في الأسواق والصيدليات قادرة على تحسين مستوى الأداء وتحفيز القدرات العقلية، ومن بينها الفيتامين وميثيل فينيدات اللذان هما من أكثر منبهات الجهاز العصبي المركزي انتشاراً، فقد كان عالم الرياضيات العبقري "بول إيردوس" يستهلك الأمفيتامين بكثرةٍ ليبقى ذهنه مستيقظاً على مدار 19 ساعةٍ متصلةٍ لصياغة النظريات الرياضية. كما استعان بهذه المادة الكيميائية الكاتب غراهام غرين لتأليف كتابين في وقتٍ واحدٍ، بالإضافة إلى الأديب المشهور جان بول سارتر وغيرهما من الكتاب الذين أدمنوا هذه الحبوب. وقد انتشرت في الآونة الأخيرة قصص وافرة تكشف مدى انتشار تناول الأمفيتامينات في بعض المجالات، مثل الصحافة والفنون والاقتصاد. 30xAdderall10mg ومن أشهر الأسماء التجارية التي تتضمن الأمفيتامين :"أديرال" و"ريتالين"، اللذان يتم وصفهما للأشخاص الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، غير أن الاستهلاك ارتفع أيضاً لدى الأفراد الذين يبحثون عن طرق للتركيز على مهمات محددةٍ، إذ يشيد كل من يتناول هذه المنبهات بنتائجها المدهشة، خاصة لناحية تحسين الطاقة العقلية والتحفيز على العمل. تعليقاً على هذا الموضوع، قال "جيفري وو"، رئيس مجلس إدارة شركة "اتش في إم إن" للمنتجات الغذائية، التي تنتج مكملاتٍ غذائية لتنشيط الذهن تعرف ب"نوتروبيك": "يبدو أن هناك نسبة متزايدة من العاملين في مجال العلوم الفكرية في وادي السيليكون ووول ستريت الذين يتناولون المنشطات الذهنية". via GIPHY وأضاف:"أعتقد أن النوتروبيك يجعل الأشياء أكثر تنافسيةً، فعلى سبيل المثال إن سهولة الوصول إلى رأس المال الفكري الصيني والروسي في الولايات المتحدة الأميركية في ازدياد". وقد شبه الموظفين الذين يستخدمون هذه المنشطات الذهنية بالرياضيين المحترفين الذين يتناولونها لتحسين فرصهم في المنافسة.

آثار سلبية

كما هو الحال مع جميع الأدوية، فإن لهذه المنبهات عيوباً خطيرة، لأن تركيب الأمفيتامين مثلاً يشبه تركيب الميثافيتامين الكريستالي، وهو أحد أنواع المخدرات القوية ودمّر حياة عدد من الناس، ومن المعروف أيضاً أن "أديرال" و"ريتالين" هما من الأدوية التي يمكن أن يؤدي تعاطيهما إلى الإدمان، وبالإضافة إلى بعض الآثار الجانبية الأخرى مثل القلق، الأرق، آلام في المعدة، تساقط الشعر... [caption id="attachment_164828" align="alignnone" width="1000"]Amphetamine-drug-smoking Amphetamine drug smoking[/caption]

ماذا عن زيادة الإنتاجية؟

يبدو أن استهلاك هذه المنشطات لا يؤدي بالضرورة إلى تحسين الإنتاجية، كما يعتقد البعض، لأن فائدة هذه الأقراص وتأثيرها على الدماغ لا يزالان غير مثبتين من الناحية العلمية. يقول عالم الأعصاب في جامعة ستانفورد "أندرو هيوبرمان": "من المهم النظر في مدى خطورة هذه المنبهات على المدى القصير، ولكن هناك سؤالاً آخر وهو كيف سيكون شعورك في اليوم اللاحق؟ ربما ستكون شديد التركيز لمدة 4 ساعات أو 12 ساعة على الأكثر، ولكنه بعد ذلك سيهبط تركيزك إلى أدنى مستوى على مدار 24 أو 48 ساعة". وبالنظر إلى هذه العيوب، يبدو أنه من غير المحتمل أن تتمكن هذه المنبهات والأقراص"الذكية" من تغيير العالم في وقتٍ قريبٍ، ولكن يبقى هناك بديل أكثر اعتدالاً من الممكن ابتياعه من دون وصفةٍ طبيةٍ من أي مقهى أو سوبرماركت وهو: الكافيين. ورداً على السؤال التالي: ماذا سيحدث لو تناولنا جميعاً عقاقير الذكاء؟ أجاب موقع "بي بي سي" أن معظمنا يتناولها يومياً من دون أن يدري مع كل رشفة قهوة في الصباح.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard