شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
التهمة

التهمة "حيازة كاميرا"... حبس طالبتين في الإسكندرية لاستطلاعهما آراء المصريين حول الأسوار الحاجبة للبحر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 19 سبتمبر 201804:13 م
يحكي الفيلم المستقل "هليوبوليس" الذي أدى دور البطولة فيه الممثل المصري خالد أبو النجا عن طالب دراسات عليا في إحدى الجامعات المصرية يعمل على مشروع تخرج يوثّق فيه التغيير الذي طال حي مصر الجديدة العريق في القاهرة. وحين يُخرج الطالب كاميرته بهدف تصوير مباني الحي، يجد عناصر من الشرطة المصرية حوله فجأة وينهمرون عليه بالأسئلة لمعرفة ماذا يفعل بشكل واضح. ورغم أنه أخبرهم بالسبب إلا أنهم قبضوا عليه بتهمة "حيازة كاميرا". Heliopolis-poster يكشف الفيلم الذي أُنتج عام 2009 كيف أن الكاميرا تسبّب غضب رجال الأمن في مصر وكيف تدفعهم إلى التعامل مع مَن يحملها باعتباره مجرماً محتملاً يرغب في تكدير السلم العام. ما حدث مع بطل الفيلم تكرر بشكل متطابق مؤخراً مع ثلاث طالبات مصريات أردن استطلاع رأي مواطنين من سكان محافظة الإسكندرية التي تقع شمال مصر، حول أسوار خرسانية جديدة أقامتها الحكومة المصرية وأثارت حالة استياء وغضب بين سكان المحافظة لأنها تحجب عنهم منظر البحر الذي تشتهر به محافظتهم. وحققت نيابة باب شرق في الإسكندرية، مساء يوم 18 سبتمبر، مع ثلاث فتيات، وذلك بعد توقيفهن أثناء عمل اثنتين منهنّ على مشروع تخرجهما الجامعي المذكور. وكثيراً ما يقول مصورون مصريون أنهم يتعرضون لمضايقات أثناء قيامهم بالتصوير في الشارع، سواء من رجال الأمن أو ممّن يُطلق عليهم لقب "المواطنين الشرفاء"، وهو مصطلح انتشر بعد الثورة المصرية ويُقصد به أفراد من المجتمع قد يكونون على علاقة بالأمن، ويقومون بدور المخبر إذا وجدوا صحافياً أو مصوراً أو متظاهراً في الشارع، فيقومون بالقبض عليه وتسليمه لرجال الأمن. والفتيات الثلاث اللواتي قُبض عليهنّ هنّ الطالبتان في كلية الخدمة الاجتماعية سهيلة محمود ومروة محمد، والطالبة في كلية الآداب خديجة بهاء الدين. وقررت النيابة حبس محمود، وبهاء الدين، لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات، بموجب المحضر رقم 7438 لسنة 2018 إداري باب شرق، بينما قررت إخلاء سبيل زميلتهما الثالثة مروة، بضمان محل إقامتها. ووجهت النيابة للفتيات تهماً عدة، منها حيازة مصنف سمعي وبصري (في إشارة إلى الكاميرا) بغرض تكدير السلم العام والتحريض ضد الوحدة الوطنية، وتسجيل وتصوير مصنف سمعي وبصري دون ترخيص أو تصريح من وزارة الثقافة، وذلك بعدما نُسب إليهن قيامهنّ بتصوير لقاءات مع المواطنين لاستطلاع آرائهم حول السور الخرساني المقام في منطقة سيدي جابر، على كورنيش بحر الإسكندرية. ومن ضمن التهم الأخرى التي وُجّهت إلى الفتيات "الانضمام لجماعة الإخوان المسلمين"، والتي تعتبرها الدولة المصرية جماعة "إرهابية".
يحكي فيلم "هليوبوليس" عن طالب جامعي مصري يعمل على مشروع تخرج يوثّق فيه بالكاميرا التغيير الذي طال حياً في القاهرة، فتعتقله الشرطة بتهمة "حيازة كاميرا"... القصة تتكرر على أرض الواقع مع ثلاث فتيات
"حيازة الكاميرا" في مصر تهمة... "محاكمة مصريين بقانون عمره أكثر من نصف قرن يعبّر عن حال العدل في مصر، والكاميرا تخيف فقط الأنظمة التي تمارس القمع وتتخوف من فضح ممارساتها"
وتقول منظمات حقوقية عدة إن تهمة الانضمام لجماعة الإخوان باتت تهمة جاهزة توجهها الدولة للمعارضين لسياساتها، حتى لو كانوا معروفين بأنهم ليبراليين. وقالت مؤسسة حرية الفكر والتعبير غير الحكومية في بيان نشرته في 19 سبتمبر إن الحرز الموجود في المحضر "عبارة عن كاميرا لا توجد فيها بطاقة ذاكرة، كما لا تحتوي على أية صور أو فيديوهات". وقُبض على الفتيات الثلاث يوم السبت، في 15 سبتمبر، في منطقة سيدي جابر، واحتُجزن يومين بدون تحقيق في قسم باب شرق، بحسب المؤسسة.

قانون عمره أكثر من نصف قرن

وتتهم النيابة الفتيات الثلاث بمخالفة المادة 15 من القانون رقم 430 لسنة 1955، المعروف باسم "قانون تنظيم الرقابة على الأشرطة السينمائية ولوحات الفانوس السحري والأغاني والمسرحيات والمونولوغات والأسطوانات وأشرطة التسجيل الصوتي". وتنص هذه المادة على أنه "يُعاقب كل مَن صور شريطاً سينمائياً بقصد الاستغلال بدون ترخيص بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن مئتي جنيه ولا تزيد على خمسمئة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين". لكن إلى جانب هذه المادة، قررت النيابة إضافة تهمة أخرى للفتيات تتعلق بانتمائهن لجماعة الإخوان. ويقول المحامي الحقوقي أحمد أبو المجد إن محاكمة مصريين بقانون عمره أكثر من نصف قرن يعبّر عن حال العدل في مصر، معتبراً أن الكاميرا تخيف فقط الأنظمة التي تمارس القمع وتتخوف من فضح ممارساتها. ويذكر أبو المجد بمطالبات حقوقية قبل سنوات بضرورة وضع كاميرات مراقبة داخل أقسام الشرطة للتأكد من عدم تعرّض أي مصري للتعذيب، وهو ممارسة تقول منظمات كثيرة إنها تمارَس بشكل ممنهج داخل الأقسام المصرية، لكن وزارة الداخلية ترفض الأمر. ووصل الغضب من الأسوار الخرسنانية الجديدة إلى درجة أن نائب الإسكندرية في مجلس النواب، هيثم الحريري، قرر التقدم بطلب إحاطة إلى المجلس بشأن ما اعتبره "تعدياً على حقوق المصريين وخاصة أهل الإسكندرية وحجب رؤية البحر". وطالب الحريري بوقف فوري لهذه الأعمال إلى حين انعقاد لجنة الإدارة المحلية في البرلمان لمناقشة تفاصيل هذه المشروعات والإطلاع على التراخيص الممنوحة ودراسة الأثر البيئي للمشروع. ودعا إلى تشيكل لجنة فنية من المتخصصين لدراسة الآثار السلبية على البيئة والمجتمع من هذه التعديات الصارخة على حقوق كل المصريين، حسب تعبيره.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard