شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
سارة مارديني من سبّاحة بطلة إلى مُتٰهمة بـ

سارة مارديني من سبّاحة بطلة إلى مُتٰهمة بـ"الاتّجار في البشر"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 7 سبتمبر 201804:00 م
في سجن كوردالوس في اليونان، ظلت السباحة السورية سارة مارديني قيد الاحتجاز أسبوعًا، بتهم مثيرة للحيرة. فسارة (23 عامًا) التي أنقذت 18 لاجئًا في العام 2015 من خلال السباحة بهم لشواطئ جزيرة ليسبوس برفقة شقيقتها البطلة الأولمبية (يسري)، مُتهمة بتهريب البشر والتجسس والانتماء إلى منظمة إجرامية، وهي جرائم يُزعم أنها ارتكبت منذ عودتها إلى العمل مع منظمة غير حكومية في الجزيرة اليونانية. وبموجب القانون اليوناني، يمكن احتجاز مارديني 18 شهرًا إلى أن تحين محاكمتها، حسبما ما ورد في تقرير لصحيفة "الجارديان" البريطانية.

"اتهامات لتجريم العمل الإنساني"

سارة الحاصلة على حق اللجوء في ألمانيا، سبق أن نالت منحة لدراسة الاقتصاد والعلوم الاجتماعية في كلية بارد في برلين في 2016، وبالعام عينه شاركت شقيقتها يسرى، التي اختيرت سفيرةً للنوايا الحسنة لشؤون اللاجئين، في فريق اللاجئين خلال دورة الألعاب الأولمبية بريو دي جانيرو. "الاتهامات بمثابة تجريم للعمل الإنساني. لم تكن سارة هنا حتى عندما وقعت هذه الجرائم المزعومة، لكن اتهامها جدَي، وربما يكون هذا أخطر ما قد يواجهه عامل إغاثة على الإطلاق"، يقول محاميها، هاريس بيتالنيكوس، الذي قدم التماسًا لإطلاق سراحها. كان من الممكن أن يصبح وصول مارديني إلى أوروبا أمرًا عاديًا لا يلحظه أحد لولا شجاعتها غير العادية وشجاعة شقيقتها الصغرى، يسرى، في توجيه قاربهما إلى بر الأمان بعد تعطل المحرك خلال عبوره بحر إيجه من تركيا إلى اليونان. كلتاهما سباحتان من النخبة. وعاد الفضل آنذاك للشقيقتين، اللتين ترتكز قصتهما على أساس الفيلم القادم للمخرج البريطاني ستيفن دالدري، في إنقاذ أرواح زملائهما. وفي ألمانيا، وطنهما الجديد، عُوملتا معاملة نجوم المجتمع. وفازت سارة ويسرى مارديني بجوائز في مهرجان بامبي الإعلامي الكبير في ألمانيا بالعام 2016.

اعتقال سارة رسالة "مُقلقة للغاية" من السلطات اليونانية للعاملين في إغاثة اللاجئين

بسبب قصتها الملهمة، تواصل معها المركز الدولي للاستجابة للطوارىء ( ERCI )، الكائن على جزيرة ليسبوس. وقال المركز حينذاك بعد أن وافقت مارديني على الانضمام إلى صفوفه في 2016: "بعد المخاطرة بحياتها لإنقاذ 18 شخصًا ... لم تعد فقط إلى حيث كانت، لكنها موجودة هنا لضمان عدم فقدان المزيد من الأرواح في هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر". بعد زيارتها الأولى للعمل مع المركز، عادت مرة أخرى إلى Lesbos في ديسمبر الماضي للتطوع مع مجموعة للمساعدات. وحتى 21 أغسطس، لم يكن هناك ما يشير إلى أن فترة عودتها الثانية لن تسير على ما يرام.
اعتقال سارة رسالة "مُقلقة للغاية" من السلطات اليونانية للعاملين في إغاثة اللاجئين
سارة التي أنقذت 18 لاجئًا في العام 2015 من خلال السباحة بهم لشواطئ جزيرة ليسبوس برفقة شقيقتها البطلة الأولمبية (يسري)، مُتهمة بتهريب البشر والتجسس والانتماء إلى منظمة إجرامية، وهي جرائم يُزعم أنها ارتكبت منذ عودتها إلى العمل مع منظمة غير حكومية في الجزيرة اليونانية
ولكن مع انتظار مارديني في مطار ميتيليني من أجل العودة إلى ألمانيا، لمواصلة منحتها الدراسية في برلين، أُلقي القبض عليها. وبعد ذلك بقليل، اعتقلت الشرطة أيضًا المدير الميداني لهيئة ERCI، ناسوس كاراكيتسوس، وهو ضابط سابق في القوات البحرية اليونانية، وشون بيندر، وهو متطوع ألماني يعيش في أيرلندا. وتأتي هذه الاعتقالات في الوقت الذي تتصاعد فيه بوادر حملة عالمية على شبكات التضامن مع اللاجئين. من روسيا إلى إسبانيا، تم استهداف عمال حقوق الإنسان الأوروبيين في ما وصفه المشاركون في الحملة بمحاولة شريرة على نحو متزايد لإسكات المجتمع المدني باسم الأمن. وقال جوناثان كوبر، المحامي الدولي لحقوق الإنسان في لندن: "هناك قلق من أن هذا مثال آخر على قمع الدولة للمجتمع المدني... ما نشهده حقاً هو أن السلطات اليونانية التي تستخدم سارة لإرسال رسالة مُقلقة للغاية مُفادها أنه إذا تطوعت للعمل في مجال اللاجئين فإنك تقوم بذلك على مسؤوليتك".

جانب مُظلم من القصة

وسط مخاوف من سيناريوهات شديدة الوطأة قد يواجهها العاملون في مجال العمل الإنساني، تقول الشرطة اليونانية إن هناك جهات أخرى تنظر إلى جانب مُظلم للقصة، موضحةً أن أحد الأشخاص يتاجر في البشر بينما يتم خداع المتطوعين الشباب للمشاركة في شبكة إجرامية عن غير قصد. وحسب هذا السيناريو، فإن الشقيقتين مارديني مجرد أهداف أولية. أما السلطات اليونانية فقالت إنها حققت على مدى 6 أشهر في القضية، وقد انتقل محققوها إلى ليسبوس من أثينا وتيسالونيكي. وفي بيان طويل ومفصل بشكل غير عادي، قالت شرطة ميتيليني إنه في الوقت الذي يتصرف فيه المركز الدولي للاستجابة للطوارىء كمنظمة غير هادفة للربح، فإنه تصرف لغرض وحيد هو استغلاله في جلب الأشخاص بطريقة غير مشروعة إلى اليونان عبر جزر بحر إيجه الشمالية الشرقية. وقالت الشرطة إن أعضاء المركز  استغلوا موجات إذاعية لخفر السواحل اليونانية والأوروبية دون الحصول على إذن مسبق للوجود في مواقع ما سمته بـ"قوارب المُهربين"، وأن 30 منهم، معظمهم من الرعايا الأجانب، اصطفوا لاستجوابهم فيما يتعلق بالأنشطة المزعومة. وأضافت أن "منظمات مماثلة" أخرى تعاونت أيضًا فيما وصف بأنه "خطة غير رسمية لمواجهة حالات الطوارئ". وأثيرت الشكوك في بادئ الأمر، حسبما ذكرت الشرطة، عندما تم إيقاف مارديني وبيندر في فبراير، عندما كانا يقودان عربة رباعية الدفع عسكرية سابقة تحمل لوحة ذات أرقام زائفة. ولطالما كانت لسبوس على الخطوط الأمامية لأزمة اللاجئين، وجذب المتطوعين في العمل الإنساني. وقد حدث انخفاض كبير في أعداد الهجرة عبر شرق البحر المتوسط في مارس 2016، عندما تم التوقيع على اتفاق تاريخي بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، حيث كانت الجزيرة نقطة دخول رئيسية إلى أوروبا. وتشير التقديرات إلى أن 114 منظمة غير حكومية و 7356 متطوعًا يعملون في ليسبوس حيث 10 آلاف لاجىء، وفقًا للسلطات اليونانية. ويصفها مسؤولون محليون بأنها "صناعة". "دافع سارة للعودة إلى ليبسوس هذا العام كان إنسانيًا بحتًا"، تقول لـ"الجارديان"، أوشني فراي، زميلتها التي عملت معها في يونيو الماضي في عيادة يومية في مركز استقبال اللاجئين. أما رئيس بلدية ليسبوس، سبايروس جالينوس، فقال للصحيفة: ""كل شيء ممكن. لا شك في أن بعض المنظمات غير الحكومية قد استغلت الوضع. كان إعلان الشرطة قاسيًا بشكل غير معتاد. لفترة طويلة، كنت أقول إننا لا نحتاج إلى كل هذه المنظمات غير الحكومية. عندما اندلعت الأزمة، نعم كانت الدولة غير مستعدة بشكل مُحزن ولكن الآن الأمر ليس كذلك". في حين فشلت محاولات "الجارديان" للاتصال بالمركز الدولي للاستجابة للطوارىء. وفي بيان صدر بعد مرور أكثر من أسبوع على القبض على مارديني، أنكر المركز هذه المزاعم، قائلًا إنه وقع ضحية "ادعاءات لا أساس لها من الصحة"، وذلك دون الإشارة إلى مارديني. "لا معنى لها على الإطلاق"، يقول عامر خان، وهو ممول في نيويورك تحول إلى مُحسن خيري تبرّع بقوارب لعمليات البحث والإنقاذ لصالح المركز، مُضيفًا: "اتهام أي واحد منهم بالاتجار في البشر (يعتبر) جنونًا". "في أوروبا اليوم، يجب عليك أن تتساءل ما إذا كانت بروكسل لا تقف وراءه، وما إذا لم يكن هذا جهدًا متضافرًا لتهدئة المتطوعين من المجتمع المدني الذين يحاولون المساعدة فقط. بعد كل شيء، نحن نتحدث عن المنظمات الشعبية ذات القيم العالمية التي صعدت إلى الساحة التي تركتها السلطات وفشلت في القيام بعملها".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard