لا أحب أن أزيل حاجبي.
ربما لأني لا أحتمل الجلوس لفترة بلا حراك، وأحدهم منكب فوقي، يعمل...
ربما، بسبب داء الشقيقة الذي أعاني منه منذ طفولتي، وهذا النتف العنيف يحرك ألماً في رأسي يبقى، على الأقل، لثلاث أيام متواصلة…
لكن أكيد، أكيد لأني أحب شكلي كما هو.
أحترم خيارات الآخرين بالتاتو الحاد أو بالترفيع كالخيط… لكنها خياراتهم، ولا أجدها تليق بي حتى ولو هي "على الموضة".
الموضة، ما الموضة؟ فنٌ وجمالٌ في الأصل، لكنهما يصيران مفقودين مع التنميط من أجل إنتاج وإعادة إنتاج نفس النموذج دون هوية شخصية، بلا نبرة، بلا بصمة.
الموضة، ما الموضة؟ فنٌ وجمالٌ في الأصل، لكنهما يصيران مفقودين مع التنميط من أجل إنتاج وإعادة إنتاج نفس النموذج دون هوية شخصية، بلا نبرة، بلا بصمة.كنت قد صرت صبية عندما جعلتهم يزيلون لي حاجبي. حدث هذا لما أتت كوافيرة الحي إلى بيتنا لتعتني بأمي. نظرت في عيني، قطبت حاجبيها ووبختني: "معقول! عيب!"... خجلتني من توحشي. بحياء، قبعت بين يديها. سحبت الآلة الحادة وباشرت. تألمت… وتساءلت: من أجل من وماذا أخضع لهذا التعذيب؟ عشت لسنوات الصراع مع حاجبي: "أشيلها، أزبطها أو لا"… تلاحقني ألسن زميلاتي في مدرسة البنات، بينما أفضل أن لا أقول رأيي بتسريحاتهن وأزيائهن التي أراها بشعة وحتى غبية … لكن ليست من شأني. لا أحب أن أتشبه بأحد، إنما تروق لي بربرية فريدا كاهلو. صحيح صدمتني أول صورة رأيتها لها بحاجبيها المعقودين بقوة وكيف يظهر طرفا شاربيها غامقين عند زاويتي فمها… ولكن أفهمها، فالرسم يأخذ وقتاً طويلاً، كما أن مرضها بالشلل ثم إصابتها بحادث مع خيانات دييغو، كلها أحبطتها، سحبت من طاقتها من للعناية بنفسها… لكن أيضا، على الأرجح يعني، أن عند امرأة بقوة وفكر فريدا هذا قرار داخلي قبل كل شيء، مع العلم أنها أيقونة أنوثة وجمال لدى أصحاب الذوق المختلف. فلقد خرجت لها من فترة تي - شيرتات من ماركة عالمية تبدو عليها بحاجبين منفصلين، فأثار الأمر سخرية معجبيها المدركين لعمق فلسفتها التي انعكست على شكلها. عندما طلعت يارا الخوري ملكة لجمال لبنان، سنة ٢٠١١، أسال حاجبيها العريضين، المتروكين لإرادة الطبيعة، حبر الصحفيين. أذكر حتى أن إحدى المجلات عنونت موضوعا عنها: تاجها حاجبيها… سريالي وغير شكل! أخيراً، لا أدعو هنا لشيء بخصوص تعاطي الإنسان مع جسده، الفكرة فقط أن الفردية تميز وحلوة كمان.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 11 ساعةجميل جدا أن تقدر كل المشاعر لأنها جميعا مهمة. شكرا على هذا المقال المشبع بالعواطف. احببت جدا خط...
Tayma Shrit -
منذ يومينمدينتي التي فارقتها منذ أكثر من 10 سنين، مختلفة وغريبة جداً عمّا كانت سابقاً، للأسف.
مستخدم مجهول -
منذ يومينفوزي رياض الشاذلي: هل هناك موقع إلكتروني أو صحيفة أو مجلة في الدول العربية لا تتطرق فيها يوميا...
مستخدم مجهول -
منذ يوميناهم نتيجة للرد الايراني الذي أعلنه قبل ساعات قبل حدوثه ، والذي كان لاينوي فيه احداث أضرار...
Samah Al Jundi-Pfaff -
منذ 3 أيامأرسل لك بعضا من الألفة من مدينة ألمانية صغيرة... تابعي الكتابة ونشر الألفة
Samah Al Jundi-Pfaff -
منذ 3 أياماللاذقية وأسرارها وقصصها .... هل من مزيد؟ بالانتظار