شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
لا يخضع لرقابة البرلمان... صندوق مصر السيادي يعطي السيسي حق بيع أصول الدولة

لا يخضع لرقابة البرلمان... صندوق مصر السيادي يعطي السيسي حق بيع أصول الدولة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الجمعة 20 يوليو 201805:18 م
في 16 يوليو، كان المصريون على موعد مع قانون مفاجئ جديد وافق عليه البرلمان المصري الذي بات مصريون كثر يعتبرونه مؤسسة تعمل لصالح النظام، لا المواطنين، وذلك من دون نقاش مجتمعي يُذكر. نتحدث هنا عن موافقة البرلمان بشكل نهائي على المشروع المقدم من الحكومة المصرية بشأن تأسيس صندوق مصري للثروة السيادية برأسمال مرخص به يبلغ 200 مليار جنيه (حوالي 11 مليار دولار). الصندوق الذي حمل اسم "صندوق مصر" أثار جدلاً كبيراً لأنه يعطي رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي وحده الحق في تشكيل مجلس إدارته. أيضاً، يتيح القانون للصندوق المشاركة في كل أنواع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، سواء داخل مصر أو خارجها. كما ينص على أن يسدد مليار جنيه من رأس ماله من الخزينة العامة للدولة. وأظهرت موافقة البرلمان على إنشاء الصندوق غياباً للثقة بين كثير من المصريين، وبين الحكومة، خصوصاً أن القانون يسمح لرئيس الجمهورية بنقل ملكية أصول الدولة غير المستغلة إلى الصندوق. وبحسب بعض المراقبين، فإن حالة عدم الثقة بين بعض المصريين والنظام الحالي بدأت مباشرة بعد اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الموقعة بين مصر والمملكة العربية السعودية في أبريل 2016، وهي الاتفاقية التي تسببت في أزمة جزيرتي تيران وصنافير اللتين أُعطيتا للسعودية، رغم قرارات قضائية مصرية تثبت مصريتهما.

صندوق بصلاحيات كثيرة

لصندوق مصر صلاحيات عدة، أكثرها إثارة للجدل هي سلطته المطلقة في شراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها، أو الترخيص بالانتفاع بها. أيضاً، للصندوق الحق في القيام بكافة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، ما يمكّنه من المساهمة بمفرده أو مع الغير في تأسيس الشركات أو في زيادة رؤوس أموالها، إلى جانب الاستثمار في الأوراق المالية المقيدة في أسواق الأوراق المالية وغير المقيدة فيها وفي أدوات الدين وغيرها من الأوراق المالية داخل مصر أو خارجها. يستطيع الصندوق أيضاً الاقتراض والحصول على التسهيلات الائتمانية وإصدار السندات وصكوك التمويل وغيرها من أدوات الدين، إضافة إلى إقراض أو ضمان صناديق الاستثمار والشركات التابعة التي يملكها أو يساهم فيها مع الغير. ولا يعطي القانون للبرلمان المصري حق الرقابة على عمل الصندوق، لكن سيتولى مراجعة حساباته مراقبا حسابات، أحدهما من الجهاز المركزي للمحاسبات وآخر من المراقبين المقيدين لدى البنك المركزي أو الهيئة العامة للرقابة المالية.
أظهرت موافقة البرلمان المصري على إنشاء صندوق مصر السيادي غياباً للثقة بين كثير من المصريين، وبين الحكومة، خصوصاً أن القانون يسمح لرئيس الجمهورية بنقل ملكية أصول الدولة غير المستغلة إلى الصندوق
لكن القانون يلزم مجلس إدارة الصندوق بعرض القوائم المالية للصندوق وتقرير مراقبة الحسابات على مجلس النواب، بهدف اعتمادها فقط. ومنح القانون للمعاملات البينية للصندوق وللكيانات المملوكة له بالكامل إعفاء كلياً من الضرائب والرسوم، لكن هذه اﻹعفاءات لا تسري على توزيع اﻷرباح أو الصناديق الفرعية أو الشركات التي يساهم فيها الصندوق دون أن يمتلكها بشكل كامل. كما يعطي القانون للصندوق الحق في إصدار قرارات، في تعاونه مع الصناديق العربية والأجنبية المماثلة والمؤسسات المالية المختلفة. ويعطي القانون للرئيس المصري الحق في تشكيل مجلس إدارة الصندوق، والذي سيتكون من وزير مختص، وخمسة أعضاء مستقلين من ذوي الخبرة، وممثل عن كل وزارة من الوزارات المعنية بشؤون التخطيط والمالية والاستثمار. وينص القانون على أن يكون مقر الصندوق الرئيسي في محافظة القاهرة، لكن يجوز لمجلس إدارته إنشاء فروع ومكاتب أخرى له سواء داخل مصر أو خارجها.

متى بدأ الحديث عن فكرة الصندوق؟

في السنوات الأخيرة، بدأت أحاديث مقتضبة من مسؤولين عن أن مصر تسعى لإنشاء هذا الصندوق. على سبيل المثال تحدث وزير قطاع الأعمال المصري خالد بدوي لأول مرة وبوضوح عن الأمر، في شهر مارس 2017، حين قال إن مصر تدرس تأسيس صندوق ثروة سيادي، بهدف إدارة الشركات الحكومية التي تخطط لإدراجها في البورصة، مضيفاً أن فكرة الصندوق تجري دراستها داخلياً وهي في مراحلها المبكرة. الهدف بحسب ما قاله بدوي وقتها أن تجمع مصر ما بين مليارين وثلاثة مليارات دولار من بيع حصص في شركات حكومية، قبيل إدراج تلك الشركات رسمياً في البورصة. قبل ذلك بشهرين فقط، وبالتحديد في يناير، لمّح وزير المالية المصري عمرو الجارحي إلى نفس الأمر لكن من دون تفاصيل، حين قال إن مصر تتطلع لطرح أسهم في عشر شركات حكومية في البورصة خلال سنة ونصف، بهدف جذب المستثمرين الأجانب. وتقول الحكومة المصرية إن الصندوق يهدف إلى المساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة من خلال إدارة أمواله وأصوله. ومن خلال بيان رسمي وُصف بالضعيف، خرج في 20 يوليو عن مركز معلومات مجلس الوزراء، نفت الحكومة المصرية أن يكون هدف الصندوق هو بيع أصول وممتلكات الدولة، دون رقابة الأجهزة المعنية. البيان لم يحمل أية ردود واضحة على التخوفات التي طرحها كثيرون من المصريين، مكتفياً بالقول إن وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، أوضحت أن "صندوق مصر السيادي ‏هو صندوق مملوك للدولة يتكوّن من أصول مثل الأراضي، أو الأسهم، أو السندات". واعتبر البيان أن الهدف الأساسي من إنشاء الصندوق هو استغلال أصول مصر الاستغلال الأمثل لتعظيم موارد الدولة والحفاظ على تلك الأصول خاصة وأن هناك أصولاً عديدة بمئات المليارات غير مستغلة، كما أنه يُعتبر في الوقت نفسه بمثابة صندوق استثمار يساهم في التنمية الاقتصادية المستدامة من خلال إدارة أمواله وأصوله. ورغم أن غالبية النواب وافقت على مشروع القانون، لكن ظهرت بعض الأصوات القليلة الرافضة له، ومنها صوت النائب ضياء الدين داوود الذي انتقد الحكومة المصرية متسائلاً: "كيف لحكومة لم تحظَ حتى الآن بثقة البرلمان أن تتقدم بمثل هذا القانون المهم؟". ووصف داوود القانون بأنه "جرى إعداده على عجل وفلسفته غير واضحة". وبحسب النائب، فإن الصناديق السيادية تُموّل من خلال فوائض ثروة، "بينما نحن في مصر، نعاني من فوائد ديون، والحكومة غير قادرة على مواجهة هذه الأزمة التي تثقل كاهل الدولة". وحذّر النائب من أن هناك صناديق سيادية انهارت وبناء عليه انهارت الدول الموجودة فيها، مؤكداً أن إنشاء صندوق مصر السيادي "رهان على خاسر"، وأنه ليس محله الآن. لكن صوت النائب ضاع وسط حماس الكثيرين من زملائه في البرلمان المصري وهم يعلنون بصوت عالٍ: "موافقون".
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard