شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!

"سنبقى هنا طالما بقي الزعتر والزيتون".. قصة خان الأحمر من المسيح إلى الاحتلال

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

السبت 7 يوليو 201812:42 م
يحكي إنجيل لوقا في إصحاحه العاشر أن المسيح أو "السامري الصالح" قدم المعونة والحب لشخص يعتبر عدوًا، ربما يكون يهوديًا، بعدما عرَاه اللصوص وجرحوه وتركوه بين حي وميت‏، فلما رآه تحنَن وتقدم وضمد جراحاته وصب عليها زيتًا واعتنى به‏. وقتها، كان المسيح يمر بالقرب من المنطقة التي يحيط بها خان الأحمر، في طريقه من القدس إلى الشمال، حيث مدينة أريحا، وهو ما تصوره أيضًا لوحة الفنان جان ويجنانتس. Jan_Wijnants_-_Parable_of_the_Good_Samaritan ومثلما لم يرد اليهود جميل المسيح، دارت الأيام وعادت قوات الاحتلال إلى خان الأحمر من جديد، لكن لطرد سكانها البدو منها، ضمن مخطط كبير لتطويق القدس بكتلة استيطانية وقطع طريقها إلى أريحا.

ماذا يحدث في خان الأحمر؟

"ولدت هنا ولن أرحل إلى أي مكان آخر. إذا هدموا المساكن فسنبنيها مرة أخرى إن لم يكن هنا ففي مكان مجاور"، قال فيصل أبو داهوك، 45 عامًا، في تصريحات صحافية. وأعادت مشاهد طرد قوات الاحتلال الإسرائيلي لسكان قرية خان الأحمر البدوية بالأمس، ذاكرة الفلسطينيين إلى ما فعله الكيان الصهيوني قبل نحو 70 عامًا، عندما شرع في عمليات تهجير وتطهير عرقي واسعة النطاق في الأراضي المحتلة.
بالضرب والسحل للنساء والكبار، واجه الاحتلال اعتراضات الفلسطينيين الرافضين للتهجير، مستعينًا بآليات وجرافات لهدم مباني الخان، فيما أصيب 35 محتجًا ونقل أربعة منهم إلى المستشفى واعتقل شخصان.
وتستمد المنطقة اسمها من اللون الأحمر المُستخلص من الحجر الجيرى المُشوب بأكسيد الحديد المكونة منه التلال الحمراء البنية للمناطق الواقعة على الطريق النازل من القدس إلى أريحا. ويقيم فيها مئات من البدو يتعيشون من رعي الماشية والأغنام، ويقصدها الفلسطينيون دائمًا. وتستمد أهميتها من كونها استراحة في الضفة الغربية على طريق التجارة بين القدس وغور الأردن.
أعادت مشاهد طرد قوات الاحتلال الإسرائيلي لسكان قرية خان الأحمر البدوية بالأمس، ذاكرة الفلسطينيين إلى ما فعله الكيان الصهيوني قبل نحو 70 عامًا، عندما شرع في عمليات تهجير وتطهير عرقي واسعة النطاق في الأراضي المحتلة.
تقول جماعات حقوقية إن إجلاء البدو سيخلق جيبًا استيطانيًا أكبر قرب القدس وسيزيد على الفلسطينيين صعوبة ربط الأراضي في الضفة الغربية وهي منطقة يريدونها مع قطاع غزة لإقامة دولتهم.
وتقع بين مستوطنة معاليه أدوميم، وهي مستوطنة كبرى قرب القدس، ومستوطنة كفار أدوميم الأصغر إلى الشمال الشرقي. وينظر الاحتلال إلى خان الأحمر باعتباره عمقًا إستراتيجيًا للاستيطان في القدس، ويعول عليها في تطويق المدينة بكتلة استيطانية من الشرق تعرف باسم E1 نواتها مستعمرة معاليه أدوميم. وتقول جماعات حقوقية إن إجلاء البدو سيخلق جيبًا استيطانيًا أكبر قرب القدس وسيزيد على الفلسطينيين صعوبة ربط الأراضي في الضفة الغربية وهي منطقة يريدونها مع قطاع غزة لإقامة دولتهم. وتريد إسرائيل نقل السكان قسريًا إلى منطقة على بعد 12 كيلومترًا قرب قرية أبوديس الفلسطينية، الواقعة بناحية مكب نفايات.  
 
وحاليًا تشكل قبيلة عرب الجهالين البدوية عصب سكان خان الأحمر، وقد طردها الجيش الإسرائيلي من جنوب الأراضي المحتلة في الخمسينيات من القرن الماضي. وفي يوليو 2009، بنت منظمة المساعدة الإيطالية فينتو دي تيرا (رياح الأرض) ومتطوعون آخرون مدرسة في القرية، هي الأولى لمجتمع الجهالين، وكُتبت على لافتة لها عبارة "سنبقى هنا طالما بقي الزعتر والزيتون".

مؤتمر للحكومة الإسرائيلية: "ابني مستوطنة كأنك تقضي على عشرات الآلاف من الكفار"

على منصة مؤتمر الحكومة الإسرائيلية حول التعليم في المدارس الدينية في 2 يوليو الجاري، تم الاحتفال بالإبادة الجماعية للفلسطينيين وسط تصفيق كبير. وظهر موشيه زير، أحد المستوطنين الأوائل في شمال الضفة الغربية، مُحرضًا على بناء المزيد من المستوطنات، وقال "قُم ببناء بيت كما لو أنك قضيت على مائة عربي. اعمل على بناء مستوطنة كأنك قضيت على عشرات الآلاف من الوثنيين". و"زير" تاجر عقارات معروف في إسرائيل، وسبق أن قاد فرقة اغتيالات سرية، وكان أحد مقاتلي جيش الاحتلال في سيناء، خاصة في المعارك الضارية مع الجيش المصري في ممر متلا، الواقع بين سلسلة جبال بين شمال وجنوب سيناء.

إدانة دولية وعربية

في 2009 قدم سكان المستوطنات الإسرائيلية القريبة من كفر أدوميم، بمساعدة من منظمة المستوطنات غير الحكومية (ريجافيم)، التماسات إلى المحكمة العليا الإسرائيلية تدعو لتنفيذ أمر الهدم المستمر على الفور بحق 257 مبنىً فلسطينيًا في المنطقة، بما في ذلك مدرسة خان الأحمر. وكان من المقرر هدم القرية في فبراير 2010 تحت مزاعم البناء غير القانوني. وفي سبتمبر 2012 أعلنت تل أبيب خططًا لنقل البدو إلى منطقة النعيمة في وادي الأردن، شمال أريحا، وهو ما رفضه السكان، قائلين إنها ستكون "مثل سجن لنا". ووصفت الجامعة العربية ما يحدث بأنه "جريمة حرب" تؤكد نوايا إسرائيل الحقيقية لاستدامة احتلالها الاستيطاني الاستعماري الذي يهدف إلى تهجير الفلسطينيين واستبدالهم، وإحلال مستوطنيها محلهم، واستكمالًا لتنفيذ مخطط E1 الاستيطاني الذي يهدف إلى ضم القدس وحصارها وتقطيع الضفة الغربية وتكريس الاحتلال العسكري للأراضي الفلسطينية. وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها البالغ إزاء "التقارير الواردة والتي تفيد بعزم السلطات الإسرائيلية هدم تجمع الخان الأحمر"، خلال الأيام المقبلة. وقالت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ليز ثروسيل: "منذ أكثر من عقد، يقاوم سكان خان الأحمر مساعي نقلهم لإفساح المجال أمام التوسع الاستيطاني". وأضافت: "القانون الإنساني الدولي يحظر على القوة المحتلة تدمير أو مصادرة الممتلكات الخاصة".
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard