شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
قانون لـ

قانون لـ"مكافحة جرائم تقنية المعلومات"... هل ستتحكّم السلطة المصرية أكثر في الفضاء الإلكتروني؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 7 يونيو 201806:30 م
لم تكن الجلسة العامة التي عُقدت في الخامس من يونيو داخل مجلس النواب المصري مجرد جلسة عادية. ففيها صدرت قرارات مهمة منها فرض رسوم جديدة على المصريين هدفها "تنمية موارد الدولة". لكن لم يكن ذلك كل شيء. ففي نفس اليوم، وافق المجلس بشكل نهائي على مشروع قانون مقدَّم من الحكومة بشأن "مكافحة جرائم تقنية المعلومات". مشروع القانون يتضمن 45 مادة، تعرض التزامات وواجبات كل من مقدمي خدمات الإنترنت في مصر، والمستخدمين. لكن بحسب مراقبين، فإن الهدف الأساسي من القانون هو المزيد من تحكم السلطات المصرية في الفضاء الإلكتروني.

يمسّ بالحقوق والحريات؟

وترى منظمات حقوقية، ومنها مؤسسة حرية الفكر والتعبير، أن القانون تمّت الموافقة عليه من دون أن يتسنى للجمهور والمهتمين والمختصين والمجتمع المدني إبداء الرأي فيه، ما يمس بحقوق وحريات كل مستخدمي الإنترنت في البلاد، والذين يُقدَّر عددهم بعشرات الملايين. ورأت المنظمة غير الحكومية التي تتخذ من القاهرة مقراً لها أن القانون خرج في فترة تتزايد فيها أهمية الاتصالات والمعلومات، ليس فقط في أوضاع الحريات المدنية والسياسية، لكن كذلك في الاقتصاد وباقي نواحي الحياة. وفي يونيو 2016، حذّرت مؤسسة حرية الفكر والتعبير من نية الحكومة المصرية العمل على هذا القانون، وأصدرت وقتها دراسة بعنوان "معاداة التقنية"، حين كان مشروع مكافحة جرائم تقنية المعلومات مجرد اقتراح مقدم من النائب عن دائرة مدينة نصر، تامر الشهاوي، إلى لجنة الاقتراحات والشكاوي في مجلس النواب. يلزم القانون الجديد مقدمي خدمة الإنترنت، أي الشركات التي توفرها، والتابعين لهم، في إشارة إلى أي وكيل أو وسيط يقدّم الخدمات للجمهور، بتوفير بيانات المستخدمين لجهات الأمن القومي بحال طلبت ذلك وفقاً لاحتياجاتها، وكذلك بتوفير كافة الإمكانيات الفنية التي تتيح لتلك الجهات ممارسة اختصاصاتها. ويرى المحامي المصري محمد قاعود أن هذا الجزء من القانون يجعل من حق مقدمي خدمات الإنترنت في مصر انتهاك حقوق المستخدمين في الخصوصية، ويجعلهم شركاء للأمن المصري في القبض على الناشطين عبر الإنترنت، و"معروف للجميع أن النظام غير راضٍ عنهم ويعتبرهم بشكل ما خطراً على وجوده"، حسبما قال لرصيف22. لكن عضو مجلس النواب البدري أحمد، يختلف مع هذا الرأي ويرى أن موافقة البرلمان على مشروع القانون أمر إيجابي. ويقول لرصيف22 إن الهدف من القانون هو "وضع قيود على الاستخدام غير المشروع للإنترنت، وليس وضع قيود على حرية التعبير، وتنظيم ما يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي". ومؤخراً، ألقت مصر القبض على عدد من الناشطين، أبرزهم المدون المصري وائل عباس المعروف بكتاباته المعارضة للنظام المصري على وسائل التواصل الاجتماعي. ويحقق الأمن مع عباس بسبب بعض كتاباته الإلكترونية.
قانون جديد لـ"مكافحة جرائم تقنية المعلومات" في مصر... ومراقبون يعتبرون أن الهدف الأساسي منه هو المزيد من تحكم السلطات المصرية في الفضاء الإلكتروني
"سيُجبر كل مستخدم على تحري الدقة والتحقق من معلوماته قبل نشر أي محتوى"... ناشطون ينتقدون قانوناً مصرياً جديداً لـ"مكافحة جرائم تقنية المعلومات"
أيضاً، يعاقب القانون الجديد بالحبس والغرامة، أو باحدى هاتين العقوبتين، كل مَن اعتدى على أي من المبادئ أو القيم في المجتمع المصري، وهو ما يعتبره قاعود "مزيداً من الغموض الذي يُضاف إلى القانون، إذ إن الاعتداء على مبادئ وقيم المجتمع المصري تهمة مطاطة غير واضحة، تعرّض مثلاً شخصاً قام بنشر صورة أو كاريكاتير، حتى لو كان عادياً، للحبس أو دفع غرامة مالية لمجرد أن هناك مَن وجد في ما نشره اعتداءً على قيم الأسرة أو المجتمع".

حجب المواقع حق للدولة؟

من النقاط المثيرة للجدل في القانون الجديد ما يتعلق بحجب المواقع، إذ نص على أن "لجهة التحقيق المختصة متى قامت أدلة على قيام موقع يبث من داخل الدولة أو خارجها بوضع أية عبارات أو أرقام أو صور أو أفلام أو أية مواد دعائية أو ما في حكمها، تشكل تهديداً للأمن القومي أو تعرّض أمن البلاد أو اقتصادها القومي للخطر، أن تأمر بحجب الموقع أو المواقع محل البث كلما أمكن تحقيق ذلك فنياً". ويرى قاعود أن عبارة "تهديد الأمن القومي" عبارة مطاطة وغير واضحة على الإطلاق، لافتاً إلى أن الكتابة، وهي نشاط سلمي بحت، لا يجب أبداً أن يتعامل معها القانون باعتبارها تهديداً للأمن القومي. وفي الشهور الأخيرة، حجبت مصر العشرات من المواقع المستقلة من دون إذن قضائي، ما جعل العديد من المنظمات الحقوقية تعتبر أن الحكومة المصرية تتعامل بعداء شديد مع أي موقع لا يعرض وجهة نظرها مثلما تفعل أغلب وسائل الإعلام والمواقع المصرية المقربة من النظام. ويضيف القانون أن "على جهة التحقيق عرض أمر الحجب على المحكمة المختصة المنعقدة في غرفة المشورة خلال 24 ساعة مشفوعاً بمذكرة برأيها، وتصدر المحكمة قرارها في الأمر في مدة لا تجاوز 72 ساعة من وقت عرضه عليها". كما أجاز مشروع القانون "في حالة الاستعجال لوجود خطر أو ضرر وشيك الوقوع" أن تقوم جهات التحري والضبط المختصة بإبلاغ الجهاز ليقوم بإخطار مقدم الخدمة على الفور بالحجب المؤقت للموقع أو المواقع أو الروابط أو المحتوى، مع التزام مقدم الخدمة بتنفيذ مضمون الإخطار فور وروده إليه.

شركات الإنترنت شركاء للنظام؟

بحسب القانون، فإن التزامات وواجبات مقدم الخدمة هي حفظ وتخزين سجل النظام المعلوماتي أو أية وسيلة لتقنية المعلومات لمدة 180 يوماً متصلة، لكن لم يحدد القانون لماذا هذه الفترة تحديداً وما هي أوجه استخدام هذا السجل. يشرح مشروع القانون أن البيانات الواجب حفظها وتخزينها من قبل الشركات التي تقدّم الخدمة هي البيانات التي تمكّن من التعرف على مستخدم الخدمة، والبيانات المتعلقة بمحتوى ومضمون النظام المعلوماتي، والبيانات المتعلقة بحركة الاتصال، بالإضافة إلى البيانات المتعلقة بالأجهزة الطرفية للاتصال، وأية بيانات أخرى يحددها قرار من مجلس إدارة الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، وهو مؤسسة مصرية حكومية. وفي ما يتعلق بالتزامات وواجبات مقدم الخدمة أيضاً، يقول القانون بالمحافظة على سرية البيانات التي تم حفظها وتخزينها، وعدم إفشائها أو الإفصاح عنها بغير أمر مسبب من إحدى الجهات القضائية المختصة، ويشمل ذلك البيانات الشخصية لأي من مستخدمي الخدمة، أو أية بيانات أو معلومات متعلقة بالمواقع والحسابات الخاصة التي يدخل عليها هؤلاء المستخدمون أو الأشخاص والجهات التي يتواصلون معها، وبتأمين البيانات والمعلومات بما يحافظ على سريتها وعدم اختراقها أو تلفها. ويرى قاعود أن أغلب مواد القانون تجعل شركات الإنترنت المصرية شركاء للنظام في التضييق على الناشطين، وفي وضع قيود على العالم الافتراضي، و"الهدف النهائي هو جعل الحكومة المتحكم الوحيد في ما يُنشر على الإنترنت". أما النائب البدري أحمد، فيعتبر أن القانون "لا يمس الحريات، ولا يهدف إلى التضييق على مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي"، مضيفاً أنه "سيُجبر كل مستخدم على تحري الدقة والتحقق من معلوماته قبل نشر أي محتوى".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard