شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
توافق

توافق "الإخوة الأعداء" على موعد للانتخابات... هل ستجد الأزمة الليبية طريقها إلى الحل؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 30 مايو 201803:42 م
يوم الثلاثاء، في 29 مايو، كانت درجة الحرارة في باريس 24 درجة مئوية، لكن داخل قصر الإليزيه كان الجو ساخناً بفعل النقاشات التي استضافها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وشاركت فيها الأطراف الأربعة الرئيسية في النزاع الليبي، إلى جانب عدة دول ومنظمات، قبل أن ينتهي الاجتماع بتوافق على تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية نهاية العام الجاري. لكن ما مدى إمكانية تحقيق ذلك على أرض الواقع؟ وما هي المعوقات التي يمكن أن تعطل هذا الاتفاق؟ والسؤال الأهم ماذا عن باقي الفصائل التي لم تشارك في الاجتماع؟ اللقاء جمع من ليبيا رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة فايز السراج، ومنافسه القوي في الشرق الليبي المشير خليفة حفتر، بالإضافة إلى رئيس البرلمان الذي يتخذ من طبرق، شرقي ليبيا، مقراً له عقيلة صالح، وهو لا يعترف بحكومة الوفاق الوطني، وأخيراً رئيس مجلس الدولة المتمركز في طرابلس خالد المشري. جاء هذا اللقاء قبل افتتاح مؤتمر دولي في الإليزيه، هدفه الرئيسي التوصل إلى حل قادر على إخراج البلد من الأزمات التي تعاني منها، بعد نحو سبع سنوات من سقوط نظام الرئيس الليبي السابق معمر القذافي. وسيُعقد مؤتمر باريس الدولي بشأن ليبيا بمشاركة وفود دول عدة معنية بالملف الليبي، وسيشارك فيه كل من الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، والرئيس الكونغولي دنيس ساسو-نغيسو، ورئيس لجنة الاتحاد الإفريقي رفيعة المستوى حول ليبيا، ورئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة. لقاء الثلاثاء انتهى إلى اتفاق بين مَن يمكننا وصفهم بـ"الأخوة الأعداء" على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في العاشر من ديسمبر القادم، إضافة إلى الالتزام بالاتفاق على قواعد دستورية وقانونية تُبنى عليها هذه الانتخابات، في تاريخ أقصاه الـ16 من سبتمبر القادم. أعلن القادة الليبيون في اللقاء موافقتهم على قبول نتائج الانتخابات التي ستُنظّم، وعلى أن تتولى قوات الأمن الليبية الرسمية تأمين العملية الانتخابية بالتعاون مع الأمم المتحدة، وأن يتم العمل بجدية على توحيد المصرف المركزي، والمؤسسات والقوى الأمنية في جميع أنحاء ليبيا. ويقول ماكرون إن الوضع في ليبيا يفرض على الجميع اتخاذ قرارات تهدف إلى المصالحة بين كل أطرف النزاع. وسبق للرئيس الفرنسي أن رعى في يوليو 2017 لقاءً بين السراج وحفتر، عُقد قرب باريس.

الأزمة ليست في إجراء انتخابات

لا يتوقع الباحث السياسي الدولي محمد تهامي أية نتائج إيجابية من اتفاق باريس، ويقول لرصيف22 إن الحقيقة القاسية هي أن المجتمع الدولي عاجز ولا يستطيع أن يفعل شيئاً حقيقياً في المأساة الليبية، وإن "كل هذه الاجتماعات مجرد شكليات لحفظ ماء الوجه". ويضيف: "المجتمع الدولي يحاول أن يفعل أي شيء لإنهاء حالة الجمود السياسي التي تعيشها ليبيا منذ سقوط القذافي بدعم غربي، لكن الأزمة الحقيقة التي يعلمها الجميع ليست في إجر اء الانتخابات، ولكنها في قبول نتائج هذه الانتخابات على أرض الواقع". ويتابع الباحث السياسي أن الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2014 أدت إلى فوضى في الحياة السياسية الليبية، وساهمت في زيادة نفوذ الجماعات المسلحة على أرض الواقع. يستبعد تهامي أن تقبل كل الأطراف المتصارعة بنتائج أية انتخابات قادمة، خصوصاً أن الأمن في أضعف حالاته في ليبيا، وغير قادر على فرض أي نظام.

هل الأزمة في القوى الإقليمية؟

يرى الباحث السياسي محمد حامد أن القضية الليبية شائكة ومعقدة بدرجة كبيرة، وأن القوى الدولية ترغب بالفعل في حلها، لضمان الاستقرار في المنطقة، مذكراً ببعض المبادرات السابقة، ومنها مبادرات فرنسية وإيطالية وبريطانية، و"كلها كانت تسعى إلى إعادة الاستقرار المفقود إلى ليبيا". لكن رغم هذه المحاولات التي يصفها حامد بالجادة، فإن "المشكلة دائماً كانت في القوى الإقليمية وليس الدولية"، فهي "مَن يعطّل مسار السلام بسبب تضارب المصالح". وبرأيه، فإن "وجهات نظر بعض الدول مثل قطر وتركيا، والإمارات ومصر، مختلفة، ما يزيد من تعقيد ملف المصالحة". ويقول: "الجميع يبحث عن مصالحه السياسية والأمنية، ويتصور أن رؤيته للحل هي الأفضل، وبالتالي يقوم بدعم أطراف معينة لجعلها أقوى، وفي النهاية مَن يدفع الثمن هي ليبيا نفسها التي صارت غير موحدة".

ماذا عن الفصائل الليبية غير الممثلة؟

بالنظر إلى خريطة الصراعات في ليبيا، سنجد أن هناك العديد من الفصائل الأخرى غير الأطراف الأربعة الرئيسية التي وقّعت على اتفاق باريس أمس. وبحسب مراقبين، فإن عدم تواجد هذه الفصائل في فرنسا حالياً، من الممكن أن يؤدي إلى مشاكل أكثر في ليبيا في الفترة القادمة، أو يهدد الانتخابات القادمة. يقول الباحث في معهد الدراسات والبحوث العربية في القاهرة محمد مصطفى إن أي مؤتمر جاد يجب أن يجمع كل الفرقاء الليبيين، وهو أمر صعب جداً "فهم من أطراف فكرية وسياسية مختلفة تماماً، وجمعهم على طاولة واحدة تحدٍ حقيقي، لكنه الضمان الوحيد لإنجاح أي اتفاق".
الدول الإقليمة تبحث عن مصالحها السياسية والأمنية في ليبيا، وكل طرف يتصور أن رؤيته للحل هي الأفضل، وبالتالي يقوم بدعم أطراف ليبية معينة لجعلها أقوى، وفي النهاية مَن يدفع الثمن هم الليبيون
يحاول المجتمع الدولي إنهاء حالة الجمود السياسي في ليبيا، "لكن الأزمة الحقيقة التي يعلمها الجميع ليست في إجراء الانتخابات، ولكنها في قبول نتائج هذه الانتخابات على أرض الواقع"
ويضيف أن الفصائل التي لن تشارك في المؤتمر الفرنسي بالتأكيد لن تقبل بالنتائج، وسترى في إقصائها من المشهد إهانة، وبالتأكيد لن يكون موقفها التسليم بالنتائج. وحذّرت "مجموعة الأزمات الدولية"، وهي منظمة دولية غير حكومية تهدف إلى تسوية النزاعات الدموية حول العالم، في تحليل لها، من أن اجتماع باريس من الممكن أن يأتي بنتائج عكسية، إذا لم يكن هناك توافق أوسع يشمل أطرافاً سياسية وعسكرية أخرى. بحسب المنظمة، لم يكن الاجتماع الفرنسي حريصاً على جمع كل الفرقاء الليبيين. على سبيل المثال، تغيبت عن اللقاء فصائل مسلحة من مدينة مصراتة التي تصفها المنظمة بأنها "من بين الأقوى في غرب ليبيا، ويُعتبر قادتها من الأكثر نفوذاً هناك". ترى المنظمة أن دعوة عدد من الليبيين للمشاركة على هامش المؤتمر لم تكن كافية، وكان الأفضل أن تتم دعوتهم للتوقيع على الاتفاق. واعتبرت المنظمة الدولية أن إجراء انتخابات نهاية هذا العام، يُعَدّ أمراً غير واقعي، لأن الإطارين القانوني والدستوري غير متوفرين بعد، وهي عوائق ترى المنظمة أن "تجاوزها مستحيل خلال فترة قصيرة". وتقترح المنظمة أنه يجب على فرنسا مراجعة مسودة الاتفاق والنظر في تقديمه كإعلان مبادئ بشأن الخطوات السياسية والأمنية والاقتصادية، من دون أن يضطر القادة الليبيون الأربعة بالضرورة إلى التوقيع عليه. وترى المنظمة أن اقتراحها هذا من شأنه عدم إثارة مشاعر الاستياء بين الدوائر غير الممثلة في باريس، وسيساهم في عدم تقويض عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة. وفشلت حتى الآن كل الجهود من أجل إحلال الاستقرار في ليبيا منذ إطاحة القذافي في خضم "الربيع العربي"، وبعد التدخل الغربي في مارس 2011.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard