شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
سقطرى اليمنية... قصة جزيرة اتُّهمت الإمارات بالسعي إلى

سقطرى اليمنية... قصة جزيرة اتُّهمت الإمارات بالسعي إلى "احتلالها"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 15 مايو 201803:58 م
أرض هادئة، مسالمة، تتميز بتنوع بيئي واضح أعطى لها أهمية عالمية... هذه هي جزيرة سقطرى اليمنية التي كانت في السنوات الماضية بمنأى عن أعمال العنف التي يشهدها اليمن، ما جعلها بعيدة إلى حد بعيد عن أعين الإعلام. ولكن المشهد تغيّر تماماً في نهاية أبريل، بعدما حطت عليها قوات إماراتية أثارت غضب الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. يمكن اختصار قصة أزمة الجزيرة المستجدّة في ثلاثة فصول: الفصل الأول هو نشر الإمارات قوات تابعة لها على أراضيها؛ والفصل الثاني اتهامات يمنية للإمارات "باحتلال" الجزيرة؛ بينما الفصل الأخير هو تدخل السعودية وتصريح رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر بـ"انتهاء الأزمة".

الإمارات وسقطرى

تقع جزيرة سقطرى، وهي في الحقيقة أرخبيل يتألف من ست جزر وسبع جزر صخرية صغيرة، أكبرها جزيرة سقطرى التي يتسمّى الأرخبيل باسمها، على بعد حوالى 350 كيومتراً قبالة السواحل الجنوبية لليمن، وبالتحديد عند مخرج ممر مهم للنقل البحري يربط بين البحر المتوسط والمحيط الهندي. إذاً، نحن أمام جزيرة لها موقع استراتيجي مهم، فضلاً عن أهميتها البيئية، فهي معروفة بحيواناتها ونباتاتها النادرة، وصنّفتها منظمة الأونيسكو كأحد مواقع التراث العالمي. في العام 2015، بدأ التحالف العسكري الذي تقوده السعودية وتشارك فيه الإمارات بتنفيذ ضربات في اليمن، ضد "المتمردين" الحوثيين، ولدعم حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي. كانت جزيرة سقطرى بعيدة عن هذه الضربات، وانقطعت صلاتها بالبر اليمني وتوقفت الرحلات بين مطارها وبين مطارات اليمن، فحوّلت أبوظبي أنظارها إليها وبدأت بالاهتمام بها عبر تنفيذ مجموعة من المشاريع الخدماتية وعبر تسيير رحلات جوية بينها وبين الجزيرة. وتقول تقارير إعلامية أن للإمارات أطماع في الجزيرة. على سبيل المثال، ذكر موقع "Verdict" البريطاني أن الإمارات كانت تخطط لتحويل سقطرى إلى منتجعات سياحية، تشبه تلك الموجودة بالفعل في دبي، محذّراً من أن ذلك سيؤدي إلى تدمير بيئة الجزيرة الفريدة خلال أقل من 10 سنوات. ونقل الموقع ما قال إنه شهادات لمسؤولين يمنيين، وبعض سكان الجزيرة تقول إن مطوّرين من الإمارات بدأو بالفعل بوضع الأسس لبناء فنادق وشقق على الجزيرة. ونشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، تقريراً تحدثت فيه عن تعزيز الإمارات وجودها في الجزيرة من خلال بناء قاعدة عسكرية ومركز اتصالات استخباراتي وإجراء تعداد للسكان. واعتبرت الصحيفة أيضاً أن الإمارات أرادت إغراء سكان سقطرى، ببعض القرارات، ومنها السماح لهم بالسفر جواً مجاناً إلى أبوظبي، بهدف الحصول على الرعاية الصحية وفرص العمل. ولكنّ الإمارات تنفي أن تكون لها أية أطماع في الجزيرة، وترى أن البعض يستغلون مسألة أعمالها الخدماتية هناك لتشويه صورة التحالف الذي تقوده السعودية، وتعتبر أن ما كانت تقوم به على الجزيرة يهدف فقط إلى "دعم أهلها".

الفصل الأخير

في نهاية أبريل الماضي، قامت الإمارات بنشر قوات عسكرية على الجزيرة وسيطرت على مطارها ومينائها، وذلك دون إبلاغ حكومة الرئيس هادي، ما أثار غضب الأخيرة، وأثار أيضاً غضب الكثيرين من السكان المحليين الذين يقولون إنه ليس على الجزيرة "متمردون" حوثيون لتبرير نشر تلك القوات. في المقابل، تعتبر الإمارات أن "الوجود العسكري في كافة المحافظات اليمنية المحررة بما فيها سقطرى يأتي ضمن مساعي التحالف العربي لدعم الشرعية في هذه المرحلة الحرجة في تاريخ اليمن". وفي الرابع من مايو، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، على تويتر: "لنا علاقات تاريخية وأسرية مع سقطرى وأهلها، وفي محنة اليمن التي تسبب بها الحوثي سندعمهم في استقرارهم وطبابتهم وتعليمهم ومعيشتهم". لكن الحكومة اليمنية لم تتقبل وجود قوات إماراتية على أراضيها، واستنكرت في بيان رسمي الإجراءات العسكرية الإماراتية هناك، معتبرة أنها "أمر غير مبرر".
حلّ الأزمة الناشبة حولها تطلّب تدخّل "قادة كبار بحجم القضية"... ما هي قصة جزيرة سقطرى التي وضعت الإمارات في مواجهة مع الحكومة اليمنية؟
وأضاف البيان أن جوهر الخلاف بينها وبين الإمارات "يدور حول السيادة الوطنية ومن يحق له ممارستها، وغياب مستوى متين من التنسيق المشترك الذي بدا مفقوداً في الفترة الأخيرة". ويرى مراقبون أن الخلاف بين الحكومة اليمنية والإمارات اتخذ شكلاً واضحاً بعد إقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي لمحافظ عدن المحسوب على أبو ظبي، عيدروس الزبيدي.

اهتمام دولي بالقضية

تصاعد الأزمة أثار اهتماماً دولياً بها. فقد دعت وزارة الخارجية الأمريكية في العاشر من مايو إلى تخفيف حدة الأزمة المتصاعدة في الجزيرة، بغرض تعزيز سيادة اليمن وسلامة أراضيه. وجاء في بيان الخارجية الأمريكية: "تتابع الولايات المتحدة عن كثب الوضع في جزيرة سقطرى اليمنية وتتشارك مع جميع الأطراف في المطالبة ضرورة تعزيز سيادة اليمن وسلامة أراضيه، وكذلك الحاجة إلى تخفيف التوتر والحوار". وتدخّل التحالف العربي لحل الأزمة، وأعلن في 13 مايو وصول قوات سعودية إلى جزيرة سقطرى، وأوضح أن تواجد القوات السعودية في الجزيرة يأتي ضمن التنسيق المشترك مع الحكومة اليمنية ولغرض التدريب ومساندة القوات اليمنية. تدخل السعودية نجح في حل الأزمة، على الأقل مرحلياً. وأعلن رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر في 14 مايو، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، عن "انتهاء الأزمة" التي قال إنها كادت أن تشق الصف، مشيراً إلى أن التغلب على الخلافات كان بفضل تدخّل "قادة كبار بحجم القضية". وأضاف بن دغر: "لقد ساد العقل، وتذكرنا جميعنا القربى، وعادت إلى حالتها الطبيعية سقطرى. لقد انتهت أزمة الجزيرة التي شغلتنا وأرقتنا وكادت أن تشق الصف بيننا. لقد انتصرنا جميعاً لأنفسنا انتصرنا لوحدتنا لتحالفنا لعروبتنا، وعاد العلم الوطني يرفرف من جديد فوق الميناء والمطار يحرسه جندي من سحنته". وأشار بن دغر إلى أنه لا خاسر في هذه المواجهة التي وصفها بالأخوية، "بل الجميع منتصرون"، مضيفاً أن الاتفاق بشأن سقطرى "يقضي بعودة الجزيرة إلى وضعها الذي كانت عليه يوم" 30 أبريل، في إشارة إلى حالتها قبل تواجد قوات إماراتية عليها.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard