شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"لن أزعجك بالصواريخ خلال نومك"... قمة الكوريتين بين المزاح والجدّ والنتائج الموعودة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الجمعة 27 أبريل 201805:42 م
"تاريخ جديد يبدأ - عند نقطة البداية للتاريخ وعهد للسلام"... هكذا كتب كيم جونغ أون في دفتر زوار "بيت السلام" في قرية الهدنة في الجزء الجنوبي، ليكون أول رئيس كوري شمالي تطأ قدماه أراضي كوريا الجنوبية منذ عام 1953. في صباح هادئ، عبر زعيم كوريا الشمالية حدود المنطقة العسكرية منزوعة السلاح، حيث كان في استقباله نظيره مون جيه، بينما تخلل اللقاء ابتسامات متبادلة ونكات مرحة أطلقها كيم.   الشق "المرح" للقاء، رافقه نقاش جدي بين الجانبين أكدا خلاله على "نزع السلاح النووي" و"السلام الدائم" في شبه الجزيرة الكورية. وعلى الرغم من مخاوف البعض من عدم خروج سيول وبيونغ يانغ بنتائج مُثمرة، إلا أن كيم أعرب لنظيره الجنوبي عن أمله في نجاح الاتفاقات بينهما، وألا يكون مصيرها كما سابقاتها.

"يمكننا أن نسير معاً يداً بيد"... ما دلالة اللقاء؟

القمة الكورية هي الثالثة بين رؤساء البلدين منذ 2007 والأولى في عهد الزعيم الشاب. وتأتي الجولة الأولى من المفاوضات بعد أشهر من تحسن العلاقات بين البلدين، وسط توقعات أن يمهّد الواقع الجديد لمباحثات مفتوحة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية. وقالت تقارير صحافية إن مون جيه، الذي كان له دور في محادثات كورية ثنائية سابقة عقدت عندما كان مستشاراً كبيراً للرئيس الكوري الجنوبي روه موه هيون، دفع بعد تسلمه مقاليد الحكم إلى تحقيق مزيد من التواصل مع الجارة الشمالية.
القمة الكورية هي الثالثة بين رؤساء البلدين منذ 2007، والأولى في عهد الزعيم الشاب. وتأتي وسط توقعات أن تمهد لمباحثات مفتوحة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية
عَبَر كيم الحدود إلى الجنوب والتقط الصور مع مون جيه، وقبل أن يتحرك الاثنان اقترح كيم على نظيره أن يذهب معه إلى الجانب الشمالي لفترة وجيزة في لفتة رمزية...
وتدرج وزارة الوحدة، التي تشرف على العلاقة مع كوريا الشمالية، نزع السلاح النووي والحد من التوترات العسكرية على رأس أهداف الاجتماع، يليها التوصل إلى استئناف العلاقات الاقتصادية والاجتماعية مع كوريا الشمالية. وقال المتحدث باسم الرئاسة الكورية الجنوبية إيم يونغ سَوك إن "الجزء الأصعب هو إلى أي مدى سيكون الرئيسان قادران على التوصل إلى اتفاق بشأن الاستعداد للتخلي عن الأسلحة النووية". أما بالنسبة لكوريا الشمالية، فكان العالم ينظر إلى بيونغ يانغ كـ"دولة منبوذة" بعدما أجرى كيم تجربته النووية السادسة، لكن قمة اليوم أظهرت تعهده بـ"بداية جديدة". وقال كيم خلال اللقاء "أتمنى أن نحظى بمحادثات صادقة من القلب عن المسائل العالقة بيننا، أريد لهذه اللحظة أن تكون حية، وألا يكون مصير اتفاقاتنا مثل ما حدث في الماضي، يجب أن ندرك ذلك وأن ننظر إلى المستقبل... يمكننا أن نسير معاً يداً بيد".

مزاح على الخط الفاصل

سادت أجواء من المرح خلال المحادثات. منذ اللحظات الأولى للقاء التاريخي، ظهر كيم برفقة شقيقته الصغرى كيم يو- يونغ، وهما يهبطان على سلم كبير في طريقهما إلى خط الترسيم العسكري الذين يفصل البلدين، حيث كان الزعيم الكوري الجنوبي في انتظارهما.
حينها ابتسما وتصافحا بالأيدي، ثم عبر كيم الحدود والتقط الصور مع نظيره الجنوبي، وقبل أن يتحركا طلب كيم من مون جيه أن يذهب معه إلى الجانب الشمالي لفترة وجيزة في لفتة رمزية، قبل عودتهما معاً إلى كوريا الجنوبية.
وقال مون جيه مُوجهاً حديثه لنظيره الشمالي "لقد أتيت إلى الجنوب، متى أستطيع أن أجيء إلى الشمال"، فيما رد كيم بقوله"ربما الآن هو الوقت المناسب لك كي تدخل أراضي كوريا الشمالية". ووقع كيم في دفتر زوار "بيت السلام" في قرية الهدنة في الجزء الجنوبي، حيث كتب عبارة "تاريخ جديد يبدأ - عند نقطة البداية للتاريخ ولعهد للسلام".
بعدها ظهر الزعيمان في لقاء مشترك على طاولة جمعت مسؤولي الجانبين، وقعا خلالها اتفاقاً يرمي إلى وقف الحرب الكورية والتوترات المستمرة بين سيول وبيونغ يانغ.
وعلى هامش، ذلك تحلى كيم بروح مرحة، حيث تحدث عن وجبة "النودلز" التي ستأتي "باردة" اليوم لأنها قادمة من مسافات طويلة في كوريا الشمالية، مُتمنياً أن تعجب مسؤولي سيول.
وزرع كل من كيم ومون جيه شجرة صنوبر بجوار ممشى بالقرب من خط الفصل العسكري، واستخدما خليطاً من التربة والماء من كلا البلدين. ويعود تاريخ شجرة الصنوبر إلى عام 1953 الذي انتهت فيه الحرب الكورية بالهدنة. https://www.youtube.com/watch?time_continue=1&v=ATw3ZC1V0-8 واستمرت أجواء المزاح عندما قال كيم إنه سيكون حريصاً على وقف اختبارات صواريخه حتى لا يقلق نوم مون جيه في فترة الظهيرة.
وخرج الاثنان في نزهة على طول جسر للمشاة للحديث ببشكل منفرد من دون رفقة أحد، قبل أن يغادر كيم عائداً إلى بلاده.

ترامب يرحب: فرصة لفك العزلة

ربما تكون القمة فرصته لمخاطبة العالم الخارجي قبل شعبه، هو ما كشفه الصحافي مارتين وليامز، قائلاً إن اللقاء تم بثه مباشرة عبر شبكات إخبارية مختلفة حول العالم، بينما لم يقم بذلك تلفزيون كوريا الشمالية. من جانبه، رحّب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقمة الكورية، وكتب في حسابه على تويتر إن "الحرب الكورية في طريقها للنهاية! الولايات المتحدة وكل شعبها العظيم يجب أن تكون فخورة بما يجري الآن في كوريا... أمور جيدة تجري، لكن وحده الوقت سوف يبلغنا بالنتائج".
وفي مارس الماضي، أعلن ترامب قبوله دعوة كيم لمقابلته في مايو المقبل، وهو ما أكده مستشار الأمن القومي الكوري الجنوبي تشونغ يوي يونغ، في مؤتمر صحافي أمام البيت الأبيض، قائلاً إن كيم وافق أيضاً على وقف التجارب النووية والصاروخية، وإنه "ملتزم بنزع السلاح النووي". وكان وفد من كوريا الجنوبية زار بيونغ يانغ والتقى كيم، لتكون المرة الأولى التي يقابل فيها زعيم كوريا الشمالية مسؤولين من سيول منذ توليه الحكم عام 2011.
وفي وقت سابق خلال أبريل الحالي، التقى مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكية الجديد، كيم للتحضير للقاء بين الرئيسين، ونشرت سارة ساندرز، السكرتير الصحفي للبيت الأبيض، أول صور لقاء كيم وبومبيو بعد المصادقة على تعينيه في منصبه الجديد.
وكانت إليزابيث سوندرز، أستاذة العلوم السياسية الأمريكية، قالت إن الشماليين يرون إصرار واشنطن على معاملة بلادهم، باعتبارها منبوذة أكثر من كونها عضوًا محترمًا في المجتمع الدولي، ليس فقط إهانة بل تهديد لوجودها. وأضافت "قمة الولايات المتحدة وكوريا الشمالية تُعدّ قمة الاحترام، وهو ما سعت إليه بيونغ يانغ لعقود من الزمن". وتقول تقارير صحافية إن موافقة بيونج يانغ على إجراء محادثات مع سيول، ربما جاء نتيجة للضغوط والعقوبات الاقتصادية الدولية التي تواجهها، لاسيما مع مناشدة القوى الكبرى، مثل واشنطن، للصين بالضغط على الشمال لوقف "استفزازتاه" وتهديداته العسكرية. في حين تذهب آراء أخرى إلى أن كيم جونغ يتحرك بثقة ويعلم جيداً كيف يدير سياساته الخارجية، من واقع قدرته على إظهار قوة بلاده العسكرية، ورغبته في الوقت ذاته أن تكون لقاءاته في كوريا الجنوبية جسراً للحوار مع الولايات المتحدة.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard