شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
بعد إطلاق صاروخ أمريكي بحمولة عسكرية… هل بدأت حرب الفضاء رسمياً؟

بعد إطلاق صاروخ أمريكي بحمولة عسكرية… هل بدأت حرب الفضاء رسمياً؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 16 أبريل 201806:09 م
قبل أيام، كان العالم على موعد مع حدث قد يغيّر قواعد لعبة الحروب العسكرية بشكل جذري، حيث أطلقت كل من شركة "لوكهيد مارتن"، و"بوينغ للفضاء" الأمريكيتين صاروخاً من طراز "أطلس 5" إلى الفضاء، من دون أن يكون له هدف علمي يتعلق باكتشاف الفضاء أو تسهيل الاتصالات بل كان يحمل هذه المرة حمولة عسكرية ضخمة. وانطلق "أطلس 5" من قاعدة خاصة في كيب كنافيرال في فلوريدا، بحسب ما نقلت وسائل إعلام عالمية قالت إنه كان يحمل أقماراً اصطناعية متعددة الاستخدامات، أحد أبرز مهامها يرتبط بدعم الاتصالات العسكرية. ويتكون الصاروخ، الذي انطلق إلى الفضاء بقوة دفع تصل إلى 2.5 مليون رطل، من 20 طابقاً كما يحمل العديد من معدات الاختبار العسكرية، لتنضم أمريكا - بهذه الخطوة البارزة - رسمياً لصراع الفضاء الذي كان حتى وقت قريب مساحة للتنافس بين روسيا والصين.

"صراع الفضاء حتمي"

في الشهر الماضي، تحدّث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال خطاب وجهه للعسكريين في سان دييغو، عن رغبته بإنشاء قسم جديد بالكامل في الجيش الأمريكي، مهمته التركيز على الحرب في الفضاء، حسب ترامب الذي أطلق على الأمر مصطلح "القوة الفضائية"، مؤكداً أن القسم الجديد سيصبح واقعاً قريباً. في هذا الخطاب المهم، لم يشر ترامب لأية تفاصيل حول ما سيقوم به قسم "الحرب الفضائية" في الجيش الأمريكي، مكتفياً بالقول إن عمليات سلاح الجو ستعتمد اعتماداً كلياً على الفضاء. لم يحقق تصريح ترامب عن "قوة فضاء أمريكية" وقتها الجدل نفسه والاهتمام الذي تحققه تصريحاته الأخرى، لكن البعض تعامل معه بجدية ومنهم مايكل شميت، وهو أستاذ القانون الدولي العام وخبير في حرب الفضاء في جامعة إكستر في المملكة المتحدة، الذي قال لصحيفة "الغارديان" البريطانية إنه "من المحتم أن نرى الصراع ينتقل إلى الفضاء".
"صراع الفضاء سيحدث دون شك، لأن الجيوش الحديثة تستخدم الفضاء بالفعل لكل شيء، بداية من الأقمار الاصطناعية للتجسس وصولاً إلى معرفة أماكن الأعداء"، هكذا يشرح خبير الفضاء مايكل شميت
"الولايات المتحدة غير مستعدة لحرب الفضاء حالياً، بسبب أن روسيا والصين نجحتا في تطوير وسائل لتدمير أو تعطيل الأقمار الاصطناعية التي يعتمد عليها الجيش الأمريكي في كل شيء تقريباً"، بحسب محللين
يؤكد شميت أنه واثق أن صراع الفضاء سيحدث دون شك، شارحاً أن حرب الفضاء أمر لا مفر منه، لأن الجيوش الحديثة اليوم تستخدم الفضاء بالفعل لكل شيء، بداية من الأقمار الاصطناعية للتجسس وصولاً إلى معرفة أماكن الأعداء، ويعلّق " الاعتماد على الفضاء أمر يفكر فيه بجدية الجميع في الصراع المعاصر". يؤكد شميت إنه في أي حرب يسعى أحد الأطراف إلى حرمان الآخر من قدرته على استخدام الأقمار الاصطناعية للانتصار عليه، لذلك فإن من يمتلك القدرة على مهاجمة الأقمار الاصطناعية سيصبح قادراً على الحسم.

روسيا والصين وحرب الفضاء

في العام 2014، أطلق الروس قمراً اصطناعياً غامضاً، كان يُنظر إليه على أنه يتحرك بشكل غير طبيعي في مداره. واعتقد البعض وقتها أن الروس يختبرون سلاحاً مستقبلياً في الفضاء قد يكون عدائياً للأقمار الأخرى. وأطلقت مؤسسات ووسائل إعلام عالمية عدة على القمر الروسي اسم " Object 2014-28E"، وكان التخوف الرئيس منه وقتها أن تكون مهامه الأساسية عسكرية، وأن يكون هدف موسكو من ورائه شن هجوم إلكتروني على قمر آخر، بهدف التشويش على الأقمار الأخرى في أي صراعات عسكرية مستقبلية. وأُطلق القمر المثير للجدل تحديداً في شهر مايو 2014، وكان على متن صاروخ فضائي يحمل ثلاث شحنات أخرى، في عملية إطلاق سرية لم يتم الإعلان عنها بشكل رسمي، وكان يُشتبه في البداية بأنه مجرد حطام في الفضاء، لكن المناورات الغريبة التي قام بها الجسم الروسي الغامض جعل الولايات المتحدة تصنفه باعتباره قمراً اصطناعياً. يقول براين هارفي، وهو خبير فضائي ومؤلف كتاب "إعادة ميلاد برنامج الفضاء الروسي سبرينغر"، لـ"الغارديان" إن تاريخ روسيا مع هذا النوع من الأقمار الاصطناعية يعود إلى عام 1963، لكن الروس بحسب هارفي ليسوا هم أصحاب الفكرة الأساسية، فـ"الخبراء الحقيقيين في تطوير أقمار اصطناعية صغيرة قابلة للتحكم وقادرة على تغيير المدارات والقيام بعمليات اعتراض متعددة ضد أقمار أخرى هم الصينيون". حديث هارفي ينقلنا إلى حادث مهم، حين نجح الصينيون بالفعل في تدمير قمر اصطناعي خاص بهم يحمل اسم "FY-1C" عن طريق صاروخ أطلقوه من الأرض في العام 2007. ونجح هذا الصاروخ في تدمير القمر وتفكيكه إلى 150 ألف قطعة، وهو ما فتح وقتها باب الحديث عن قيام الصين باختبارات عسكرية هدفها تدمير أقمار اصطناعية عدوة لها. وعلى الرغم من وجود معاهدات دولية قائمة بالفعل تمنع إطلاق حمولات عسكرية إلى الفضاء أو استخدام أسلحة دمار شامل في مدار الأقمار الصناعية إلا أن هناك منطقة رمادية بالتأكيد. تلك المنطقة الرمادية يتحدث عنها بتفاصيل أكثر لصحيفة "الغارديان" جان فوورنر، المدير العام لوكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، والذي يقول إن الفضاء يمكن استخدامه حالياً لأغراض سلمية وعسكرية على حد سواء، مضيفاً أن الفضاء يختلف عن 50 سنة مضت، حين كان السباق فقط بين القوى العظمى. ويضيف "اليوم كلنا نعتمد على الفضاء في كل شيء، عندما نستيقظ في الصباح وننظر إلى توقعات الطقس، عندما نستمع إلى الراديو أو نجري مكالمة هاتفية، عندما نشتري الأشياء عبر الإنترنت، كل هذه الأشياء تتوسطها الأقمار الاصطناعية بطريقة ما"، حسب فوورنر.

هل أمريكا مستعدة لمواجهة روسيا والصين؟

 الإجابة على هذا السؤال يحملها تقرير حديث نشرته صحيفة بوليتكو الأمريكية، حيث يرى التقرير أن الولايات المتحدة غير مستعدة لهذه الحرب حالياً، بسبب أن روسيا والصين نجحتا في تطوير وسائل لتدمير أو تعطيل الأقمار الاصطناعية التي يعتمد عليها الجيش الأمريكي في كل شيء تقريباً، بداية من جمع المعلومات ومروراً بتوجيه القنابل الدقيقة والصواريخ، وصولاً إلى التحكم في الطائرات من دون طيار. لكن الصحيفة أشارت إلى أن البنتاغون يحاول حالياً أن يجد لنفسه مكاناً في عالم حروب الفضاء، حيث ضخ مليارات الدولارات بهدف تقوية دفاعاته ضد الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية، بالإضافة إلى تدريب قواته على العمل في حال تعطل الأقمار الاصطناعية لأي سبب. وقالت الصحيفة الأمريكية أن القادة العسكريين في الإدارات الأمريكية المتعاقبة لم يتعاملوا بجدية مع التهديدات المحتملة في مجال الفضاء، معتبرة أن مطالبة ترامب مؤخراً بإنشاء قوة فضائية، يعني أن الإدارة الأمريكية فهمت أخيراً أن الفضاء قد يصبح ساحة حرب. ولفتت "بولتيكو" إلى أن الاستخبارات المركزية الأمريكية أصدرت بالفعل عدة تقارير في الشهور الأخيرة تحذر من تنامي تهديدات روسيا والصين في مجال الفضاء، وبحسب تلك التقارير فإن جهود روسيا والصين تتركز بشكل أساسي على التشويش على اتصالات الأقمار الاصطناعية العسكرية.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard