شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"جيان"... حكايات موسيقية من "شام الذهب" إلى "بستان الكورد"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأربعاء 21 فبراير 201805:54 م
وسط هذا المشهد العبثي في المنطقة الذي تسوده فوضى الحروب، الدمار والدم؛ هناك من يترقب "شمس الصبح" يصرخ بوجه الجميع "طفي النار... رح تحرقنا بنارك يابا". يرسم "طريق"، يلوذ بـ"بستان الكورد"، يقصد بيت المغنين في ديار بكر ليستعير صوت سيد خان بأغنية "سعيد آغا" الملحمية، يروي حكاية من زمان كان فيه "اللي بيحبّوك ما بيجرحوك"، يؤكد "ضياع شادي في هذا الزمان الافتراضي"، ويغني لـ "شام الذهب".. "روحي إلك انتي اللي قلبي اختارها، نور الشمس مخباها وديارها.." https://youtu.be/ovNQlwzRN0I تلك حكاية ألبوم "جيان"، الذي أطلقه المؤلف الموسيقي وعازف البزق آري جان، في دمشق مؤخراً، بدعمٍ من "اتجاهات"، "آفاق". يتضمن الألبوم الذي أختار له آري اسماً باللغة الكوردية يعني "حياة" بالعربية؛ ثلاثة أغنيات، وأربعة قطع موسيقية، واحدة منها تأتي خلفية تتناغم مع صوت سيد خان في أغنية كردية ملحميّة. وتظهر المؤلفات الموسيقية في الألبوم؛ "الإمكانيات المتنوعة لآلة البزق بشكل جديد معاصر، بعيداً عن القوالب الجاهزة وبأسلوب تجريبي مع عدد من الآلات الأخرى مثل الغيتار والأوكورديون والبيانو". أمّا الأغنيات الثلاثة، فيمكن اعتبارها؛ "أغانٍ سورية جديدة على مستوى الكلمات لـ(وديع خوري)، والألحان لـ(آري جان) التي يستخدم فيها آلة البزق بصورة جديدة، وأساسية في البناء اللحني والتوزيع والتنفيذ الموسيقي"، ويؤديها المغني الحلبي المعروف صفوان العابد، المغنية الشابّة سارة درويش، وآري ووديع. رصيف22 حاورت آري جان حول هذه التجربة التي تأتي بعد قرابة العشرة أعوام على بدء تجربته الاحترافية، كعازف بزق، ومؤلف موسيقي. https://youtu.be/Z0LXMk2gqZk

هل يمكننا اعتبار ألبوم "جيان" ترجمة للثنائية الكوردية - العربية التي تشكّل هويتك الثقافية السورية؟

يجيب آري على سؤالنا: "لا أحب هذا النوع من التأطير، صحيح أنني موسيقي كردي من محافظة الحسكة، أقيم في دمشق، وأتحدث الكوردية والعربية، أفكر باللغتين وأجيد الغناء بهما، لكن توجهي الأول هو إظهار الثقافة الموسيقية للمنطقة التي أعيش فيها، عبر البحث في مدى إمكانية تغيير صوت آلة البزق، بعيداً عن نغمها التقليدي، وتقديمه بطريقة تجريبية، تتجاوز المألوف. كل ما في الأمر أنني أبحث عن طريقة في التعبير تشبهني، تتجه للحداثة انطلاقاً من الجذور التاريخية والاجتماعية للبيئة التي نشأت وأعيش فيها."

إلى أي حد يفصح آري جان عن مكنوناته أو طاقاته كموسيقي في هذا الألبوم؟

"ألبوم (جيان)؛ خطوة للتفكير بالآتي، فأنا أؤمن بضرورة تراكم التجارب، والمراحل التي نعيشها أولاً بأول دون أن ندرك حقيقتها إلا بعد مضي فترة من الزمن، بحيث تأخذ وقتها حتى تتبلور. وأشعر أنه من المبكر القول (ها أنا ذا) عبر الألبوم الأول، فالتطور الموسيقي، أو الإفصاح عن الذات موسيقياً، يتطلب وقتاً لكي تستطيع أن تقول أي ملحن، أو مؤلف، أو عازف أنت؟ يضيف آري: "بعد عدة تجارب، أصبحت أكثر حساسية لما أريد قوله، بحيث يكون وثيق الصلة بأفكار الناس وحياتهم، ومجتمعهم، لأنني أرى أن هذه هي الوظيفة الأساسية للأغنية إلى جانب الترفيه بطبيعة الحال، وهذا يحتاج إلى بحث وتفكير عميق بالموسيقى وتأُثيرها." ضمن هذا السياق تأتي أغنيات ألبوم "جيان" كمحاولةٍ من آري لتقديم "إضافة جديدة للمكتبة الغنائية السورية"، أراد عبرها قول شيءٍ ما من وجهة نظره التي تتركز في "جوهر الكلمة واللحن" كما يقول. 
استكشاف لإمكانيات آلة البزق بشكل جديد معاصر في ألبوم "جيان"، اسم باللغة الكوردية يعني "حياة" بالعربية
"ركب أصنصير" مشروع أنيمي لأغنية تعبر عن عبثية حياة السوريين وسط الحرب، ومفرداتها التي تسللت إلى اللغة
ثنائية الكلمة واللحن في أغنيات ألبوم "جيان"، تقوم بشكل أساسي على الشراكة بين آري كموسيقي، ومغني الراب والراقص السوري وديع خوري كشاعر، الذي يصفه صاحب الألبوم بالقول: "وديع له طريقة تعبيره الخاصة، فهو ببساطة يستطيع أن يحول كل قصة إلى أغنية، ويعيش الكلمات بالطريقة ذاتها التي أفكر فيها بالموسيقى." أما فيما يتعلق بالأًصوات الغنائية التي اختارها لأداء أغنيات الألبوم، فيقول آري لرصيف22: "تعاونت في (جيان) مع صفوان العابد بما يملكه من مساحات صوتية غاية في الجمال، قادرة على مجاراة التجربة التي خضتها في المزج بين الموسيقى الصوفية وموسيقى الروك. وسارة درويش التي أحس بانسجامٍ كبير في العمل معها، صوتها مريح بالنسبة لي، لما ألمسه من طواعية في صوتها تترجم أحاسيس مختلفة بمنتهى العذوبة، كما أديت مقاطع من الأغنيات بصوتي، وأخرى أدّاها وديع، القصة ببساطة تتلخص في اختيار الصوت الأنسب للحالة التي أريد التعبير عنها." يؤكد آري أنّه يبحث دائماً عن صوتٍ يحبّه، وقادر على ترجمة ما يرد قوله، منوهاً لتجارب سابقة جمعته بالمغنية السورية المعروفة بسمة جبر، محمد مجذوب، سوزانا جمعة، الممثلة ربى الحلبي، وليليان خير بيك. فقبل ألبوم "جيان" كان له تجارب عديدة في مجال الموسيقى التصويرية، لعديد المسرحيات، والأفلام، والدراما التلفزيونية، لكنّه أبقاها ضمن سياقها الخاص. حيث لحنّ أكثر من أغنية قدمت كتترات لمسلسلات سورية معروفة، وأخرى أديت ضمن السياق الدرامي لمسلسل "نبتدي منين الحكاية" 2016 على سبيل المثال. إذ يرى بأنّ "الدراما سوق جيد لطرح الأغنية السوريّة، لكنّها غير كافية، فصناعة أغنية سوريّة حقيقية قابلة للنجاح والانتشار؛ تتطلب آلية إنتاج خاصّة، ملحنين، وتجارب موسيقية جادة." https://youtu.be/F80lrE6eSrI في وجه آخر من أوجه التجربة الموسيقية لآري، قدمّ مع نجم الكوميديا السورية أيمن رضا ، أغنية انتقادية ساخرة بعنوان "ركبّ أصنصير" انتجت بشكل مستقل كمشروع أنيميشن للأنترنت، ولم يضمّها أيضاً في ألبوم "جيان"، أراد من خلالها بحسب قوله: "التعبير عمّا نعيش فيه من عبثية كسوريين وسط الحرب، ومفرداتها التي تسللت إلى لغتنا، مستفيداً من فرادة صوت الفنّان أيمن رضا في الغناء، ظهرت بوضوح في تجاربه الغنائية السابقة، إلى جانب القبول الكبير الذي يحظى به عند الناس." 

آري جان: مشروع للغوص في المخزون الكبير للموسيقى السورية بكافة أنماطها، ومحاولة تفكيك تراكب اللحن مع الكلمات، والبحث في التاريخ القديم، والحديث

ماذا بعد "جيان"؟

يكشف آري جان لرصيف22 أنّه بدأ فعلياً بالتحضير لألبومه المقبل، وسيتضمن: "أغانٍ سورية تعبر عن حياة الناس اليومية، منها ما أجدد فيه بعضاً من تراث الجزيرة السورية، مثل تجربة "ياردلي" التي قدمتها مؤخراً، وأغنيات بلغاتٍ أخرى غير العربية، والكوردية.." آري جان، مؤلف موسيقي معاصر، عازف بزق، ومغني، درس في المعهد العالي للموسيقى في دمشق وتخرج منه عام 2012، تحت إشراف الموسيقار الأذربيجاني عسكر علي أكبر عام 2012. خلال سنوات دراسته، شارك في العديد من الحفلات الموسيقية كعازف بزق/صولو، كما عمل على تأليف الموسيقى لعددٍ من مشاريع التخرج والأنشطة المسرحية في المعهد العالي للفنون المسرحية. احترف تأليف الموسيقى التصويرية للأفلام السينمائية، والدراما التلفزيونية. منذ عام 2014 بدأ آري جان مشروعه الموسيقي الذي يسعى من خلاله إلى استكشاف آلة البزق، عبر تأليف مقطوعات موسيقية تجريبية معاصرة، ومزجها توزيعياً مع آلات الصولو، لخلق ثنائيات تتحاور فيما بينها. https://youtu.be/077bG5UkhqA يسعى إلى البحث عن بنية جديدة للأغنية السورية، من خلال الغوص في المخزون الكبير للموسيقى السورية بكافة أنماطها، ومحاولة تفكيك تراكب اللحن مع الكلمات، والبحث في التاريخ القديم، والحديث، أو تأليف أغانٍ سورية تعكس الواقع اليومي والاجتماعي.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard