شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
حوار مع علياء جاد: الطبيبة التي لا تزال تصدم الجمهور بفلسفتها الجنسية

حوار مع علياء جاد: الطبيبة التي لا تزال تصدم الجمهور بفلسفتها الجنسية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 5 مارس 201804:59 م
البعض يعتبرها جريئة "زيادة عن اللزوم" والبعض الآخر يَعدّها مناضلة ضد الأمية الطبية. هي علياء جاد، طبيبة مصرية، تقدم نصائحها الطبية حول كل ما يخص الصحة العامة والصحة الجنسية، من خلال قناتها على يوتيوب "افهم تي في". تتلقى الأسئلة من متابعيها، لتجيب عنها في مقطع مصور. تارةً تقدم نصيحة حول العلاقات الحميمية، وتارةً أخرى حول العادات الصحية السليمة. إلا أن جاد عرفت كذلك بآرائها المنتصرة للحريات، ما وسع رقعة الصدام بينها وبين رواد تويتر بشكل خاص، إلا أنها مستمرة في تقديم نصائحها ومقاطعها المصورة على قناتها، والإدلاء بآرائها الصادمة للبعض في مجريات الأحداث.
&feature=youtu.be في البداية، احكي لنا عن فكرة "افهم تي في"، كيف ساورتك؟ بدأت الفكرة سنة 1993، عندما كنت طالبة في الجامعة وقابلت في المستشفى سيدة مصرية تحمل طفلها المصاب بمشكلة صحية تهدد حياته، وكان من الممكن تفاديها بسهولة لو علمت الأم بممارسات صحية معينة أثناء الحمل. وبدأت تدريجياً ألاحظ أن غالبية المرضى في المستشفيات الجامعية، الذين يثقلون كاهل الدولة بمصاريف العلاج من أمراض مستعصية، كان يمكن أن يتفادوا الكثير منها لو توفرت لهم فرصة التعليم الصحي، الذي هو مادة أساسية في تعليم الدول المتقدمة. حينها قررت أن أتخصص في التعليم الصحي، وأن أقدم برنامجاً تلفزيونياً موجهاً للأمهات. حاولت لمدة 15 سنة العمل مراسلة محطات تلفزيونية عديدة، ولم يرد عليّ أحد أو ردوا بالرفض، حتى جاء يوتيوب وتحقق الحلم بعد 17 سنة. هل شعرت يوماً، أنه كونك امرأة فإن ذلك يؤثر بشكل أو بآخر على المتابعين؟ أكيد، في بعض الأحيان كوني امرأة هو نقطة تحسب لمصلحتي، وأحياناً يكون له تأثير عكسي، البعض يأتون لمشاهدة "تلك المرأة التي تتحدث بجرأة عن أشياء يُعد الكلام عنها عيباً"، وغيرهم يغضبون بشدة من كوني قادرة على الحديث عن أشياء تربوا على كونها منطقة محظورة.
كثيرون يثقون بك لدرجة الحكي عن أسرارهم الجنسية من خلال حسابك على الآسك، فكيف كسبت ثقتهم؟ أولاً الناس يعرفون الكاذب والمخادع من طريقة كلامه، مهما حاول إخفاءها، الذين يتابعونني فطنوا لأنني صادقة معهم وأهدف لمصلحتهم فقط، ولا أريد من وراء نصيحتي ربحاً تجارياً مثلاً، ثم أنهم يتناقلون خبرتهم من خلال التعامل معي، وأنا أحترم مشاعرهم وأحفظ أسرارهم ولا أعطيهم محاضرات في الأخلاق، كل هذا يمنح الناس ثقة كبيرة في الطبيب. تخرجتِ من جامعة مصرية وعملت بعض الوقت في مصر، ثم في هولندا، فما الفرق الذي وجدته في التعامل مع الثقافة الجنسية بين الثقافتين؟ الفرق كبير طبعاً، ولكن للتوضيح، أنا درست التعليم الصحي عموماً، وليس الثقافة الجنسية فقط. ولكن الهولنديين أو الأوروبيين عموماً ليسوا كما يمكن أن يتخيل من لا يعرفهم، أنهم بسهولة يتحدثون عن الجنس في أي مجلس. لا طبعاً، هم متحفظون ويعرفون أن المسألة لها نظام واحترام. هنا أجد الفرق كبيراً في مسألة قد تصدم القارىء: من المستحيل أن يلقي شخص هولندي مزحة جنسية أمام امرأة لم تسمح له بذلك. الأوروبيون محافظون جداً ويبدون أشد تهذيباً ويحاولون احترام الآخر أكثر من المجتمع المصري الذي يبدو أنه تغير كثيراً عما عرفته من 20 سنة.
من وقت لآخر تثيرين الجدل على تويتر، هل تعتبرين أن سياسات الصدمة هي الأنسب لتوصيل أفكارك؟ نعم، العلاج بالصدمة هو أسلوب أستخدمه كثيراً على تويتر، أقول أشياء صادمة أو مثيرة للجدل والغضب بهدف فتح باب المناقشة، من 8 سنوات كانت الدنيا تقوم ولا تقعد لدى إثارة موضوعات تعتبر الآن عادية. وهذا هو المطلوب: "ثورة فكرية تسمح بحرية التعبير وتعلم القدرة على المناقشة"، وشبكات التواصل فرصة ذهبية لتعليم الناس تقبل الديمقراطية والحرية. أنت من بين الذين حاولوا تبسيط الطب والعلم، هل ترين أنك نجحت في ذلك؟ لا أعرف، أفضل طرح السؤال على متابعيّ. أفرح جداً عندما تأتي إلي سيدة لتقول إن قلقها قل كثيراً بعد أن شاهدت فيديو تعليم الولادة، أو أن فتاة عرفت أخيراً سبب متاعبها الجسمانية، أو أن شاباً بدأ ممارسة الرياضة بعد أن عرف أهميتها للصحة، وهكذا.
تعتبرين أول من كسر تابو الحديث عن الجنس والعلاقات الزوجية في مصر. فهل دفعت ثمن ذلك؟ أعيش في أوروبا بعيدة عن المجتمع المصري وأسرتي (بالزواج) أوروبية، ويشجعونني جداً وهم فخورون بي. لذلك لا أعاني من مشاكل مع المجتمعات العربية، ولكن ربما هذا هو سبب عدم اهتمام الإعلام العربي بعملي، لأنني في رأيهم جريئة زيادة عن اللزوم. لا أعرف. أتعرض لتنمر شديد من البعض، بالذات من المجتمعات المغلقة، لكني قوية وأرد على المتنمرين لأنهم يعتقدون أن عدم الرد ضعف. مع انتشار الأفكار الإرهابية والتنظيمات المتزمتة، هل انعكس ذلك على تعليقات متابعيك على التواصل الاجتماعي؟ الأفكار الإرهابية والمتطرفة في كل بيت ومن زمان في بلادنا، أحياناً تصلني تعليقات من متطرفين لكن عددهم بالتدريج قل كثيراً عن البدايات.
وما هو أغرب سؤال وصلك؟ كل الأسئلة التي تصلني قد تبدو غريبة للكثيرين، ولكن أغربها بالنسبة لي هو ظاهرة الطلاق والانفصال بسبب اهتمام الزوج بعروس بلاستيكية وفقدانه للرغبة في زوجته. وما أغرب تعليق تتذكرينه؟ هناك شخص كان مصدوماً جداً مما أقول، وصمم وأقسم أغلظ الأيمان أنني الشيطان، كلما تذكرت تعليقه ضحكت. وما أغرب موقف تعرضت له؟ في مطار دولة عربية وقفت أمام ضابط الجوازات فأخذ ينظر إلي وينظر لاسمي ثم ينظر إلي مرة ثانية، فقلقت، ثم قال: دكتورة علياء نورتي أنا أتابع كل فيديوهاتك. قلت له "يا نهار اسود!"، فانفجر ضاحكاً. ومرة في مطار دولة عربية أخرى، أوقفني شاب مصري أثناء دخولي الطائرة ليسألني عن مشكلة جنسية تعانيها زوجته. قال إنه لمحني من بعيد وجاء جرياً من بوابة أخرى ليسألني! ذهلت من مقدار ثقته بي. مصر تحتل مرتبة متقدمة جداً في مشاهدة الأفلام الإباحية. ورغم ذلك هناك نسبة كبيرة من أسباب الطلاق تتعلق بالجهل الجنسي. فما السبب؟ إدمان الأفلام الإباحية أحد أهم مسببات الطلاق، لأنها تغير من كيمياء المخ وتجعل الشخص المدمن غير قادر على ممارسة جنس حقيقي، غير أنها لا تعلم شيئاً صحيحاً. هل هوليوود تمثل الحياة الحقيقية للأمريكيين؟ لا. الوضع نفسه بالنسبة للأفلام الإباحية. الأفلام الإباحية التجارية أسوأ وسيلة للتعرف على الجنس. هناك أفلام جنسية تعليمية، وهناك كتب وهي الأفضل. في مصر أصبح هناك تناقض واضح، فقد انتشرت دعوات وحملات تدافع عن ختان الإناث مثلاً أو تعدد الزوجات، بينما على جانب آخر، هناك حملات وحوار صريح للدفاع عن المثليين ومختلفي الميول الجنسية. فكيف تفسرين هذا التناقض؟ لا تناقض في رأيي. ثورة 25 يناير أحدثت زلزالاً في الفكر والحريات بالذات، وأصبحت كل التيارات راغبة في التعبير عن نفسها. أنا سعيدة بهذه الفوضى التي أتمنى أن تكون خلاقة. يجب أن نتعلم الاستماع لرأي مخالف ونناقشه دون عنف. استضافت إحدى الإعلاميات اثنتين من العابرات جنسياً، وقالتا إنهما أقدمتا على عمليات التصحيح، رغبة في المال والشهرة وليس لأسباب طبية. هل هذه محاولة لوصم كل العابرين جنسياً وانتزاع حرية اختيارهم لجندريتهم؟ لا أظن أن هذا حقيقي، لدي نفور شديد من الإعلاميين الذين يهدفون لأرقام مشاهدات فقط. غالباً دفعت هذه الإعلامية لهم أموالاً ليقولوا ذلك. أحترم كل ما يقوله مرضاي ولا يمكن أن أسخر من أحد أو أجعله أضحوكة، بل دائماً أهاجم من يحاولون جعلهم كذلك.
يحاكم الآن عدة شباب ممن رفعوا علم "التنوع والاختلاف" في حفل مشروع ليلى، الأمر الذي أثار عدة تساؤلات حول المثلية، كان أهمها "هل المثلية ظاهرة جديدة على المجتمع المصري؟ وهل يمكن علاجها كما يدعي البعض؟". ما رأيك؟ المثلية ظاهرة طبيعية، وليست مدرجة كمرض في كتب الطب، المثلي إذا رغب في العلاج النفسي فيجب أن يدور العلاج حول تعليمه تقبل ميوله وليس تحويلها أو منعها كما يدّعي بعض المعالجين المتدينين في بلادنا، وحتى في الغرب.
قلت إن العادة السرية تعد أحد أساليب اكتشاف الميول والتفضيلات، فهل لها أن تؤثر على العلاقة الزوجية بعد الزواج؟ إمتاع النفس (كما أحب أن أسميه) يعد أحد أساليب اكتشاف الميول والتفضيلات عند السيدات تحديداً، كل امرأة لها ذوق معين في الحميمية لا يعرفه أحد غيرها، وقد لا تعرفه هي إطلاقاً، إذا لم تجرب أن تلامس مناطق المتعة في جسدها بالطريقة التي تريحها، ثم تعلمها بعد ذلك لزوجها. هذا ليس عيباً بل الطريقة المثلى للحفاظ على علاقة جنسية ناجحة في الزواج.
ظواهر مثل التحرش والاعتداء الجنسي، أسبابها جنسية فقط مثلما يروج البعض، أم متعلقة بثقافة المجتمع؟ أسباب التحرش الرئيسية ليست جنسية، هي رغبة في إذلال الأضعف، لأن الحياة في مجتمعاتنا مثل دائرة عنف، كل من يرى نفسه أقوى ينتقم من الأضعف منه، أيضاً الانفجار السكاني يجعل المشكلة أكثر تعقيداً في عدم القدرة على السيطرة على تصرفات الناس في الزحام بكاميرات مثلاً، كما هو الوضع في مدينة كبيرة مثل لندن.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard