شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
أينما حلّوا أبدعوا: إطلالة على 4 من متاحف العرب في أرجاء العالم

أينما حلّوا أبدعوا: إطلالة على 4 من متاحف العرب في أرجاء العالم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رود تريب

الخميس 12 أكتوبر 201703:19 م

ليس بين أيدينا تاريخ موثق لبدايات ترحال العرب وهجراتهم، ولكن ما هو مؤكد هو أنهم أعادوا خلق هويتهم في كل مكان ارتحلو إليه، وبنوا تواريخ جديدة أثرت ثقافة المجتمعات التي انتموا إليها، وكانت دوماً صلة وصل للتعرف على العالم العربي، ولتوسيع مجالات التواصل بين الشعوب. نطل هنا على أربع من المتاحف العربية في الولايات المتحدة الأمريكية، وإسبانيا، وفرنسا وألمانيا.

المتحف العربي الأمريكي

يقدر عدد الأمريكيين من أصل عربي بـ3.7 مليون شخص، بحسب المركز العربي الأمريكي، وهو أهم المراكز المعنية بشؤون العرب الأمريكيين، يأتي معظمهم من خمسة بلدان عربية، هي: لبنان وسورية وفلسطين ومصر والعراق. للعرب الأمريكيين حضور هام في الولايات المتحدة، ونشاطات فعالة في مجالات عدة، وفي مدينة ديربورن في ولاية ميتشيغن التي تحتضن جالية عربية كبيرة، والتي تشتهر بشوارعها التي تحمل لافتات باللغة العربية، افتتح المتحف العربي الأمريكي (Arab American National Museum أو AANM). يعرف المتحف مهمته على أنها: "توثيق الإسهامات التي قدمها العرب الأمريكييون، والحفاظ عليها وحمايتها". وأهمية المتحف تكمن في كونه الأول والوحيد في تخصصه بالعرب في أمريكا، ومن هنا فإن هدفه ثنائي المحور: أولاً، الإضاءة على ما أنجزه العرب الأمريكيون "في مجالات الإقتصاد والسياسة والثقافة في الحياة الأمريكية"، وتقديم فرصة  ليكون ذلك جزءاً من الساحة الثقافية والمعرفية الأمريكية. وبهذا يأمل المتحف تفنيد الفهم الخاطئ والجهل بتاريخ العرب الأمريكيين، ويدعو للاحتفاء بالتعديدة والتنوع.

إلى جانب مجموعته الدائمة واستضافته لمعارض، يقدم المتحف عدداً من البرامج، منها "الجمعة العالمية" وهو احتفال موسيقي ليس للموسيقى العربية فحسب، بل لموسيقى من كل أنحاء العالم، كما يستضيف حفلات وأمسيات أدائية، وموسيقية على مدار العالم، ويقدم "مهرجان السينما العربية"، الذي يقدم عروضاً لأفلام عربية، أو أعمال تركز على مخرجين عرب، كما يرعى المتحف جائزة الكتاب العربي، ويعرض أعمالاً أدبية وفنية من العالم العربي، ومنها ما يقدم في معارض جوالة. من أشهر برامجه "ديوان"، وهو مساحة إبداعية سنوية، لمدة أسبوع، للفنانين والفنانين الأدائيين والخبراء من مجالات وتخصصات مختلفة للحوار والتعاون وبناء مجتمع أفضل.

يحفظ متحف الحمراء في غرناطة آثار بني نصر، الأسرة التي حكمت آواخر العصر الإسلامي في الأندلس
يشكل الأمريكيون من أصل عرب 3.7 مليون، تعود أصول معظمهم إلى لبنان وسورية وفلسطين ومصر والعراق

متحف الحمراء في إسبانيا

لتاريخ العرب في إسبانية خصوصته، فقد تحولت شبه الجزيرة الأيبيرية، وخاصة جنوبها الذي عرف أيام حكم العرب بالأندلس إلى أهم مراكز الحضارة لقرون طويلة، بداية بحكم الأمويين، إمارة ثمّ خلافة، وحتى نهاية حكم بني نصر. يعرف بنو نصر بالنصريين أيضاً، أو بني الأحمر، وهم الأسرة التي حكمت غرناطة في أواخر العصر الإسلامي بالأندلس حتى عام 1492، وأصبحت غرناطة أيام إمارتهم من أهم مراكز الحضارة الإسلامية، وأثارت اهتمام الباحثين والمختصين بفنها وعمارتها المميزتين. على بعد أمتار من قصر الحمراء الشهير، يقع متحف الحمراء في غرناطة، ويقدم بعضاً من آثار الحضارات التي ازدهرت تحت حكم العرب في الأندلس، وخاصة تحت حكم النصريين. تأسس المتحف عام 1870، واتخذ من "قصر تشارلز الخامس" مقراً له، وهو بناء صمم داخل أحد قلاع الدولة النصرية. 

من المجموعات الدائمة في المتحف: صالة فنون الإمارة والخلافة، وصالة فنون الخلافة النصرية، وأخرى لفنون العمارة في الحمراء من العصر النصري، وفنون الثقافة المادية من نفس العصر.

متحف الثقافة العربية في ألمانيا

لا يخفى العامل السياسي في توقيت ومكان افتتاح متحف الثقافة العربية في مدينة نورنبرغ الألمانية، أو "البيت العربي"، الذي أسسته مجموعة من العرب والألمان، في وقت يشهد في العالم وأروبة خاصة أزمة داخلية مع التطرف، وأزمة أعمق في فهم العالم العربي، والتجاوب مع نتائج الحروب التي تهزه.

يقدم المتحف هويته في خمسة أهداف: مد جسور للمعرفة لتكون تدعيماً للتفاهم المتبادل، وتشجيع الحوار، وتقوية الشراكات والعلاقات الاقتصادية، وتمكين زوارهم من اختبار الثقافة العربية، والتعرف على العالم العربي.

نشاطات المتحف متنوعة، من محاضرات حول مواضيع تمس العالم العربي، سياسياً وثقافياً، إلى اهتمامات متخصصة بالتاريخ والفنون، وهناك مناسبات خاصة فيها دروس للطبخ العربي، وحلقات نقاش، ومعارض.

متحف معهد العالم العربي في باريس فرنسا

المتحف هو جزء من معهد العالم العربي Institut de Monde Arabe، الذي افتتح عام 1980، ويقدم مقاربة جديدة للعالم العربي، ويدعو الزائرين: "إلى اكتشاف العالم العربي من منظار مختلف يتجاوز الصور النمطية، وذلك من خلال إبراز تنوع ثقافات العالم العربي وأعراقه ولغاته ومعتقداته منذ نشأته إلى يومنا هذا. ويضم المتحف تركيبة للصوت والصورة مع صور تنعكس على المرايا تضع الزائر منذ دخوله للمتحف في قلب العالم العربي بتنوعه وتنوع أشكال التعبير فيه". يقدم المتحف عروضه في خمسة محاور:أولها سؤالٌ عن نشأة الهوية العربية، والتي يُشكل مفهومها في صميمه نموذجاً للتفاعل بين الثقافات، وهي تعددية فقدت مكانتها في الذاكرة الجمعية العربية بسبب الصدمات المتتالية في التاريخ العربي الحديث، بحسب فلسفة المتحف.

فـ"العروبة بالمعنى الثقافي للكلمة هي مثال جميل على التمازج والتفاعل بين الثقافات"، كما يقول المفكر اللبناني جورج قرم، "لكن الصدمات التاريخية التي تعرض لها العرب محت هذا المثال من الذاكرة الجماعية"، وهي مقولة يستشهد بها موقع المتحف، ويعتمدها في مقاربة الهوية العربية. أما الموضوع الثاني الذي ينظمه المعرض هو "من المعبودات المتعددة إلى التوحيد"، وفيه تركيز على آثار من الحضارات القديمة لبلاد ما بين النهرين والفراعنة، ثم الحضارة الإسلامية.

والموضوع الثالث "التجول في إحدى المدن العربية"، هو اختبار لروح المدن العربية وخصوصيتها التي تظهر في قصورها وجوامعها ومدارسها وأسواقها، فـ"رخاء الثقافة وجوهرها وكمالها الفني الذي تعبت المدينة في مناله تبقى بعيدة عن الأنظار، فلا تكشف المدينة عن ذاتها إلا في الأسواق وورشات الحرفيين" كما يقول محمد مطالسي.

أما رابع المواضيع، فيركز على "أشكال التعبير عن الجمال"، الذي يتناول قطعاً تدلل على مفاهيم وتجربة الجمال في العالم الإسلامي "من خلال المساحات التي تتزاوج فيها المواد المستخدمة والزخارف والألوان والنسب المنسجمة والمتناغمة". والأخير هو "الجسد والأنا والآخر"، وفيه يعتمد المعرض مفهوم المفكر محمد حسين بن خيرة، عن الثقافة الإسلامية كحاضنة للمسلمين وغير المسلمين، حيث يقول: "على مدى أكثر من ألف عام تكيف العالم العربي مع الإسلام والمعايير التي وضعها. حتى غير المسلمين تأثروا بالمنظومة الفكرية الإسلامية. فبينما يُعتبر الجسد في الغرب ملكا للفرد الخاضع للقانون، بنظر الإسلام للبدن على أنه ملك لله. وعلى الإنسان أن يتعامل مع بدنه على أنه وديعة بين يديه ينبغي العناية بها ولكن دون العبودية لها".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard