لماذا لا يستعمل الرجال حبوب منع الحمل؟
الخميس 13 يوليو 201705:12 م
نشر منذ عدة أعوام خبر مفاجئ على صفحة الـ BBC، بعنوان "غوريلا عاشقة تتناول حبوب منع الحمل".
يشرح المقال بعنوانه المثير، أنّ البياطرة في حديقة الحيوان في بلفاست، وحفاظاً منهم على صحة وسلامة "دليلا" الغوريلا العاشقة العجوز التي تبلغ من العمر 44 عاماً؛ ارتأوا أن أفضل طريقة لحمايتها وتجنيبها مخاطر الحمل على حياتها في هذا السن تكمن في إعطائها حبوب منع الحمل.
قد تبدو القصة مضحكة للوهلة الأولى، لكنها تبقى مثالاً إضافياً على أهمية وسائل منع الحمل التي لم تعد حكراً على الإنسان فقط.
تاريخياً، كانت وسائل منع الحمل أساساً لثورة اجتماعية غيرت شكل العلاقات الجنسية يوم سمحت بفصل الجنس عن الإنجاب، بعدما ارتبط الإثنان معاً بشكل وثيق لقرون عديدة.
تتعدد اليوم بالطبع الوسائل المتوفرة لمنع الحمل وتختلف بين الرجال والنساء كما تختلف نسبة فعاليتها، ولكن المثير للاستغراب هو التفاوت في الخيارات المتاحة للجنسين.
في الدول التي توفر هذه الخدمات، تستطيع المرأة مثلاً الاختيار بين حبوب منع الحمل العادية أو الطارئة، اللصقات أو الحقن الهرمونية، وغرسات منع الحمل، والواقي النسائي، واللولب الرحمي، والعازل أو الإسفنج المهبلي، والحلقة المهبلية، ومبيدات النطاف، وسائل الوعي بالخصوبة والتعقيم.
أما الرجل فخياراته محصورة بالإنسحاب قبل القذف، أو الواقي الذكري أو التعقيم. يكفي تعداد الخيارات ليتبين لنا الفرق الشاسع فيما يتعلق بوسائل منع الحمل بين الرجال والنساء.
ثم أليس غريباً أن تبقى الوسائل المتاحة للرجل محدودة لهذه الدرجة بعد أن كانت أول الوسائل التي صممت لتحديد النسل موجهة للرجال؟
فالواقي الذكري يعتبر الأقدم بين جميع وسائل منع الحمل، وتعود فكرته إلى طبيب إيطالي من القرن السادس عشر اقترح استعمال قماشة تلف حول العضو الذكري للحماية من الإصابة بمرض السيفيليس (الزهري).
لصقات، حقن، غرسات، لولب، إسفنج، مبيدات وغيرها للمرأة، وللرجل الإنسحاب والواقي والتعقيم فقط. لم تتحمل المرأة مسؤولية منع الحمل؟
أحدثت وسائل منع الحمل ثورة إجتماعية لأنها فصلت الجنس عن الإنجاببالطبع تطور الواقي الذكري فيما بعد ليصبح في القرن الثامن عشر على الشكل الذي نعرفه اليوم. فيما يعود استعمال حبوب منع الحمل للنساء إلى ستينيات القرن العشرين. المسألة إذاً ليست مسألة وقت، لكن النتيجة تبقى ذاتها ويجد الرجل نفسه مخيراً بين: 1- الانسحاب، وهي الطريقة الأقل ضمانة عملياً، إضافةً إلى أن بعض الحيوانات المنوية قد تتواجد في المذي، وهو سائل يتم إفرازه قبل عملية القذف. 2- الواقي الذكري، الذي لا يخلو استعماله من حالات الحمل غير المقصود التي قد تحصل نتيجة سوء استعمال للواقي يؤدي إلى تمزقه مثلاً، أو بسبب خلل تصنيعي ولو كان نادراً. في المقابل، قد يعاني البعض من الحساسية تجاه المواد التي يصنع منها الواقي، وتتوافر اليوم بدائل قد تلائم الأغلبية. ولكن تبقى هذه السلبيات الخاصة باستعمال الواقي جديرة بالذكر، ويضاف إليها نفور البعض من استعمال الواقي لتأثيره على اللذة بحسب مزاعمهم، ولا يمكن تجاهل كل هذه الأمور بطبيعة الحال. 3- يبقى إذاً الخيار الأخير والأكثر فعالية وهو التعقيم. لكن اتخاذ هذا القرار له مخاطره، باعتبار أن هذه العملية كأي عملية أخرى لا تخلو أبداً من الخطر أو احتمال حدوث مضاعفات، وقد يكون الأمر الأصعب هو أنّ هذا الحل دائمٌ ولا يمكن عكسه. لا يمكن لمن أجريت له هذه العملية أنْ ينجب بعدها، في حين يمكن إيقاف مفعول معظم الوسائل الأخرى على الفور عقب التوقف عن استخدامها. والسؤال يبقى، لماذا لا يتاح للرجل الإختيار بين عدد أكبر من وسائل منع الحمل؟ ولماذا لا تتوفر له وسائل جديدة تتناسب وتتماشى مع حاجاته أكثر، كما هو الحال مع النساء؟