شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
السعودية تحصل على تيران وصنافير… ما هي السيناريوهات المطروحة الآن؟

السعودية تحصل على تيران وصنافير… ما هي السيناريوهات المطروحة الآن؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 15 يونيو 201704:52 م
أقر مجلس النواب المصري اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، التي يتم بمقتضاها منح الأخيرة جزيرتي تيران وصنافير. فئة كبيرة من معارضي الاتفاقية كانوا متعلقين بأمل أن نواب البرلمان سيرفضون الاتفاقية، فتصبح في حكم العدم، ولكن خيّب مجلس النواب آمالهم، وترك الساحة مفتوحة أمام عدد من السيناريوهات. يظل المشهد مرتبكاً في مصر، خاصةً بعد صراع السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية. فالقضاء أبطل الاتفاقية التي وقعها الرئيس المصري في أبريل 2016، ثم قامت السلطة التشريعية، ممثلة في مجلس النواب، بتحدي حكم القضاء وأعلن رئيس مجلس النواب علي عبد العال أن الحكم غير ملزم للمجلس، وأصر الأخير على مناقشة الاتفاقية ومن ثم تأييدها.

1- القضاء الدستوري يفصل في النزاع

تراقب المحكمة الدستورية، المحكمة العليا في مصر، تطابق القوانين مع مواد الدستور، وحينما يوجد خلاف أو تنازع بين جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، فإنها تتولى الأمر. وقال المحامي الحقوقي والباحث القانوني مالك عدلي لرصيف22 إن المحكمة الدستورية تنظر حالياً في الطعون المقدمة من الحكومة المصرية لعدم الاعتداد بالحكم القضائي السابق صدوره من المحكمة الإدارية العليا، في يناير الماضي، ببطلان اتفاقية تيران وصنافير. مالك عدلي هو أحد أعضاء لجنة الدفاع عن مصرية الجزيرتين، وأحد مقيمي الدعاوى المطالبة ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الموقعة من قبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. بعد ساعات من إقرار البرلمان للاتفاقية، أصدرت هيئة المفوضين بالدستورية، تقريراً توصي به المحكمة بعدم الاعتداد بطعن الحكومة المصرية على حكم الإدارية العليا، وحددت جلسة 30 يوليو المقبل لاستكمال نظر القضية.  تقرير هيئة المفوضين غير ملزم للمحكمة الدستورية، فقد تأخذ به أو لا، لكن في حال الاعتداد بالتقرير وإصدار حكم من المحكمة الدستورية العليا برفض طعن الدولة، تصبح الاتفاقية في حكم العدم، حتى إذا وقّع رئيس الجمهورية عليها، وذلك وفقاً للقانون المصري.

2- استفتاء شعبي يحكم

نادت بعض الأصوات، على رأسها حزب الوفد، بإجراء استفتاء شعبي عام على تلك الاتفاقية، بحيث يستطيع كل مصري أن يدلي بصوته عما إذا كان موافقاً على الاتفاقية أو لا. ويرى محمد نور فرحات الفقيه الدستوري وأستاذ فلسفة القانون، أن هذا الأمر غير دستوري، وأوضح أسباب ذلك على صفحته الشخصية على فيسبوك.   الدعوات المطالبة بإجراء استفتاء شعبي تستند لنص المادة 151 من الدستور المصري: يمثل رئيس الجمهورية الدولة فى علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً لأحكام الدستور، ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة. يوضح فرحات أن الفقرة الثالثة من المادة نفسها تُبطل إجراء استفتاء شعبي. إذ تقول "لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة". وبالتالي لا يملك الشعب الموافقة على معاهدة تخالف الدستور، أو تتنازل عن جزء من إقليم مصر، يقول فرحات. ويشير المحامي علي أيوب أحد مقيمي دعوى بطلان الاتفاقية لرصيف22 إلى أن الاستفتاء الشعبي هو إجراء باطل مثله كمناقشة البرلمان للاتفاقية، ولكن في حال لجوء الدولة إليه يكون الرئيس هو من يدعو للاستفتاء، وبحسب أغلبية التصويت يصدر القرار بتأييد الاتفاقية أو رفضه.

3- بطلان قرار مجلس النواب

أوضح المحامي مالك عدلي أن هناك فرصة أخرى أمام محكمة القضاء الإداري تجعل مناقشة الاتفاقية أمام مجلس النواب كأنها لم تكن، وبذلك يتم بطلان القرار الصادر عنه عقب الحصول على تصويت أغلبية أعضاء البرلمان بتأييد اتفاقية تيران وصنافير. وأشار عدلي إلى أن هناك دعوى تنظر فيها محكمة القضاء الإداري بوقف إحالة الاتفاقية لمناقشتها أمام البرلمان، والقضية مؤجل بتها لجلسة 2 يوليو المقبل.

4- حل البرلمان

دعوى أخرى أقامها المحامي والمرشح الرئاسي السابق خالد علي ويتم النظر فيها أمام محكمة القضاء الإداري، وتطالب بحل البرلمان لإصراره على مناقشة الاتفاقية، بالرغم من وجود حكم قضائي يؤكد مصرية الجزيرتين. ويشير المحامي مالك عدلي إلى أنه في حال صدور حكم قضائي بحل البرلمان، سيكون القرار بشأن الاتفاقية بلا قيمة، ومن الصعب حينها تسليم الجزيرتين للسعودية حتى في حال تصديق الرئيس المصري عليها. السيناريوهات السابقة متعلقة جميعها بالجانب القانوني الذي قد يقود لعدم تنفيذ الاتفاقية، لكن ماذا يحدث في حال إصرار الرئيس على تنفيذ الاتفاقية التي وقعها مع السعودية؟
بعد قرار البرلمان المصري... إلى أين تتجه أزمة تيران وصنافير وما هي السيناريوهات المحتملة؟
7 سيناريوهات محتملة بعد تنازل البرلمان المصري عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية...

5- الضغط الشعبي

يقول عمرو بدر عضو مجلس نقابة الصحفيين، وأحد القادة السابقين بحركة تمرد التي أطاحت بحكم الإخوان المسلمين، لرصيف22، إنه قد يحدث ضغط شعبي سلمي يؤدي لعدول الرئيس السيسي عن قراره بشأن الاتفاقية، وعدم التصديق عليها. عمرو بدر كان قد قضى حوالي 125 يوماً خلف القضبان العام السابق، بعدما ألقت قوات الأمن القبض عليه بتهمة التحريض على التظاهر ضد اتفاقية تيران وصنافير، وذلك في ذكرى تحرير سيناء 25 أبريل. ثم أخلي سبيله على ذمة التحقيق في القضية. ويؤكد بدر أن الضغط الشعبي بدأ من خلال دعوة أكثر من 500 صحفي من أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين للاعتصام بمقر النقابة الثلاثاء الماضي. وبالفعل تجمع عدد كبير من الصحفيين انضم إليهم المرشحون السابقون لرئاسة الجمهورية حمدين صباحي وخالد علي، ولكن قوات الأمن حالت دون استكمال الاعتصام بعد القبض على عدد من الصحفيين وإحالتهم للنيابة للتحقيق. ويلفت بدر إلى أنه "يمكن لكل مصري إرسال تليغراف لرئيس الجمهورية لتحذيره من التصديق على الاتفاقية، بجانب استكمال الضغط على مواقع التواصل الاجتماعي، ووضع الأعلام المصرية على كل شرفة منزل". وضع قوائم سوداء لكل الموافقين على اتفاقية ترسيم الحدود، من وسائل الضغط الشعبي أيضاً، وهو ما نفذه العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، عبر نشر أسماء أعضاء مجلس النواب الذين صوتوا على تأييد الاتفاقية، ووصفهم بالخائنين الذين لن ينساهم التاريخ لتفريطهم في أرض الوطن. مئات الإقرارات دوّنها المصريون على صفحاتهم الشخصية جاء نصها: "أقر أنا/... بصفتي مواطناً مصرياً أنني أرفض قرار بيع تيران وصنافير وترسيم الحدود البحرية مع المملكة السعودية لبطلانه ولمخالفته للدستور. كما أننى لم أمنح السيسي أو الحكومة أي توكيل بالبيع أو التنازل عن أي قطعة من أرض مصر، وأصر على ضرورة احترامهم للدستور المصري ولأحكام القضاء، وأحملهم كافة التبعات القانونية والتاريخية نتيجة مخالفة ذلك". وذيلوا التدوينة بهاشتاج تيران وصنافير مصرية. ويرى محمد صلاح الناشط السياسي والعضو السابق بائتلاف شباب الثورة، أنه لا يوجد أي أمل سوى حركة الشارع المصري، من خلال التظاهر، وهو ما بدأ حدوثه الثلاثاء بنقابة الصحفيين، والأربعاء بمقر الحزب المصري الديمقراطي. ويضيف صلاح: "بالرغم من تعرض المتظاهرين لاعتداء قوات الشرطة، والقبض على الذين قد يواجهون أحكاماً بالسجن بسبب قانون التظاهر، يجب التضحية وتحرك الشعب في محاولة لدفع السلطة التنفيذية للتراجع عن قرارها". Tiran_AFPTiran_AFP

6- تسليم الجزيرتين للسعودية

أكد الدكتور محمود كبيش العميد السابق لكلية الحقوق بجامعة القاهرة لرصيف22،  أنه عقب إقرار مجلس النواب لاتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، لم يصبح للقضاء علاقة بهذا الأمر. وهو الأمر الذي أكده أيضاً المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، إذ قال إن الاتفاقية تعد من الأعمال السيادية التي لا يجوز تدخل القضاء فيها، والأمر المقرر حدوثه هو تسليم الجزيرتين للسعودية في الوقت الذي تتفق عليه الدولتين، وذلك عقب تصديق رئيس الجمهورية على الاتفاقية ثم نشرها في الجريدة الرسمية.

7- التحكيم الدولي أو التدخل العسكري

يقول المحامي مالك عدلي إن تسليم الجزيرتين لا يعد نهاية للقضية، فربما عندما تنتهي فترة ولاية السيسي تأتي حكومة أخرى وتجد نفسها أمامها خيارين لإصلاح ذلك الوضع.

الخيار الأول

اللجوء للتحكيم الدولي لبطلان الاتفاقية الموقعة من قبل السيسي، وسيتم هنا الاستناد للبند الرابع في قانون الاتفاقيات الدولية. يجب ألا يكون إبرام المعاهدة مشوباً بأحد عيوب الغش والتدليس وإفساد أو إكراه ممثل الدولة، والأهم من ذلك كله إكراه الدولة ذاتها. يقول عدلي إن ذلك الأمر ينطبق على تلك الاتفاقية التي تمت دون إرادة الشعب، مخالفةً للدستور والقانون المصري.

الخيار الثاني

التدخل العسكري لاسترداد الأرض المصرية بالقوة، مشيراً إلى أنه من الصعب على السعودية أن تتنازل عن أرض بعد أن وضعت يدها عليها، لذا تلك الاتفاقية قد تقود لتوتر العلاقات بين مصر والسعودية في حال عدم رضا النظام السياسي المقبل على الاتفاقية.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard