شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"كابيلا" سلاح غير اليهود لمحاربة التهويد القسري في الجيش الإسرائيلي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 13 يونيو 201711:55 ص
تبدي شريحة كبيرة من المجندين والمجندات في الجيش الإسرائيلي سخطها من محاولات التهويد القسري التي تنتهجها معهم قيادة الجيش. ففي حين تعتبر اليهودية الأرثوذكسية مسألة اعتناق الديانة حرية لكل فرد، يفرض الجيش حضور دورات التهويد على الأغيار (ذوي الديانات غير اليهودية)، ويعتبر تخلّف المجندين عنها مخالفة للأوامر العسكرية، الأمر الذي دعا كثيرين من المجندين إلى تقديم ما يُعرف في الجيش الإسرائيلي بالـ"كابيلا" (شكوى للنيابة العسكرية)، للتخلص من محاولات إجبارهم على اعتناق اليهودية. ووفقاً لتحقيق مطوّل نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، يزيد عدد المتهودين في إسرائيل عن 1500 سنوياً، لكن معظمهم يعتنق تلك الديانة في إطار خدمتهم الإلزامية أو النظامية في الجيش، إذ يحرص القادة على تكليف المجندين بحضور دورات التهويد، المعروفة في إسرائيل بـ"نتيف". ورغم أن تلك الدورات مخصصة في الأساس للجنود اليهود المهاجرين حديثاً إلى إسرائيل، وتهدف إلى تعزيز انتمائهم إلى الديانة اليهودية، فإن قيادة الجيش حرصت على إجبار المجندين غير اليهود على حضورها في محاولة لدفعهم نحو اعتناق اليهودية.

ضغوط الجيش

وينقل تحقيق الصحيفة العبرية انطباعات الجنود الذين تعرضوا لتلك الممارسات، وجاءت في طليعتهم مجندة لادينية، اكتفى التحقيق بالإشارة إلى اسمها الأول "ياعيل". تقول ياعيل: "حضرت دورة "نتيف" في القدس بعد تعرضي لضغوط متواصلة من قبل القادة، ورغم أنني رفضت أكثر من مرة حضور الدورة، فقد اضطررت إلى ذلك إذ لم تكن أمامي خيارات أخرى. كنت أود أن أكون مثل المسيحيين والدروز، لكن الواقع أكد أنني إذا لم أتجاوب مع الأوامر فسأتعرض للأذى. خلال الدورة شعرت بالإهانة". وفي ما اعتبرته دليلاً دامغاً على إجبار غير اليهود على حضور دورات التهويد، نشرت يديعوت أحرونوت خطاباً مرسلاً من سلاح التعليم في الجيش الإسرائيلي إلى المجندين غير اليهود، يفرض عليهم المشاركة في دورة التهويد "نتيف". وجاء نص الخطاب كالتالي: "الجنود غير اليهود، ولا سيما المسيحيون المهاجرون، أو أولئك الذين يعتبرون أنفسهم لادينيين بشكل رسمي، إذا لم يستجيبوا لحضور الدورة التي تجرى مرتين في القدس خلال يونيو الجاري، فسيعاملون على أنهم خالفوا الأوامر العسكرية". وجاء في الخطاب الذي سلمه للمجندين رئيس برنامج التعليم والهجرة النقيب شيني زروق: "جميع المجندين ملزمون بحضور دورة واحدة من دورتي "نتيف"، وستتضمن الدورة تسجيل بيانات الجنود، فضلاً عن تسجيل بيانات مَن تخلفوا عن الحضور، ولن يحصل المجند على حرية اختيار موعد الدورة أو طابعها (مفتوحة أو مغلقة)، وإنما سيُحدَّد ذلك وفقاً لرؤية القائمين على برنامج التعليم والهجرة".
النساء هن الحلقة الأضعف... برامج في الجيش الإسرائيلي للتهويد القسري
تدخل سافر من الجيش الإسرائيلي في الحياة الخاصة للمجندين غير اليهود... قصص التهويد القصري

80% من معتنقي اليهودية نساء

وتشير المعلومات الإسرائيلية الموثقة إلى أن النساء يشكلون 80% من الإسرائيليين الذين يعتنقون اليهودية كل عام، ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى منع الاستيعاب (عدم الحصول على الإقامة أو المواطنة)، لا سيما أن يهودية الابن تُحدَّد وفقاً لديانة الأم، فالرجال غير اليهود الذين يتزوجون من نساء يهوديات يصبح أبناؤهم يهوداً، وذلك خلافاً لأبناء غير اليهوديات. هاجرت يانا إلى إسرائيل منذ 15 عاماً تقريباً، لكن إشكالية يهوديتها من عدمها لم تطاردها كما بات عليه الحال خلال تأديتها للخدمة العسكرية، وتقول للصحيفة العبرية: "في مرحلة معينة استدعاني القائد إلى مكتبه، واتضح لي أنهم أرسلوا له رسائل إلكترونية تتضمن تفاصيل خاصة عن المجندين غير اليهود الذين بات عليهم حضور دورات التهويد. أطلعني القائد على تلك التفاصيل وأبلغني بضرورة مشاركتي في تلك الدورات بالقدس. كان ذلك إجبارياً، كان أمراً عسكرياً". من دون خيار توجهت يانا إلى الدورة التي يدور الحديث عنها، لكنهم في النهاية منحوها حق التوقيع على عدم المشاركة في الدورة. 3244788199788640360no3244788199788640360no أما أليكس، مجندة في الخدمة العسكرية النظامية، وتعرضت لضغوط بعد حضورها قسراً الدورة الأولى من هذا النوع، فقالت ليديعوت أحرونوت: "لم أرغب في المشاركة، الضغط أجبرني في نهاية المطاف على حضور الدورة، لكنني قررت الانسحاب منها بعد بدايتها بوقت وجيز". وفي لقاءات مع الصحيفة العبرية، أشارت مصادر في الجيش الإسرائيلي إلى أن حضور دورات التهويد بات أمراً إلزامياً، لإطلاع الجنود على مسار اعتناق اليهودية، لكن الخيار بعد ذلك يصبح في أيدي الجنود فقط، ورغم أن إلزام الجنود بحضور تلك الدورات ليس جديداً، وأضحى مقرراً على غير اليهود منهم منذ عامين تقريباً، فإن بعضاً من هؤلاء الذين تلقوا خطاب سلاح التعليم والهجرة، يعتبرون ذلك تدخلاً سافراً من الجيش الإسرائيلي في حياتهم الخاصة بمفهوم أن الخدمة العسكرية ليس لها علاقة بالحياة الخاصة. أوري (اسم حركي)، قرر القيام بخطوة إلى الأمام حيال تلك الممارسات، فقدم "كابيلا" (شكوى إلى النيابة العسكرية) ضد الجيش على خلفية إلزامه بحضور دورات التهويد. وقال في الخطاب الذي أرسله إلى مسؤول شكاوى الجنود: "إن أوامر الجيش ليست أداة لفرض الدعوة والتشجيع على تغيير المواقف الشخصية. إن إحدى القيم المهمة التي يتطلع الجيش الإسرائيلي إلى ترسيخها هي المساواة بين جنوده. وعليه فإن الجنود المدونة دياناتهم المختلفة في سجلات وزارة الداخلية ليسوا ملزمين بالمشاركة في دورات التهويد. المشكلة القائمة هي أنهم يجبرونني ومن دون رغبة مني على المشاركة في دورات التهويد".

لم أفصح في يوم من الأيام عن هويتي الدينية

كما زعم أوري في شكواه أن الجيش الإسرائيلي انتهك خصوصيته، حينما انتقلت بياناته الشخصية من وزارة الداخلية إلى الجيش، واتضح منها أنه لاديني، وأضاف: "لم أفصح في يوم من الأيام عن هويتي الدينية، وليس من حق أي جهة الاطلاع على تلك الخصوصية، فضلاً عن أنني أخفيتها عن رفاقي خلال الخدمة في الجيش وقبل الالتحاق به". وفي ما يتعلق بتلك الإشكالية، تدّعي دوائر في الجيش الإسرائيلي أن الجيش يحصل على الانتماء الديني لكل جندي من وزارة الداخلية، بما في ذلك الجنود الذين لا يعتنقون ديانة معينة (لادينيون)، وبررت الدوائر ذاتها حرص الجيش على ذلك بالتنسيق بين أداء الخدمة العسكرية لكل جندي ومتطلباته وبين ما يتسق وظروف ديانته، خاصة إذا كان مسلماً أو درزياً. وخلال الآونة الأخيرة، أرسلت جمعية حقوق المواطن الإسرائيلية خطاباً إلى النائب العام العسكري الإسرائيلي، وطالبت فيه بوقف إجبار المجندين غير اليهود على المشاركة في دورات التهويد. وجاء في الخطاب، بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت: "إن سياسة الجيش الإسرائيلي الممتدة عبر السنين، والتي تفرض على المجندات والمجندين من غير اليهود المشاركة قسراً في دورات التهويد، تمس بشكل صارخ بالخصوصية، وتتجاهل حق تلك الشريحة في اختيار معتقدها الديني، وتنقل إليهم رسالة مهينة مفادها: إنهم مواطنون من الدرجة الثانية، وجنود من الطبقة الأدنى". 32447922742182640360no32447922742182640360no وفي هذا السياق ينقل تحقيق الصحيفة العبرية عن محامية جمعية حقوق المواطن الإسرائيلية تال حاسين قولها: "صحيح أن رئيس القوى البشرية في الجيش الإسرائيلي أكد أن تلك السياسة هي المعتمدة، لكننا نأمل أن يضع النائب العسكري العام حداً لها، لا سيما أن الجيش الإسرائيلي يُعد إطاراً للتدرج الهرمي في المثول للأوامر العسكرية، لذا فإنه من المستحيل أن يتجاوب المجند مع أوامر قائده، إذا لم تكن لديه رغبة في اعتناق الديانة اليهودية". في المقابل، أوضحت عناصر في سلاح التعليم أنه لا مناص من إلزام الجنود بالمشاركة في دورات التهويد، خاصة أنه يستحيل من دون هذا الإلزام نشر الوعي بإمكانية التهويد. وأضافت العناصر ذاتها: "موقع السلاح على شبكة الإنترنت لا يكفي هو الآخر لنشر هذا الوعي، وحتى إذا دعمناه بتوزيع منشورات لتشجيع الجنود غير اليهود، فلن يعطي النتيجة التي نحصل عليها من خلال دورات التهويد. كل شيء يجري بروح طيبة، وليست هناك أية نية لفرض الديانة اليهودية قسراً على غير اليهود، خاصة أن الجميع يعلم مدى اعتدال مسار دورات التهويد العسكري، ولذلك يتعرض مسار هذه الدورات بين الفينة والأخرى لانتقادات واعتراضات من الأوساط اليهودية الأرثوذكسية". كاتيا كباتشيك منسقة علاقات طائفة اليهود المتحدثين بالروسية في حركة "إسرائيل حرة"، وتحرص على التواصل مع عدد كبير من المجندين، تؤكد في تحقيق يديعوت أحرونوت أن: "قرار أي شخص في اعتناق اليهودية يجب أن ينبع من قناعة شخصية، وبعيداً عن أية ضغوط مؤسسية"، وأضافت: "نحن اليوم أمام واقع يؤكد ممارسة ضغوط اجتماعية على الإسرائيليين غير اليهود لإجبارهم على اعتناق اليهودية، خاصة أن التهويد بات الطريق الأوحد أمامهم للزواج في أرضهم".
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard