شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
اعتُقل خلال رحلة إلى طهران... قصة آليكس صعب المتهم بإدارة شبكة فساد لصالح مادورو وإيران وحزب الله

اعتُقل خلال رحلة إلى طهران... قصة آليكس صعب المتهم بإدارة شبكة فساد لصالح مادورو وإيران وحزب الله

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 15 يونيو 202006:23 م

في منتصف شهر أيار/ مايو الماضي، وصلت إلى مياه فنزويلا أولى ناقلات النفط التي أرسلتها إيران، وكانت برفقتها سفنٌ عسكرية تابعة للقوات الفنزويلية. الدولتان المتضررتان من العقوبات الأمريكية كانتا قد عقدتا اتفاقاً يقضي بتزويد إيران فنزويلا بأسطول يحمل مليون ونصف مليون برميل وقود.

رافق وصول الناقلات تهديدات إيرانية بـ"عواقب" في حال حاولت الولايات المتحدة منع تسليم شحنة النفط. وبحسب تقارير كشفت عنها مواقع إيرانية شبه رسمية يوم أمس، 14 حزيران/ يونيو، فإن "عواقب" التدخل الأمريكي كان المقصود بها آنذاك أن "القيادة الإيرانية أعطت الضوء الأخضر للقوات المسلحة لاعتراض واحتجاز العديد من السفن التجارية الأميركية في مياه الخليج وبحر عُمان، في حال غامرت واشنطن واعترضت الناقلات الإيرانية التي اتجهت إلى فنزويلا".

ما كُشف عن إمكانية الرد الإيراني في حال سارت الأمور بشكل مختلف لم يكن التطور الأبرز في قضية العلاقات الفنزويلية - الإيرانية ومحاولات واشنطن التضييق عليها، إذ برز في السياق خبر اعتقال رجل الأعمال الكولومبي من أصل لبناني آلكس صعب، المقرّب من الرئيس الفنزويلي مادورو والذي وصفته تقارير عدة بأنه "عرّاب الصفقة" بين إيران وفنزويلا.

اعتُقل صعب، الحامل للجنسية الفنزويلية أيضاً، يوم السبت الماضي في 13 حزيران/ يونيو. كان رجل الأعمال متوجهاً من كاراكاس إلى إيران على طائرة خاصة، لكنه توقّف في أرخبيل الجزيرة الأفريقية في الرأس الأخضر (كابو فيردي) للتزوّد بالوقود، وهناك سارعت السلطات إلى اعتقاله بناء على إشعار أحمر من الأنتربول.

لم يكن دور صعب في عملية النفط الأخيرة السبب الوحيد وراء اعتقاله، فلرجل الأعمال الكولومبي/ الفنزويلي ملف طويل وشائك لدى الجهات الأمريكية، يتضمن اتهام الأخيرة له بكونه يُشكّل واجهة لشبكة واسعة من غسيل الأموال والفساد في فنزويلا من خلال شركات وهمية في تركيا وبنما وكولومبيا والمكسيك وغيرها من الدول، وبنقل حوالي 350 مليون دولار إلى الولايات المتحدة أو عبرها إلى حسابات أجنبية.

يُضاف لذلك علاقات صعب بإيران و"حزب الله" التي تابعتها الحكومة الأمريكية عن كثب في العامين الماضيين، ووصلت إلى فرض عقوبات عليه وعلى العديد من المقرّبين منه ومن أبرزهم شريكه آلفارو بوليدو.

اعتقال صعب أكدته محاميته في الولايات المتحدة ماريا دومينغيز، لكنها أشارت في المقابل إلى عدم وجود أية معاهدة بين الولايات المتحدة والرأس الأخضر لتسليم المجرمين، ولذلك لا يزال مصير صعب مجهولاً. يُذكر أن العلاقات بين كل من أمريكا والرأس الأخضر تُعرف بالجيّدة جداً، والتي تعود جذورها إلى القرن الثامن عشر وتعززها المساعدات التي تقدمها واشنطن للأرخبيل بشكل مستمر.

وسيواجه صعب، البالغ من العمر 48 عاماً، عقوبة بالسجن لعشرين عاماً في حال تمّت إدانته.

تُهم بينها خرق عقوبات وتبييض أموال ودعم لحزب الله

تعود علاقة صعب بالحكومة الفنزويلية إلى عام 2009، عندما كان هوغو تشافيز في السلطة. صعب الذي بدأ حياته كتاجر للملابس والمفاتيح، انطلقت قصته مع الحكومة بحصوله على عقد بناء 25 ألف منزل في فنزويلا بسعر يبلغ أربعة أضعاف السعر الحقيقي.

في تموز/ يوليو عام 2019، اتهم مكتب المدعي العام لمنطقة جنوب فلوريدا رسمياً كل من صعب وشريكه بوليدو بغسل الأموال وباعتماد "خطة لدفع الابتزاز والاستفادة من السيطرة على الصرف من قبل الحكومة الفنزويلية". وفقاً للادعاء، فإن الرجلين تآمرا من عام 2011 إلى عام 2015 مع كيانات أخرى لغسل الأموال الناتجة عن مخطط الابتزاز. 

ووفقاً لوثائق الادعاء كذلك، حصل كل من صعب وبوليدو في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2011 على عقد لبناء مساكن منخفضة التكلفة، مستفيدين من السيطرة الرسمية على سعر صرف الدولار في فنزويلا (الذي تنظمه الدولة)، وقدما وثائق مزورة للسلع والمواد التي لم تصل قط، كما قاما بابتزاز المسؤولين للموافقة على هذه التصاريح.

وأوضح المدعي العام: "صعب، ومن خلال شبكة من شركات أشباح وشركاء أعمال وأفراد من أسرته، قام بغسل مئات الملايين من الدولارات من الفساد".

تعود علاقة صعب بالسلطة الفنزويلية إلى عام 2009، أثناء حكم هوغو تشافيز. وقتها، حصل على عقد بناء 25 ألف منزل بأربعة أضعاف السعر الحقيقي... تلاحقه الآن تهم عدة منها تبييض أموال لصالح مادورو وسرقة مساعدات غذائية وخرق العقوبات مع إيران عبر مبادلة النفط بالذهب 

وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد أعلنت في أيلول/ سبتمبر الماضي عن عقوبات على ثلاثة أشخاص و16كياناً على صلة بصعب وشريكه بوليدو، وهؤلاء هم شقيقَيْ صعب، أمير ولويس، وابن بوليدو المعروف بروبيو، أما الكيانات فهي مملوكة من صعب أو مُدارة من قبله.

وقتها، عزَت الوزارة قرارها إلى ما قالت إنه جهود لصعب منذ عام 2016 لجني الأرباح من خلال استغلال مواد غذائية تصل إلى فنزويلا التي تعاني شحاً في المواد الاساسية، وذلك من خلال قيادة شبكة فساد تدير برنامج المساعدات الغذائية، والتي اتُهم مادورو بالمشاركة فيها بالإضافة إلى زوجته و13 شركة في بلدان مختلفة منها الإمارات وهونغ كونغ وبنما وكولومبيا والولايات المتحدة.

وفي تلك الفترة، علّق وزير الخزانة ستيفن منوشين قائلاً إن "صعب انخرط مع مقربي مادورو لإدارة شبكة فساد واسعة النطاق استخدموها بلا هوادة لاستغلال سكان فنزويلا الجائعين"، مضيفاً أنهم "يستخدمون الطعام كشكل من أشكال السيطرة الاجتماعية، ولمكافأة المؤيدين السياسيين ومعاقبة المعارضين، بينما يقومون في الوقت نفسه بجمع مئات الملايين من الدولارات من خلال عدد من المخططات الاحتيالية".

بالإضافة إلى ذلك، اتُهم صعب بالتورط في صفقات النفط الإيرانية ومساعدة مادورو على شراء البنزين والمواد الكيميائية الأخرى اللازمة لتكرير النفط الخام من إيران وذلك من خلال مبادلتها بتسعة أطنان من الذهب (قيمتها حوالي 500 مليون دولار)، من أجل تجاوز العقوبات الأمريكية، وقيل إن ناقلة النفط الأخيرة التي وصلت من إيران تم شراؤها بالذهب وعبر شركات وهمية يسيطر عليها صعب.

وبحسب ما أوردته التقارير حول هذه العملية فإنها تمّت بالتنسيق مع وزير النفط في حكومة مادورو، طارق العيسمي. وكان كل من صعب والعيسمي قد عملا في وقت سابق لتعزيز علاقات فنزويلا مع تركيا، وحُكي عن شحنات وصلت إلى البلاد من تركيا عام 2018، بقيمة 900 مليون دولار من الذهب. في ذلك الوقت، عبّر مسؤولون أمريكيون عن خشيتهم من وصول كمية من الذهب إلى إيران أيضاً. 

وفي ذلك الوقت، تحدث مسؤول أمريكي رفيع المستوى عن أنه بمواجهة نقص العملات الأجنبية أوائل عام 2018 في فنزويلا، منح مادورو صعب احتكاراً لبيع الذهب المستخرج بشكل غير شرعي من مناطق في جنوب فنزويلا.

ويوم الثلاثاء الماضي، في 9 حزيران/ يونيو، قال مكتب المدعي العام الكولومبي إنه جمّد أصولاً تعود لصعب في البلاد بقيمة 35 مليار بيزو كولومبي (حوالي 9 مليون دولار) ، مضيفاً أن صعب قيد التحقيق حالياً في جرائم من بينها غسل الأموال.

على خط آخر، ومع اعتقال صعب، برز اسم آخر مرتبط به وبقضايا الفساد المتهم بها. هذا الشخص هو زوجته المقيمة في إيطاليا كاميلا فابري. بحسب ما نقلته صحف إيطالية، تزامناً مع اعتقال صعب، فإن فابري، المتهمة بالاحتيال الضريبي العام الماضي، عاشت بين روما وميلانو، لكن هناك شكوكاً اليوم بأنها لجأت إلى روسيا. من بائعة براتب 1800 يورو شهرياً سجّلت فابري شقة بقيمة 5 ملايين يورو في شارع كوندوتي الشهير باسمها، وهو ما لفت الأنظار إلى تورطها في أعمال زوجها.

الأموال المستثمرة في إيطاليا وصلت، بحسب التحقيقات، من المملكة المتحدة بفضل شركة "Kinlock Investment" التي يديرها صديق أخت فابري، لورنزو أنتونيلي، مع وديعة ضمان من شركة أخرى مقرها دبي.

من جهة أخرى، يُتهم صعب بتمويل "حزب الله" اللبناني عبر "عمليات مشبوهة"، حسب مزاعم تحقيق قامت به كل من أمريكا وإسرائيل وكولومبيا، بعد تعقب عدد من المعاملات المالية. وبحسب ما نُقل عن صحيفة "إل تيمبو" الكولومبية فإن المعاملات المالية المرتبطة بصعب بدأت من البنك المركزي في فنزويلا وانتهت بآسيا بعد المرور بعدد من الملاذات الضريبية.

رجل الأعمال الكولومبي من أصل لبناني آلكس صعب يُعتبر شخصية بارزة في نظام مادورو، ومن بين ما يُتهم به التورط في صفقات النفط الإيرانية مقابل تسعة أطنان من الذهب (بحوالي 500 مليون دولار)... في حال إدانته، يواجه حكماً بالسجن لمدة عشرين عاماً 

وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، قال الادعاء الأمريكي إن صعب كان قد دخل عام 2000 إلى الولايات المتحدة بشكل قانوني، مستخدماً جواز سفر لبناني، وهناك حصل على الجنسية الأمريكية عام 2008.

وبحسب الادعاء الأمريكي، تلقى صعب تدريبات لدى "حزب الله" عام 1999، كما نقل بصفته عضواً في فرع العمليات الخارجية في الحزب معلومات حول أهداف أمريكية محتملة، ولذلك فهو متهم بالتخطيط لعمليات إرهابية.

وحتى تشرين الأول/ أكتوبر عام 2018، كان صعب يخضع للتحقيق من قبل السلطات الكولومبية بتهمة غسيل الأموال، بسبب علاقته مع الحكومة الفنزويلية بين عامي 2004 و 2011، وخلال هذه التحقيقات تم القبض على عدد من مساعديه، ونفى صعب التهم الموجهة إليه.

ردود الفعل على اعتقال صعب

في أول ردة فعل للفريق المناصر لمادورو، شجبت وزارة خارجية فنزويلا بشدة اعتقال صعب، داعية مسؤولي الرأس الأخضر للإفراج الفوري عنه.

وصف المعارض الفنزويلي سيليا فوريس صعب بأنه "شخصية رئيسية لدى الديكتاتور (مادورو)، ويدير شركات وهمية وتبادل الذهب والغذاء والعلاقات مع إيران ومع الكارتيلات كما يؤمن الحماية لأموال مادورو وزوجته".

ووصف وزير الخارجية الفنزويلي خورخي أريزا ما جرى في الرأس الأخضر بـ"الاعتقال التعسفي وغير القانوني" لصعب، مشدداً على أن الأخير يتصرّف كـ"وكيل" عن الحكومة الفنزويلية في عمليات شراء الطعام والأدوية وغيرها من الإمدادات لمساعدة البلاد في مكافحة جائحة كورونا.

بدورها نفت محامية صعب التهم الموجهة ضده، معتبرة موكلها "مجرد رائد أعمال في مجال الغذاء".

وكان صعب قد ذكر في مقابلة معه قبل ثلاثة أعوام أنه "كتاب مفتوح"، قائلاً: "حساباتي واضحة وضميري مرتاح"، وذلك في سياق الرد على على الاتهامات التي تلاحقه بالتورط في عقود فاسدة مع حكومة فنزويلا.

وبشكل متوقع، قوبل اعتقال صعب بترحيب من المعارضة الفنزويلية برئاسة خوان غوايدو الذي تعترف دول عدة من بينها الولايات المتحدة به كرئيس مؤقت لفنزويلا.

وفي تغريدة عبر تويتر، وصف المعارض الفنزويلي سيليا فوريس صعب بأنه "شخصية رئيسية لدى الديكتاتور (مادورو)، ويدير شركات وهمية وتبادل الذهب والغذاء والعلاقات مع إيران ومع الكارتيلات كما يؤمن الحماية لأموال مادورو وزوجته".

ورأى فوريس في اعتقال رجل الأعمال "ضربة قوية للنظام"، فضلاً عن كونه رسالة للفنزويليين عموماً بأنهم "ليسوا وحدهم" ولمن يدعمونه بأن "لا مستقبل لهم مع مادورو".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard