شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"نصف ساعة أعادت الاعتبار لثورة تشرين"... حلقة عن روح الطبيب جمال ورفاقه تهز العراقيين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 12 مايو 202007:27 م

"هذا هو الفن الهادف"، "عندما يصبح للفن معنى"، "ليس تمثيلاً، هذا توثيق للحقيقة بكل وجعها"، هذه بعض التعليقات المشيدة بالحلقة الـ18 من المسلسل الرمضاني العراقي "كما مات وطن"، والتي استحضرت قصصاً مؤلمة عايشها العراقيون خلال أحداث ثورة تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

المسلسل الكوميدي الاجتماعي خرج عن قالبه في حلقة استثنائية ألّفها الكاتب الشاب مصطفى الركابي، وأبدع في بطولتها إياد راضي وأخرجها سامر حكمت وهي من وحي واحدة من قصص "استشهاد" أحد الأطباء المسعفين في ساحة التحرير، الساحة الرئيسية للتظاهر في العاصمة بغداد.

وفي موجتين من الاحتجاجات السلمية، قضى أكثر من 500 عراقي، بعضهم بقنابل الغاز أو الرصاص الحي في الرأس والعين. وقضى أيضاً بضعة مسعفين وعناصر من الجسم الطبي.

"حلم روح"

في الحلقة مثار الاحتفاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعنوانها "الطابق 15"، أدى راضي دور الطبيب "جمال" الذي اعتاد استقبال ضحايا التظاهرات بشكل يومي في المستشفى، إلى أن أصابه الحزن والإحباط نتيجة بشاعة مشاهد الجثث والمصابين. وبينما هو يسمع هتاف المتظاهرين من نافذة غرفته في المستشفى قرر أن ينضم إلى الفرق الطبية الميدانية في محيط ساحة التحرير.

عقب انخراطه في علاج المصابين في الساحة، وتنقله بين الأزقة الخطرة لإسعاف المرضى، أصابت قنبلة غاز رأسه، فتوفي على الفور منضماً إلى مئات "شهداء الثورة" وإلى ضحايا التفجيرات في المنطقة نفسها، إذ استقرت "أرواح الجميع" في الطابق الرقم 15 من "المطعم التركي" حيث احتمى ثوار التحرير.

وبشكل سوريالي، تراقب الأرواح من أعلى شرفة المطعم التركي موكب تشييع "الدكتور جمال"، تتصدره زميلته وحبيبته، بالتزامن مع تعليق صورة ضخمة له على واجهة المطعم التركي.

"ما قدمه إياد راضي في هذه الحلقة ستذكره أجيال بعد أجيال، وسيسطر بحروف من ذهب في تاريخ الدراما العراقية"... احتفاء واسع بحلقة "كما مات وطن" التي "أعادت الاعتبار للساحات العراقية"

لم يتوقف دور الدكتور عند هذا الحد في سيناريو الحلقة، بل يقود بقية الأرواح ليبدأوا يومياً، عند منتصف الليل، متابعة تسريبات خطط القوات الأمنية بغية الاستفادة منها ودعم المتظاهرين الأحياء.

في الأثناء، يقص جمال على رفاقه (الأرواح) فصولاً من حياته ويحكي عن عدم اهتمامه بالحراك الشعبي، لامتلاكه الوظيفة ووصول الخدمات العامة إليه، حتى اهتز وجدانه لتظاهرات تشرين التي رفعت شعار "نريد وطناً".

وتختتم الحلقة بدعوة جمال كل روح للنفاذ إلى أحلام المتظاهرين وقلوبهم لحثهم على الاستمرار حتى تحقيق "حلم الوطن"، ويلتقي أخيراً بشقيقه سعد الذي استشهد عند أحد السواتر قرب نيران أشعلتها قنابل القوات الأمنية التي قذفت بها صوب المتظاهرين.

"توثيق للحقيقة" و"انتصار للثورة"

برغم الوجع الذي أحيته الحلقة في قلوب العراقيين، أشاد كثر بها بشدة، متذكرين قصص استشهاد بعض المسعفين والمسعفات، من بينهم عباس علي الذي قضى في محيط "التحرير" أثناء إنقاذ المتظاهرين.

وكتب أحد المعلقين: "ما قدمه إياد راضي في هذه الحلقة ستذكره أجيال بعد أجيال، وسيسطر بحروف من ذهب في تاريخ الدراما العراقية".

وقال آخر: "سوف يُخلّد اسم إياد راضي في ذاكرة الفن العراقي، بأنه الفنان الذي جسد معاناة القمع الذي يتعرض له الشعب العراقي"، مشيراً إلى أن "هذه هي رسالة الفن الحقيقي مع الشعوب لا مع الظالمين والظلام".

"المحتوى حقيقي تماماً"... هكذا قال شقيق أحد الأطباء الذين سقطوا في ساحة التحرير في بغداد عن حلقة "كما مات وطن" التي حكت قصة الطبيب "جمال" الذي ترك "الامتيازات" ليلتحق بالثورة، وبعد وفاته بقيت روحه وأرواح رفاقه تساعد المتظاهرين

ونبّه كثيرون إلى أن الحلقة أعادت الاعتبار للساحات العراقية ولثورة تشرين و"نسفت كل ما الأفكار السيئة بحق الثورة في نصف ساعة (زمن الحلقة)".

وأجمعت الغالبية العظمى من المغردين على أن ما ورد في الحلقة "توثيق للحقيقة وليس تمثيلاً، وتداولوا مقطعاً مصوراً لشقيق أحد الشهداء كان قد أقسم أن محتوى الحلقة "حقيقي تماماً".

وشدّد الصحافي والإعلامي العراقي علي الخالدي على أن "كل الكلمات خجولة أمام إبداع نجم العراق الفنان الكبير إياد راضي".

يُذكر أن عدة انتقادات وجهت للعمل، أبرزها "النسخ أو النقل عن فيلم إيراني في ما يتعلق بحياة الأرواح بعد الموت"، وبعض التشكيك في "أجندات" قناة "الشرقية" العراقية التي تبث المسلسل. لكن هذه الانتقادات لم تلق صدى واسعاً مقارنةً بالتعليقات المادحة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard