شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"المسلمون لا يلبسون هذا"... أكاديمية كويتية تُرجع استقالتها إلى انتشار العباءة والنقاب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 12 مايو 202002:50 م

- "كنت أقول للطالبات: صباح الخير... ويرفضن رد التحية لأنني لم أقل 'السلام عليكم'. ما الفرق؟!".

- "عام 1993، قدمتُ استقالتي بسبب انتشار 'اللباس الأسود'. المنظر كئيب".

هذا بعض ما قالته الأكاديمية الكويتية لولوة القطامي، الرئيسة الفخرية للجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية، في الحلقة العاشرة ببرنامج "الصندوق الأسود" الذي يُقدمه الإعلامي الكويتي عمار تقي، والتي عُرضت في 10 أيار/مايو ولا تزال موضوع نقاش.

- لماذا تعتبرينه كئيباً إذا كان حرية شخصية؟

- يمكنهن ارتداء العباءة في الشارع، لا في الكلية. الأساتذة في الكلية بمثابة الآباء.

- أين المشكلة في ارتداء العباءة؟

- المشكلة بالنسبة إلي هي أن المنظر كئيب. يعني كنت أطلع أشوف الساحة كلها سوداء!

- أين المشكلة في أن تكون الساحة سوداء؟

- كئيبة! فيها كآبة. 

دار هذا النقاش بين القطامي وتقي عقب حديثهما عن فترة ظهور ما أُطلق عليه مسمى "اللباس الشرعي/الديني".

 وكان قد بدأ الحديث حين نقل تقي إلى القطامي مقولة للباحثة في الفكر الإسلامي الدكتورة خديجة المحميد، "أول كويتية ترتدي الستر الشرعي في جامعة الكويت": "أُطلق عليّ اسم 'الراهبة'، إذ كان لون اللباس في الجامعة كحلياً، وكان لون لباسي كحلياً ايضاً، التقيت الفاضلة لولوة القطامي وأخذت تقنعني بأن هذا اللباس لا يليق بالجامعة وبأنه قبيح... وهذا حسب وجهة نظرها، فقلت لها: أنا لم ألبس لأكون جميلة بل قريبة من الله والتزاماً بالدين، وهو من أجل ستر الجمال، وبالتالي لم تستطع أن تثنيني عن هذه الخطوة، وكان لزملائي الاستغراب وأيضاً الإعجاب، وفي السنة نفسها ارتدت كذا طالبة اللباس الشرعي". 

لكن القطامي شددت على أن "هذا لم يحصل"، مضيفة: "لم يكن اللبس كحلياً، بل رصاصياً. لم يحصل بيني وبينها هذا الحديث. من أين أتت به؟".

من هذا المنطلق، روت القطامي حكايات ذات صلة، معربةً عن استيائها من مظاهر التديّن التي بدأت بالظهور في الكلية بشكل مفاجئ، قائلةً: "كان أساتذة زائرون يترددون إلى الجامعة. في إحدى المرات، جاء زائر أجنبي، صحبته في جولة حول الجامعة، وحين دخلنا المكتبة، وجدتُ طالبة 'فاردة سجّادتها وتصلي'. المنظر لم يكن لائقاً...". 

وتابعت: "في اليوم الثاني، اتصلت برئيسة العلاقات العامة في الكلية، وارتأيت أن تحوّل غرفتين إلى مصلّى... أصبحت عدة طالبات ترتاده في أوقات خارج الصلاة، ووجدتُ فتيات ينمن فيه لأنه 'مكان بارد'، فطلبتُ من رئيسة العلاقات العامة أن تغلقه، وتفتحه قبل 15 دقيقة من الصلاة. عقب هذا القرار، دخل أربعة رجال ملتحين عليّ في مكتبي بالجامعة 'كأنهم داخلين بيتهم'، وهم يرتدون دشاديش (أي أثواب) قصيرة، قلت لهم: من أنتم؟ قالوا: "نحن من جمعية الإصلاح، لماذا لا تريدين الطالبات أن يصلين؟".

"قلت: ليس لديكم الحق في أن تأتوا إلى هنا، لا أحد يزورني بلا موعد. طلبت منهم الخروج، وأن يستأذنوا أولاً، ومن ثم يدخلون مجدداً، وهذا بالفعل ما حصل. سألتهم: من قال لكم هذا الكلام؟ رفضوا في البداية قول اسم الطالبة، ومن ثم كشفوا عن اسمها"، وفق قول القطامي.

وقبل أن تُكمل هذه الحكاية، أضافت: "في ذلك الوقت بدأت عدة طالبات بارتداء العباءة والأقنعة".

هنا تدخّل المحاور قائلاً: تقصدين النقاب؟ 

قالت: النقاب.

سأل: اللباس الإسلامي؟ 

أجابت: المسلمون لا يلبسون هذا. كانت بداية الحركة الدينية. 

وزادت: "أتت الفتاة التي أخبرتهم بهذا. طلبت منها أن تقول ما الذي قلتُه للفتيات في المسجد عن فتح المصلى قبل 15 دقيقة من الصلاة. بكت لأنها كذبت. قلت لها هل الإسلام هو الزي الذي تلبسينه؟ الإسلام خلق وأدب وصدق. كيف تسمحين بأن تقولي للجمعية إني ضد الإسلام؟". 

وأشارت إلى أن هذه الحالة لم تكن فردية، وأنها واجهت حالات مشابهة، مشددة على أن "الحجاب" لا يعني الأخلاق الحسنة. 

في الحوار نفسه، تطرقت القطامي إلى رفضها ارتداء الطالبات التنانير القصيرة (قبل فترة ارتداء العباءة والنقاب)، راويةً أن أحد أساتذة الشريعة الإسلامية أعرب لها عن عدم قدرته على تقديم المحاضرة بسبب لباس بعض الطالبات، وهو ما دفعها إلى إلغاء المحاضرة، وتسجيلهنّ "غياب" بسبب "لباسهنّ الفاضح" الذي يُقلدن فيه "موضة الغرب" التي لا تصلح للشرق، وفق قولها.

"درست منذ صغرها في مدارس الراهبات، ولم تحصل لها الكآبة من لباسهن، ولكن كآبتها حصلت عند رؤية العباية والحجاب الأسود! كل يوم يثبت لنا (ليبراليو) بلدنا عدم عمقهم الفكري"... جدل بشأن تصريحات الأكاديمية الكويتية لولوة القطامي بعد استقالتها من جامعة الكويت بسبب "الساحة السوداء"

"مشكلة الليبرالي العربي"

لقيت تصريحات القطامي ردود أفعال واسعة. أغضبت الكثير من روّاد التواصل الاجتماعي، منهم الكاتب والصحافي الكويتي طارق الحربي الذي قال: "في كل مرة أزداد اقتناعاً بسخافة أحلام معظم العلمانيين العرب وقشريتهم، وبأننا يجب ألا نأخذهم على محمل الجد وألا نعطيهم أكبر من حجمهم، وما لقاء عمار تقي مع الشيء المسمى لولوة القطامي، وتلك التعليقات التي تؤيدها من أناس نحسبهم ذوي عقول، إلا تأكيدات جديدة على هذه القناعة". 

وكتب المدوّن القطري سفر الهاجري في تغريدة على تويتر: "الغريب أن البعض ممن يدّعون التحضّر، يعتبر أن العُري والرذيلة حرية شخصية، والحجاب تخلُّف وكآبة، ولولوة القطامي ليست إلا مثالاً لذلك، وهذه مشكلة الليبرالي العربي منذُ القدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها". 

من المعلقين أيضاً الباحث المختص بالعقيدة محمد عبدالله المطر. قال: "لولوة القطامي درست منذ صغرها عند الراهبات في المدارس، ولم تحصل لها الكآبة من لباسهن! ولكن كآبتها حصلت عند رؤية العباية والحجاب الأسود! كل يوم يثبت لنا (ليبراليو) بلدنا عدم عمقهم الفكري، وأن منهجهم (نفسي) لا (فكري)". 

"حريتها الشخصية تكتئب!"

عدا التعليقات التي تتحدث عن أثر كلمات القطامي على كل من ترتدي العباءة و/أو النقاب، وتعتبر أن "خطابها ليس أقل سوءاً أو ضرراً ممن في الجهة المضادّة يتهم غير المحجبة بالانحلال، ويجد في نفسه الحق أن يقرر عليها ما يجب ارتداؤه"، ظهرت تعليقات مؤيدة لـ"حرية القطامي" في التعبير. وجهت ناشطة على تويتر رسالة إلى كل فتاة تنتقد القطامي، جاء فيها: "اِعلمي أن لولا جهودها في تحرير المرأة والتخلص من العبي... ما كنتي أنت وغيرك اليوم تتكلمون عن حرية الرأي، وتقلدون مناصب. كان رح يستمر المجتمع ذكوري. الرجل يتحكم فيك على حمرة وكحلة". 

وكتب مغرد اسمه عبدالله ‏المانع: "لولوة القطامي كرست حياتها دفاعاً عن حقوق المرأة، ومن حاول ويحاول اجتزاء مقاطعها وتصويرها بالمتطرفة هو شخص سيىء لأنها من خلال حلقات مسلسل الصندوق الأسود رفضت التنانير القصيرة احتراماً للحرم الجامعي وخصصت مصلى للطالبات. هي ترفض الوصاية وفرض لباس معين على المرأة ومع حرية الاختيار من دون تدخل". 

وتابع: "تشعر بالكآبة. أين المشكلة؟ حرية تعبيرها مكفولة لها ولمخالفيها".

"في ذلك الوقت بدأت عدة طالبات بارتداء العُبي والأقنعة"/"تقصدين النقاب؟ اللباس الإسلامي؟"/"المسلمون لا يلبسون هذا"... جدل بشأن تصريحات الأكاديمية الكويتية لولوة القطامي بعد استقالتها من جامعة الكويت بسبب "الساحة السوداء"

وقال آخر: "حريتها الشخصية تكتئب... واللي تلبس عباءة ونقاب، السواد الأعظم منهنّ مغصوبات، شئتم أن تصدقوا أم أبيتم". 

وتساءلت مغرّدة: "كل الناس مشكلتهم شنو لبس البنات حتى البنات مشكلتهم شنو لبس البنات مع احترامي حق الدكتورة لولوة القطامي بس انتي شدخلج؟ (ما علاقتك بالأمر؟)". 

من هي؟

التحقت لولوة القطامي عام 1937 بأول مدرسة نظامية للبنات. وعام 1952 أرسلها والدها الذي كان يؤمن بأهمية تعليم النساء إلى المملكة المتحدة حيث انتسبت إلى مدرسة داخلية في لندن تديرها راهبات ومكثت في بريطانيا حوالى 10 سنوات. تعدّ أول كويتية تسافر للدراسة في المملكة المتحدة.

يُذكر أنها من أبرز مؤسِّسات الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية عام 1963 وانتخبتها الجمعية العمومية رئيسة لها من عام 1967 حتى عام 1992. وعام 1975، تولّت إدارة كلية البنات في جامعة الكويت، واستمرت في هذا المنصب حتى عام 1993. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard