شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"أفتح الخزانة وأقول لملابسي وحشتوني"... قصص مصريات مع الأزياء في زمن الكورونا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

العالم العربي وكورونا

الأحد 10 مايو 202004:01 م

لكل منا علاقته مع الأزياء التي يرتديها أثناء النزول إلى الشارع، أو كما نسميها في مصر، ملابس الخروج، وذكرياته أيضاً، وكانت إحدى السمة البارزة في الأعياد هو ارتداء ملابس جديدة، ولربما ارتبطت الملابس الجديدة بالأعياد منذ الطفولة أكثر من أي شيء آخر.

ولكن بعد أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد، تخلى الملايين من البشر حول العالم، عن حبهم لملابس الخروج بعد التزامهم او إلزامهم على الحجر المنزلي، ورغم أن البيجامات أو ملابس المنزل بشكل عام، كانت أكثر الملابس راحة، واعتُبرت رمزا لشعور السكينة الذي ينتابنا فور الوصول إلى المنزل، إلَّا أنّها باتت في فترة الحجر الصحي ترمز إلى القيود، والروتين اليومي الذي لا يتغير، والإيقاع الزاحف للأيام، ولكن هناك من تحتال على هذه القيود، بطريقتها الخاصة.

في أستراليا، في مطلع شهر نيسان/ إبريل الماضي، تحوَّلت لحظة إلقاء القمامة إلى كرنفال تنكّري، فهناك من السيدات من تنكرت في أزياء أميرات ديزني، أو بعض الشخصيات الخيالية الأخرى مثل امرأة الكوتشينة، وهناك من الرجال من تنكر في أزياء الأبطال الخارقين، أو بعض الشخصيات الكرتونية من فيلم UP.

وفي شباط/ فبراير من العام الجاري أيضاً، فرض كورونا نفسه على أسبوع الموضة في باريس، فكانت الأزياء المصممة، والتي تعرضها عارضات الأزياء، كلها تتضمن أقنعة وجه ملائمة لها، ولم يكن الأمر مقتصراً على العارضات فقط، بل حرص الحاضرون على ارتداء الكمامات أيضا، فكان توخي الحذر من فيروس كورونا هو بطل المشهد.

ولكن كيف نتعامل نحن النساء مع قيود كهذه؟ تحرمنا متعة التزين والإعلان عن هويتنا بألوان وأزياء معينة.

"لن أستسلم للبيجامة"

ابتكرت بعض الفتيات اللواتي عملن من المنزل، طريقة للتأنق، رغم أنف الأزمة التي ألزمتهن المنازل، وحرمتهن من الخروج.

منة عصام (28 سنة)، مدرسة، تسكن في مدينة 6 أكتوبر في مصر، نشأت في أسرة مهووسة بالنظافة من الأساس، وزاد الطين بلة بعد انتشار كورونا، تقول: "لذلك فإننا ملتزمون التزاماً كاملاً بالحجر المنزلي منذ بداية الأزمة وحتى الآن، ولا نخرج سوى من أجل شراء الطعام".

"يوم التسوق أصبح مناسبة خاصة لها تحضيراتها أيضاً، أتأنق بأي من الملابس التي اشتقت لها، أضع مكياجاً كاملاً، كأنني ذاهبة للتنزه وليس مجرد شراء احتياجات المنزل، ثم أخذ سيارتي، وألف قليلاً في الشوارع، وأتعمد أن آخذ طريق البحر، والذهاب لأبعد مركز تسوق ممكن عن المنزل"

ومع مرور الأيام، اشتاقت منة أن تلبس، وتتأنق وتنزل لتناول الطعام في مطاعم محببة إليها، كانت ترغب بشدة في ارتداء ملابس تحبها، فوجدت نفسها تطلب "طعاماً جاهزاً" من أحد المطاعم الشهيرة في منطقتها، واستخدمت أدوات التجميل المفضلة لديها، تحكي لرصيف22: "تأنقت جداً، وفكرت في أن أتناول وجبة الغداء في الشرفة في الهواء الطلق، ثم أطفأت الأنوار، وقمت بتشغيل التلفاز على أحد الأفلام الجديدة، لأعطي نفسي انطباعاً وكأنني في السينما".

تلك التفاصيل التي يراها البعض غير مهمة، ذات أهمية بالغة بالنسبة إلى منة، إنها، كما اعتادت في حياتها، ترفض الاستسلام للظروف، وتحب فرض إرادتها، لذا كان يجب أن تحدث تغييراً ما.

وقد أثرت ظروف الحجر الصحي على مشاعرها حيال الملابس المنزلية، حيث باتت تراها ماكرة، بينما زادت ملابس الخروج جاذبية، وإغواء، تقول: "قضاء اليوم هكذا كان نوعاً من التغيير، وعدم الاستسلام للبيجامة الخداعة".

تحمل صافي الهنداوي (30 عاماً)، منتجة إعلامية في إحدى المؤسسات الصحفية وتسكن في القاهرة، مشاعر مماثلة لمشاعر منة حيال ملابس الخروج بعد التزامها بالحجر الصحي، فهي تقضي معظم الوقت ببيجامتها.

تحكي صافي لرصيف22: "أنا عملي من المنزل منذ منتصف آذار/ مارس تقريباً، وملتزمة بالكامل بالحجر المنزلي الناتج عن أزمة تفشي وباء فيروس كورونا، وبالطبع منذ بداية الحجر وأنا لا أفعل شيئا خلال اليوم سوى العمل، ولا أقترب من ملابس الخروج سوى للذهاب للسوبر ماركت لشراء مستلزمات المنزل، أو في ميعاد السفر لأهلي، نظراً لإني أعيش وحدي ومستقلة بحياتي في القاهرة".

ضاعف حب صافي لملابس الخروج إحساسها بالفرح في اليوم الذي ستسافر فيه لعائلتها.

ضاعف حب صافي لملابس الخروج إحساسها بالفرح والسعادة في اليوم الذي ستسافر فيه لعائلتها، فبالنسبة لها هذه الأزياء لها قدرة على "كسر حالة الملل والرتابة" التي صبغت حياتها مؤخراً، وتحررت من البيجامة وملابس البيت.

وكذلك قررت أن تعمل من الشرفة، حتى تعطي لنفسها مبرراً لأزيائها، تقول: "لبست ملابس الخروج وكأني ذاهبة للعمل، وظللت أعمل اليوم بأكمله في الشرفة".

أما تهاني رشيد، ربة منزل من الإسكندرية (28 عاماً)، فتروي "بما أنني ربة منزل ولست امرأة عاملة، ففرصتي الوحيدة في التأنق كانت من خلال الزيارات العائلية أو تجمعات الأصدقاء، وهو ما ضربها انتشار فيروس كورونا في مقتل، خاصة وإنني ملتزمة بالحجر المنزلي منذ بداية آذار/ مارس تقريباً".

لذا حوّلت تهاني خروجها لشراء احتياجات المنزل الغذائية إلى "طقوس مختلفة عما كان من قبل، فقبل أزمة كورونا كنت أذهب لأقرب هايبر ماركت، أحيانا كثيرة بحلة رياضية مريحة، وأستخدم أدوات تجميلية بسيطة، وأعود للمنزل سريعاً، الأمر الذي لم يكن يستغرق مني أكثر من ساعتين".

تعيش صافي تجربتها مع الحجر، مهملة ملابس خروجها التي تحبها، تمر الأيام عليها حتى تعجز عن عدها، تقول: "وفي يوم من الأيام، ضبطت نفسي وأنا أفتح خزانة الملابس، وأخاطب ملابسي، وأقول لهم، وحشتوني"

تتابع رشيد لـرصيف22 ضاحكة: "أما الآن فاختلف الوضع تماماً، فيوم التسوق أصبح مناسبة خاصة لها تحضيراتها أيضاً، أتأنَّق بأي من الملابس التي اشتقت لها، أضع مكياجاً كاملاً، كأنني ذاهبة للتنزه وليس مجرد شراء احتياجات المنزل، ثم أخذ سيارتي، وألف قليلاً في الشوارع، وأتعمد أن آخذ طريق البحر، والذهاب لأبعد مركز تسوق ممكن عن المنزل، كل هذا لهدف واحد فقط، وهو البقاء خارج المنزل وبملابسي الأنيقة أطول فترة ممكنة".

"مشتاقة للعباءة"

أما آية ايهاب، من الجيزة (27 عاماً)، صحفية، فعلاقتها بملابس الخروج مختلفة كثيرا، فهي تحب "الملابس المريحة"، لذا لا تفتقد لملابس الخروج، خاصة أن خطيبها يزورها بشكل معتاد، فترتديها وتتأنق كالمعتاد، ولكنها تفتقد بشكل أكبر إلى العباءات، خاصة في شهر رمضان، تقول لرصيف22: "كنت أحرص على ارتدائها في شهر رمضان، ومرتبطة معي بذكريات تجمعي مع أصدقائي للإفطار سوياً، وبالطبع أنا محرومة الآن من تلك العادة لأننا امتنعنا عن التجمع، نظراً لانتشار فيروس كورونا".

وفي العمل الذي تنجزه من المنزل، وفي الاجتماعات التي تعقدها على الانترنت، تتحايل على لبس الخروج الذي لا يريحها مثل ملابسها المنزلية، تروي ضاحكة: "الأمر يصبح مضحكاً في اجتماعات العمل على موقع ZOOM، والتي بالطبع تقتضي أن أتخلى عن الراحة مقابل المظهر الرسمي، ولكنني وصلت لحيلة توفر لي الاثنين، وهي أن أرتدي في الجزء العلوي ملابس الخروج والحجاب بشكل كامل ومتأنق، أما في الجزء السفلي فأحتفظ ببنطلون البيجامة المريحة".

على النقيض من آية، تعيش صافي تجربتها مع الحجر، مهملة ملابس خروجها التي تحبها، تمر الأيام عليها حتى تعجز عن عدها، تقول: "وفي يوم من الأيام، ضبطت نفسي وأنا أفتح خزانة الملابس، وأخاطب ملابسي، وأقول لهم، وحشتوني".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard