شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"الوصول إلى الفضاء ليس اختياراً بل ضرورة"... إيران وإطلاق أول قمر صناعي لأغراض عسكرية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 23 أبريل 202006:29 م

بعيداً عن أزمة فيروس كورونا المستجد، وفي الذكرى الـ41 لتأسيسه، أطلق الحرس الثوري الإيراني بنجاح القمر الصناعي "نور1"، كأول قمر صناعي عسكري لإيران بواسطة حامل القمر الصناعي ثلاثي المراحل "قاصد"، من صحراء "لُوت" في مركز إيران، واستقرّ في مداره حول الأرض على بعد 425 كيلومتراً.

وأشادت إيران كثيراً بهذا الحدث، واعتبرته إنجازاً كبيراً وتطوراً جديداً على الصعيد الفضائي لها. وبارك القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، نجاح إطلاق القمر الصناعي "نور"، للمرشد الأعلى علي خامنئي وللشعب الإيراني، وقال إن هذا القمر أضاف أبعاداً جديدة للقدرة الدفاعية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، كما أن قوات الحرس الثوري قد دخلت المجال الفضائي من خلال هذا الإنجاز.

وقال سلامي إن استقرار قمر "نور" الصناعي متعدد الأغراض في مداره يمكن أن يمنحنا قوة إستراتيجية مضاعفة في مجال الاتصالات وحرب المعلومات، مضيفاً "إننا نستطيع اليوم أن نشاهد العالم من الفضاء، وهذا يعني زيادة المعلومات الإستراتيجية لقوات الحرس الثوري الدفاعية المقتدرة".

وأكد أن كلّ الأجزاء المختلفة لهذا القمر الصناعي بما في ذلك صاروخ الإطلاق أتت بصناعة داخلية دون أي اعتماد على الخارج، معتبراً "أن هذا النجاح يؤكد أن الحظر لم يكن فاشلاً في إيقاف مسيرتنا فقط، بل قد دفعَنا لتحقيق التقنيات المتطورة التي جعلتنا قوة كبيرة على مستوى المنطقة، وستكون كذلك على مستوى العالم قريباً".

وقدّم رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، التهانيَ بنجاح عملية إطلاق "نور"، وقال إن إطلاق هذا القمر الصناعي شكل انطلاقة مباركة لتعزيز القوة الدفاعية من خلال التواجد في الفضاء الخارجي والتألق العلمي وتعزيز الاقتدار الردعي في إطار بلوغ الاكتفاء الذاتي للبلاد.

واعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني إطلاق الحرس الثوري القمرَ الصناعي "نور" أمراً قيّماً وميموناً، ودليلاً على استمرار الأنشطة التنموية في البلاد رغم تفشّي فيروس كورونا ومصاعب الشعب.

وقال قائد قوة الجوفضائية التابعة للحرس الثوري العميد أمير علي حاجي زاده: "إن الوصول إلى الفضاء ليس اختياراً، بل ضرورة لا مناص منها، وعلينا نحن أيضاً أن نتبوأ مكانتنا في الفضاء".

وأكّد أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني، محسن رضائي: "إن الخطوة الباهرة للحرس الثوري في تصنيع حامل القمر الصناعي، وإطلاق القمر بشكل دقيق، أثبتا مرة أخرى لياقة الكوادر الثورية والتزامها."

وفي إشارة إلى الإطلاق الناجح للقمر الصناعي "نور" من قبل الحرس الثوري، كتب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شَمخاني، في تغريدة له على تويتر أن "الحظر والتهديد لا يمكنهما عرقلة مسيرة الجمهورية الإسلامية في مجال ضمان مصالحها الوطنية وحقوقها القانونية، وهناك في الطريق مفاجآت جديدة".

الحرس الثوري الإيراني يتفاخر بإطلاق قمر صناعي عسكري: "هذا النجاح يؤكد أن الحظر لم يكن فاشلاً في إيقاف مسيرتنا فقط، بل قد دفعَنا لتحقيق التقنيات المتطورة التي جعلتنا قوة كبيرة على مستوى المنطقة"

واعتبر رئيس مجلس خبراء القيادة الإيراني أحمد جنّتي، أن نجاح الحرس الثوري في إطلاق هذا القمر الصناعي "أذهل الأعداء وأبهج الأصدقاء".

كما عدّ رئيس مكتب رئيس الجمهورية الإيراني محمود واعظي إطلاقَ "نور" إنجازاً وطنياً ورمزاً لارتقاء المعرفة الفضائية في إيران.

وهنأ وزير الاتصالات الإيراني محمد جواد آذري جَهرُمي في تغريدة على تويتر، وضع أول قمر صناعي عسكري إيراني في مداره حول الأرض، ووصَفه بأنه إنجاز وطني عظيم.

المواقف الدولية

أكدت الولايات المتحدة نجاح إطلاق الحرس الثوري الإيراني للقمر الصناعي العسكري، حيث أفادت قوة أمريكية خاصة بمراقبة المجال الفضائي، السرب الـ18، عبر صفحتها في تويتر بأنها تابعت جسمين محلّقين في الفضاء؛ الأول قمر "نور" الصناعي ورقمه 45529 في سجلّ الأجسام الفضائية، والثاني عبارة عن أحد مرحلتي صاروخ "قاصد" ورقمه في السجل 45530، وقد أُطلقا من الأراضي الإيرانية.

وهدّد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، خلال مؤتمر صحافي في مقرّ الخارجية الأمريكية بمواصلة الضغط على إيران، ودعا إلى محاسبتها، تعليقاً على إطلاق الحرس الثوري الإيراني قمراً صناعياً عسكرياً، وقال: "الحرس الثوري الإيراني أطلق صاروخاً، ومجلس الأمن عليه أن يحدّد إذا كان هذا خرقاً لقراراته أم لا... سنواصل الضغط على إيران من أجل أن توقف أنشطتها المزعزعة، وآخرها حملة دعائية كاذبة ضدّنا".

أما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وإن لم يلمح بشكل مباشر إلى القمر الصناعي العسكري الإيراني "نور"، فقد أعلن أنه أصدر الأوامر لقواته البحرية بالتصدّي لأيّ تحرش إيراني، وتدمير الزوارق الإيرانية، معبّراً عن غضبه. وردّاً على سؤال بشأن القمر الصناعي الإيراني، اكتفى ترامب بقول: "نتابع الموضوع عن كثب".

من جانبه، أكّد المستشار السابق للأمن القومي في الإدارة الأمريكية جون بولتون، في تغريدة أن إطلاق القمر الصناعي "نور" دليل على أن الضغط الذي يمارَس ضدّ إيران غير كافٍ. وتابع: "إيران تسعى لامتلاك صواريخ عابرة للقارّات قادرة على حمل رؤوس نووية، حتى في ظلّ أزمة كورونا... ما زال لا يمكننا الوثوق بهم".

بدورها، أعربت إسرائيل عن قلقها من خطوة إيران العسكرية، إذ صرّحت وزارة الخارجية الإسرائيلية عن إدانتها لإطلاق إيران القمر الصناعي العسكري "نور"، ودعت إلى فرض عقوبات على طهران بسبب هذا النشاط الفضائي.

وقالت إسرائيل إن "إطلاق القمر يمثل انتهاكاً للقرار 2231 لمجلس الأمن الدولي حول إيران، وندعو المجتمع الدولي لإدانة عملية الإطلاق وفرض عقوبات إضافية على النظام الإيراني لمنعه من مواصلة هذا النشاط الخطير".

أما حليفة إيران، روسيا، فقد دعمت إيران في خطوتها العسكرية المثيرة للجدل، وانتقد رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الشيوخ الروسي كنستانتين كاساتشوف، التصريحاتِ التي تتهم إيران بانتهاك القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بسبب إطلاقها القمر الصناعي العسكري "نور"، وقال في تصريح للصحافيين في موسكو: لا يوجد أي قرار مُلزم لإيران بعدم القيام بهذا العمل.

وأضاف أن إطلاق القمر الصناعي العسكري لا ينتهك قرار مجلس الأمن الدولي لأنه لا يحمل معدات نووية. وأكد السيناتور الروسي قائلاً: "ينبغي الانتباه إلى أن مفهوم القمر الصناعي العسكري لا يعني أنه مزوّد بالسّلاح".

"من الممكن أن يؤدي إلى إعادة نظر واشنطن في سياساتها تجاه إيران، كما أنه من الممكن أن يؤدي إلى اتخاذ الدول الأوروبية موقفاً جديداً تجاه الاتفاق النووي، والبرنامج الصاروخي الإيراني"... إطلاق طهران بنجاح قمراً صناعياً عسكرياً

وفشلت إيران خلال الفترة الأخيرة عدّة مرات في إطلاق أقمار صناعية أعلنت أنها ذات أغراض علمية، وآخرها كان قبل شهرين، حين أطلقت في 9 شباط/ فبراير القمر الصّناعي "ظفر"، وفشلت في وضعه في المدار.

وأدانت فرنسا والولايات المتحدة محاولة إطلاق "ظفر"، واتّهمتا إيران بالعمل على تعزيز خبرتها في مجال الصواريخ البالستية عن طريق إطلاق أقمار صناعية.

الأسباب والتداعيات

قال خبير إيراني في الشؤون السياسية لرصيف22 إن هذه الخطوة، تؤكد أن لا العقوبات الأمريكية، ولا الأزمة الاقتصادية التي خلفتها العقوبات الأمريكية في إيران، ولا أزمة فيروس كورونا، أثّرت على الحرس الثوري الإيراني الذي يمتلك صلاحيات واسعة في إيران، كما لم تُقلل من نشاطاته وخططه العسكرية. ويبدو أنه يمضي في تحقيق ما يريد، ولا يخضع لأي مانع داخلي أم خارجي؛ الأمر الذي من الممكن أن يؤدي إلى إعادة نظر واشنطن في سياساتها تجاه إيران. كما أنه من الممكن أن يؤدي إلى اتخاذ الدول الأوروبية موقفاً جديداً تجاه الاتفاق النووي، والبرنامج الصاروخي الإيراني.

وأضاف الخبير الإيراني: "الخطوة التي قام بها الحرس الثوري الإيراني مهمة جدّاً من جهتين: الجهة الأولى هي أنها ليست مجرّد إطلاق قمر صناعي بل إنها إطلاق صاروخ إلى الفضاء، وهذا يجعل الأمر مثيراً للجدل، ويمكن أن يُعتبر انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي. أما الجهة الثانية فهي أن إيران تؤكد دائماً بأن برامجها الفضائية علمية بحتة، لكن ما قام به الحرس الثوري الإيراني ليس خطوة علمية بل عسكرية ذات أغراض استخباراتية، وقد نُفذت من جانب قوة عسكرية".

واعتبر صحافي إيراني يعمل في مجال السياسة الدولية في حديثه لرصيف22: "إن هناك علاقة مباشرة بين تعزيز القدرات العسكرية الإيرانية والتوتر بين واشنطن وطهران. وإطلاق قمر (نور) الصناعي يُعتبر محاولة لإظهار قوة الحرس الثوري الإيراني للجانب الأمريكي في ضوء التوتر المتصاعد بين البلدين."

وتابع أن هذه الخطوة أتت "بعد تطورات شهدتها علاقات البلدين أبرزها انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في أيار/ مايو 2018، وإعادة فرض العقوبات على إيران، واحتجاز إيران ناقلات بحرية في الخليج في صيف 2019، وعملية اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني اللواء قاسم سليماني في العراق في كانون الثاني/ يناير 2020، وأحدثها توجيه الزوارق الحربية الإيرانية تحذيراً إلى بعض السفن الحربية الأميركية في مياه الخليج".

تعتبر إيران المواقفَ التي تظهر إجراءاتها الصاروخية غير متسقة مع القرار 2231، أو تهديداً إقليمياً، هي سياسة خادعة وعدائية، وترفضها بشدة.

واعتمد مجلس الأمن الدولي قرار رقم 2231 في تموز/ يوليو 2015 بخصوص البرنامج النووي الإيراني، ويطالب هذا القرار، إيران، بعدم إجراء أي تجارب لصواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية.

وجاء إطلاق إيران قمراً صناعياً عسكرياً عن طريق صاروخ، في ظلّ تصاعد وتيرة تفشي فيروس كورونا في داخلها، وفي ظلّ شكاويها من تداعيات العقوبات الأمريكية عليها ودعواتها لإلغائها.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard