شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
من تركيا إلى أمريكا وليس في بلده... يصدح المطرب الإيراني مهدي يرّاحي بالأذان

من تركيا إلى أمريكا وليس في بلده... يصدح المطرب الإيراني مهدي يرّاحي بالأذان

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الجمعة 17 أبريل 202004:55 م

قبل بضعة أشهر، تمّ نشر مقطع على موقع يوتيوب من مدينة بالكان الأذربيجانية، وفيه صوت أذان. وقبل أيام، بثّت وسائل الإعلام المختلفة وحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي هذا المقطع، مدعية بأنه يعود إلى بثّ الأذان في مسجد بمدينة غرناطة الإسبانية، لأول مرة منذ سقوط الأندلس قبل 500 سنة. وتمّ تداول هذا الفيديو ونشره بشكل سريع جدّاً وواسع، مرحبَّاً به كأجمل صوت للأذان.

ومن بين الصفحات التى نشرت الفيديو تحت عنوان "بثّ الأذان في غرناطة لأول مرة بعد نصف قرن"، كانت صفحة مسلسل "السلطان عبد الحميد الثاني" التركي على موقع تويتر، وقد حقق هذا الفيديو تفاعلاً كبيراً، وأعيد نشره آلاف المرّات، خاصة من قبل مستخدمي تويتر الأتراك.

ونشر رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، في حسابه على تويتر، مقطعاً للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وهو يستمع مستمتعاً بهذا الأذان. وذكر في تغريدته: "رئيسنا خلال استماعه لرفع الأذان في غرناطة... نأمل ألا ينقطع صوت الأذان عن وجه الأرض. نسأل الله أن يرزقنا جميعاً أداء صلواتنا جنباً إلى جنب في مساجدنا مجدّداً."

كما شارك الملياردير الفلسطيني الأصل والأمريكي الجنسية، محمد حديد، والد عارضتي الأزياء العالميتين، جيجي وبيلا حديد، متابعيه عبر حسابه الرسمي بموقع إنستغرام هذا الفيديو، معلّقاً: "لا يحتاج إلى توضيح، صوت جميل يدعونا إلى العبادة، (مهدي يَرّاحي) صوت ملاك."

نعم إنه كان صوت المطرب العربي الإيراني "مهدي يَرّاحي" الذي صدح بالأذان؛ فبعد أيام من تداول هذا الفيديو تبين أن الصوت لا علاقة له بغرناطة الإسبانية، ولم يبثّ الأذان هناك كما زعم البعض، بل إنه أذان بصوت مهدي يرّاحي. ولتصحيح الخبر، تمّ إعادة نشر هذا الأذان مرة أخرى في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وقدّم الكثيرُ من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي توضيحات عن الفيديو، وقال بعضهم إنهم يعرفون مهدي يراحي منذ فترة طويلة، صاحب صوت أجمل أذان، كما يصفه الكثير من الأشخاص.

وكان قد نشر فرنش مونتانا، مغني الراب الامريكي–المغربي في صفحته ذات أكثر من 12 مليون متابع، صوت أذان مهدي يرّاحي.

بعد أيام من تداول هذا الفيديو تبين أن الصوت لا علاقة له بغرناطة الإسبانية، ولم يبثّ الأذان هناك كما زعم البعض، بل إنه أذان بصوت المطرب العربي الإيراني مهدي يرّاحي

وشارك ديدا ديافات، المقاتل الجزائري–الأمريكي، مع متابعيه أذان مهدي يراحي، قائلاً: "صوت أخي مهدي يراحي. وتمّ إعادة نشرِ ما نشرَه ديافات من جانب كثير من الرياضيين. كما نشر سركان شاغري، عازف الكلارينيت التركي الشهير الفيديو الذي تضمن الأذان بصوت مهدي يراحي.

وقامت صفحة مسلسل "السلطان عبدالحميد الثاني" بحذف المقطع بعد أن تأكدت من أنه زائف.

وهذه، ليست أول مرة يتم الإشادة بأذان مهدي يراحي، حيث نشرت المطربة التركية، سيبل جان، في شهر رمضان قبل عامين، تزامناً مع الأحداث التي وقعت في ميدان تقسيم، منشوراً على إنستغرام تضمن دعاءها لبلدها، والعلم التركي، وصوت أذان مهدي يراحي.

وقبل عام من ذلك، قام الحساب الرسمي لموقع إنستغرام للتواصل الاجتماعي، تعريف شهر رمضان في إيران من خلال نشر صوت أذان مهدي يرّاحي.

ويظهر البحث على موقع يوتيوب عن أجمل أصوات الأذان، بأن أذان مهدي يرّاحي، والذي قرأه بطريقته الخاصة، تمّت مشاهدته آلاف المرّات منذ نشره عام 2014 حتى الآن.

ورغم كلّ هذا الإعجاب العالمي، امتنع التلفزيون الرسمي الإيراني عن الإشارة إلى اسم مهدي يراحي عند تغطيته قبل أيام لموضوع الفيديو خلال نشرته الإخبارية، مدّعياً بأنه يعود إلى غرناطة الإسبانية وقد بُثّ الأذان فيها لأول مرّة. ويبدو أن الأمر جاء بسبب منع يرّاحي من العمل منذ فترة بسبب انتقاده لوضع حرية التعبير في إيران.

واستشهد التقرير الذي بُث على شاشة التلفزيون الإيراني بصفحة إنستغرام ،لإيريك أبيدال، لاعب برشلونة السابق المسلم، والذي يشغل حالياً منصب مدير النادي. وكان أبيدال يشيد في منشوره بمقطع فيديو نُشر على صفحته الشخصية بأذان مهدي يراحي.

من هو مهدي يرّاحي؟

مهدي يرّاحي، من مواليد عام 1981، مطرب إيراني من عرب جنوب إيران، ومن مدينة الأهواز الواقعة جنوب غرب البلاد تحديداً، والتي يشكّل العربُ غالبية سكّانها.

يراحي، والذي هو ممنوع من العمل حالياً في إيران، مشهور من جهة بسبب صوته الجميل والحزين، ومن جهة أخرى بسبب مواقفه من القضايا السياسية والاجتماعية في إيران، خاصة القضايا المتعلقة بمدينته.

يرّاحي، والذي هو ممنوع من العمل حالياً في إيران، مشهور من جهة بسبب صوته الجميل والحزين، ومن جهة أخرى بسبب مواقفه من القضايا السياسية والاجتماعية في إيران

ويُعرف مهدي يراحي، بدعوته للسّلام والعدالة، وانتقاداته للمشاكل الاجتماعية منها الفقر، والتدهور البيئي في مدينة الأهواز، حيث له أغنية تحت عنوان "التراب" يتطرّق فيها إلى قضية الغبار التي تعاني منها الأهواز منذ سنوات حتى الآن، إلى جانب نقص المياه الصالحة للشرب رغم وجود نهر "كارون" في هذه المدينة، ومصادر طبيعية أخرى.

وقد شارك يراحي في احتجاجات لإنقاذ نهر كارون من السياسات البيئية الخاطئة في مدينة الأهواز.

كما اشتهر هذا المطرب خلال السّنوات الأخيرة بإعادة غنائه لأغانٍ عربية قديمة منها "فوق النخل فوق"، و"میحانة ميحانة"، وذلك إلى جانب غنائه باللغة الفارسية، وبات يُعرف مهدي يراحي كمطرب بوب يغني بالفارسية، وله موهبة الغناء باللّغة العربية أيضاً.

وفي 31 يناير 2020 أعلن مهدي يراحي على صفحته في تویتر بأنه ممنوع من العمل من جانب وزارة الثقافة، وألغيت جميع تصاريح حفلاته.

ويبدو أن هذا الحظر جاء بسبب انتقاده للسّلطات الإيرانية في حفلة له في مدينة الأهواز في 31 ديسمبر 2019، حيث قال فيها إن مجال الفن والثقافة يجب أن يحصل على رخصة توجيه الانتقاد من الجهات الأمنية في البلاد. وانتقد يراحي أيضاً كيفية تعامل السلطات الإيرانية مع احتجاجات نوفمبر 2019. وأشار إلى الحرس الثوري وقال إنه لم يستطع انتقاد هذه الجهة في البلاد، مؤكّداً بأنه يجب أن يحصل كلّ فنان على رخصة الانتقاد من أي شخص أو جهة في البلاد، متسائلاً: لماذا بعض الجهات في إيران "مقدسة" ولا يستطيع أيّ أحد أن ينتقدها؟

وقبل ذلك، وفي يناير 2019، مُنع يرّاحي من العمل لعدّة أشهر بسبب ارتدائة هو وفرقته زي عمال شركة فولاذ الأهواز، في حفلة له هناك، تضامناً مع إضراب هؤلاء العمّال بسبب تأخر رواتبهم واحتجاجاتهم واعتقالهم.

وقبل هذا أيضاً، تمّ منعه من العمل بسبب أغنية "قطعة حجر"، وهي أغنية مناهضة لتداعيات الحرب العراقية-الإيرانية (1980 – 1988). واعتبرت وزارة الثقافة الإيرانية أن ملابس يراحي في فيديو هذه الأغنية تشبه زيّ جنود الجيش النازي، واتهمته بتشبيه حرب إيران مع العراق بالحروب النازية.

ويبدو أن مهدي يراحي أصبح حالُه كحال غالبية الفنانين الإيرانيين الذين يشيد بهم الأجانب، ويتمّ منعهم من العمل داخل البلاد، أو تُفرض عليهم قيود، أو يتمّ اعقتالهم. وكما نعرف هناك كثير من الفنانين الإيرانيين يحصلون اليوم على إعجاب كثير وإشادات وجوائز دولية خارج بلدهم، لكنهم يبقون محظورين من العمل في داخل البلاد، بسبب مواقفهم من القضايا السياسية والاجتماعية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard