شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
صفّق له الأجانب وسوّد وجه الأمة... الإيراني رسولوف يفوز بجائزة مهرجان برلين السينمائي

صفّق له الأجانب وسوّد وجه الأمة... الإيراني رسولوف يفوز بجائزة مهرجان برلين السينمائي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الاثنين 2 مارس 202004:11 م

فاز فيلم "لا وجود للشيطان" (بالفارسية: شيطان وجود ندارد)، للمخرج الإيراني "محمد رسولوف" الذي تدور قصته حول عقوبة الإعدام، بجائزة الدبّ الذهبي أي الجائزة الأولى في مهرجان برلين 2020 للأفلام.

وأقيمت المراسم الاختتامية لمهرجان برلين 2020 الدولي مساء أمس السبت، 29 فبراير/شباط، في قصر برليناليه في برلين دون حضور المخرج الإيراني الممنوع من السفر، حيث استلمت ابنته "باران" التي تمثّل أيضاً في هذا الفيلم، الجائزةَ، نيابةً عنه.

وبعد جائزة الأوسكار لأفضل فيلم باللغة غير الإنكليزية التي مُنحت للمخرج الإيراني "أصغر فرهادي" من أجل فيلم "البائع" عام 2016، تُعتبر هذه، الجائزةَ الأكثر أهمية التي فاز بها مخرجٌ إيراني خلال السنوات الثلاث الأخيرة. كما فاز الفيلم أيضاً بجائزة قسم الكنيسة العالمية في هذا المهرجان.

وقال رئيس لجنة التحكيم في مهرجان برلين، الممثل "جيريمي آيرونز" إن الفيلم الذي يحكي أربع قصص عن عقوبة الإعدام أظهر "وجود نظام استبدادي ينسج بين الناس العاديين، ويجذبهم نحو اللاإنسانية".

ولا يستطيع رسولوف السفر إلى خارج إيران بسبب تهمٍ تتعلق بأفلامه السابقة، وهذا ما سبب منعَه من الحضور في مهرجان برلين.

وقبل أيام من إقامة مهرجان برلين طالبت دار السينما في إيران رئيسَ السلطة القضائية في البلاد، إبراهيم رئيسي، أن يسمح لـرسول أوف بالسفر إلى برلين للحضور في المهرجان.

وجاء في هذه الرسالة: "عادةً ما، يكون المخرجون حاضرين في المهرجانات السينمائية عند عرض أفلامهم، وغيابهم لأسباب سياسية وحظر قضائي سيخلق صورة سلبية عن بلدهم. وبالنظر إلى المصالح الوطنية، ومن أجل تقديم صورة حقيقية عن الساحة الثقافية في بلادنا، يرجى إصدار تصريح للسيد رسولوف من أجل الحضور في مهرجان برلين". ولكن هذه الرسالة لم تتلقّ أيّ ردّ من قبل السلطات القضائية.

إحدى حلقات الفيلم الأربع حدثت بعد أن شاهدتُ رجلاً استجوبَني أثناء وجودي في السّجن، وهو يخرج من أحد البنوك. بعد متابعة الرجل لفترة من الوقت، أدركت أنه كم كان طبيعياً وكم كان يشبه جميع الناس الآخرين

وشارك رسولوف في مقابلة من خلال "سكايب" مع المهرجان خلال منح الجائزة لفيلمه، وتحدّث فيها عن الفيلم: "تستند قصة كلّ جزء من الفيلم إلى تجربتي الخاصّة. أردتُ أن أتحدث عن أشخاص يدفعون المسؤولية عن أنفسهم ويقولون إن القرار اتخذته قوى أعلى. لكنهم يستطيعون أن يقولوا: لا."

وتابع رسولوف: "إحدى حلقات الفيلم الأربع حدثتْ بعد أن شاهدتُ رجلاً استجوبَني أثناء وجودي في السّجن، وهو يخرج من أحد البنوك. وبعد متابعة الرجل لفترة من الوقت، أدركت أنه كم كان طبيعياً وكم كان يشبه جميع الناس الآخرين. عرفتُ أنه لا يوجد وحش. لم يكن هناك شرّير أمامي، بل كان مجرّد شخص عادي لا يشكّك في تصرّفاته".

وفي كلّ جزء، يصور الفيلم رجلاً تمّ اختياره لتنفيذ عقوبة الإعدام. بعض من هؤلاء الرجال يتمردون على الأوامر والبعض يطيع. ولكن أياً كان القرار الذي يتخذونه، فإن العواقب، جيدة أم سيئة، تنعكس في حياتهم على مدى عقود.

محمد رسولوف وحياته المهنية

محمد رسولوف، مخرج ومنتج إيراني، يبلغ من العمر 47 عاماً، ويعدّ من بين أشهر المخرجين الإيرانيين في الساحة الدولية إلى جانب "أصغر فرهادي" و"جعفر بَناهي".

ولأفلامه نزعة انتقادية، وبسبب مضمون أفلامه السياسي، تعّرض خلال حياته المهنية لضغوط كثيرة من قبل الأجهزة الأمنية الإيرانية، وتمّ استدعاؤه مراراً إلى المحكمة.

عام 2009، فاز رسولوف بجائزة التحكيم الخاصة، وجائزة أفضل ممثّل في مهرجان دبي السينمائي الدولي عن فيلم "الحقول البيضاء".

وفي نفس العام، وبعد فترة من الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي تلتْها احتجاجات واسعة في البلاد، وعند استعداده لإنتاج فيلم وثائقي، ألقي القبض على رسولوف، برفقة زميله المخرج "جعفر بناهي" بعد اتّهامه بترويج "الدعاية ضدّ النظام" و"العمل ضد الأمن القومي"، وحكم عليه بالسجن 6 سنوات.

من الغريب أنّهم يتّهمونني بالدعاية ضدّ النظام لأنني أروي قصصًا. أفلامي ليست سياسية. إنّها نقد اجتماعي، له تداعيات سياسية

ثمّ خفض الحكم في نهاية المطاف إلى عام واحد. ورغم ذلك واصل رسولوف العملَ، وأنتج فيلم "إلى اللقاء"، الذي يروي معاناة محامية إيرانية وإحساسها بالغربة في بلدها بعد سحب رخصة العمل منها، ثمّ تقرّر الهجرة إلى خارج البلاد. وفاز الفيلم بجائزة "نظرة ما" لمهرجان كان عام 2011، غير أن رسولوف مُنع من مغادرة البلاد لاستلامها.

وفي عام 2013، صادرت السلطات الإيرانية جواز سفر رسولوف لدى عودته إلى إيران، بعد فوز فيلمه "المخطوطات لا تُحرق"، الذي يتحدث فيه عن عملية القتل المتواصلة للصحفيين والكتّاب في إيران، بجائزة "فيبرسي" في مهرجان كان السينمائي.

وبعد عامين، أي في يوليو 2019، حكم عليه بالسجن التعزيري لمدة عام واحد، والمنع من السفر لمدة عامين، ومنعِ القيام بأنشطة سياسية واجتماعية في البلاد.كما استولت الأجهزة الأمنية على جواز سفره عام 2017، عقب عودته من مهرجان كان السينمائي، الذي فاز فيلمه "رجل النزاهة" فيه بجائزة مسابقة "نظرة ما"، واستدعتْه إلى المحكمة. وتطرّق رسولوف في هذا الفيلم إلى قضية الفساد في إيران.

وفي مقابلة مع صحيفة النّهار اللبنانية عام 2017، هكذا تحدّث رسولوف عن موقفه من النظام الإيراني: "النظام الإيراني لا يحبّ أن يرى تأثيره السيّء، ولا يحبّذ النظر في واقع الأمور. بعض النقد مقبول، ولكن له سقف معين، فيجب ألا يطال السيستم. لا أريد أن أستعمل كلمة ديكتاتورية، لأن إيران ليست ديكتاتورية. لدينا انتخابات، لكنها غير حقيقية. يقولون إننا نمتلك نظاماً ديموقراطياً يعتمد على مشاركة الناس، لكن تأثيره محدود. مع ذلك، لسنا في نظام ديكتاتوري. لهذا السبب أفضّل تسمية (السلطة المطلقة). في نظام كهذا، يتمّ تسييس كلّ شيء، بحيث يصبح من الصّعب التعمق في النقد. في أيّ مكان تحفر، ستجد السلطة! كلّ الطرق تؤدي إليها".

في أيّ مكان تحفرون، تجدون السلطة! كلّ الطّرق تؤدي إليها

وفي تصريحات أخرى قال رسولوف: "من الغريب أنّهم يتّهمونني بالدعاية ضدّ النظام لأنني أروي قصصًا. أفلامي ليست سياسية. إنّها نقد اجتماعي، له تداعيات سياسية. بدلاً من فهم الأفلام، يؤولونها على أنها تشهير بالدولة. القاضي كتب أن المدّعى عليه لم ينجز أيّ فيلم عن شجاعة الأمّة، وأنّه كوفئ في مهرجانات غير إيرانية، وصفّق له الأجانب، هو سوّد وجه الأمة، وانتقاداته غير صحيحة، ولا أمل في أفلامه. علينا دفع الثمن، وعلى كلّ واحد أن يدفع ثمنًا ما. لا خيار أمامي أنا أيضاً. أدفع الثمن، إذا أردتُ إنجاز أفلامٍ مستقلّة".

وعلى الرغم من النجاح العالمي، لم يحظَ أيّ فيلم من أفلام رسولوف بترخيص للعرض في إيران، وينتج المخرج الإيراني أفلامه في البلاد بشكل سرّي وفي أماكن خفية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard