شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
رحلة بطَعمِ

رحلة بطَعمِ "الحلقوم" التركي … من العثمانيين إلى شوارع إسطنبول اليوم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رود تريب

الثلاثاء 18 فبراير 202005:36 م

تستقبلكم إسطنبول بحفاوة لتبدأ بمناظرها الطبيعية، وصولاً لبساطةِ أهلها، ومروراً بأسواقها الشعبية القديمة كالسوق المسقوف والسوق المصري، والتي تُقدم لكم لوحات مميزة ذات ألوان زاهية من محلات "الحلقوم التركي" المصفوصة بطريقة تُلفت انتباه السائحين.

ويُحار السائحون أيُّ نوع من هذه الحلوى عليهم أن يختاروا، وهي المنتظرة ليتذوقوها، ويتعرفوا على نكهاتها المختلفة، ويحملوها معهم تذكاراً إلى بلادهم، فإن إسطنبول الجميلة تُغري على اقتناء "حُلوِ"ها بتلك الأزقة القديمة وشوارعها المُرصفة، ومع رائحة القهوة التركية.

ويكاد لا يخلو كلُّ بيت تركي من "راحة الحلقوم" أو "rahat-ul hulkum"، وهو الاسم التركي الذي يُطلق على هذه الحلوى، نظراً لليونتها وسهولة ذوبانها في الفم رفقة فنجان القهوة كما اعتاد الأتراك تقديمها لضيوفهم.

أصل الحكاية

يتحدّث الكثيرون عن رواية تاريخية لأول وصفة لـ"الحلقوم التركي" والتي كانت بعدما أمر أحد السّلاطين بصناعة حلوى فريدة من نوعها لإرضاء زوجته، فعمل طُهاة القصر على مزج العسل والدّبس والنشا والمستكة حتى أصبح "الحلقوم"، ومنذ ذلك الوقت أصبح جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية والمناسبات الدينية والاجتماعية عند العثمانيين.

وصل الحلقوم مُبكراً إلى دول وسط آسيا، وشرق أوروبا، نتيجة العلاقات العثمانية معها، حيث كان السّلطان يحملها معه كهدية قيمة عند زيارته لهذه الدول

وإن حظيتم بزيارة مدينة إسطنبول فلابدّ من زيارة المتجر الأول لعائلة "حاجي بكير"، والذي يقع في أحياء منطقة "إمينونو" بالقرب من الجامع الجديد، إذ قيل بأن أول من صنع هذه الحلوى الشهيرة في متجر خاص له في ضواحي اسطنبول هو "حاجي بكير" الذي قدِم من قريته الصغيرة شرق الأناضول عام 1777، وما أن وصلت شهرته قصر السلطان، حتى مُنِح وسامَ شرفِ صانعي الحلوى، وعُيّن كـ"الشيف" الرئيسي المسؤول عن الحلويات في القصر.

إلى جانب محلات "حاجي بكير"، ثمة العديد من المحلات القديمة لبيع هذه الحلوى في اسطنبول، ففي العام 1870 تمّ افتتاح محلّ "ملاطيا" في مدينة ملاطيا، ومن ثمّ امتدّ بفرعه الثاني في السّوق المصري في اسطنبول، والذي يمتاز بمذاقِ حلقومه اللذيذ، كما أنه مُختصّ ببيع الفواكه المجففة، والمكسرات، والتوابل والأعشاب، والأملاح البحرية، بالإضافة إلى الحلقوم بنكهاته المتعددة.

إلى العالم

وصل الحلقوم مُبكراً إلى دول وسط آسيا، وشرق أوروبا كاليونان والبلقان نتيجة العلاقات العثمانية معها، حيث كان السّلطان يحملها معه كهدية قيمة عند زيارته لهذه الدول، كما أنها تُعرف بالاسم نفسه المتداول بين الأتراك "راحة الحلقوم"، وتُقدّم بالطقوس ذاتها.

وفي نهاية القرن التاسع عشر، وعن طريق سائح بريطاني زار إسطنبول وأُعجب بهذه الحلوى كثيراً وحملها معه، وصل الحلقوم إلى أوروبا وخاصة بريطانيا، إذ تمّ تقديمها على أنها "قطعة من البهجة أو الفرح".

قيل بأن هذه الحلوى كانت المفضلة لدى نابليون بونابرت، وونستون تشيرشل، كما قيل بأن الرسام العالمي بابلو بيكاسو كان من عادته تناولها أثناء استراحته من العمل

وقيل بأن هذه الحلوى كانت المفضلة لدى نابليون بونابرت، وونستون تشيرشل، كما قيل بأن الرسام العالمي بابلو بيكاسو كان من عادته تناولها أثناء استراحته من العمل.

من "راحة الحلقوم" إلى "لكوم"

على مرّ السنين تمّ تغيير اسم "راحة الحلقوم" شيئاً فشيئاً إلى عدّة مسميات منها "لكوم" أو "lokum"، كما يُطلِق عليها الأتراك في يومنا هذا، وفي الدول الأوروبية. أما في معظم الدول العربية فيُطلق عليها إما "Turkish Delight" أو "حلقوم".

لم يتغير فقط اسم هذه الحلوى، بل اتّسع التغيير ليشمل مكوّنات هذه الحلوى الأساسية مثل السكّر والنشا، لُيضاف إليها نكهات مختلفة من الفواكه مثل الرمّان، والتين، بالإضافة إلى الفواكه المجففة، والمكسرات، فهناك الحلقوم التركي مع الجوز، والحلقوم التركي مع زبدة الفول السوداني، والحلقوم التركي مع الفستق والكراميل، والحلقوم مع الليمون، والحلقوم التركي مع النعناع، والحلقوم التركي مع الرمّان، والحلقوم مع البهارات مثل الزعفران، والحلقوم التركي مع الشيكولاتة، ومع جوز الهند، وهناك العديد من أنواع الحلقوم المنكهة بمذاقات مميزة ومختلفة، والتي لا يمكن إلا أن نقول عنها بأنها تخلق نكهات رائعة تفاجئ ذائقتنا في كلّ مرة.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard