شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"فنانة نسوية وصاحبة قضية"... رحيل دلوعة السينما ماجدة الصباحي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 16 يناير 202006:37 م

"راجل راجل راجل. كل ما نجيب سيرته تقولوا لنا دا راجل. يعني الراجل بس هو اللي من حقه يتصرف زي ما هو عايز"، جملة عادية قد تنطق بها أي فتاة حالياً من دون خوف.

لكن عندما قالتها عام 1960 الفنانة ماجدة الصباحي التي رحلت، في 16 كانون الثاني/يناير، في أحد مشاهد فيلم "المراهقات"، مثّل ذلك جرأة بالغة محفوفة بالمخاطر.

وبرغم أنها كانت فتاة أحلام أجيال خمسينيات القرن الماضي وسيتينياته وسبعينياته، و"دلوعة السينما المصرية"، فقد بادرت إلى مناقشة القضايا الاجتماعية الحساسة أو المسكوت عنها، كما يقال، في أعمالها.

وهي لم تجارِ السائد خشية عدم إغضاب الجمهور كما فعلت غالبية فنانات جيلها. وبرغم ذلك، ظلت في نظر الجميع "حسناء الشاشة" و"كوكب السينما العربية".

فنانة نسوية بامتياز

في فيلم "المراهقات"، ناقشت ماجدة عدة قضايا حيوية وجريئة، آنذاك، أبرزها التمييز بين الجنسين وعدم تفهم الأهل عقلية أبنائهم وفرض التقاليد الرجعية عليهم ومصادرة حرياتهم بحجة أنهم أدرى بمصلحتهم وعواقب حرمان الفتاة من الزواج ممن تحب.



واعترفت ماجدة في أحد اللقاءات التلفزيونية بأن الفيلم شغل الرأي العام حين عرض واستمر عرضه في دور السينما نحو 20 أسبوعاً. وكان ذلك إقبالاً غير مسبوق حينذاك.

كانت ماجدة أيضاً في طليعة الداعيات إلى وقف الزواج المبكر (زواج القاصرات) الذي عمدت إلى إظهار مساوئه في فيلم "أين عمري" حين جسدت دور عليّة المراهقة التي توافق على الزواج من صديق الأسرة الكهل "عمو عزيز"، رغبةً في التمتع بـ"حرية اللبس والخروج" كما أقنعتها والدتها.



كذلك لفتت إلى معاناة الزوجات مع الأزواج "العاجزين جنسياً" في "السراب" الذي كان في مقدّم الأعمال الفنية التي ناقشت هذه القضية الجريئة، في حقبة كان معيباً فيها أن تفكر المرأة في الجنس أو تعبر عن حاجتها إليه.

أما هموم المراهقات فجسدتها على نحو خاص في بعض أعمالها. كيف لا وهي "عذراء الشاشة" التي دخلت الفن ولها من العمر 15 عاماً.

حتى آخر أعمالها؛ "ونسيت أني امرأة" عام 1994 ناقش قضية عدم تقبل بعض الرجال عمل المرأة وانشغالها بنجاحها، وأثر ذلك على العلاقات العاطفية والزوجية.

أدوار متنوعة جسدتها ماجدة الصباحي من الخادمة إلى المراهقة المستهترة… مسيرة فنية حافلة لـ"كوكب السينما العربية" توقفت برحيلها

حضور برغم الغياب

وبرغم  غيابها عن الوسط الفني نحو نصف قرن، وإن ظلت حاضرة بأعمالها، خلّف رحيل الصباحي عن عمر ناهز 89 عاماً حزناً كبيراً لدى جمهورها الذي تركت له إرثاً فنياً ثرياً: 74 عملاً مثّلت فيها، وفيلماً واحداً من إخراجها (من أحب) وآخر من تأليفها، و12 من إنتاجها.

دخلت ماجدة، أو عفاف علي كامل الصباحي، المولودة في أيار/مايو عام 1931، عالم الفن من أوسع أبواب ببطولة فيلم "الناصح" مع الفنان إسماعيل ياسين عام 1949، بعدما اكتشفها المخرج سيف الدين شوكت، من دون علم أو موافقة أهلها.

 ولم تعبر إلى قلوب عشاقها إلا بقدرتها الفائقة على التنوع وتقمص الشخصيات المختلفة. فرغم ملامحها الملائكية وصوتها الناعم وخفة دمها وانحدارها من إحدى أثرى عائلات طنطا (محافظة الغربية/شمال مصر)، جسدت جميع الأدوار بحرفية عالية.

تقمص وتنوع

فهي الخدامة مبروكة في "الرجل الذي فقد ظله"، وزوجة البواب الفتاة الصعيدية البسيطة في "النداهة"، والعاشقة الخارجة عن تقاليد المجتمع في "أنف وثلاث عيون"، وابنة الأثرياء في "أين عمري" و"المراهقات"، والصحافية صاحبة المبادئ في "العمر لحظة"، والفتاة المضحية لأجل أسرتها في "بنات اليوم"، والشابة المستهترة في "بين إيديك".



كذلك تألقت في الكوميديا، فمن ينسى فيلم "ليلة الدخلة" و"الآنسة حنفي"؟

ومع جرأة أفلامها والقضايا التي ناقشتها، مثل "جنس ناعم" و"زوجة لخمسة رجال" و"القبلة الأخيرة" و"حواء على الطريق" و"قصة ممنوعة" و"الحقيقة العارية"، اقترنت في ذهن الجمهور بالمناضلة بعد العديد من الأفلام الوطنية، لا سيما فيلم "جميلة" الذي يروي قصة المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد.

لم يُنظر إليها يوماً فنانة "إثارة"، بل صاحبة رسالة "قضايا المرأة".

برغم جرأة أدوارها والقضايا التي ناقشتها، لم ينظر يوماً إلى ماجدة باعتبارها "فنانة إثارة" إذ لم تعتمد على جمالها أو على ملامحها الملائكية. وكانت "قضايا المرأة" في مقدّم أولوياتها

شكلت ماجدة مع يحيى شاهين ثنائياً رائعاً في أفلام عديدة، أبرزها: "أين عمري" و"هذا الرجل أحبه" و"الغريب" و"مرت الأيام" و"قرية العشاق" و"قصر الشوق" و"نساء في حياتي".



وكانت ترفض التقيد أو التكرار، لذا لم تشارك في أي عمل مسرحي.

أما عن حياتها الخاصة، فقد تزوجت مرة واحدة من الفنان والطيار إيهاب نافع وأنجبت منه ابنتها الوحيدة غادة نافع.



وظهرت ماجدة إعلامياً للمرة الأخيرة في العام الماضي خلال احتفال إعلاميين وأصدقاء لها بعيد ميلادها الـ88.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard