شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"هذه جريمة"... عن تجربة اجتماعية حول التحرّش في السعودية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 18 ديسمبر 201902:55 م

كيف ستتصرفّ النساء السعوديات لدى التحرّش بهنّ؟ هذا ما أراد فريق عمل برنامج "حراك مع ملاك" الذي يُعرض على شاشة "إم بي سي" السعودية معرفته من خلال "تجربة اجتماعية".

يُعرّف هذا البرنامج نفسه بأنه "مساحة للنقاش الجريء" و"يخليك تطلّع اللي براسك"، تقدمه الدكتورة السعودية ملاك الحسيني. وفي حلقة 8 ديسمبر/كانون الأول، عُرضت تجربة اجتماعية عن التحرّش ما زالت محط نقاش حتى اللحظة.

قبل الانتقال إلى التجربة، لفتت الحسيني إلى أن "مهما كان شكل التحرّش، يظلّ سلوكاً فردياً ولا يمكن تعميمه على أفراد المجتمع"، مضيفةً أن أهم ما في الأمر هو "التفتيش عن الوعي". 

وفيما اعتبرت مقدمة البرنامج التجربة الاجتماعية جزءاً من "التفتيش عن الوعي"، رأى كثيرون أنها "جريمة تحرّش مسجلة" ولا تخدم الهدف المعني في صدّ هذه الظاهرة.

خاضت تجربة التحرش أربع سيدات. وجرت كالتالي: يقصد شخص إحدى الأسواق التجارية في السعودية لإجراء مقابلة سريعة مع بضع سيدات بخصوص مواقع التواصل وتأثيرها على حياة كل منهن. وخلال التصوير، يظهر رجل سعودي، ويروح يتحرش بالسيدات لفظاً ويُكمل طريقه.

ومما قاله الذي لعب دور المتحرّش "يا ريتني المذيع"، و"يا لبى الزين"، و"يا لبى القمر". وتفاوتت ردود الأفعال. فبينما قطعت سيدتان المقابلة وقررتا الانسحاب، قامت الثالثة بلوم "الناس" على ما تتعرض له النساء، واستعانت الرابعة بالأمن لملاحقة المتحرّش. 

وبعدما كشف المحاور عن أنها "تجربة"، قالت الأخيرة إنها "لا تسكت عن التحرش، ولا تسمح لأي شخص أن يرمي كلاماً خاصةً إذا وُجّه الكلام إلى فتاة لا تستطيع الردّ". 

وقالت أخرى إن الفتيات يتعرضن لهذا الموقف يومياً، فيما قالت إحدى المُنسحبات: "انحرجت من الموقف، فقلت أسحب نفسي أحسن".

تخيّلي أن يتم التحرّش بك لفظياً أمام عدسة الكاميرا خلال مقابلة تلفزيونية في مركز تجاري، ثم تكتشفي أنها "تجربة اجتماعية". هذا ما حصل في السعودية.
كيف ستتصرفّ النساء السعوديات لدى التحرّش بهنّ؟… عن تجربة أُقيمت في السعودية حول التحرش الجنسي.

تحرّش أمام الكاميرا

قد تتعرض كثيرات من النساء السعوديات للتحرّش يومياً، ولكن كم امرأة سعودية تتعرّض للتحرّش أمام عدسة كاميرا؟ وهل ردّ الفعل الذي ستقوم به أمام عدسة الكاميرا التي وثّقت ما قد يشاهده محيطها، هو رد الفعل نفسه في غياب الكاميرا؟

نُشرت تقارير علمية كثيرة عن أثر التحرّش بجميع أشكاله على النساء. كيف سيكون التأثير إذا كان هناك "شاهدان" على الأقل، على التحرّش، هما المحاور والمصوّر؟ وخاصةً في المجتمع السعودي، "الجديد الانفتاح" والذي لم يكن الاختلاط فيه أمراً شائعاً؟ 

في هذا السياق، ارتفعت أصوات عديدة لنقدّ هذه التجربة، آخرها المحامي السعودي عبدالرحمن اللاحم الذي اعتبرها "جريمة" وقال في تغريدة على تويتر يوم 17 ديسمبر/كانون الأول إن "هذه التجربة تعد جريمة تحرش حتى ولو كانت 'مقلب' على حد زعم المعدين". 

وتابع: "الشخص تحرش بالفتاة بمفردات تخدش الحياء ولا يمكن الزعم بأنه غير جاد أو أنه 'يمقلب' الضحية"، مؤكداً أن "المقطع مسيء ويعد جريمة تحرش". 

وفيما شكك البعض في أن التجربة عبارة عن مشهد تمثيلي نفذه الطرفان، اعترضت شابة سعودية على التجربة قائلةً: "لن يمرّ الموضوع بسلام لو كنت محل الفتيات واكتشفت أنه مقلب. مشاعر الفتيات ليست لعبة بين أيديكم". 

وتابعت موجهة كلامها لمقدمة البرنامج: "فكرة أن تعرضي هذه التجربة المؤذية من أجل 'التريند' بشعة ومرفوضة". وأشارت إلى أن مقدمة البرنامج ملاك الحسيني لن تسكت إذا تعرضت للتجربة ذاتها.

واعتبرت مغردة أن "المشكلة هي أن هناك من يعد برامج يعتقد أنها توعوية وأنه من خلالها يحاول تسليط الضوء على مشكلة ما، ومن ثم معالجتها ولكنه للأسف غير متخصص ولا يملك الخبرة المهنية". وأضافت أن الإعلام في المنطقة "لا يزال يحبو ولا يملك صنع المادة الإعلامية الهادفة". 

ووسط الانتقادات، اعتبر شاب أن هذه التجارب القائمة على أخذ عينة عشوائية لدراسة موضوع ما أو لمعرفة رد فعل المجتمع في موضوع معين أمر شائع في جميع أنحاء العالم. وأشار إلى أن ردود أفعال السيدات تساعد في "معرفة كيفية التعامل مع مشكلة التحرش وإيجاد حلول لها". 

"هذه معاكسات وليست تحرشاً"

كان لافتاً اعتبار إحدى من اللواتي شاهدن التجربة "هذه معاكسات وليست تحرشاً". وفي ردّها على فتاة أرادت توضيحاً عن المقصود، قالت: "المعاكس اللي يتغزل فيكِ من بعيد ويمشي". 

وتابعت أن "المغازلة" منتشرة في دول عربية عدة، منها مصر ولبنان والدول الغربية كذلك، لافتةً إلى أن هناك من يعتبر المغازلة أمر إيجابي. وأضافت: "هناك فتيات يشككن في أنوثتهن إذا لم يتغزّل بهن أحد أو يمدحهن". 

وأوضحت أن "التحرش شيء آخر، أي إيحاء لفظي أو جسدي خادش". 

ورداً على الشرح المطوّل قالت الفتاة التي طالبت بتوضيح: "كلّه تحرش". 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard