شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
10 سنوات سجناً لمُغتصب طفلة موريتانية... حقوقيون: حكمٌ مخفّف لم يُنصف الضحية

10 سنوات سجناً لمُغتصب طفلة موريتانية... حقوقيون: حكمٌ مخفّف لم يُنصف الضحية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 16 ديسمبر 201906:30 م

بعد اتصال هاتفي صادِم، عاد الوالد إلى البيت ليجد ابنته وردة في حضن أمّها مُلطّخةً بالدماء، والأم في حالة يرثى لها أمام صدمةِ تعرض الطفلة التي لم يتجاوز عمرها آنذاك سبع سنوات للاغتصاب.

مشهدٌ مأسوي هزّ الرأي العام الموريتاني عام 2018، واستمرت وقائعه منذ ذلك الحين موضوع نقاش في الأوساط الحقوقية.

وبعد عامٍ من الترقّب، حكمت المحكمة الجنائية في نواذيبو، الخميس 12 كانون الأول/ ديسمبر 2019، على مغتصب الطفلة وردة، وهو حارس مدرسة، بالسجن عشر سنين وغرامة مالية قدرها 100 ألف أوقية موريتانية (2700 دولار أمريكي).

وكانت الحادثة قد شغلت الرأي العام الموريتاني إذ تابع مسارها القضائي مع تضامن واسع مع الطفلة، واحتجاج على تباطؤ القضاء في بت القضية التي تقلبت بين تعيين طبيب نفسي للكشف عن حالة المجرم النفسية، حسب وسائل إعلام، وتأجيل النطق بالحكم.

واستمر بالتزامن إصدار البيانات الحقوقية المطالِبة بإنصاف الطفلة وأسرتها، كما تم توقيع عرائض تطالب بالعدالة لوَردة.

وكانت وردَة في كانون الأول/ ديسمبر 2018 "قد خرجت إلى الدكان في استراحة مدرسية قصيرة، قبل اختطافها أثناء العودة من قِبل الجاني تحت التهديد بالقتل، واغتصابها داخل محلّ عمله"، بحسب وسائل اعلام محلية.

وحكى والد الطفلة عمر دحمد لوسائل إعلام موريتانية  : "ابنتي عانت نزفاً مدّة يومين، ولم تذق طعم النوم نحو ثلاثة أشهر نتيجة الصدمة النفسية".

"حكمٌ متساهل" 

وأغضب الحكم الناشطين الذين اعتبروه حكماً قضائياً متساهلاً لا يتناسب وحجم الجريمة المرتكبة او رادعاً لمن "تسوّل له نفسه اقتراف هذه الجريمة المنتشرة بشكل واسع في البلاد".

وقال الناشط محمد ولد عبدو، في تغريدة له عبر تويتر: "عشر سنوات مجرد جرح بسيط مقارنة بالجرم الكبير الذي اقترفه هذا المغتصب، عشر سنوات تأتي برغم الضغط الشديد الذي شهدته الساحة ومارسه نشطاء وناشطات حقوق الإنسان في الأشهر الأخيرة".

وتساءل: "ماذا لو صدر الحكم من دون أي ضغط؟! كم كان سيكون؟"، في إشارة إلى أن التعاطف الذي حظيت به قضية وردة، واحتجاج الحقوقيين في اتجاه إنصافها هما سبب الحكم على الجاني بعشر سنين سجناً نافذاً، وإلا تكن العقوبة أخف.

 "الأطفال يدفعون الثمن"... جنايات نواذيبو الموريتانية تحكم بـ 10 سنوات على مغتصب طفلة بعد عامٍ من الانتظار والنشطاء يعتبرون الحكم غير كاف

الاتحاد العام للمرأة الموريتانية: الحكم الصادر في قضية وردة "مخفّف" ويؤكد أن الاغتصاب "جريمة تُمارس من دون عقاب" في موريتانيا. نطالب بسن قوانين أكثر ردعاً لمرتكبي الجريمة

ورأى الإعلامي محمد اندح ‏أن "الحكم الذي أصدرته محكمة نواذيبو في قضية المجرم مغتصب الطفلة وردة لم يكن كافياً ولا رادعاً!"، ودعا إلى استئناف الحكم "حتى يصدر حكم مغلظ يوازي حجم الجريمة ويردع بقية الوحوش!".

وغرّد الناشط سيدي اموسى: "بعد معركة شرسة مع القبيلة والمجتمع استطاع القضاء أن يحكم على مغتصب الطفلة وردة بعشر سنوات من الحبس النافذ"، لافتاً ألى أن "العقوبة والإجراءات التي صاحبتها لا تحمل أي رادع أو تخويف للمغتصبين، أو نية لإعادة صوغ قانون الاغتصاب وحقوق الأطفال".

جرحٌ لم يندمل

"جريمة نكأت جرحاً لم يندمل في المجتمع الموريتاني"، هكذا وصفت الصحف والمنظمات الحقوقية قضية وردة التي ذكّرت الموريتانيين بحالات الاغتصاب السابقة، وجددت المطالبة بسن قانون يحدّ من جريمة الاغتصاب ويكون رادعاً للمجرمين.

واعتبر الاتحاد العام للمرأة الموريتانية قرار محكمة نواذيبو الصادر في قضية الطفلة وردة "حكماً مخففاً" يؤكد أن الاغتصاب في موريتانيا "يكاد يكون جريمة تُمارس من دون عقاب".

وقال الاتحاد في بيان أصدره أمس الأحد إن القانون يجرم الاغتصاب في مادتيه 309 و310 ولكن يتضمن "التباساً كبيراً في تعريفه لجريمة الاغتصاب، ما لم يعترف المتهم بجريمته أو تأتي الضحية بأربعة شهود".

 وتنص المادة 309 من القانون الموريتاني على أنه "يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من يحاول ارتكاب جريمة الاغتصاب، وإذا تمت الجناية فإنه يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة والجلد إذا كانت الضحية بكراً والأشغال الشاقة والرجم إذا كانت الضحية محصنة"، فيما تتعلق المادة 310 بكون الجناة من الأصول، أو من فئة من لهم سلطة على الضحية.

ولفت الاتحاد إلى أن القانون الموريتاني "غير مواكب لتطور أساليب جريمة الاغتصاب وآثارها السيئة على المجتمع"، وطالب بسن قوانين جديدة "أكثر تشدّداً" مع مرتكبي الجريمة، "وموافِقة للشرع ومستفيدة من تطور العلوم الجنائية والطبية التي أنشِئت لمعاقبة الجناة وإعطاء ضحايا الاغتصاب حقوقهم".

وأوضحت المنظمة النسائية في موريتانيا أن "الهبة الشعبية" التي شهدتها البلاد عام 2015، عقب عمليات اغتصاب وحرق لفتيات قاصرات "توقفت من دون نتيجة تُذكَر"، واعتبرت أن الساحة "خلت للجناة يطورون وسائلهم ويحصدون مزيداً من الضحايا"، حسب نصّ البيان.

وأضافت المنظمة أن "الحكم المخفف" على مغتصب وردة، دفع بها إلى "دق ناقوس الخطر"، وقالت: "نطالب البرلمان بالإنصات لصرخات المجتمع، وما يطالب به الإسلام من حفظ للضرورات المرتبطة بمواجهة جريمة الاغتصاب"، التي تجتاح مدن موريتانيا وقراها وتخلّف، حسب المصدر، "الكثير من الضحايا وسط تساهل كبير من السلطة والمجتمع".

بدورها قالت صحيفة "تقدمي" الموريتانية إن قضية الطفلة وردة "نكأت الجراح السابقة، وذكرت المجتمع الموريتاني بتلك الحالات الآنفة الذكر، فارتفعت الأصوات المطالبة بسن قانون رادع لجريمة الاغتصاب، لا سيما في مجتمع ما زالت تتم فيه تسوية هذه الحالات بين العائلات والقبائل".

وأضافت: "مما فاقم هذه الوضعية، غياب الإطار القانوني الذي يضبط هذه الحالات ويكيفها، وفي انتظار سن ذلك القانون ستظل الفتيات والأطفال يدفعون الثمن وتظل الأسر تعاني انعكاسات هذا السلوك المقيت".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard