شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
جيرة وأهل في غزة وتشكك واعتداء في مصر... الصحافيون والأهالي

جيرة وأهل في غزة وتشكك واعتداء في مصر... الصحافيون والأهالي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 17 ديسمبر 201904:07 م

في غزة، يقوم صحفيون ميدانيون، ومصورون بعملهم في ظروف نفسية بالغة الصعوبة، كأن يصوروا أشخاصاً في لحظة الموت، مضرجين بدماء أقربائهم، والمتوقع في حالات مشابهة أن ينفجر ذوو الضحايا في وجه الكاميرا، لكننا نجد الآخرين أكثر تعاونا معهم، وتقديرا لمجهودهم، خاصة في ظل غياب مؤسسات رصد حقوقية.

على العكس من القطاع المحاصر، يعاني زملائي في مصر من العمل الصحفي الميداني، أثناء احتكاكهم بالأهالي، والذي تفرضه طبيعة عملهم، خاصة في تغطية الأحداث المتعلقة بالفن، والكوارث.

"الأهالي والصحافيون جيران"

في ظل غياب الكوادر الطبية والإسعافات، قام المصور الصحفي ياسر مرتجى، بانتشال الطفلة بيسان ظاهر من تحت أنقاض البيوت المدمرة، خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف 2014، والتي بقيت على قيد الحياة بعد استشهاد جميع أفراد أسرتها والبالغ عددهم ستة أشخاص، وقام الصحفي ياسر بتبني الطفلة، وتعرض للاغتيال من قبل قوات الاحتلال خلال تغطيته لمسيرات العودة الكبرى منتصف 2018.

هذه هي قصة الصحافة في غزة، جميع زملائي الصحافيين تحت دائرة الاستهداف إلى جانب المواطنين، كان آخرها من فقد عينه من المصورين الذين وثقوا جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، مثل المصور سامي مصران، وعطية درويش من غزة، والمصور معاذ عمارنة من مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية المحتلة.

يقول المصور الصحفي الذي اعتاد تصوير ضحايا الاحتلال الإسرائيلي مع ذويهم لحظة الحدث، عبد الرؤوف شعت، لرصيف22: "المضايقات معدومة في عملنا من قبل المصادر، وإن تعرضنا لأية هجوم من ذوي الضحية قد يكون السبب متعلقاً بالعادات والتقاليد والخطوط الحمراء، فبعض العائلات تسمح لنا بلقاء ذوي الشهيد من الرجال حتى ولو كان باكياً ومضرجاً بدم ابنه مثلاً، لكن إن شاهد بأننا نجري اللقاءات مع إحدى السيدات يأتي مهاجماً، وذلك لأن ظهور السيدات على التلفاز أو مواقع التواصل الاجتماعي محرَم عندهم، وليست من شيمهم كما يعتبرونها، وهذا حق لهم لا يمكننا الاعتراض عليه".

"بمجرد أن أخرج زميلي كاميراته لتسجيل مقابلة مع ذوي أحد الضحايا، هجم عليه أربعة رجال، ضربوه وحاولوا تكسير الكاميرا، حاولت التدخل لوقف الشجار، فتعرضت أنا الأخرى للضرب"
"مضايقات الأهالي والمصادر معدومة في عملنا في قطاع غزة، بعض العائلات تسمح لنا بلقاء ذوي الشهيد من الرجال حتى ولو كان مضرجاً بدم ابنه مثلاً، لكن إن شاهد بأننا نجري اللقاءات مع إحدى السيدات يأتي مهاجماً"

هكذا يرى أهالي غزة العمل الصحفي، ويتعامل الصحافيون معهم، علاقة أشبه بالجيرة والروابط العائلية.

"يروننا سبب الكوارث"

على الصعيد المصري، يعتبر الوضع الإعلامي هناك ليس مطمئناً لهم إلى حد كبير، بحسب من تحدثنا معهم، وهم يعملون في مؤسسات إعلامية لم يطلها الحظر، وتتبنَّى وجهات نظر سياسية واجتماعية متماشية مع النظام.

وقد سُجلت عدة حالات اعتداء على صحافيين وإعلاميين مصريين، نالت صدى واسعاً في الوسط الإعلامي، وغالباً ما يكون مصدر الهجوم من ذوي ضحايا الكوارث، أو إحدى القامات الفنية.

عقب التفجير الذي استهدف معهد الأورام في العاصمة المصرية القاهرة، والذي سقط إثره 20 شهيداً، تقول مراسلة جريدة "بلدنا اليوم" الصحفية سارة أبو شادي، لرصيف22: "في اليوم الثالث من العزاء، ذهبنا لعمل قصة إنسانية مع إحدى السيدات التي فقدت أبناءها، وذلك بالتنسيق مع جارتها، ولكن تفاجأنا، أنا وزميلي المصور، بأن الجارة طلبت منا ألا نفصح عن مهنتنا كصحافيين وأن نظهر أمامهم كزوار تعزية فقط".

"الجارة طلبت منا ألا نفصح عن مهنتنا كصحافيين وأن نظهر أمامهم كزوار تعزية فقط".

وتكمل الصحفية أبو شادي: "بمجرد أن أخرج زميلي كاميراته لتسجيل مقابلة مع ذوي أحد الضحايا، هجم عليه أربعة رجال، ضربوه وحاولوا تكسير الكاميرا، حاولت التدخل لوقف الشجار، فتعرضت أنا الأخرى للضرب بجانب عيني ما أدى لورم وجروح في منطقة العين، وكُسرت نظارتي، واستطاع عدد من المتواجدين إخراجي من هذه الموجة، تاركة ورائي حقيبتي وهاتفي وكافة أغراضي، وكذلك زميلي المصور الذي لم أعرف عنه شيئاً ولم أره إلا في اليوم التالي".

بنظر الأهالي، فإن المتسبب بتلك الكارثة هم الإعلاميون بشكل مباشر، هكذا بدون إبداء أسباب منطقية، بحسب ما توضح أبو شادي.

ويشتكي الصحافيون المصريون في الغالب من العمل الميداني، خاصة الاحتكاك بذوي ضحايا الكوارث، أو الأحداث الفنية، وأحياناً يتهربون عندما يتم تكليفهم بمهام عملهم، ويفضلون العمل المكتبي، أو تغطية ندوات، ومؤتمرات، أو تحقيقات مثلا.

"يجهلون عملنا ونفرّط في حقوقنا"

الصحفية رضوى عبد الغني، والتي تعمل في صحيفة الدستور المصرية، توضح أنها تعرضت لهجوم حاد من فنانة معروفة، خلال مراسم تعزية وتشييع الفنان هيثم أحمد زكي في نوفمبر 2019، تخلل هجومها كلمات جارحة، لسبب غير معروف، بعدما طلبت منها الإفصاح عن هويتها، ليبدأ هجوم الفنانة ضدها بعدما علمت بأنها صحفية.

وترجع الصحفية رضوى ما تتعرض له إلى جهل الناس بطبيعة عملهم، وتقاعص زملائها عن نيل حقوقهم، تقول لرصيف22: "طبيعة الأشخاص الذين يتعرضون لنا بالهجوم ناتج عن جهلهم بطبيعة العمل الصحفي، وسأقوم في المرة القادمة بأخذ حقوقي بكافة الطرق المشروعة، وخاصة بعدما بلغ السيل الزُبى في هذا الأمر، فمهنتنا هي مهنة المتاعب ويجب على الجميع أن يقدر ذلك".

وقد سُجل في مراسم تشييع الفنان هيثم أحمد زكي عدة اعتداءات فنية تجاه الصحافيين، حيث قامت دينا الشربيني زوجة الفنان عمرو دياب، بمهاجمة الصحافيين، وجهت شتائم لهم، وهددتهم بالضرب، كما أوضح الزميل المصور الصحفي أحمد، والذي كان أحد المصورين المقصودين من كلام الشربيني، بحسب تصريحاته.

ويضيف أحمد لرصيف22: "حادثة أخرى تعرضت لها أنا وزملائي من الفنان المصري تامر حسني، خلال حفل افتتاح فيلم (أهواك)، إذ تعرضت للضرب من قبل مرافقيه، وتعرضت كاميراتي للتكسير المتعمد، وتحت الحضور الإعلامي الكثيف والتركيز على واقعة الاعتداء علينا، حاول تامر حسني إصلاح الموقف أمام الإعلاميين من خلال احتضاني، لكنها كانت مجاملة لا أكثر، فلم يتم تعويضي بالعدة التي فقدتها حتى الآن".

وقد نشرت مواقع خبرا يفيد بتحرير أحد الصحافيين محضراً في قسم شرطة الشيخ زايد، ضد تامر حسني، ومنظم الحفلات وليد منصور، بعد الاعتداء عليه في العرض الخاص لفيلم "أهواك"، والذي أقيم في "أمريكانا بلازا" في "الشيخ زايد"، المنطقة الواقعة بضواحي القاهرة.

وقد نفى تامر حسني في منشور له على صفحته الخاصة في "فيس بوك" وجود أي علاقة له بالاعتداء على المصورين، في واقعة مماثلة أثناء احتفال أقيم له في جامعة "بدر"، كتب: "أي خلاف حدث في مبنى آخر خلف الحفلة ليس له أي علاقه بحفلتي، ولا فريق عملي فهو خلاف او سوء تفاهم بين شخص من رجال أمن الجامعه وبعض المصورين".

ويبرر بعض الصحافيين ما يتعرضون له في مصر مقارنة بغزة بكون البلاد لا تشهد تلك الجرائم والحوادث التي تشهدها غزة وفلسطين، بمعنى أنهم غير معتادين عليها، ولكن تكرار تلك الاعتداءات يعكس تغير نظرة كثير من الأهالي، وكذلك الوسط الفني، إلى العمل الصحفي بالسلب.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard